ملف بالذاكرة: ماذا يحدث لذاكرتك أثناء نومك؟
بينما تهجع، يستمر الدماغ بطنين العمل لفرز الذكريات وتخزينها. كيف يحدد الدماغ ما سيختار من الذكريات؟ وكيف تستطيع التحايل على النظام؟
بقلم: كاثرين دي لانغ
ترجمة: مرام سيف العنزي
تقول حكاية قديمة إن وضع أوراق المراجعة تحت الوسادة في الليلة السابقة للاختبار ستساعدك على تذكر المعلومات. وهذا تبسيط للحقيقة، لكن الحكاية قد تحمل بعضًا من الواقع، إذ إنك بالفعل تتعلم أثناء في نومك.
لا تحتاج إلى النوم لتكوين الذكريات. “لكن النوم يؤدي دورًا حاسمًا في تقرير مصير الذكريات المكونة حديثاً،” كما يقول بوب ستيكغولد Bob Stickgold من كلية هارفرد للطب Harvard Medical School. فالنوم يحدد ما سيذهب إلى التخزين طويل الأمد، ويحدد كذلك في أي أجزاء الذاكرة ستُحفظ. كما يربط الذكريات الجديدة بشبكات من ذكريات سبق إنشاؤها. “يكتشف أنماطًا وقواعد، ويقوم بهذا في كل ليلة، طوال الليل،” يقول ستيكغولد.
أحد أعظم الأسئلة مجهولة الجواب هي ما يلي: كيف يعلم الدماغ النائم أياً من الذكريات سيقوّي وأياً منها سيتجاهل؟ “لا نعلم الخوارزميات التي يستخدمها الدماغ لأخذ هذه القرارات، ولا كيف يتم تطبيقها.” كما يقول ستيكغولد .
ما نعلمه هو أن النوم عملية مميزة. “خلال نوم الموجة البطيئة Slow-wave sleep، يحدث إطلاق إشارات من نوع معين، إنه نوع من مجموعة جميلة من التفاعلات بين مناطق الدماغ المختلفة، ويبدو مختلفاً عما نراه خلال فترات اليقظة،” كما توضح آنا سكابيرو Anna Schapiro، أيضًا من كلية هارفرد للطب. هناك تواصل بين المناطق التي تؤدي دورًا رئيسيًا فيما يتعلق بالذكريات، بما فيها الحصين Hippocampus، حيث تخزن الذكريات الأحدث، والقشرة، حيث ينتهي المطاف بالذكريات طويلة الأمد. فمن الممكن أن هذا الحديث يسمح للقشرة بسحب وحفظ معلومات مهمة من الذكريات الحديثة.
لسنا في حاجة إلى استرجاع كل شيء حدث لنا خلال اليوم، والنوم يفضل أنواع معينة من الذكريات. وتستضيف الذاكرةُ المعلومات التي قد تكون مفيدة في وقت لاحق، فتضعها في مخزن الذاكرة طويلة الأمد. وجدت سكابيرو، على سبيل المثال، أن مجرد إخبار الأشخاص أنهم سيُختبرون في مادة معينة يساعدهم على تذكرها أكثر بعد النوم.
تحصل الذكريات ذات الطابع العاطفي على معاملة تفضيلية – خصوصاً السلبية منها. وهذا أمر منطقي من منظور تطوري إذ إنه يساعدنا على تذكر أخطائنا ومن ثم زيادة فرصنا في النجاة.
ولكنه توجد أيضاً إشارات إلى أن النوم قد يساعد على تعديل الذكريات العاطفية. “إذا كانت لديك ذكرى حادة عاطفيا، فسيساعدك النوم على حفظها، لكنه سيقلل من حدتها العاطفية،” كما تقول سكابيرو.
قد يكون هذا الأمر مصيريًّا لصحتنا النفسية. “وقد يكون اضطراب قلق ما بعد الصدمة Post traumatic stress disorder نتيجةً مباشرةً لفشل العمليات التي تعتمد على النوم، والتي تقلل من حدة ردود الأفعال على الذكريات،” وفقا لستيكغولد.
يساعدنا هذا أيضًا على تفسير لماذا تكون قلة النوم أمراً ضاراً جدًا. كبداية، تكون الذكريات السلبية مهيمنة على الذكريات المحايدة والايجابية. وينتهي بنا المطاف أقل حكمة أيضاً، كما يقول ستيكغولد: “نتذكر الوقائع والأحداث، لكننا نعجز عن فهم ما تعنيه لنا ولمستقبلنا.”
ماذا عن بعض النصائح لمن لديه اختبارات قريبة؟ “إن الخلود إلى النوم بين الدراسة والاختبار أفضل من أن يظل المُمتحَن مستيقظاً طوال الليل للدراسة،” كما تقول سكابيرو. لذا ضع تلك الملاحظات تحت وسادتك وأغمض عينيك، فسيتكفل دماغك بالباقي.
© Copyright New Scientist Ltd.