لطالما صَنَعت قردة الشمبانزي، وبعض القردة الأخرى على مدى العصور الأدوات، إلاّ أن هذا الاكتشاف يدفعنا إلى إعادة التفكير في تطورنا الثقافي.
إن الكاجو Cashew من المكسرات الصلبة التي يصعب كسر قشرتها، فيجب عليك أن توازنها على سندان ثم تضربها بالمطرقة وتتحاشى أن تلمس محتواها اللاذع في قشرتها، وعلى الرغم من أن هذا يتطلب مهارة كبيرة إلا أن نسانيس الكابوتشن Capuchins الملتحية التي تعيش شمال-شرق البرازيل تقوم بذلك بخفة. ولا تتوقف مهارات هذه القردة وبراعتها باستخدام الأدوات هنا. بل إنها تستخدمُ الحجارةَ للتنقيب عن الدرنات والحشرات، وتقوم الإناث أحيانا برميها على الذكور فيما يبدو أنها طريقة غير عادية للمداعبة. فقد كنا نعتقد أن استخدام الأدوات هو حِكر على الهومينين Hominin وأحد مواهبنا الفريدة التي تجعلنا بشرا. ولم يعد ذلك صحيحا.
في الواقع، فقد علمنا لعدد من السنوات أن أقرب أقربائنا الأحياء، أي الشمبانزي، تستخدم أدوات متنوعة، من ضمنها أدوات مصنوعة من الحجارة. ومؤخرا ثار إعجاب بعض علماء الرئيسيات Primatologists عندما اكتشفوا أن هذا ينطبق على اثنين من أبناء العمومة بعيدي القرابة وهما نسناس الكابوتشن ونسناس المكاك، واللتان تعيش في منطقة ساحلية في تايلند. وقد جذبت هذه الاكتشافات انتباه علماء الآثار الذين ينصب اهتمامهم على اكتشاف ما يسمى العصر الحجري للرئيسيات غير البشرية. وقد كشفوا عن بقايا أدوات صُنعت منذ آلاف السنين أثناء تنقيبهم في طبقات التربة.
وقد مهدت اكتشافاتهم الطريقَ للتخصص الجديد في علم آثار الرئيسيات، والذي من الممكن أن يوسع نطاق مداركنا ليس فقط عن هذه الأنواع Species، بل حتى عن أسلافنا الأبعد. وكان يعتقد سابقا بأننا الوحيدون الذين نمتلك سجلا آركيولوجيا يحتوي على أدلة ملموسة عن سلوكنا السابق. والآن ومع بروز ثلاثة سجلات أخرى، فإنه يمكن المقارنة بينها للمرة الأولى وتسليط الضوء على تطور استخدام الأدوات. ويمكننا النظر في تأثير البيئات المختلفة في تطور تعقيد التقنيات. ويمكننا أن نشاهد المميزات المشتركة التي يمتلكها جميع مستخدمي الأدوات. وقد يكون هذا مفتاح اللغز الذي نحتاج إليه لنعرف لم يُعدُّ هذا السلوك نادرا جدا بين الحيوانات.
وقائد علم آثار الرئيسيات هو مايكل هازلام Michael Haslam من جامعة أكسفورد. وقد بدأ هازلام عمله كعالم «آثار اعتيادي» منشغلٍ بالأدوات الحجرية لسكان أستراليا الأصليين. وجاءه إلهامه حين التقى صدفة ببيل ماغرو Bill McGrew، من جامعة كامبريدج، والذي يبحث في استخدام الشمبانزي للأدوات. ودفع الحديث الذي دار بينهما هازلام إلى التساؤل عن التقنيات التي كانت تستخدمها الشمبانزي في الماضي. وقال هازلام: «لقد بدا لي أن هذا أمر يجب البحث فيه. فلدينا كل هذه التقنيات المعروفة من علم الآثار والتي سهلت لنا فهم الماضي، وكنا نطبقها فقط على البشر.» لذا قرر في عام 2012 أن يفعل شيئا حيال ذلك وبدأ بمشروع علم آثار الرئيسيات ما يدعى اختصارا بالمشروع PRIMARCH.
في الواقع عند هذه النقطة، كانت هناك محاولة للتنقيب بحثا عن أدوات غير بشرية. ففريق برئاسة جوليو ميركدار Julio Mercader من جامعة كالغاري في كندا كان قد فتح آفاقا جديدة في هذا المجال عام 2002. وقد عملوا في أعماق غابة تاي Tai Forest في ساحل العاج، حيث شوهدت الشمبانزي تفلق المكسرات بالحجارة، واستخرج الفريق 479 أداة حجرية من الأرض. وبعضها كان يشبه الشظايا التي تتناثر في كل مكان أثناء جلسات تكسير الشمبانزي للمكسرات. وبينما كان على بعضها بقايا النشا ملتصقا بشقوقها -بقايا من المكسرات نفسها التي تأكلها قردة الشامبزي اليوم. وفي عام 2007 ذكر الفريق اكتشاف بقايا مستوطنة شمبانزي من قبل 4300 سنة.
ولم تجرِ المزيد من الحفريات منذ ذلك الحين. ولإرساء قواعد علم آثار الرئيسات في غرب إفريقيا، فقد قرر هازلام أن يبحث عبر المحيط الأطلسي وصولا إلى البرازيل، حيث بدأت فيها ظهور أدلة على استخدام نسناس الكابوتشن البرية للأدوات. ومثل ميركدار، كان هازلام وزملاؤه مهتمين بالبحث عن الأدوات التي استعملت في تفلق المكسرات. وقرروا أن يبدؤوا بالحفر تحت قاعدة شجرة، حيث احتفظت النسانيس بكومة من الأدوات الحجرية. ووجدوا ضالتهم بعد الحفر لمسافة أقل من متر. وكانت بعض الحجارة تشبه المطارق التي يستعملها الكابوتشن في هذه الأيام، وهي أكبر بكثير من الحجارة الاعتيادية التي توجد في المنطقة. وبينما الحجارة الأخرى بدت كالسنادين وهي أكبر بأربع مرات من حجم المطارق. وحدّد التأريخُ بالكربون عمر الأدواتِ بـ 700 سنة، مما يعني أنها استخدمت قبل وصول الأوروبيين الأوائل إلى العالم الجديد، مما يجعلها أقدم أدوات حجرية غير بشرية مُكتشفة خارج إفريقيا.
ومثل شمبانزي غابة تاي يبدو أن النسانيس كانت تفلق المكسرات بالطريقة نفسها منذ زمن طويل (انظر: إحداث ثورة). فالأدوات المُكتشفة في كلا الموضعين تشبه الأدوات المستخدمة اليوم بشكل مدهش، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن التقنيات لم تتطور منذ ذلك الحين. ويقول عالِم الآثار من جامعة يونيفيرستي كوليدج لندن University College London توماس بروفيت Tomos Proffit الزميل في المشروع PRIMARCH: “إن 4300 سنة ليست وقتا طويلا إذا كنت تتكلم عن الأدوات الحجرية البسيطة.»، ولنضع الأمور في منظور نسبي، فإن الشظايا الحجرية حادة الحواف التي استعملت من قبل الهومو Homo المبكرين قبل 2.6 مليون سنة مطابقةٌ لتلك التي صنعوها بعد مليون سنة. وبالمثل، عندما ظهرت الفؤوس الحجرية المسطحة ومصقولة في المشهد فإنها لم تتغير لمليون سنة تالية. ويقول بروفيت «لانزال في مرحلة مبكرة [من البحثّ، ولا نزال نعود بالتقنيات التي استخدمتها الرئيسيات إلى أزمنة أبعد فأبعد.»
من الأعلى إلى الأسفل: الأدواتُ التي صَنَعها الهومينين الأوائل والشمبانزي والمكاك والكابوتشن.
