انفجار الحساسية: الحقيقة الكامنة وراء الخرافات الشائعة حول الحساسية
يمكن لجسمك الإصابة بالحساسية والشفاء منها على مدار حياتك. ففي المرة الواحدة نصاب بعدة أنواع من الحساسية. والنساء أكثر عرضة للحساسية... كثيرة هي الأفكار الجامحة عن الحساسية، ولكن، أي هذه المقولات نُصدّق؟
بقلم: بيني سارشيت Penny Sarchet
ترجمة د. عبدالرحمن سوالمه
هل النساءُ أكثر عرضةً للحساسية؟
في البالغين من المؤكد أن النساء أكثر عرضة لأن يُبلِّغن عن أعراض الحساسية وعدم تحمل الأطعمة. ويختلف “عدم التحمل” عن “الحساسية” (انظر: ليست حساسية)، ولكنهما غالبًا ما يُجمعان مع بعضهما في الدراسات. فقد نُشرت في السنة الماضية ورقةٌ فحصت 2.7 مليون سجلٍ صحيٍّ، وقد وجدت أن 4.2% من النساء لديهن حساسيات أو عدم تحمل للأطعمة، مقارنة بـ 2.9% من الرجال. ولا يعتبر هذا فقط انعكاسًا للزيادة الواضحة لعدم تحمل الغلوتين؛ فالطعام الذي يثير أكثر المشكلات للرجال والنساء كان المحار، ويتبعُه بعض أنواع الفواكه والخضراوات.
لعل النساء يُعرن اهتمامًا أكبر لصحتهن ولما يأكلنه؛ لذلك من الأكثر ترجيحا أن يلاحظن ما إذا كانت لديهن ردة فعل، ولكن قد يرتبط ذلك أيضا ببعض العوامل الحيوية؛ فعلى سبيل المثال، يمتلك الرجال نسبة أعلى من أحد أنواع الأجسام المضادة التي يُظن أنها تساعد على حجب استجابات الحساسية.
كما أن للهرمونات علاقة شبه أكيدة؛ ذلك أن الاختلافات بين الذكور والإناث في الحساسية تتضح في مرحلة المراهقة؛ فقبل البلوغ، تكون أعداد البنين المصابين بالحساسية ضعف عدد البنات.
# هل يمكن لأجسامنا أن تصاب بالحساسية وتشفى منها؟ Can you grow into and out of allergies?
غالبًا ما تكون حمى القش التي تصيب البالغين مفاجئة لأولئك المصابين حديثًا بها. ولكن هذه حقيقة؛ أي أنك يمكنك أن تطور حساسيات جديدة خلال حياتك. أما مسألة أنك لم تكن في حياتك حساسًا لغبار الطلع أو الفول السوداني فإنها لا تعني أنك لن تكون حساسًا لها طوال حياتك. الجانب الآخر من المسألة هو أن الحساسيات يمكنها أحيانًا أن تشفى، مع أن هذا يصير أكثر ندرة متى ما وصلت سن البلوغ.
من المرجح أن تُشفى من الحساسية عندما تكون طفلًا. ففي دراسة أجريت على أكثر من 40,000 طفل في الولايات المتحدة، وجد الباحثون أن نحو %26 شُفوا من حساسياتهم المختلفة للأطعمة، وذلك غالبًا ببلوغهم سن السادسة. فحساسية البيض والحليب والصويا هي التي تشفى في الغالب. ويشفى نحو %20من الأطفال من حساسيتهم للفول السوداني.
عندما يعاني الأطفال الإكزيما، وهي مشكلة جلدية مرتبطة بالحساسية، فإنهم غالبًا ما يتحسنون في نهايات مرحلة الطفولة، إلا أن الربو يحل مكانها. وهؤلاء الأطفال ذاتهم يحتمل أن يصابوا بحمى القش عندما يبلغون مرحلة المراهقة، والتي غالبًا ما تختفي في منتصف العشرينات من العمر. ويُعرف هذا المزيج من الحساسية المُتغيرة بمسيرة الحساسية Allergic march. وتميل بعض أعراض الحساسيات القديمة لأن تستمر إلى درجة ما فيما بعد ذلك. يقول سيد حسن أرشد Syed Hasan Arshad من جامعة ساوثهامبتون University of Southampton في المملكة المتحدة: “غالبًا لا تتلاشى، ولكنها تتحسن.”
حقيقة: يمكن للكحول أن يُفاقم حساسيتك
قد تحتوي المشروبات الكحولية على الهيستامين، وهو مادة كيميائية تفرز كجزء من الاستجابة المناعية للجسم. ويمكن لها أن تزيد من تفاعلات الحساسية وأن تقوي أعراض حمى القش، بالأخص في النساء.
يظل السبب في مسيرة الحساسية لغزًا محيرًا، كما يقول حسن أرشد: “أتمنى أن أعرف سبب تغيرها. وإن عرفت، يمكنني أن أجد علاجًا للحساسيات.”
ووفقا لنيل كاو Neil Kao، من مركز أمراض الحساسية والربو Allergic Disease and Asthma Center في كارولاينا الجنوبية، فإن الأدوية والهرمونات والمشكلات الطبية الأخرى والتعرض للتدخين وملوثات الهواء الأخرى قد يكون لها دور في تغيير الحساسيات هذا، كما يقول كاو إن النساء بعد انقطاع الطمث لا يعدن يعانين الحساسيات بمعدلات أعلى من الرجال.
ولكن، إذا كنت تظن أنك قد تغلبت على حساسية ما، فهناك احتمال أن تكون تعرضت لنسبة أقل من مُسبِّب الحساسية Allergen ليس إلا، إذ يقول كاو: “تغيير المكان الجغرافي هو السبب الأكثر شيوعًا وراء ظن الناس أنهم شُفوا من حساسياتهم.”
