بودكاست العلوم: تغيير الجنس لدى الأسماك
تتمتع البيئة البحرية الكويتية بشكل خاص والخليج العربي بشكل عام بتواجد الكثير من أنواع الأسماك ذات الأهمية التجارية الكبيرة. وتتواجد في الخليج العربي بعض الأسماك التي لا توجد في أي مكان آخر، مثل سمكة السبيطي ذات الأهمية التجارية القصوى والمحببة لدى هواة صيد السمك. حيث يقتصر تواجد سمكة السبيطي فقط على مياه الخليج العربي وشمالاً حتى سواحل باكستان والهند خارج منطقة الخليج، وهذا التوزيع الجغرافي لانتشار السبيطي تثبته الكثير من الأبحاث العلمية التي أجريت على الثروة السمكية في هذا الجزء من العالم.
تطورت الأسماك العظمية مثل بقية الفقاريات بحيث يكون الجنس الذكري والأنثوي منفصلين، فتعيش السمكة الذكر وكذلك الأنثى ثابتة الجنس من فقسها من البويضة وحتى نهاية حياتها. إلا أن هناك بعض الأنواع من الأسماك تمر بمراحل غريبة من الناحية الفسيولوجية بحيث يتغير جنسها طبيعياً إثناء حياتها من جنس إلى آخر، فتكون في بداية حياتها ذكراً وبعد مدة من الزمن تتحول إلى أنثى. ومن هذه الأسماك متغيرة الجنس، سمكة السبيطي التي ذكرناها، فهي تفقس من البيضة وتعيش بداية حياتها ولمدة 3 سنين تقريباً كذكر، فبالتالي فإن جميع أسماك السبيطي المتواجدة في البحر بعمر من 3 سنين فأقل هي ذكور. وبعد هذا العمر يحدث شيء غريب، إذ يتوقف مخ سمكة السبيطي عن إصدار أوامره لإفراز الهرمونات الذكرية المسئولة عن تطور الجهاز التناسلي الذكري والمسئولة كذلك عن التزاوج، ويبدأ المخ بإفراز هرمونات أنثوية تقوم بواحدة من أعجب العمليات الفسيولوجية في مملكة الحيوان إذ يبدأ الجهاز التناسلي الذكري والخلايا الذكرية والتي تكون أعدادها بالملايين بالضمور والإضمحلال تدريجياً ويحل محلها خلايا أنثوية تبدأ بالتطور بشكل سريع وفجائي بحيث يتحول الجهاز التناسلي الذكري خلال شهر تقريباً إلى مبيض يكون باستطاعته إنتاج الملايين من البيض. وللحفاظ على النوع تقوم أسماك السبيطي الأنثى والتي هي بعمر من 3 سنين فما فوق بالتزاوج مع أسماك السبيطي الذكر من عمر 3 سنين فأقل.
وتنتمي أسماك الشعم الشهيرة جداً لدى هواة الصيد إلى نفس عائلة السبيطي ولذلك فهي أيضاً تغير جنسها من ذكر إلى أنثى بنفس الطريقة تماماً. وبالطبع هناك فائدة تطورية كبيرة تعود على أسماك السبيطي من عملية تغيير الجنس هذه تحديداً، حيث أن أسماك السبيطي الضخمة الحجم تكون إناث فبالتالي تستطيع أن تعطي كميات ضخمة من البيض في موسم التزاوج. فكلما كانت الأنثى كبيرة الحجم، كلما أعطت كميات أكبر من البيض.
ولكن على العكس من سمكة السبيطي فإن سمكة الهامور الشهيرة والمحببة لهواة الصيد تقوم بعملية فسيولوجية عكسية، حيث أنها تفقس من البيضة على شكل أنثى وتعيش أول 3 سنوات من حياتها وتتزاوج كأنثى. وبعد ذلك يبدأ المخ بالتوقف عن إفراز الهرمونات الأنثوية ويستبدلها بهرمونات ذكرية. فتبدأ مبايض الأنثى بالضمور ويظهر مكانها ملايين الخلايا الجنسية الذكرية والتي تشكل خلال فترة قصيرة الجهاز التناسلي الذكري. فتتزاوج الإناث الصغيرة العمر والحجم مع الذكور الكبيرة العمر، وذلك للحفاظ على النوع ليستمر الهامور بالحياة على ظهر هذا الكوكب كما ظهر منذ ملايين السنين.