أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
أركيولوجيابشر

تمتع بالراحة مع النياندرتال، أول من جعل المنزل بيتاً

بقلم: لورا سبيني
المترجم: ألطاف الزواوي

تعرف على سكان العصر الحجري Stone Age الذين لم يحبوا شيئا أكثر من قضاء الوقت في المنزل حول النار، والاشتغال بالصناعات اليدوية، واستضافة أصدقائهم على العشاء.

 ضَعْ مات بوب Matt Pope في واد لا يبدو أن البشر سكنوه إطلاقا، وسيتمكن من إخبارك عن الموقع الذي بنى فيه النياندرتال منازلهم. ويقول: ” سيكون عند ثلث الطريق إلى أعلى المنحدر ويطل على منظر رائع وخلفه أجزاء صلبة من الصخور.” أي شخص يذهب إلى التخييم يتفهم هذه الخيارات: هذا هو المكان الذي ستريد أن تنصب خيمتك فيه عند وصولك إلى مكان غير مألوف عند الغروب. وهو أيضا المكان الذي يحلم الطموحون بشرائه للعيش فيه. وبمعنى آخر، هو الموقع الذي يجذبنا لوصفه بـ “البيت”.

منذ أمد بعيد كنا نفترض أن مفهوم “البيت” قديم قدم البشرية. لكن بوب، وهو عالم آثار من كلية يونيفيرسيتي كوليدج لندن University College London، يتحدى ذلك. إذ يقول:” نحن نعتقد بديهياً أن البشر الأوائل كانت لديهم بيوت وعناوين، لكن الأمر لم يكن دائما كذلك في حالتنا – إنه شيء طّورناه.” جادل بوب في أن اختراع “البيت” مثَّل مرحلة مهمة في المسيرة الطويلة نحو التقدم الحضاري. إضافة إلى كونه تقدماً عَملِيّاً، كان أيضا نقلة  نوعية شكلت طريقة تفكير أسلافنا وتفاعل بعضهم مع بعض.

إضافة إلى ذلك، هناك أدلة متنامية تدل على أن البيت لم يكن مقتصرا على الهومو سابينس Homo sapiens فقط. في الواقع، ربما كان النياندرتال أول من أحب البقاء في البيت. تتضح لنا صورة عن حياتهم العائلية لم يكن من المستطاع تصورها قبل بضع سنوات؛ فهم أبعد ما يكونون عن أن يكونوا قساة، ربما استمتعوا أكثر من أي شيء آخر بقضاء الوقت في المنزل حول دفء النار، والاشتغال بالصناعات اليدوية، واستضافة أصدقائهم على العشاء.

عبر معظم فترة ما قبل التاريخ لا توجد أدلة كافية تدل على الوجود البشري في الكهوف أو الملاجئ الصخرية. ولعل البشر الأوائل شغلوا مساكن أقل ديمومة، لكن الطبيعة المؤقتة للمواد العضوية تعني أنه ليس هناك أي إشارة على أماكن وجودهم في السجلات الأثرية. إذًا، بدءاً من نحو 400 ألف سنة مضت، تغير أمر ما. قال عالم الآثار كلايف غامبل Clive Gamble، من جامعة ساوثهامبتون University of Southampton في المملكة المتحدة: “إنه “أمر” اجتاحَ عالم الهومينين Hominin، وانتشر انتشارا هائلا، فأعاد التنظيم والتغيير حيثما ذهب.” وإذا أخذنا في الاعتبار ظهور المساكن الأكثر ديمومة فإن بوب يرى أن هذا “الأمر” هو البيت. ومن الصعب تحديد أي نوع  Species من الهومينين هو الذي خطرت له الفكرة، وكمعظم المفاهيم المجردة، أخذ اختراع “البيت” وقتاً  للتشكّل. لكن ما من شك في أن عملية التحول بدأت في أوروبا قبل زمن طويل يزيد على 45 ألف سنة، عندما وصل الإنسان الحديث Modern human من إفريقيا. النياندرتال وحدهم  كان يمكن أن يكونوا مسؤولين عن ذلك.

أخطار ما قبل التاريخ

لقد ولَّدت الضرورة هذه الفكرة بالذات؛ لأن أوروبا التي استوطنها النياندرتال قبل 500 ألف سنة كانت أبرد بكثير وأكثر جفافاً مما هي عليه اليوم، وبعد مرور 180 ألف سنة على ذلك صارت أكثر برودة بدرجات حرارة تنخفض أحيانا إلى20-  درجة سيليزية –  ولا ترتفع إلى أكثر من 12-  درجة سيليزية حتى في الصيف. لكن لابد أنه وجد هناك ما هو أكثر من  مجرد ضرورة، مما ساهم في نشوء فكرة اتخاذ البيوت. ففي نهاية الأمر، بدأ الهومينين بإنتاج الأدوات، قبل أكثر من ثلاثة ملايين سنة. ولأجيال عدة كانوا يصطادون الحيوانات ويتشاركون لحومها في مجموعات عائلية، لكن لم يعيشوا بالقرب من مواقع ذبح الحيوانات؛ لأن الفوضى والرائحة كانتا ستجذبان الحيوانات القمّامة Scavengers مما يجعل البقاء فيها أمرا خطرا. إن بإمكان أي كهف أو ملجأ صخري احتواء انبعاث الروائح، والسماح للمقيمين فيه بالتحكم في المداخل والمخارج والبقاء بأمان. إذًا لماذا لم يستغلوا تلك الميزة؟

New Scientist©

يمكنكم قراءة المقالة كاملة على مجلة العلوم عدد مايو- يونيو 2019

shop.aspdkw.com

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Back to top button