أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الأدلة الجنائيةالعلوم التطبيقية

قاضي يحكم بالكشف عن هوية المراجعين الأقران المجهولين

معركة قانونية مريرة بين مجموعتي لياقة بدنية ينتج منها قرار غير عادي من المحكمة

فيما يبدو أنه أول حدث من نوعه، أجبرت محكمة في الولايات المتحدة ناشر دورية على خرق سياسة السرية بالإفصاح عن هوية المراجعين الأقران المجهولين لمقالة.

وقد أثار الحكم الجديد الذي أصدره قاضٍ في ولاية كاليفورنيا الشهر الماضي قلق بعض الناشرين الذين يخشون امتناعَ العلماء عن الموافقة على مراجعة مسودة المخطوطات. ويقول خبراء قانونيون عن القضية، الدائرة بين اثنين من مؤسسات اللياقة البدنية المتخاصمة، من المرجّح أن تُطلق العنان للكشف عن الهويات على نطاق واسع. ولكن بعض العلماء يراقبون عن كثب.

ويدور النزاع حول ورقة نُشرت في عام 2013، ومن ثم سُحبت بعدها، في دورية أبحاث القوة والتمرينThe Journal of Strength and Conditioning Research. ففي هذه الدراسة أجرى الباحثون من جامعة ولاية أوهايو The Ohio State University بكولومبوس تقييما للتغيرات الجسدية والنفسية في عشرات المتطوعين الذين شاركوا لمدة 10 أسابيع في نظام تدريبي طورته شركة كروسفيت CrossFit Inc. في واشنطن العاصمة Washington D.C. وقد أفادوا من بين النتائج الأخرى، بأنّ %16 من المشاركين قد انسحبوا بسبب الإصابة.

وفي المحكمة على العلن، زعمت شركة كروسفيت أنّ إحصائية الإصابات غير صحيحة. وتدّعي أيضا أنّ ناشر المجلة، الرابطة الوطنية للتمارين والقوة National Strength and Conditioning Association (اختصار: الرابطة NSCA) من كولورادو سبرينغز في كولورادو، وهو منافس في مجال اللياقة البدنية، قد حرّف الدراسة عمدا لإلحاق الضرر ب كروسفيت.

وبدورها ردّت الرابطة NSCA برفع قضية مُتّهمة فيها مديري كروسفيت التنفيذيين بالتشهير. وفي خضم النزاع القانوني، قامت المجلة بتصحيح الورقة الأولى لتقليل عدد الإصابات المرتبطة برياضة ال كروسفيت، ثم سحبت الورقة في العام الماضي، مستشهدة بالتغيّرات في بروتوكول الدراسة التي لم يوافق عليها مجلس مراجعة الجامعة أولا.

ويشتبه طرف كروسفيت بقيام المُراجعين والمحررين بالتلاعب بالإصابات المرتبطة بنظامها، وطلب إلى كل من القضاة الفيدراليين وقُضاة الولاية إجبار الناشر على الكشف عن هوية المراجعين. وفي عام 2014، رفض قاض فيدرالي هذا الطلب. ولكن في الشهر الماضي، أمر القاضي جويل وولفيل Judge Joel Wohlfeil من محكمة سان دييغو العليا San Diego Superior Court في كاليفورنيا California، الذي يشرف على دعوى التشهير ضد كروسفيت، الرابطة بتقديم الأسماء.

ويُعتبر هذا الحُكم خارجا عن المألوف، كما يقول المحامون الذين على دراية بمثل هذه النزاعات. ويلاحظون أنه على مدى العقود الثلاثة الماضية، طلب ثلاثة أطراف أخرى على الأقل إلى المحاكم الكشف عن المراجعين دون جدوى، في قضايا أقاموها ضد الناشرين، بما في ذلك الجمعية الفيزيائية الأمريكية American Physical Society، وإلسفير Elsevier، وجمعية ماساتشوستس الطبية Massachusetts Medical Society، التي تنشر دورية ذ نيو إنغلاند جورنال أوف مديسين The New England Journal of Medicine (اختصارا: الدورية NEJM) .

ولا يمكن للناشرين الأكاديميين المطالبة بحماية خاصة للمعلومات المُقدمة بسرية، على عكس الصحفيين الذين يمكنهم حماية المصادر السرية بموجب قوانين حماية الدولة. ولكن اتفق القضاة بصورة عامة مع المجلات على أنّ الكشف عن المراجعين من شأنه أن يضر أكثر مما ينفع. وفي واحدة من القضايا البارزة عام 2007، استدعى عملاق شركة الأدوية بفايزر Pfizer الدورية NEJM للحصول على معلومات حول المراجعين الأقران كجزء من دعوى قضائية جماعية متعلقة بتسويق مسكنات الألم بكسترا Bextra وسيليبريكس Celebrex. وفي إقرار مشفوع بِقَسَم قُدّم نيابة عن الدورية NEJM، صرّح دونالد كينيدي Donald Kennedy، الرئيس السابق لجامعة ستانفورد Stanford University في بالو ألتو بكاليفورنيا، الذي كان آنذاك رئيس تحرير دورية سينس Science، أنه لو كسبت شركة بفايزر الدعوى: «لن يكون لدي أدنى شك مهما كان في أنّ … العلماء سيفكرون مرتين في قبول تكليف المراجعة التالية، وأنّ الكثيرين سيتجنبون تقديم المساعدة.» وعليه أبطل القاضي طلب بفايزر.

وعلى الرغم من هذه القرارات البارزة، فإنّ الدوريات تدافع باستمرار عن سرية المُراجع، كما يقول بول شو Paul Shaw، محامي لدى فيريل دانا Verrill Dana في بوسطن الذي مثّل الدورية NEJM لمدة 17 عاما. وخلال ذلك الوقت، قدّر شو أنّه أوفد 30 إلى 35 مذكرة استدعاء يطلب فيها معلومات عن مقال عُرِض على المراجعين الأقران، وعادة ما يتعلق الأمر بالعقاقير أو الأجهزة الطبية في وسط الدعاوى الجماعية. ويقول: «دائما، ستكون أحد الطلبات هي الهوية أو المذكرات التي كتبها المراجعون الأقران.» وعادة ما يستجيب شو بإرسال خطاب اعتراض نموذجي يحسم المسألة.

فلماذا اتخذت قضية ال كروسفيت منعطفا مختلفا؟ أحد الأسباب هو أنّ هذه المرة الناشر هو المُدَّعي، وليس المُدّعى عليه، كما يقول جوشوا كولتون Joshua Koltun، وهو محام مقره في سان فرانسيسكو بكاليفورنيا، الذي استعرض القضية. والسبب الآخر هو أنّ هوية وسلوك ودوافع المراجعين يمكن أن يكون المفتاح لدفاع كروسفيت. ويذكر أنّ الرابطة NSCA تقول: «إننا نقاضي [ كروسفيت] لقولها إننا قمنا بالتزوير، وإننا لا نسمح لكم برؤية المعلومات التي قد تثبت [إدّعاء كروسفيت].» لا يمكن أن تحتفظ بكعكتك وأن تأكلها أيضا.»

ويعتقد شو، على سبيل المثال، أنّ هذه الحالة غير عادية لدرجة أنه لن تكون لها آثار مضاعفة. ويقول: «لا أعتقد أنّ لها أي قيمة مُسبّقة مهما كانت،» وأضاف: «ونظرا للافتقار إلى وصف قانوني أفضل، فإنّ الحقائق تبدو فوضوية جدا.»

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى