أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
علم السياسة

نشاط وزير العلوم الجديد يُثير الجدل

عالمة الأحياء إلينا ألفاريز- بويلا تعارض الذُّرة المعدلة جينيا

بقلم: ليزي وايد Lizzie Wade، من عاصمة المكسيك
ترجمة: مي منصور بورسلي

شرح الصورة: تقول إيلينا ألفاريز- بويلا Elena Álvarez-Buylla: “أنا لست من مُرتابي التكنولوجيا.”

في أوائل شهر يونيو، تلقت عالمة بيولوجيا النماء التطوري إيلينا ألفاريز-بويلا Elena Álvarez-Buylla مكالمة هاتفية مُفاجئة من حَملة أندري مانويل لوبيز أوبرادور Andrés Manuel López Obrador، الذي كان في ذلك الوقت المرشح الأول في الانتخابات الرئاسية المكسيكية، وفي طيّها سؤال، وهو: إن فاز لوبيز أوبرادور، فهل ستقبل بتولي منصب المدير التالي للمجلس الوطني للعلوم والتكنولوجيا National Council of Science and Technology (اختصارًا: المجلس Conacyt)، بوزارة الدولة للعلوم والوكالة الرئيسية للمِنح؟ “أول ردة فعل لي كان الرفض بالقول: لا أستطيع،” كما تتذكر ألفاريز–بويلا قائلة، وهي أستاذة في الجامعة الوطنية المستقلة National Autonomous University of Mexico في المكسيك (اختصارًا: الجامعة UNAM) هنا. وتُضيف قائلة: “لدي شغف كبير للبحث العلمي،” فلم تستطع تخيّل مغادرة المختبر.

لكن بعد التفكير لبضع ساعات، تغلب شغفها للخدمة العامة. “لقد بدأت أشعر بأنني لا أستطيع أن أقول لا،” كما تقول ألفاريز-بويلا التي أسست وقادت اتحاد العلماء المكسيكيين المُتعهدين لحماية المجتمع Union of Scientists Committed to Society (اختصارًا: الاتحاد UCCS). وتُضيف قائلةً: “لا يهم مدى حجم التضحية الشخصية. … فهذه لحظة فريدة وتاريخية” بالنسبة إلى المكسيك.

    وفاز لوبيز أوبرادور، وهو شعبوي تقدمي، بالرئاسة بأغلبية ساحقة وسيؤدي اليمين في 1 ديسمبر. وتستعد ألفاريز – بويلا الآن لمغادرة مقعد المختبر وتولي دورها الجديد. وستكون المستشار العلمي الأساسي للرئيس وستحدد أولويات ميزانية المجلس Conacyt التي تبلغ 1.5 بليون دولار تقريبًا، التي تمول المِنح للعلماء العاملين في القطاعين العام والخاص وتدعم عشرات الآلاف من الطلاب المكسيكيين داخل البلد وخارجه.

    ويسعد الكثير من العلماء بأنّ أحدهم سيقود المجلس Conacyt – معظم أسلاف ألفاريز – بويلا كانوا مديرين مهنيين – وأنها ستكون أول امرأة تفعل ذلك. ولكن النقاد يقلقون من معارضتها للذُّرة المعدلة جينيا Genetically Modified (اختصارا: الذُّرة GM)، التي تخشى ألفاريز- بويلا أنها من المحتمل أن تفسد التنوع البيولوجي الزراعي المدهش في البلاد. كما أنهم يشعرون بالقلق من أنه نتيجة لالتزامها بالعلوم ذات التأثيرات الاجتماعية، فربما تتجاهل الأبحاث الأساسية. وقد جمعت عريضة -تطلب إلى لوبيز أوبرادور اختيار مدير آخر- أكثر من ألف توقيع.

ويقول رودريغو ألفاريز أغيليرا Rodrigo Álvarez Aguilera، أستاذ العلوم هنا وأحد منظمي العريضة: “لا توجد حدود واضحة” بين أبحاثها ونشاطها. ويقول عالم الكيمياء الحيوية لوي هيريرا استريلا Luis Herrera Estrella، مدير المختبر الوطني لعلم الوراثة للتنوع البيولوجي National Laboratory of Genomics for Biodiversity في إيرابواتو، أنّ ألفاريز-بويلا: “عالِمة جيدة جدا،” إلّا أن آراءها حول الكائنات المعدلة جينيا آراء “متطرّفة.”

ولدت ألفاريز- بويلا لعائلة من العلماء، ودرست البيولوجيا النباتية في الجامعة UNAM ثم حصلت على شهادة الدكتوراه من جامعة كاليفورنيا University of California (اختصارًا: الجامعة UC) في بيركلي. وعادت إلى جامعة UNAM في عام 1992، حيث تدير الآن عدة مجموعات بحثية. ويثني الزملاء على مساهماتها في فهم تطور جذور النباتات وكيف تؤثر الأنماط الوراثية النباتية في سماتها. “ليس هناك شك في أنّ البحث الذي تقوم به رائع،” كما تقول زميلة سابقة، تشيلسي سبيكت Chelsea Specht، وهي عالمة بيولوجيا تطورية من الجامعة UC في بيركلي، وتُضيف قائلة: “وتستند دعواها في بحث جيد للغاية.”

