أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
اللغويات

لم يستطع البشر نطق أصوات “f” و “v” قبل تطور الزراعة

بقلم: أليسون جورج
المترجم: تامر صلاح

يحتوي كلام الإنسان على أكثر من 2000 صوت مختلف، من الأصوات “m” و “a” واسعي الانتشار إلى الطقطقة النادرة clicks لبعض لغات الجنوب الإفريقي. ولكن، لماذا تكون بعض الأصوات أكثر شيوعًا من غيرها؟ يظهر تحقيق رائد لبحث استغرق خمس سنوات أن التغييرات المرتبطة بالنظام الغذائي في الإطباق البشري   Human bite أدت إلى أصوات جديدة مستخدمة الآن في نصف لغات العالم.

ومنذ أكثر من 30 عامًا، أشار العالم اللغوي تشارلز هوكيت Charles Hockett  إلى أن أصوات الكلام التي تُسمَّى أسنانيات شفوية Labiodentals، مثل “f” و “v”، كانت أكثر شيوعًا في لغات المجتمعات التي تناولت الأطعمة اللينة. واستطاع فريق من الباحثين بقيادة داميان بلاسي  Damián Blasi ، من جامعة زيورخ University of Zurich, Switzerland بسويسرا، تحديد الكيفية التي نشأ بها هذا الاتجاه وسببه.

لقد وجدوا أن القواطع العلوية والسفلية للبالغين من البشر القدامى كانت على هيئة متراصفة Aligned، فيصعب إنتاج أسنانيات شفوية، التي تتشكل بفعل لمس الشفة السفلى للأسنان العليا. وفي وقت لاحق تحولت فكوكنا إلى بنية تراكب العضة  Overbite؛ مما يجعل من الأسهل إنتاج مثل هذه الأصوات.

أظهر الفريق أن هذا التغيير في العضة يرتبط بتطور الزراعة في العصر الحجري الحديث Neolithic period. فصار مضغ الطعام أسهل في هذه المرحلة، الأمر الذي أدى إلى تغيرات في الفكين والأسنان البشرية: على سبيل المثال، لأنه يتطلب ضغطًا أقل لمضغ الأطعمة اللينة والمزروعة، وليس من الضروري أن يعمل عظم الفك كثيراً، لذا لا ينمو ليكون كبيراً جدًّا.

أكدت تحليلات قاعدة بيانات اللغة أيضًا وجود تغيير عالمي في صوت لغات العالم بعد العصر الحجري الحديث مع زيادة استخدام “f” و “v” بشكل كبير في آلاف السنين الأخيرة. ولا تزال هذه الأصوات غير موجودة في لغات العديد من صيادي – مجتمع الصيد وجمع الثمار «لاقطي الثمار» الثمار Hunter-gatherer حاليا.

وينقض هذا البحث وجهة النظر السائدة بأن جميع أصوات الكلام البشري كانت موجودة عندما تطور الإنسان العاقل هومو سابينس  Homo sapiens منذ نحو 300 ألف عام. وقال عضو الفريق ستيفن موران  Steven Moran، وهو لغوي من جامعة زيورخ University of Zurich، في مؤتمر صحافي حول هذه الدراسة: «إن مجموعة أصوات الكلام التي نستخدمها لم تبق بالضرورة مستقرة منذ ظهور جنسنا البشري، ولكن التنوع الهائل في أصوات الكلام الذي نجده حاليا هو نتاج تفاعل معقد للعوامل التي تنطوي على التغيير البيولوجي والتطور الثقافي.»

وهذا النهج الجديد لدراسة تطور اللغة يغير كل هو معمول به. إذ يقول شون روبرتس Sean Roberts، من جامعة بريستول  University of Bristol بالمملكة المتحدة: «لأول مرة، يمكننا أن ننظر إلى أنماط في البيانات العالمية ونكتشف علاقات جديدة بين الطريقة التي نتحدث بها والطريقة التي نعيش بها. إنه وقت مثير للغويين.»

© New Scientist

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى