أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
العلوم البيئية

المملكة المتحدة تكشف عن خطة طموحة لمعالجة تلوث الهواء

تعهدات خفض التلوث بالجسيمات تلقى الثناء والشكوك

تطمح المملكة المتحدة بأن تصبح رائدة عالمية في تنظيف الهواء الملوث، لكن الدولة الجُزرية قد لا تكون قادرة على تحقيق بعض أهدافها الجديدة الطموحة في حد ذاتها. ففي الأسبوع الماضي أصدرت حكومة المملكة المتحدة مشروع استراتيجية للحد من تلوث الهواء الذي من شأنه أن يفرض أهداف الانبعاثات الأكثر تشددا في العالم الصناعي لجزيئات ضئيلة من السخام والمركبات الأخرى التي يمكن أن تستقر في رئات الأفراد وتُقصِّر من أعمارهم. وستتناول الخطة أيضا مصدرا من جسيمات الضباب الدخاني Particulate smog الذي يصعب كبح جماحه: الأمونيا من الحقول الزراعية وأكوام السماد.

    ويُشجّع الباحثون في مجال جودة الهواء أهداف استراتيجية الجو النقي Clean Air Strategy المكوّنة من 104 صفحة، والتي أطلقتها حكومة رئيسة الوزراء تيريزا ماي Theresa May في 22 مايو ليُعلّق الجمهور عليها.  ولكن تحقيق هذه الأهداف سيُمثِّل تحديا، كما يحذرون، جزئيا لأنّ الكثير من التلوث بالجسيمات Particulate Pollution في المملكة المتحدة ينجرف مع التيار الهوائي من دول أخرى. وحتى في المنزل، فإن تنظيف مصادر التلوث المتعددة والشائعة سيتطلب المال والإرادة سياسية.

       ويتمثل الهدف الأكثر جرأة بخفض عدد الأشخاص الذين يستنشقون الهواء بتركيزات من الجسيمات الدقيقة إلى النصف بحلول عام 2025، وهي الجسيمات التي يقل قطرها عن 2.5 ميكرون وتتجاوز المستويات التي حددتها منظمة الصحة العالمية World Health Organization (اختصارا: المنظمة WHO). فمعيار الجسيمات الذي حددته منظمة الصحة العالمية والبالغ 10 ميكرو غرامات لكل متر مكعب (ميكروغرام / م 3)، المتوسط المُقاس خلال عام، أشد بكثير من حد الاتحاد الأوروبي الذي من المقرر أن يخفض التلوث إلى 20 ميكروغرام/م3 في عام 2020. (معيار الولايات المتحدة هو 12 ميكروغرام / م 3).

   وهذا التعهّد مرحب به، كما يقول أليستر لويس Alastair Lewis، عالم كيمياء الغلاف الجوي Atmospheric Chemist من جامعة يورك University of York في المملكة المتحدة ونائب مدير المركز الوطني لعلوم الغلاف الجوي National Centre for Atmospheric Science في ليدز بالمملكة المتحدة، على الرغم من أنه لا يتطلب من المملكة المتحدة الوفاء بالحد الصارم لمنظمة الصحة العالمية WHO في كل مجتمع في البلاد، لكنه من المحتمل أن يصبح “المعيار الفعلي الذي سيطالب به الأفرادُ الحكومةَ. ولا يمكنك إعادة المارد إلى القمم وتتظاهر أنك لم تقل ذلك قطّ.”

 إنهم يقاتلون على عدد هائل من الجبهات هنا …

ألستير لويس Alastair Lewis،

 جامعة يورك University of York

   ولتحقيق الهدف، تقترح الحكومة معالجة الانبعاثات الناتجة من الأفران المنزلية والمواقد، التي تمثل 38 % من التلوث بالجسيمات في المملكة المتحدة. ويمكن أن تحد القواعد الجديدة من استخدام أنواع الوقود الملوثة مثل الخشب الرطب، على سبيل المثال، ورفع معايير الانبعاث للمواقد الجديدة. وكما ترتأي الخطةُ التخلصَ التدريجي من استخدام القطارات التي تعمل بالديزل بحلول عام 2040 وتشديد معايير إطارات السيارات والفرامل، والتي تقذف بالجسيمات الدقيقة أثناء الاستخدام. (لا تعالج الخطةُ الانبعاثاتِ الأخرى للمركبات، إذ ستغطيها الوثيقة الثانية).

      وتتمثل إحدى الاستراتيجيات الرئيسية الأخرى بخفض انبعاثات الأمونيا التي تغذي التفاعلات الكيميائية في الغلاف الجوي والتي تنتج مجموعة من الجسيمات الإشكالية. إذ ينتج من استخدام المزارع للأسمدة وروث الماشية والدواجن نحو 88% من انبعاثات الأمونيا في المملكة المتحدة، لذا فإنّ الخطط المقترحة تحد من استخدام الأسمدة وتتطلب تغطية أكوام الروث لحجز غاز الأمونيا. ويمكن أن تشير مثل هذه الخطوات إلى “نقطة تحول رئيسية” للتحكم في انبعاثات الأمونيا، حسب ما قاله عالم الفيزياء البيئية Environmental Physicist مارك سوتون Mark Sutton من مركز البيئة وعلم الهيدرولوجيا Centre for Ecology & Hydrology في أدنبره. ويُشير سوتون إلى أنّه إذا استمرت التوجهات الحالية على ما هي عليه، فإنّ المملكة المتحدة ستفشل في تحقيق أهداف بالانبعاثات المحددة للأمونيا لعام 2020.

   ولكن فرض حدود على انبعاثات الأمونيا على آلاف المزارع سيكون معقداً وقد يواجه بالمقاومة من المصالح الزراعية. وعلى الرغم من أنّ الحكومة تُصرّح بالبرهان على التزامها بالتقدّم ” بشكل أسرع من الاتحاد الأوروبي” في مكافحة الجسيمات، فإنّ المملكة المتحدة ستحتاج على الأرجح إلى المساعدة من الدول الأوروبية الأخرى لإدراك تلك التخفيضات، نظرا لأنّ ما يصل إلى ثلث الضباب الدخاني في البلاد – خاصة في الجزء الجنوبي الشرقي من البلاد – ينجرف من القارة على شكل غازات سلائف Precursor Gases.

     والخطة الشاملة لن توضع في صورتها النهائية إلاّ أوائل عام 2019، كما أنّ الكثير من التفاصيل لم تُحل حتى الآن. ويقول لويس: “إنهم يقاتلون على عدد هائل من الجبهات هنا … مجموعة كبيرة وواسعة من القطاعات والصناعات.” وأضاف قائلا: “السؤال هو: هل ستكون لديهم حقا القدرة والموارد لحل القضية التي طرحوها؟ “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى