قردة إنسان الغاب جيدة بشكل استثنائي في الحفاظ على رُضّعها أحياء
بقلم: مايكل مارشال Michael Marshall
ترجمة: مي منصور بورسلي
يتمتع إنسان الغاب (أورانغ أوتانغ) Orangutans بمعدلات منخفضة بشكل مذهل من وفيات الرُضّع. وهذه القردة أفضل من البشر عبر معظم تاريخهم في الحفاظ على ذريتها على قيد الحياة.
وتقول ماريا فان نوردفايك Maria van Noordwijk من جامعة زيوريخ University of Zurich في سويسرا: “نحن نرى هذا البقاء على قيد الحياة أعلى بشكل لا يصدق من أي حيوان من الثدييات [غير البشرية] نعرفها حتى الآن.”
إذ تُربي الرضعَ فقط أمهاتُها. ويرتبط المعدل المرتفع للبقاء على قيد الحياة بنمط حياة إنسان الغاب، الأكثر انعزالية من القردة الأخرى. ولكن العوامل التي تساعد على تفسير المعدل المرتفع – بما في ذلك انخفاض معدل المواليد – قد تجعل قردة إنسان الغاب أكثر عرضةً لانهيار تعدادها.
وقد جمعت فان نوردفايك وزملاؤها بيانات حول المواليد وبقاء الرضع من مجموعتين من قردة إنسان الغاب السومطرية وثلاث مجموعات من قردة إنسان الغاب البورنية. كما أنه يوجد أيضًا نوع ثالث، يدعى قردة إنسان الغاب التابانولية الذي وُصِفَ في عام 2017، إلّا أنّه لم يُدرس لفترة طويلة بما يكفي لتقدير معدلات البقاء على قيد الحياة.
وقد توصلوا إلى أنّ للرضع فرصة جيدة للبقاء على قيد الحياة. وفي الإجمالي، نجا 91 في المئة منها حتى مرحلة الفطم – عند إنسان الغاب في بعض الأحيان حتى يبلغ الطفل 8 سنوات من العمر.
والأكثر من ذلك، فقد اكتشف الباحثون أنّ 94 في المئة من الإناث المفطومات قد وصلن إلى مرحلة البلوغ وأنجبن. ولم يتمكن الفريق من تحديد معدلات البقاء للذكور بعد الفطام، وذلك بسبب تجولها؛ مما يصعب تعقبها. (Journal of Human Evolution، doi.org/cwfg)
وهذا أفضل معدل بقاء على قيد الحياة من أي من القردة عليا أخرى. كما أنه أفضل من بعض المجاميع البشرية. في حين أنّ للأطفال معدلَ بقاء على قيد الحياة أعلى في العديد من البلدان اليوم، لا يحرز العديد منهم مستوى نجاح قردة إنسان الغاب.
ومما لا شك فيه أنّ العامل الرئيسي في ارتفاع معدل البقاء على قيد الحياة هو قلة إنتاجية الغابات في جنوب شرق آسيا، بحيث لا تتوفّر الفاكهة على نحو منتظم، كما تقول فان نوردفايك. ولضمان الحصول على ما يكفي من الطعام دون التنقل لمسافات بعيدة جدًا، فضّلت قردة إنسان الغاب أن تكون انعزالية؛ مما يقلل من المنافسة والتعدي، ويحميها من الأمراض.
كما أنها تقضي وقتًا أطول على الأشجار أكثر من غيرها من القردة العليا، مما يحميها من الحيوانات المفترسة؛ وتقول فان نوردفايك: “الحماية ضد الافتراس والأمراض معًا تضمن لهذا النوع البقاءَ على قيد الحياة.”
ومع ذلك، فإنّ نمط حياتها البطيء يُعرضها للخطر. إذ يدمر البشر موطنها في الغابة عندما يقتل إنسان الغاب ويقطع الأشجار؛ وتقول فان نوردفايك: “يستغرق الأمر وقتًا طويلاً للغاية للتعافي من الانهيار،” وتُضيف قائلةً: “نخسر رضيعا واحدا في كل مرة.”
وسيكون الإجراء الحاسم هو حماية أكبر عدد محتمل من الموائل، وتقول فان نوردفايك: “إنّ وجود عدد كبير من المجاميع المترابط هو أفضل طريقة للتأكد من أنها ستتماسك لتنجو.”