Haslam/Nature Ecology&Evolution
وبالطبع، فإن هذه السجلات الآركيولوجية لن ترقى إلى تعقيد سجلاتنا، لكنها متقدمة في أمر واحد. “بالنسبة إلى علماء الآثار التقليديين، فالسلوك قد انقرض منذ زمن طويل ويمكنهم فقط العمل مع البقايا التي يجدونها في الأرض،” كما تقول ليديا لونكز Lydia Luncz زميلة ما بعد الدكتوراه في مختبر هازلام. وتضيف لونكز: «ولدينا ميزة الذهاب إلى هناك ومراقبة رئيسياتنا.» وهذا لا يساعد فقط عندما نحاول تفسير التقنيات، بل يمكنها أن تسلِّط الضوء على سلوك الهومينين الذين عاشوا قبل ملايين السنين أيضا.
إيقاعات غامضة Mystery percussion
مثلا، عندما لا تستخدم الكابوتشن الحجارة لفلق المكسرات، أو حفر التربة أو مداعبة الأزواج، فإنها في بعض الأحيان تضرب الحجارة ببعضها. ويحيط الغموض بسر هذا القرع: ففي بعض الأحيان تتوقف عن القرع وتلعق الغبار المعدني من سطح الحجارة، ولذا فمن الممكن أنها تبتلع الجزيئات الدقيقة الحادة لتزيل الطفيلات المعوية. ويقول بروفيت: «نحن ما زلنا نحاول معرفة سبب قيامها بهذا بالضبط.” ولكن السلوك مثير للاهتمام لسبب آخر. “فهي في بعض الأحيان تُنتج شظايا تشبه بشكل مدهش تلك التي صنعها الهومينين.” وهذه منتجات فرعية تنتج من غير قصد ولا تستخدمها النسانيس. وهذا يولّد احتمالا مثيرا للاهتمام مفاده بأن أسلافنا أنتجوا هذه الشظايا بالصدفة عبر سلوك قرع الحجارة، وذلك قبل استخدامها كأدوات.
وقد تتأتى رؤى كثيرة عن أصول استخدام الهومينين للأدوات من خلال دراسة السجلات الآركيولوجية لنسانيس المكاك البورمية طويلة الذيل Burmese long-tailed macaques. فمجموعات من هذه النسانيس التي تسكن سلسلة من الجزر ناحية السواحل الغربية لتايلند تستخدم الحجارة بشكل رئيسي لفلق المحار والسلطعون والحلزون عوضا عن استخدامها لفلق المكسرات. واكتشف هذا السلوك قبل عقد من الزمن فقط، وعندما سمع هازلام عنه كان عازما على التنقيب. إلا أن هذا أصعب مما سواه. فيقول مايكل غيومريت Michael Gumert المشارك في هذا المشروع من جامعة نانيانغ التقنية Nanyang Technical University في سنغافورة: “إن أكبر تحد عند دراسة سلوك نسناس المكاك هو البحر. إنه يزيل كل آثار استخدام هذه الأدوات.»
ولم يفت ذلك من عزيمتهم، فقد قضى هازلام وغيومريت وزملاؤهم أياما على متن قارب في جزيرة بياك نام ياي Piak Nam Yai منتظرين انحسار المدّ وظهور المكاك من الغابة لتتغذى على الشاطئ الصخري. ورصدوا النسانيس وهي تضع ما جمعت على جلاميد كبيرة وتضربها بالحجارة حتى ترتخي قشرتها ويخرج اللحم الطري الذي بداخلها. وبعد وجبتها، تتقهقر النسانيس إلى الغابة. وعندها ينطلق الفريق إلى عمله، فينحدرون إلى الشاطئ ويحفرون بأسرع ما يمكن. ويقول هازلام: «يمكننا الحفر فقط لمدة أربع ساعات كحد الأقصى قبل أن يرتفع المد مرة أخرى، وهذا يحدُّ من العمق الذي قد نصل إليه.”
وقد كشف التأريخ بالكربون لأصداف المحار أنها تعود إلى 65 سنة فقط. ولكن الخنادق التي حفروها تحتوي على إشارات تدل على تعرض الأصداف للنقر إضافة إلى علامات تصدع وجدوها على حجارة بحجم المطارق، وغالبا ما توجد هذه الحجارة بالقرب من جلمود كبير. ويأمل غيومريت بأن يكتشف عددا أكبر من هذه المخابئ، وأن يعرف كيف بدأت تقنية استخدام الحجارة، وكيف حافظ مجتمع المكاك عليها. وغيومريت مقتنع بأن هذا السلوك هو تكيف للحياة على الشاطئ -أسلوب حياة اقترح أنه دفع بعض البشر في قديم الزمن إلى الاستقرار وإنشاء مجتمعات معقدة وتطوير تقنيات مهيئة للبحث عن الطعام على الشاطئ. وقد يقدم المكاك لمحة عن الظروف التي أدت إلى هذه التطورات.
وفي غرب إفريقيا، اكتشف باحثو المشروع PRIMARCH أن مقاربتهم الآركيولوجية قد تساعدهم على الكشف عن كيفية الحفاظ على العادات الثقافية. إذ تعيش شمبانزي غابة تاي في مجتمعات، وتفضل واحدة من أداتي فلق المكسرات: بعضها تستخدم بشكل رئيسي المطارقَ المصنوعة من الحجر، بينما تفضل بعضها المضارب الخشبية. وتبقى هذه الاختلافات على الرغم من انتقال الإناث من إحدى المجموعات إلى الأخرى باستمرار. واكتشفت لونكز أثناء دراستها للأدوات التي صنعتها الإناث في السابق وخلفتها وراءها عندما هاجرت أن الإناث تتبنى الطريقة التي تستخدمها المجموعة الجديدة التي§١ تنتقل إليها حتى ولو عنى ذلك التخلي عن الطريقة التي أمضت سنوات عديدة في إتقانها. وتشير لونكز إلى أن هذا النزوع إلى التوافق مع العادات المحلية هو أيضا “أحد السمات الأساسية في ثقافة البشر،” وتسمح هذه النزعة للمجتمعات بأن تُبقي على تقاليدها الفريدة على الرغم من تدفق أعضاء جدد.
هل تتشابه النسانيس والبشر في السلوك؟
Like monkey, like human?
في دراسة مبتكرة أخرى، يساعد الشمبانزي الباحثين على أن يكتشفوا كيف استخدم الهومينين أدواتهم. وتمتلئ السجلات الآركيولوجية بالحجارة التي تشبه السنادين، ولكن لا يعلم أحد ما إذا كانت إحدى القطع تستخدم لفلق المكسرات أو العظام أو كلتيهما. ولمعالجة هذه المشكلة يقوم عالم الآثار أدريان أوريو Adrian Arroyo وزملاؤه من جامعة لندن بتجميع الحجارة من صدع أولدوفاي غورغ Olduvai Gorge في تنزانيا، حيث عثر على أدوات الهومينين. ويعطي العلماء للشمبانزي التي تعيش في محمية حجارةً وتستخدمها كسنادين حتى تتراكم عليها أنماطا مميزة. وعند مقارنتها بالسنادين التي وجدت في مواقع الهومينين، فإنه يمكن معرفة ما إذا كانت تستخدم هذه الحجارة في فلق المكسرات أم لا. ويمكن أن تساعد مقاربة شبيه على حل المشكلة العويصة في التمييز بين الأدوات القديمة والحجارة التي دُمِّرت بفعل الطبيعة.
نسناس الكابوتشن
ومع بروز ثلاثة مستخدمين جدد للأدوات على الساحة، يمكن لعلماء آثار الرئيسيات أن يبدؤوا بدراسات مقارِنة. ونحو تحقيق هذا الهدف، أنشؤوا قائمة “الاستخدامات العامة للأدوات الحجرية للرئيسيات” Stone-tool-use universal for primates. أوجه التشابه الرئيسية هي جميعا تنقل أدواتها إلى مناطق النشاط مُعيّنة، وجميع الأفراد يستخدمون الأدوات، ويقضي الصغار سنوات في صقل تقنياتهم، كما أنهم يستخدمون السنادين الحجرية كأسطح للطرق عليها. ولما كان أجدادنا الهومينين أعضاء في المجموعة الحصرية من الرئيسيات التي تستخدم الأدوات، يؤمن هازلام بأنه يمكننا أن نطبق هذه القواعد العامة عليهم. ومن المثير للاهتمام أن الرئيسيات الثلاث المُستخدمة للأدوات تفتقر جميعها إلى سمات لطالما رُبطت بأصول استخدام الأدوات في الهومينين بما في ذلك اللغة وسيادة استخدام يد على الأخرى، والمشي على القدمين، والعيش في بيئات السافانا.
