إنفلونزا الشتاء: المعلومات الأساسية التي عليك أن تعرفها
الوباء القادم: لماذا تُمثل إنفلونزا الشتاء خطراً كبيراً هذه السنة
الإنفلونزا قاتل يُستهان به على الرغم من أنه يُودي كل سنة بحياة مليون إنسان في العالم، علما بأن هذا الفيروس المتحوِّر يبدو أكثر ضراوة الآن
لماذا تعود الإنفونزا إلى لظهور كل سنة؟
تُعد الإنفلونزا مرضاً فريداً بين الأمراض التي تصيب البشر، والفيروس منتشر على الدوام في الظروف المفضَّلة لديه في المناطق معتدلة البرودة والجافة في شرق آسيا، ولكن عندما تنخفض درجات الحرارة في فصل الشتاء في النصف الشمالي أو الجنوبي من الكرة الأرضية، ينتشر ويبدأ جولته في النصف الذي حلَّ فيه الشتاء. ونظراً لانتقاله من شخص إلى آخر وبصورة فعَّالة عبر رذاذ الماء العالق في الهواء الذي نزفره، ويمكن أن ينتقل إلينا من على الأسطح الملوثة، فإننا جميعا تقريباً معرضون للإصابة به.
وخلافاً للحصبة على سبيل المثال، فإن الإصابة بالبرد لا تجعلنا محصنين ضده لأن هذا الفيروس ينفرد بموهبة المراوغة والإفلات من أنظمتنا المناعية. ويركز نظامنا المناعي جل اهتمامه على بروتين الهيماغلوتينين Haemagglutinin الكبير الموجود على سطح الفيروس وهو بروتين دائم الطفرات Mutatuions في سبعة مواضع ساخنة. وهو يسجل كل بضع سنوات عدداً كبيراً من الطفرات، بحيث لا تعود الأجسام المضادة التي كوَّنها جسمنا خلال آخر عدوى تتعرف على الفيروس فيعود للفتك بنا.
يحتفظ جسمنا بقدر من المناعة لمقاومة سلالات من الفيروس تختلف قليلاً فحسب عن فيروسات أصابتنا سابقاً، وهذا ما يجعل معظم موجات الرشح التي تنتشر كل سنة أقل خطورة مما يمكن أن تكون عليه. ولكن السلالات الأقدر على المراوغة والإفلات من خطوط الدفاع المناعية السابقة هي التي تهيمن على موجة الوباء السنوية في كل نصف من الكرة الأرضية، ولهذا نحتاج إلى جرعة واحدة من اللقاح كل موسم، ولكنه لقاح جديد كل سنة.
لماذا يشعر الناس بالقلق هذه السنة بالتحديد؟
Why are people worried this year?
ينتشر اليوم عدد قياسي من السلالات الفيروسية اثنتين منها تنتميان إلى مجموعة الإنفلونزا B group وسلالتين من الإنفلونزا A strains: السلالة H1N1، والسلالة H3N2. والسلالة H3N2هي التي تطرح مشكلة فعلية. ويمتلك جسمنا المناعة الأقوى ضد النوع الأول من الفيروس الذي أصبنا به. وبين عامي 1918 و1968 لم يشهد العالم انتشار فيروسات من السلالة H3N2 خلال فصل الشتاء ومن ثم كانت مناعة الناس الذين ولدوا قبل 1968 أضعف تجاهه. وهذا يشمل كبار السن الذين يجعلهم جهازهم المناعي المتداعي حتى أكثر ضعفاً في مواجهته. وتُسجل أعداد الوفيات زيادة بأربع مرات في المواسم التي يهيمن عليها فيروس السلالة H3N2، وقد بلغت 220,000 وفاة في الشتاء الماضي في أوروبا. ويبدو فيروس السلالة H3N22 هذه السنة على درجة عالية من الخطورة بصورة ملفتة، إذ إنه تسبب في أستراليا خلال فصل الشتاء الذي انتهى للتو بأكثر من ثلاثة أرباع كل الإصابات بالرشح (انظر الرسم البياني) وزاد عدد من احتاجوا إلى العناية الطبية مرتين ونصف عن المعتاد. وكانت احتمالات الوفاة مرتفعة نسبياً وحصلت معظم الوفيات بين كبار السن، حتى وإن لم تكن جميعها.
