أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فلك وعلم الكونيات

التنغيص على نظريات الماء السائل على المريخ

استمرار لغز الخطوط الداكنة بالنسبة إلى آرفريد ماك إيوين

عدد قليل من الناس درسوا وديان المريخ وفوهاته مثل ألفريد ماك إيوين Alfred McEwen، عالم الجيولوجيا الكوكبية Planetary Geologist من جامعة أريزونا  University of Arizona في توسون.

وهو الباحث الرئيسي للكاميرا ذات الدقّة العالية على مركبة استطلاع المريخ المدارية ريكونيسنس Mars Reconnaissance Orbiter (اختصارا: المركبة MRO)، التي دخلت المدار في عام 2006، كاشفة عن سمات صغيرة بحجم رغيف الخبز.  ومع أكثر من 55 ألفا من مشاهدات الرصد حتى الآن، فقد كشفت عن نحو 2% من الكوكب لتدقيق كاميرا التجسس.

وأحد أهم الاكتشافات التي حققها ماك إيوين في عام 2011 هو اكتشاف خطوط الانحدار المتكررة Recurring Slope Lineae (اختصارا: الخطوط RSL)، وهي الآلاف من الشرائط على منحدرات شديدة، ومعظمها بالقرب من خط الاستواء، حيث تكبر تدريجيا وتغمق مع تحول الربيع إلى الصيف، كما لو كانت تغذيها تسربات من المياه، ثم تتلاشى. وسرعان ما استشهد بها كأفضل دليل على المياه السائلة على سطح المريخ اليوم، وأيضا أحد أفضل الأماكن للبحث عن الحياة الميكروبية (انظر http://scim.ag/Marstears).

ولكن ماك إيوين قد أخمد الآن بعض الإثارة التي أشعلتها النتيجة الأولية. ففي دراسة نُشرت على الإنترنت في العشرين من نوفمبر في مجلة  نيتشر جيوسينس Nature Geoscience، حلّل هو وزملاؤه 151 من الشرائط، ووجدوا أنّ الشرائط تظهر فقط على منحدرات ذات زاوية أكثر من 27 درجة، وتتلاشى دائما  عندما تقل الزاوية عن ذلك. ويفسّر الباحثون هذا كعلامة على أنّ الخطوط RSL لا تتشكّل بالماء المتدفق إلى أسفل المنحدرات الضحلة، بل هي تدفقات جافة من الرمال والغبار تسعى إلى الاستقرار في زوايا الانحدارات الطبيعية. وقد قابلت مجلة ساينس Science مؤخرا ماك إيوين. وفيما يلي جزء من المقابلة على سبيل الإيجاز والتوضيح.

 

س: لقد كنت فعلا حذرا من البداية. فهل أطلقت هذا الاسم الغريب- خطوط الانحدار المتكررة Recurring Slope Lineae– لتجنب افتراض أي أصل؟

ج: نعم. أردنا أن يكون الاسم وصفيا بحتا، على الرغم من أنّه وصف بشع من منظور التوعية الصحفية.

 

س: هل تشعر بالإحباط عندما تقرأ عناوين صارخة مثل المياه على سطح المريخ؟

ج: أنا في حيرة من ذلك. لإن 99.99% من نتائج العلوم هي نتائج تُبنى تدريجيا. وعندما تقرأ وسائل الإعلام تعتقد أن النتائج هي تقدّم مُفاجئ للعلم. ففي أوّل ورقة لنا في ساينس، كان العنوان “تدفقات موسمية على المنحدرات المريخية الدافئة Seasonal flows on warm martian slopes “. وهي لا تزال تدفقات موسمية على المنحدرات المريخية الدافئة – أي إن الأمر لم يتغير.

 

س: كانت لديك بالفعل أسباب للشك في أنّ الخطوط RSL هي بفعل تسرب المياه.