“يمكن أن يكون أسلافنا قد صنعوا الشظايا الحجرية بشكل غير مقصود كما فعل نسناس الكابوتشن”
ولكن يجب ألا يجرفنا الحماس. فعلى الرغم من أن علم آثار الرئيسيات يقدم بلا شك طرقا جديدة للنظر في ماضينا، إلا أن لونكز تحذر من التسرع في الاستنتاجات وتقول: “ما نرصده في الشمبانزي لا يعني بالضرورة أنه حدث في الهومينين الأوائل. فهما ليسا من النوع Species نفسه، وتفصلهما ملايين السنين من التطور.” وهذا ينطبق بشكل أكبر على الكابوتشن والمكاك الذين نتشارك معهم بأجداد أبعد بكثير.
وعلى الرغم من ذلك، فقد قطع علم آثار الرئيسات أشواطا طويلة في سنوات قليلة، ويريد هازلام أن يوسع هذه المقاربة إلى أبعد من ذلك. ففي أوقات فراغه يُحلِّل مصنوعات ثعلب البحر Sea otter الذي يستخدم الحجارة لكسر أصداف فرائسه الصلبة في خليج مونتيري في كاليفورنيا. كما يُنقّب هازلام أيضا في كاليدونيا الجديدة New Caledonia بحثا عن سنادين حجرية تستخدمها الغربان التي تصنع الأدوات Tool-making crows. ويؤمن هازلام بأن المناهج الآركيولوجية يمكنها أن توفر بعدا زمنيا في دراسة سلوك الحيوانات، وهو أمر تفتقر إليه هذه الدراسات. ويقول هازلام: “ما تقوم به الحيوانات الآن يختلف عما كانت تقوم به سابقا، ولذلك يجب ألا تعامل كأشياء مُجمَّدة. خصوصا ونحن نعلم كمية التغيرات التي طرأت على البشر.”
إحداث ثورة
تعود أقدم الأدوات الحجرية التي نعرفها إلى ما قبل 3.3 مليون سنة. فقد صنعها أجدادنا الهومينين الذين كانوا يعيشون في كينيا. ومؤخرا، اكتشفت ثلاث رئيسيات غير بشرية تستخدم الحجر كأدوات. فمتى بدأ العصر الحجري لديها؟
بالنسبة إلى المكاك طويل الذيل من تايلاند، يظل ذلك غامضا. ولكن في حالة الشمبانزي والكابوتشن؛ فيمكن أن يساعد التحليل الوراثي على الإجابة عن هذا السؤال. فالنوع الفرعي Subspecies الغربي من الشمبانزي، والذي يتضمن المجتمعات التي تفلق المكسرات على الساحل العاج، هو الشمبانزي الوحيدة المعروف عنها أنها تستخدم أدوات حجرية. وتكشف سَلْسلة حمضها النووي أنها تفرعت من الشمبانزي التي تعيش وسط إفريقيا –أقدم جماعة من الشمبانزي – منذ مئات آلاف السنين. وبافتراض أن اختراع استعمال الأدوات حدث بعد هذا التفرع، يمكن أن يستنتج الباحثون أن استخدام الأدوات بدأ منذ 200.000 إلى 150.000 سنة مضت.
ويكشف التحليل الوراثي أيضا أن الكابوتشن المستخدِمة للأدوات ظهرت في المناطق الداخلية شبه الجافة بالبرازيل، حيث توجد كمية وافرة من الحجارة أثناء العصر الجليدي نحو 700.000 سنة. ولذا، فإن قدرتهم على استخدام اليدين ظهرت بعد ذلك على الأرجح. ولا تنتهي القصة هنا بل إن بعضا من هذه النسانيس هاجرت شمالا إلى غابات الأمازون، ولا يبدو أن سلالة المتحدرة منها تستخدم الأدوات؛ مما يعطينا درسا مهماً مفاده أنه يمكن للكائنات فقدان التطور التقني كما يمكن اكتسابه.