هل تأتي الحساسيات مجتمعة مع بعضها؟ Do allergies come in groups?
إذا كنت تعرف شخصًا لا يمكنه أكل المحار، ويشكو من الغبار، فإنك تعلم أن هذا ليس -بالضرورة- لأنه شخص صعب الإرضاء. يمكن للحساسيات أن تأتي في مجموعات، ويمكن لبعض المجموعات منها أن تكون أكثر شيوعًا من بعضها.
ويعود السبب في ذلك إلى أن الحساسيات تُسببها الأجسام المضادة Antibodies من نوع IgE الذي يتعرف إلى الجزيئات غير المؤذية على أنها مصدر تهديد، ويمكن لمسببات الحساسية التي تمتلك تركيبًا مشابهًا أن تحفز استجابات حساسية في الشخص نفسه.
ويحدث هذا في الغالب على مرحلتين. في العادة، يبدأ الشخص الذي طور حساسية لمسبب حساسية شائع من مثل غبار الطلع في مرحلة الطفولة بالاستجابة لتركيبات كيميائية مشابهة لغبار الطلع في الطعام في مرحلة لاحقة من الحياة. وهذا ما يعرف بالتفاعلية المتقاطعة Cross reactivity ويمكنها أن تقود إلى متلازمة الحساسية الفموية Oral allergy syndrome: وهي عبارة عن بدء سريع لأعراض محلية من مثل الحكة والوخز والانتفاخ بعد تناول أطعمة معينة. وقد يعانيها ما يصل إلى %19 من الأفراد. ويقول أرشد: “هذا نوع شائع جدًا من الحساسية، وليست ضارة، إلا أنها قد تكون مزعجة جدًا.”
يمكن لغبار طلع الأشجار أن يسبب حساسيات لمجموعة من الفواكه والجوز والخضراوات، كالتفاح واللوز والجزر. وترتبط حساسيات عشبة الرجيد (عشبة الخنازير) Ragweed بمشكلات مع البطيخ والموز والطماطم والخيار، بينما يمكن لغبار طلع حبق الراعي Mugwort أن يحفز حساسيات تجاه أعشاب وتوابل من مثل الكزبرة والبقدونس والكمون وبذور الشمر. فهناك العديد من المجموعات الأخرى، ومنها حساسية الموز والتفاح والبطاطس والطماطم المرتبطة بحساسية مادة اللاتكس Latex.
ليست حساسية Not an allergy
تنتج الحساسيات من جهاز المناعة حينما يستجيب دون داعٍ لجزيئات غير مؤذية. ولكن، ليست كل الطفوح الجلدية والانتفاخات ومشكلات التنفس علامات على الحساسية.
عدم تحمل الأطعمة Food intolerance
يمكن لعدم تحمل الأطعمة أن يشتمل على النفاخ والريح والإسهال وطفوح الجلد ووجع البطن. وتأتي هذه الأعراض أبطأ من أعراض حساسيات الأطعمة، في العادة بعد ساعات من أكل أشياء معينة. على سبيل المثال، يُبلِّغ بعض الأشخاص عن أعراض كهذه بعد تناول الغلوتين، على الرغم من أنهم لا يعانون مرضَ الاضطرابات الهضمية (حساسية القمح) Coeliac disease، وهو أحد اضطرابات المناعة الذاتية التي يحفزها هذا المكون البروتيني الموجود في حبوب القمح.
الحساسية الكيميائية Chemical sensitivity
يعاني ما يصل إلى ربع الأشخاص في الولايات المتحدة حساسيةَ المواد المُعطِّرة كمزيلات رائحة العرق ومعطرات الجو. عادة ما يعاني الأشخاص المصابون بهذه الحساسيات الكيميائية الربوَ عندما يتعرضون لمواد كيميائية معينة، إلا أن بعضهم يعاني الشقيقة، أو مشكلات جلدية أو صعوبة في التنفس.
التأثير السلبي للضرر الوهمي Nocebo effect
بخلاف ما يعتقد البعض، لا تعتبر الحساسيات أمراضًا نفسية جسدية Psychosomatic. ولكن هناك ظاهرة نفسية أخرى يمكنها أن تجعل الأشخاص يشعرون بأعراض شبيهة بالحساسية. فالتأثير السلبي للضرر الوهمي Nocebo effect هو خلل معاكس لأثر العلاج الوهمي (الغفل) Placebo effect، وينتج منه أن يشعر البعض بأعراض سيئة حتى ولو لم يكن للمادة أي تأثير سلبي في أجسادهم. وجدت دراسة أن %97 من الأشخاص الذين يظنون أن لديهم حساسية البنسلين لا يضر بهم الدواء حقيقة. وفي دراسة أخرى أعطى فيها الباحثون أطعمة مسببة للحساسية وأخرى غُفل (غير مسببة للحساسية) لأطفال عندهم حساسية للطعام، وجد الباحثون أن الأطعمة الغُفل حفزت أعراض الحساسية، ومن ضمنها الطفح الجلدي والقشعريرة والإسهال والتقيؤ، وحدث ذلك فيما يقرب من %13 من الحالات.
التهاب الأنف Rhinitis
التهاب الأنف هو التهاب في الجزء الداخلي من الأنف، ويسبب أعراضًا من مثل العطس وانسداد الأنف وسيلانه. ويمكن لهذا أن يكون استجابةً لمواد مسببة للحساسية كغبار الطلع والعث، ولكنها قد تحدث في غياب مسببات الحساسية. ومن أسبابها الرطوبة ودرجات الحرارة العالية أو المنخفضة والفيروسات والتعرض لملوثات الهواء كالتدخين.