نهاية الأيام: هل الثقافة الغربية على حافة الانهيار؟
التاريخ يخبرنا بأن جميع الثقافات لديها تاريخ لانتهاء صلاحية. فهل الصراع السياسي، وعدم المساواة الشديدة، وتغير المناخ يعني أن الوقت قد حان الآن
آه، الأيام الخوالي، عندما كانت توقعات «قرب نهاية العالم» ترى فقط على اللوحات الإعلانية المتنقلة، وكان من السهل تجاهل مبشري القيامة الذين كانوا يحملونها.
ليت الأمور بقيت بهذه البساطة. فقد ذهبت هذه اللوحات الإعلانية بلا رجعة في الغالب والعالم لا يزال هنا، ولكن التنبؤات القاتمة بقيت، وليست كلها مبنية على التفسيرات المتطرفة للنصوص الدينية. فقد بدأ العلماء والمؤرخون والسياسيون على حد سواء بالتحذير من أن الثقافة الغربية وصلت إلى منعطف حرج. إذ تتجه دورات عدم المساواة واستخدام الموارد إلى نقطة التحول التي عجّلت في العديد من الحضارات القديمة بالاضطرابات السياسية والحرب، وأخيرا الانهيار.
لكن في معظم الأحيان، يكمل الناس عيش حياتهم على النحو المعتاد، من التسوق لعطلتهم المقبلة أو الكتابة في وسائل التواصل الاجتماعي. في الواقع، يبدو أن الكثير من الناس غير مدركين ببراءة أن الانهيار قد يكون وشيكا. هل يقوم الغربيون بما يعادل -في العالم الحديث- جلوس الرومان لتناول العنب في حين يطرق البرابرة الأبواب؟ والأهم من ذلك، هل يمتلك العلم أي أفكار حول ما يحدث في الواقع؟، ما الذي سيحدث بعد ذلك وكيف يمكن للناس أن يحولوا الأمور نحو الأفضل؟
فكرة أن القوة والنفوذ الغربي في انخفاض تدريجي تمهيدا للسقوط المدوي هي فكرة قديمة مضى عليها بعض الوقت. لكنها اكتسبت إلحاحا جديدا مع الأحداث السياسية الأخيرة لا سيما انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وبالنسبة إلى البعض، فإن تملصه من الالتزامات الدولية هي جزء من الوفاء بوعده «جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى» من خلال التركيز على مصالحها الخاصة. أما بالنسبة إلى الآخرين، إنها خطوة خطيرة تهدد بتقويض العالم كله. وفي الوقت نفسه، فإن أوروبا، في العالم القديم، غارقة في مشكلاتها الخاصة.
إن استخدام العلم للتنبؤ بالمستقبل ليس بالأمر السهل، ليس أقلها بسبب أنه من الصعب تحديد مصطلحات مثل «الانهيار» و“الحضارة الغربية” ، فعندما نتحدث عن انهيار الإمبراطورية الرومانية في منتصف القرن الأول على سبيل المثال، فهناك الكثير من الأدلة على أن الإمبراطورية كانت موجودة في بعض أشكالها لقرون بعد ذلك، وتأثيرها محسوس إلى اليوم. وكانت نهاية مصر القديمة بشكل تغيير في ميزان القوى أكثر من كونها حدثا كارثيا مات فيه الجميع. إذا، فعندما نتحدث عن الانهيار، فهل نعني أن يفقد الناس كل شيء ويعودون إلى العصور المظلمة؟ أو أنه سيكون اضطرابا اجتماعيا وسياسيا لفترة معينة من الوقت؟
الحضارة الغربية هي مفهوم غامض بالمثل. نظريا، يشمل المفهوم أجزاء من العالم حيث الأعراف الثقافية السائدة نشأت في أوروبا الغربية، بما في ذلك أمريكا الشمالية وأستراليا ونيوزيلندا. وأبعد من ذلك، تصبح حواف هذه الحضارة ضبابية بعض الشيء. وتحتوي حضارات أخرى، مثل الصين، على مجموعات مختلفة من المعايير الثقافية، ولكن بفضل العولمة، فإن من الصعب جدا تحديد أين تبدأ الثقافة الغربية وأين تنتهي.
وعلى الرغم من هذه الصعوبات، يحلِّل بعض العلماء والمؤرخين ازدهار واضمحلالها الحضارات القديمة للبحث عن الأنماط التي قد تتنبأ بالقادم في المستقبل. هل هناك أي دليل على أن الغرب وصل إلى نهايته؟ وفقا لبيتر تورشين Peter Turchin، عالم الأنثروبولوجيا التطورية في جامعة كونيتيكت University of Connecticut، فإن هناك بالتأكيد بعض العلامات الباعثة على القلق. تورشين كان عالم أحياء مجموعات Population biologist يبحث في دورات الازدهار والاضمحلال بين المفترس والطريدة في الحيوانات عندما أدرك أن المعادلات التي كان يستخدمها يمكن أن تصف أيضا صعود واضمحلال الحضارات القديمة.
ففي أواخر تسعينات القرن العشرين، بدأ بتطبيق هذه المعادلات على البيانات التاريخية، وبحث عن الأنماط التي تربط العوامل الاجتماعية مثل الثروة وعدم المساواة في الرعاية الصحية بعدم الاستقرار السياسي. طبعا اكتشف دورتين متكررتين مرتبطتين بفترات منتظمة من الاضطراب، في الحضارات الماضية في مصر القديمة والصين وروسيا.
يجب أن تكون متفائلا جدا للتفكير في أن هذا الترابط هو مجرد ومضة على الشاشة.
إحدى هاتين الدورتين هي «دورة علمانية» Secular cycle، تدوم قرنين أو ثلاثة من الزمن. فتبدأ بمجتمع متساوٍ إلى حد ما، ثم، كلما ازداد عدد السكان، يبدأ العرض من العمالة بتجاوز الطلب، ومن ثم تصبح رخيصة. حينها تبدأ طبقة النخبة الثرية بالتشكل، في حين تتراجع مستويات معيشة العمال. وكلما قلت المساواة في المجتمع، تدخل الدورة مرحلة أكثر تدميرا، فيعم البؤس الطبقات الدنيا، وكثرة الاقتتال الداخلي بين النخب، مما يسهم في الاضطرابات الاجتماعية، وفي نهاية المطاف، الانهيار. بعد ذلك هناك دورة ثانية أقصر تدوم 50 عاما، تتألف من جيلين – واحد سلمي وآخر مضطرب.
وبالنظر إلى تاريخ الولايات المتحدة رصد تورشين قمم الاضطرابات في 1870، 1920 و1970. وأسوأ من ذلك، فقد قال إنه يتوقع أن نهاية دورة الخمسين عاما المقبلة -التي تصادف نحو عام 2020 – سوف تتزامن مع الجزء المضطرب من الدورة الأطول، مما سيتسبب بفترة من الاضطرابات السياسية التي هي على أقل تقدير على قدم المساواة مع ما حدث في عام 1970، حيث ذروة حركة الحقوق المدنية والاحتجاجات ضد حرب فيتنام.
وهذا التنبؤ يشبه نبوءة أخرى ظهرت في عام 1997 من قبل اثنين من المؤرخين الهواة -وليام شتراوس William Strauss ونيل هاو Neil Howe- في كتابهما الرابع تحول: نبوءة أمريكية Turning: An American prophecy، زعموا أنه في نحو عام 2008 ستدخل الولايات المتحدة فترة أزمة من شأنها أن تصل إلى ذروتها في عشرينات القرن الحالي – وهي ملاحظة تركت انطباعا قويا في ستيف بانون Steve Bannon الاستراتيجي الرئيسي السابق للرئيس الإمريكي دونالد ترامب.
نشر تورشين تنبؤاته في عام 2010، قبل انتخاب دونالد ترامب والصراع الداخلي السياسي الذي أحاط بانتخابه، لكنه أشار منذ ذلك الحين إلى أن مستويات عدم المساواة الحالية والانقسامات السياسية في الولايات المتحدة هي علامات واضحة على دخول مرحلة الانحطاط Downward phase من الدورة.
كما يشير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والأزمة الكاتالونية إلى أن الولايات المتحدة ليست الجزء الوحيد من الغرب الذي يواجه المصاعب.
أما بخصوص ما سيحدث بعد ذلك، يقول تورشين إنه لا يمكنه التنبؤ به. إذ يشير إلى أن نموذجه يعمل عند مستوى القوى واسعة النطاق، ولا يمكن التنبؤ بالضبط ما قد يحول هذه القلقة إلى اضطرابات وإلى أي مدى قد تسوء الأمور.
كيف ولماذا يتحول الاضطراب في بعض الأحيان إلى انهيار هو أمر يهتم به صفا موتشاري Safa Motesharrei، عالم رياضيات من جامعة ميريلاند University of Maryland. فقد لاحظ أنه في الطبيعة في حين تبقى بعض الفرائس على قيد الحياة دائما للحفاظ على دورة الحياة، إلا أن بعض المجتمعات التي انهارت، مثل المايا والمينون والحيثيين، لم تتتعافَ قطُّ.
وقت ضائع Borrowed time
لمعرفة السبب، نَمذَج موتشاري أولا وضع المجاميع السكانية البشرية كما لو كانوا حيوانات مفترسة وموارد طبيعية كالفريسة. بعد ذلك قسم “المفترسات” إلى مجموعتين غير متكافئتين: نُخب ثرية، والعامة الأقل رغدا في الحياة.
وأظهر ذلك أن عدم المساواة الشديد أو نضوب الموارد يمكن أن يدفع المجتمع إلى ذلك الانهيار المرتقب، ولكن الانهيار دون رجعة لا يحدث إلا عندما يتزامن الاثنان. وأضاف: «أنهما بالفعل وقود بعضهما البعض،” حسب قول موتشاري.
جزء من السبب هو أن “من يمتلكون” تحميهم ثروتهم من آثار استنزاف الموارد لفترة أطول ممن “لا يمتلكون”، ولذا يقاومون الدعوات لتغيير الاستراتيجية إلى حين فوات الأوان.
وذلك لا يبشر بالخير بالنسبة إلى المجتمعات الغربية، التي هي غير متكافئة بشكل خطير. فوفقا للتحليل الأخير، أغنى 1 % في العالم يمتلكون الآن نصف الثروة، والفجوة بين والأغنياء وسائر العامة ستزداد منذ الأزمة المالية عام 2008.
قد يكون الغرب يعيش بالفعل في الوقت الضائع. فقد أظهر فريق موتشاري أنه من خلال الاستخدام المتكرر للموارد غير المتجددة مثل الوقود الأحفوري ، يمكن للمجتمع أن ينمو وبشكل يتجاوز ما كان يمكن أن تدعمه مصادر الطاقة المتجددة وحدها، وهكذا تكون قادرة على تأجيل انهياره. واختتم قائلا: «لكن عندما يحدث الانهيار يكون كبيرا جدا.»
كذلك يرسم جوزيف تينتر Joseph Tainter، عالم الأنثروبولوجيا في جامعة ولاية يوتا، ومؤلف كتاب انهيار المجتمعات المعقدة The Collapse of Complex Societies نظرة قاتمة مماثلة لنظيره. إذ يرى أن أسوأ سيناريو يكون في حالة نضوب وعدم توفر الوقود الأحفوري، مما سيسبب فشل إمدادات الغذاء والماء وموت الملايين في غضون بضعة أسابيع.
وهذا يبدو كارثيا. ولكن لا يوافق الجميع على أن نموذج الازدهار والاضمحلال ينطبق على المجتمع الحديث. ربما انطبق ذلك عندما كانت المجتمعات أصغر وأكثر عزلة، كما يقول النقاد، ولكن الآن في هذا الزمن؟ هل يمكننا أن نتخيل حقا أن الولايات المتحدة تدخل في حرب داخلية من شأنها ألا تذر أحدا؟
هناك جيوش من العلماء والمهندسين الذين يعملون على إيجاد الحلول لهذه المعضلة، ومن الناحية النظرية يمكننا تجنب أخطاء المجتمعات الماضية. وإضافة إلى ذلك، العولمة تجعلنا أقوياء، أليس كذلك؟
هذا يعود إلى ما نعنيه بالانهيار. إذ يُصنِّف فريق موتشاري المجتمعاتِ التاريخية وفقا لحدود جغرافية صارمة، بحيث إذا نحا بعض الأفراد وهاجروا للعثور على موارد طبيعية جديدة فإن ذلك يشكل مجتمعا جديدا. ووفقا لهذا المعيار، حتى المجتمعات المتقدمة جدا قد انهارت بشكل لا رجعة فيه، والغرب يمكنه الانهيار أيضا. ولكن ذلك لا يعني بالضرورة الإبادة الشاملة.
لهذا السبب، يتجنب العديد من الباحثين كلمة انهيار، ويتحدثون بدلا من ذلك عن فقدان سريع للتعقيد في المجتمعات. فعندما تفككت الإمبراطورية الرومانية، ظهرت مجتمعات جديدة، ولكن تسلسلها الهرمي والثقافات والاقتصادات كان أقل تطورا، فعاشت شعوبها حياة أقصر وغير صحية. هذا النوع من فقدان التعقيد في جميع أنحاء العالم اليوم يعتبر أمرا غير مرجح، لكنه لا يستبعد نسخة أكثر اعتدالا منه مثل: تفكك الاتحاد الأوروبي، مثلا، أو فقدان الولايات المتحدة لإمبراطوريتها في شكل تفكيك حلف الناتو وابتعاد الحلفاء المقربين مثل كوريا الجنوبية.
ومن ناحية أخرى، يعتبر يانير بار يام Yaneer Bar-Yam -من معهد نيوانجلاند للأنظمة المعقدة New England Complex Systems Institute في ولاية ماساتشوسيتس- هذا النوع من التغير العالمي نوعا من التحول في التعقيد، تفسح فيه الهياكل الحكومية عالية المركزية مثل الحكومات الوطنية المجالَ أمام شبكات تحكم شاملة أقل مركزية. فيقول بار-يام: «العالم آخذ بالتحول إلى وحدة متكاملة».
وقد تنبأ بعض العلماء، من ضمنهم بار-يام، بمستقبلٍ تفسح فيه الدولة الأممية الطريق إلى حدود غير مُحدّدة وشبكات عالمية من المنظمات المتشابكة، مع انقسام هويتنا الثقافية بين منطقتنا المباشرة والهيئات التنظيمية العالمية.
وكيفما تؤول إليه الأمور، لا أحد تقريبا يظن أنه مستقبل الغرب مستقبل جيد. «يجب أن تكون متفائلا جدا للتفكير في أن الصعوبات الحالية في الغرب ليست سوى ومضة على الشاشة،» كما يقول المؤرخ إيان موريس Ian Morris من جامعة ستانفورد في ولاية كاليفورنيا، مؤلف لماذا يحكم الغرب – حاليا Why the West Rules – For Now. لذلك، هل يمكننا أن نفعل أي شيء لتخفيف الضربة؟
ويقول تورشين إنه يمكننا تخفيف وطأة هذا الانهيار من خلال التلاعب بالقوى التي تغذي الدورات سالفة الذكر، من خلال، على سبيل المثال، إدخال ضرائب أكثر تصاعدية لمعالجة مشكلات المساواة في الدخل والدَيْن العام المتضخم، فمن الممكن من خلال ذلك تجنب الكارثة المرتقبة. كما يعتقد موتشاري أننا يجب أن نكبح النمو السكاني إلى المستويات التي يقترح نموذجه أنها مستدامة. وهذه المستويات الدقيقة تختلف مع مرور الوقت، اعتمادا على الموارد الطبيعية الباقية وكيفية استخدامنا لها بشكل مستدام أو غير مستدام.
ولكن مشكلة هذه الأنواع من الحلول هي أن البشر لم يثبتوا قدرتهم على لعب الألعاب طويلة الأمد. وقد يساعد بحث سيكولوجي جديد على تفسير السبب لهذه الظاهرة.
يدرك علماء السلوك المعرفي Cognitive scientists وجود نمطين شاسعين من الفكر: الأول سريع، تلقائي، نسبيا غير مرن، والآخر بطيء، وأكثر تحليلية ومرونة. لكل منها استخداماته في الحياة، اعتمادا على السياق، وقد افترض ثبات أعداد المنتمين إلى هذين النمطية نسبيا في مجتمع ما لفترة طويلة. لكن على الرغم من ذلك، يجادل ديفيد راند David Rand، الطبيب النفسي من جامعة ييل Yale University، في أنه في الواقع قد يتقلب السكان بين نمطي التفكير مع مرور الوقت.
لنفترض أن مجتمعا ما لديه مشكلة في وسائل النقل. ستكون هناك مجموعة صغيرة من الأفراد يفكرون بطريقة تحليلية ويخترعون السيارة. وتحل المشكلة، ليس فقط بالنسبة إليهم ولكن لملايين الآخرين. ولكن لما كان عدد أكبر بكثير من الناس قد أعفي من التفكير تحليليا -على الأقل في هذا المجال- سيكون هناك تحول في السكان نحو تبني التفكير التلقائي.
ويحدث ذلك في كل مرة تُخترع فيها تكنولوجيا جديدة تجعل البيئة أكثر سهولة. وبمجرد أن تستخدم أعداد كبيرة من الناس هذه التكنولوجيا دون بصيرة، تبدأ المشكلات بالتراكم. إن تغير المناخ الناجم عن الاستخدام الزائد للوقود الأحفوري ما هو إلا مثال واحد فقط على هذه الظاهرة. وتشمل الأمثلة الأخرى الإفراط في استخدام المضادات الحيوية مما يؤدي إلى مقاومة الميكروبات، والفشل في التوفير للتقاعد .
يقول جوناثان كوهين Jonathan Cohen، عالم النفس من جامعة برينستون Princeton University، الذي طور هذه النظرية مع راند، إن هذه النظرية يمكنها أن تساعد على حل لغز قديم يتعلق بالمجتمعات المتجهة إلى الدمار: لماذا استمروا بسلوكهم التدميري الذاتي على الرغم من أن الأشخاص الأكثر تحليلا من الشعب قد تنبؤوا بالخطر وشيك؟ «كان القطار قد غادر المحطة،» كما يقول كوهين، ولم يكن باستطاعة الأشخاص التقدميين إعادة توجيهه.
الابتكار التكنولوجي قد لا يكون قادرا على إنقاذنا كما فعل في الماضي.
وهذه هي المرة الأولى التي يحاول فيها أي شخص ربط تطور المجتمعات البشرية بعلم النفس، ويعترف الباحثون ببساطة نموذجهم ، في الوقت الراهن. وبينما لايحاول راند وزملاؤه توجيه تغيير السياسة، لكنهم يعتقدون أن نموذجهم يقترح اتجاها عاما نستطيع التعويل عليه للحصول على حلول. يقول كوهين: «يجب أن يكون التعليم جزءا من الإجابة،” فقد يكون هناك مزيد من التركيز على التفكير التحليلي في الفصول الدراسية.
لكن تينتر يقول إن محاولة غرس المزيد من التفكير المسبق في العواقب قد يكون حلما بعيد المنال. إذا علمنا الاقتصاد السلوكي أي شيء، كما يقول، فهو أن البشر عاطفيون أكثر بكثير من كونهم عقلانيين عندما يتعلق الأمر بصنع القرار. ويعتقد أن هناك مسألة أكثر إلحاحا يجب التصدي لها هي تقلص معدل الاختراع بالنسبة إلى الاستثمار في أقسام البحث والتطوير، إذ صار حل مشكلات العالم أصعب من ذي قبل. “أنا أتوقع نمطا في المستقبل لن يعود فيه الابتكار التكنولوجي قادرا على إنقاذنا كما كان يفعل في الماضي،» كما يقول.
إذن، هل الغرب حقا على المحك؟ ربما. ولكن في نهاية المطاف بقاءه يعتمد على السرعة التي يمكن للناس التكيف معها. وإذا لم نخفض من اعتمادنا على الوقود الأحفوري، ومعالجة عدم المساواة والعثور على وسيلة لوقف النخب المجتمعية من التشاجر فيما بينها، فإن الأمور لن تنتهي بشكل جيد. من وجهة نظر تاينتر، إذا اجتاز الغرب هذه الكارثة، سيكون ذلك بفعل الحظ المحض أكثر من الحكم الجيد. ويقول: “نحن من الأنواع التي تتخبط في وصولها إلى الحلول، هذا هو ما قمنا به دوما، وكل ما سنفعله أبدا.»