يقول كولن راسل Colin Russell من جامعة أمستردام: “نحن لا نعرف حقيقة ما الذي يجعل بعض فيروسات الإنفلونزا الشتوية أخطر من غيرها.” ويبدو أن الأمر يتعلق بمدى قدرة الفيروس الداخلية على التغلب على جهازنا المناعي وقدرة الجهاز المناعي على التعرف على الفيروس والتعامل معه بالسرعة المطلوبة. ويبدو أن السلالة H3N2 هذه السنة قادرة على أحد الأمرين أو كليهما، وفق ديريك سميث Derek Smith من جامعة كيمبردج، والحقيقة أن علماء الحميات غير قادرين بعد على عزل المتغيرات كلّها ذات التأثير.
ما الإنفلونزا؟
What is flu?
الإنفلونزا فيروس صغير يحتوي فقط على 11 جينا (مورثة) وهو مكوَّن من الحمض النووي الريبوزي RNA. يصيب أحد أنواع الفيروس، الإنفلونزا ب البشر فقط، وهناك سلالتان منه منتشرتان هذه السنة هما: سلالة ياماغاتا Yamagata، وسلالة فيكتوريا Victoria. والنوع الآخر الشائع هو الإنفلونزا أ وغالباً ما تصيب سلالاته العديدة وهي في معظمها غير ضارة، الطيور المائية، لكن ثلاثاً منها تكيَفت مع جسم الإنسان. وهذه السلالات الثلاث، إضافة إلى عدة سلالات أخرى، تصيب ثدييات أخرى لا سيما الخنازير.
وتُسمى سلالات الإنفلونزا أ تبعاً للبروتينين الرئيسيين الموجودين على سطح الفيروس وهما: الهيماغلوتينين Haemagglutinin (H)، والنيورامينيداز neuraminidase (N). وهناك 18 نوعاً من الهيماغلوتينين و11 نوعاً من النيورامينيداز في فيروسات الطيور، والأجسام المضادة التي ينتجها الجهاز المناعي لمهاجمة نوع ما لا تتعرف على الأنواع الأخرى. فقد تمكنت فيروسات H1N1, وH2N2 وH3N2 من التكيّف تماماً مع البشر، وينتشر عبرنا حالياً فقط فيروسا H1N1 و H2N2. ويلتقط الناس أحياناً سلالات أخرى من إنفلونزا الطيور، مثل سلالة H5N6، على سبيل المثال، لكن لا يمكنهم نشرها.
وتنتشر السلالات المهيمنة من إنفلونزا A وB معاً في الشتاء بالنصف الشمالي والنصف الجنوبي من الكرة الأرضية وتنقل العدوى إلى نصف الناس تقريباً وتصيب بالمرض ما بين 10 و15% من الناس. وتثير الإنفلونزا أ مخاوف بشكل خاص لأن فيروسات جديدة، أو جينات فيروسية، تقفز أحياناً من الطيور إلى البشر، ولأن الفيروس الجديد يمكن أن يتسبب بموجة إنفلونزا وبائية خطيرة إلى حد كبير.
رسم بياني: جهود كبيرة في تتبع سلالات الفيروس
ترصد شبكةُ مختبرات عالمية مختلفَ سلالات الإنفلونزا في الموجات الوبائية المشتبه بها وتسجل عدد العينات التي تعود بنتيجة إيجابية في رصد سلالات الفيروس. فقد جعلت هيمنة الفيروس H3N2 موسم الإنفلونزا الأخير في النصف الجنوبي من الأرض أكثر خطورة.