ج: لقد كنا نذكر دائما أنّه من الصعب شرح  من أين تأتي هذه المياه في بيئة المريخ الحالية. فالجو جاف جدا، وعليك أن تصنع آلية عجيبة لامتصاص الماء وتركيزه في هذه المناطق. وقد تكون هناك جيوب عميقة من المياه الجوفية Groundwater في قشرة Crust المريخ اليوم، وأنا لا أشَكُّ في ذلك. ولكن كيف يمكنك أن تدفع بذلك إلى السطح؟ وقد يكون من المتوقع أن يخرج في مواقع محددة: بالقرب من صدع في الجزء السفلي من فاليس مارينريس Valles Marineris، على سبيل المثال. لكن بدلا من ذلك، نحن نراها تخرج عبر جميع أنحاء المنحدرات، حتى في الجزء العلوي من النتوءات الجبلية والقمم المعزولة. وهذا حقا غير منطقي على الإطلاق بالنسبة إلى المياه الجوفية.

 

س: في عام 2015 وجد العلماء أنّ الخطوط RSL تحتوي على أملاح رطبة. أليس هذا دليلا على ارتباطها بالمياه بطريقة ما؟

ج: هذا لا يعني مياها متدفقة. ولكن مع الأسف، هذا هو ما قاله البيان  الصحفي للوكالة ناسا NASA وكان ذلك قبل صدور فيلم The Martian مباشرة. وهناك فرضية تقول إنّ هناك مياها مصدرها الغلاف الجوي محصورة تحت طبقة سطحية رقيقة، مما يزعزع استقرار الحبيبات العلوية. وعندما تنزلق الطبقة السطحية، فإنها تكشف عن هذه التربة الرطبة الداكنة. وبمجرّد انكشافها، فإنها تجف وتتلاشى. ولا يوجد تفسير بعد لما إذا كان ذلك يحدث. وعموما، هذه الأمور لا تزال غامضة.

 

س: أيْ لا تزال هناك إمكانية تفسح عن وجود شرائط رقيقة من الماء ؟

ج: هذا صحيح. فهي ليست ممكنة فقط، ولكن من المرجح أنها في مكان ما على سطح المريخ. ومن المعروف أنّ الأملاح [الماصّة للماء] عالية الميوعة تكون وفيرة على المريخ. ومن المعروف أنّ كمية صغيرة من الماء كافية لِتُعَتّم السطح. ولكن لا تكفي لتتدفق المياه إلى أسفل. وليست كافية لملء فراغات المسامات.

 

س: كيف تكون هذه الشرائط الرقيقة ملائمة للبيئة الميكروبية؟

ج: إنها مياه مالحة جدا. وهذا يجعلها أصعب من الحياة التي نعرفها. فالعسل Honey هو مثال جيد على ذلك. فالعسل سائل، يحتوي على الماء، ومع ذلك لا يَفسَد أبدا. إنه سائل غير ملائم للحياة لأنه يُمسك بالماء بإحكام شديد، نوعا ما.

 

س: ما الذي سيفسر غموض الخطوط RSL؟

ج: نحن نواصل التعلم من الرصد في المدار. وإذا كان هذا مرتبطا بالتميع من الغلاف الجوي، فينبغي أن نرى فرقا في السطوع والظلام، مع مرور الوقت خلال اليوم. ولفهم ذلك حقا، ربما نحتاج إلى الذهاب إلى هناك وفحصها فعليا عن قرب.

فقد دار الكثير من الحديث حول ذلك، ولكن ليست هناك خطط محددة. وهذه أماكن يصعب الوصول إليها.

 

س: هل تفكر في المريخ كمكان مضياف؟

ج: ليس من المعقول بالنسبة إليَّ ألاّ توجد أماكن يوجد فيها الماء السائل اليوم داخل المريخ. وإذا كانت هناك أي حياة في وقت مضى على سطح المريخ، فلماذا لا تزال هناك حياة اليوم في هذه الجيوب الجوفية؟ فالسطح، من ناحية أخرى، هو بيئة قاسية جدا للحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى