سبعة أشياء اعتقدنا أنها من صنع الكائنات الفضائية. لكنها ربما ليست كذلك…!
نُسِبت ظواهر غير مُفسَّرة، بدءاً من القنوات المريخية إلى الأنماط الجينومية، إلى كائنات فضائية ذكية، لكن تبين أن ذلك الأمر ينطوي على تفكير مشبعٍ بالرغبات.
هل هو طائر؟ أم طائرة؟ لا إنه جسم طائر غريب قادم من نظام شمسي آخر! إنه أومواموا 1I/2017 U1، الصخرة الفضائية التي ظهرت للمرة الأولى في تلسكوباتنا بأكتوبر2017 وأثارت حالة من الصخب بين الفلكيين. ويُدَّعي أكثر التفسيرات غرابة أن هذه القطعة، القادمة بلا أدنى شك من نظامٍ كوكبي آخر بعد إفلاتها، هي مركبةٌ فضائية خارجية، وهو ادعاء عزّزه الشكل المتطاول والاستثنائي جداً لهذا الجسم. وفي الوقت الذي لا نمتلك فيه قدراً كافيا من المعلومات للاستخفاف بهذه الفكرة كلياً، يعج تاريخنا بأشياء اعتقدنا أنها نتاجٌ لكائنات فضائية، لكنها لم تكن كذلك في الواقع، مما يجعل من أوموموا تجليا آخر من تجليات التفكير التوّاق.
- القنوات المريخية Martian canals
إن فكرة امتداد قنوات فوق سطح المريخ هي الجد الأكبر لنظريات مؤامرة الكائنات الفضائية. ففكرة وجود خنادق شاسعة -وصفها للمرة الأولى الفلكي الإيطالي جيوفاني شياباريلي Giovanni Schiaparelli عام 1877- تروي حضارةً مريخية لاقت الدعم من قبل رجال الأعمال الأمريكيين والفلكي بيرسيفال لويل Percival Lowell، واستمرت لعقود. لكن عمليات التصوير الحديثة وعالية الدقة في أيامنا هذه لم تكشف النقاب عن أي قناة، وإنما في أحسن الأحوال أزاحت الستار عن ظواهر عابرة، كمجارٍ من الغبار التي اكتُشفت في أماكن لا تصلها الرياح داخل مجموعة سلاسل جبلية، وفوهات فوق ذلك الكوكب ذي الرياح الضعيفة نسبياً.
- النجوم الوامضة Flickering stars
إحدى الطرق المضمونة النجاح لجذب انتباه العالم الخارجي هي إشعال الضوء وإطفائه بشكلٍ متكرر، وهذا بالضبط ما حصل عندما شُوهد نجم يُعرف بـ KIC 8462852 وهو يخفت بشكلٍ متكرر وغير منتظم على مدار بضعة أيام عام 2015. وسُرعان ما أُعيدت تسمية النجم ليصبح نجم تابي (Tabby’s star) نسبةً إلى المؤلف الرئيسي للورقة التي تحدثت بالتفصيل عن هذا الاكتشاف، وهي تابيثا بوياجيان Tabetha Boyajian من جامعة ييل. وبعد ذلك، أثبت تليسكوب كبلر الفضائي أن سطوع النجم، إضافة إلى انخفاضه، يضعف على طول فترة تمتد لعام، ويحصل ذلك ببطء في البداية ليتسارع لاحقاً، وهو نمطٌ لم يكن مفهوماً مما غذى تخمينات تتعلق بإمكانية استضافته لمشروعٍ فضائي عملاق.
أو ربما لا! فقد أوضحت القراءات التفصيلية التي نُشرت الشهر الماضي أن ضوء النجم لا يخفت بشكلٍ متساوٍ عند كل الأطوال الموجية مما يستبعد فكرة وجود بناء فضائي عملاق يدور حوله. ويبدو أنّ الأكثر ترجيحاً في هذه الحالة هو وجود دوّامات من السحب الغبارية الواسعة قد تكون ناتجة من مرور مذنبات أو كويكبات، مما أدى إلى حجب المشهد، وهذا يفسر ذلك السلوك النجمي الشاذ.
- انفجارات أشعة غاما Gamma-ray bursts
صُممت الأقمار الاصطناعية فيلا Vela التابعة لإدارة الدفاع الأمريكية بهدف التقاط أي إشارة على وجود اختبارات غير مشروعة للأسلحة النووية في ستينات القرن الماضي. لكن مع بدئها العمل في عام 1967، التقطت انفجارات قوية لإشعاع غاما قادمة من الفضاء الخارجي، ولم تُرفع السرية عن هذه الاكتشافات حتى عام 1973 ليقود ذلك إلى تكهنات مثيرة عن صراع يجري في مجرات بعيدة جداً. لكن مع رصدنا للمزيد من انفجارات أشعة غاما عن قربٍ أكثر خلال العقود القليلة الماضية، أدركنا أنها ليست ناتجة من الظاهرة نفسها، وعلى الرغم من تعدد تلك الظواهر إلا أنها طبيعية بالكامل، فتلك الانفجارات قد تنتج عندما تنهار النجوم فائقة الكتلة أثناء نشوء سوبرنوفا (المستعر الفائق) Supernova لتشكل بذلك نجوماً نيوترونية Neutron stars أو ثقباً أسود Black hole، أو أنها نتيجة لاصطدام نجمين نيوترونيين مع بعضهما.
- البولسارات (النجوم النابضة) Pulsars
كانت سنة 1976 مناسبة لمن رغبوا بأن يصبحوا صائدي حياة خارجية عندما التقطت جوسلين بيل برونيل Jocelyn Bell Burnell ومتعاونين معها إشارة تتكرر في الهوائيات الراديوية. لم تأتِ تلك الإشارات من أي مكانٍ فوق الأرض، وأطلق عليها علماء الفلك ممازحين اسم: “الرجال الخضر الصغار 1”. وعندما كتبوا سطراً واحداً في ورقتهم العلمية عن الأصل الفضائي لها، كان ذلك كفيلاً بإطلاق عاصفة إعلامية. لكن ذلك الجسم كان في الواقع عبارة عن نجمٍ نابض، أي نجم نيوتروني فائق الكثافة ويدور بسرعة كبيرة حول نفسه. ومنذ ذلك الحين، جرى اكتشاف الآلاف من تلك النجوم، وقد جعلتها نبضاتها المنتظمة واحدةً من أدق الساعات في الكون.
- إشارة واو! The Wow! signal
استَخدم برنامج الأذن الكبيرة Big Ear في جامعة ولاية أوهايو، والذي عمل بين عامي 1973 و1995، تليسكوباً راديوياً بحجم ثلاثة ملاعب كرة قدم أمريكية للاستماع إلى الإشارات الفضائية. وفي 15 أغسطس عام 1977 التقط التليسكوب إشارة راديوية قوية جدا استمرت لنحو 72 ثانية وكانت قادمة من كوكبة رامي القوس. وكان تردد تلك الإشارة قريباً جداً من 1420 ميغاهرتز وهو التردد الطبيعي الصادر عن الهيدروجين في الفضاء والذي اعتُبر نتيجة لذلك ناقلاً محتملاً لرسائل الكائنات الفضائية. وعندما شاهد عالم الفلك جيري إيمان Jerry Ehman تلك الإشارة المسجلة في نتائج الكمبيوتر المطبوعة، أحاطها بدائرة وخربش بجانبها “واو!”. لكن، وبصرف النظر عن عمليات البحث المكثفة التي جرت في قسم السماء الذي جاءت منه الإشارة، لم تُرصد مجدداً. ويعتقد العلماء حالياً أن تداخلاً غريباً حصل بين مذنبين عابرين يُمكن أن يؤدي إلى مثل هذه الإشارة.
- الانفجارات الراديوية السريعة Fast radio bursts
إذن، كانت إشارة “واو!” حقاً مبهرة، فإن أول انفجار راديوي سريع كان أكثر من ذلك “واو-ايه wow-er”، فهذا الانفجار الذي رُصد عام 2007 من قبل علماء الفلك في جامعة فرجينيا الغربية استمر لنحو 5 ميلي ثانية فقط، ولكنه أطلق كمية من الطاقة أكبر من تلك التي تُحررها الشمس خلال شهر كامل. ومنذ ذلك الحين جرى رصد العشرات من تلك الإشارات التي من المتوقع أنها صادرة عن مكانٍ ما خارج مجرتنا. وفي عام 2017، اعتقد عالما الفلك ماناسفي لينغام Manasvi Lingam وآفي لوب Avi Loeb من جامعة هارفارد أنها قد تكون أشعة راديوية استُعملت من قبل حضارات خارجية كمنارات، أو كمصادر لتغذية المركبات الفضائية. وتغذت مثل هذه الأفكار على أغرب الانفجارات الراديوية السريعة التي التُقطت في البداية عام 2012 وقد تكررت نحو 15 مرة خلال عملية مسح واحدة جرت عام 2017 من قبل مشروع الاستماع Breakthrough Listen project الذي يبحث عن إشارات قادمة من كائنات فضائية ذكية. لكن، تقترح القياسات التي حصلت مؤخراً أن تلك الإشارات ناتجة من نجم نيوتروني يدور داخل الحقل المغناطيسي لثقبٍ أسود عملاق.
- جينوماتنا Our genomes
في غياب الدليل القاطع من السماء، يبحث متقفو الحياة الخارجية عن إشارات أكثر قرباً للوطن. وبالنسبة إلى البعض يتمثل الدليل بدوائر المحاصيل، لكن قبل عقدٍ من الزمن ظهرت فكرة أكثر جدية بقليل: الرسائل الخارجية ربما تكون مُرمَّزة داخل حمضنا النووي DNA. وعبر عن ذلك تساؤل بول دايفيس Paul Davies -مؤلف كتاب الصمت الغريب: تجديد بحثنا عن الذكاء الخارجي The Eerie Silence: Renewing our search for alien intelligence – في مقالة نشرت في مجلة نيوساينتيست عام 2004: “ربما غرست الكائنات الفضائية رسالة داخل جينومات الكائنات الأرضية، من خلال إرسال فيروسات مصممة بدقة عبر سفن فضائية صغيرة جداً، فتُعدي هذه الفيروسات الخلايا المضيفة بحمض نووي محمل بالرسائل؟”
وفي عام 2013 أُعيد إحياء الفكرة بشكلٍ مختلف قليلاً، فادعى باحثان من كازاخستان اكتشاف إشارة “واو!” الخاصة بالشيفرة الجينية على شكل سلاسل من أنماط تبدو جميعها تدور حول الرقم 37. “لم تكن الفكرة بحد ذاتها سخيفة،” وفقاً لما قاله خبير لنيوساينتيست في ذلك الوقت. لكن مجدداً، إذا ما أردت رؤية الكائنات الفضائية، فإنك ستراها في أي مكان.