وقد بدأت هذه الدعوى بعد أن أفادت ورقة بحثية نُشِرت في مجلة نيتشر Nature في عام 2001 بوجود مواد جينية من فيروس القرنبيط المُركّب، وهي إضافة شائعة للنباتات المعدلة جينيا، في أصناف الذرة الأصلية التي أُخِذَت العينات منها في ولاية أواكساكا الجنوبية للمكسيك – التي من المحتمل أن تكون نتيجة للتلقيح المتداخل من المحاصيل المزروعة اصطناعيا ولا يزال مصدرها غير واضح. وصدمت هذه النتيجةُ الكثيرَ بسبب الدور المهم الذي تؤديه الذرة في التاريخ والثقافة المكسيكية. إذ بدأ تدجين الذرة هنا منذ نحو تسعة آلاف عام، وتفتخر المكسيك حاليًا بما لا يقل عن 59 نوعًا أصليًا، يطلق عليها السلالات المحلية، كل منها تكيّف بشكل رائع مع الظروف البيئية والمناخية الإقليمية. ويمتلك بعضها خصائص غير عادية. ففي أغسطس، على سبيل المثال، أفاد باحثون بأنّ سلالة محلية من أواكساكا يمكنها استخلاص النيتروجين من الغلاف الجوي بمساعدة الميكروبات، وهي سمة معروفة من الفول والبقوليات الأخرى ولكن لم يُعثَر عليها في الذرة من قبل، إذ يسمح هذا التكيف لها بالازدهار في التربة الفقيرة بالنيتروجين. وقد تكون تربيتها في أصناف الذرة الأخرى بمثابة نعمة للمزارعين، مما يساعد على تقليل استخدام الأسمدة. وقد يكون لدى السلالات المحلية الأخرى تكيّفات مفيدة أيضا.

وقادت ألفاريز – بويلا فريقًا أكّد نتائج دراسة عام 2001 واستمر بالبحث عن الحمض النووي المعدّل وأي تأثير محتمل في السلالات المكسيكية، وهو العمل الذي ساعدها في الفوز بجائزة المكسيك الوطنية للعلوم National Science Prize في عام 2017. وتقول إنها لا تعارض ضد الهندسة الوراثية في ذاتها؛ فينشئ فريقها النباتات المُعدلة جينيا في المختبر ويدرسها، ولا يجب أن تكون مثل هذه التجارب محظورة أو مُقيدة. وتقول: “أنا لست من الشكاكين في التكنولوجيا.” إلّا أنّ تجاربها الخاصة أظهرت أنّ الجينات التي أدخِلت يمكن أن تكون لها تأثيرات غير متوقعة. وتُضيف قائلة: “إذا طُعّم جزء واحد من جينوم [النبات] بالجينات المعدلة وراثيًا، فيمكن إخماده ولن يكون له أي تأثير. وكما تقول: “إذا طُعّم في جزء آخر، فقد يؤدي إلى تغيير هائل.” وتجادل في أنّ عدم القدرة على التنبؤ يجعل الأمر محفوفاً بالمخاطر بدرجة كبيرة لا يمكن معها السماح بنمو الذرة المعدلة جينيا في أي مكان بالقرب من السلالات المحلية في المكسيك. وحُظرت زراعة الذرة المعدلة جينيا في المكسيك منذ عام 2013، في انتظار نتيجة الدعوى القضائية. وكانت ألفاريز- بويلا مؤيدةً صريحةً للحظر الدائم.

ويُخالف هيريرا استريلا Herrera Estrella الذي يطوّر النباتات المعدلة وراثيا، وجهة نظر هذه المخاطر. فلأكثر من خمسين عامًا، تلاقحت السلالات المحلية مع أصناف الذرة التجارية المزروعة اصطناعياً، “لم يكن لها أي تأثير سلبي. … إنه ليس تلوثًا. إنها عملية بيولوجية طبيعية تماماً،” كما يقول. إذا كان الجين الدخيل يضر بنمو الذرة أو تطوّرها، فببساطة لن يستخدم المزارعون البذور من هذا النبات المفرد في العام المقبل، ولن يُورّث الضرر. “يحتاج المجلس Conacyt إلى مدير ذي نظرة شاملة على العلوم والتكنولوجيا والأثر الذي قد تحدثه في تنمية المكسيك. أعتقد أنّ لديها بعض الآراء المتحيزة للغاية.

كما أثار بعض العلماء أسئلة حول خطط ألفاريز – بويلا لفتح حوار بين المجتمع العلمي في المكسيك والمنتجين بالمعرفة الأصليين. وتقول ألفاريز بويلا: “لدى المكسيك فرصة لتساهم بشيء جديد حقًا في للعالم آتٍ من تهجين عميق” لهذين النموذجين من المعرفة. ويقول النُقاد إنّ الفلسفة تقلل القيم العلمية الغربية والإنجازات. كما أنهم يشعرون بالقلق من أن الأبحاث الأساسية ستعاني بسبب التزام ألفاريز – بويلا المعلن بالعلوم التي تساعد على حل المشكلات المجتمعية مثل وفيات الرُّضع وتناقص إمدادات المياه. ولكنها تقول إن هذا النقد “مغالطة،” وسيظل المجلس  Conacyt داعمًا للأبحاث الأساسية في جميع المجالات.

ولدى ألفاريز – بويلا القليل من الخبرة الإدارية، لكنها أثبتت قدرتها على بناء وإدارة مجموعات بحثية كبيرة، كما يقول زميلٌ لها منذ فترة طويلة دانييل بينيرو دالماو Daniel Piñero Dalmau، وهو اختصاصي بعلم الوراثة النباتية في الجامعة UNAM. وقد وَعَدَت بتحسين عملية تقييم منح المجلس Conacyt، والتي يعتبرها الكثيرون عملية محبطة وغير واضحة تمامًا. ويقول بينيرو دالماو Piñero Dalmau: “إنّ تغيير أي شيء في المكسيك أمر صعب للغاية،” ولكن ألفاريز – بويلا: “ملتزمة جدًّا تجاه هذا البلد.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى