«نهاية الأسطورة: من التخوم إلى الجدار الفاصل في ذهن أمريكا».
“The End of the Myth: From the Frontier to the Border Wall in the Mind of America”
المؤلف: غريغ غراندين
369 صفحة
منشورات: Metropolitan Books/Henry Holt & Company
30 دولاراً أمريكيّاً
المراجعة بقلم: إدوارد دولنك Edward Dolnick
ترجمة: آية علي
في خطاب ألقاه عام 1932، ذكّر فرانكلين ديلانو روزفلت Franklin Delano Roosevelt جمهورَ مدينة سان فرانسيسكو بما كان يميز الولايات المتحدة دائمًا عن الدول الأخرى منذ أيامها الأولى. «في أسوأ الأحوال» أعلن روزفلت، «كانت هنالك دائماً إمكانية الصعود إلى عربةٍ مغطّاة والانتقال غرباً، حيث وفّرت المروج البرية ملاذاً للرجال الذين لم يمنحهم الشرق مكاناً».
حسناً، نعم ولا. إن مهمة كتاب التاريخ الرائع هذا والمكتوب ببلاغة هي استكشاف الدور المُتغيّر للتخوم Frontier في القصة الأمريكية. ويوضح غريغ غراندين أنّ مَنْ كان موضع ترحيب في هذا «الملاذ» الذي يواجه الغرب، لم يكن قطُّ أمرًا بهذه البساطة التي أحب الأمريكيّون التشدّق بها. ولكنْ لكتاب «نهاية الأسطورة» موضوعٌ ذو ظلال معتمة. فغراندين يريد معرفة الكيفية التي صار بها الرمزُ الأمريكي، الذي كان في يومٍ من الأيّام يتمثل في تخوم مُغرية غير متناهية، صار جدارَ حظرٍ قاتماً؟
وأوّل من عبّر عن نظرية التخوم هو مؤرخ من جامعة ويسكونسن University of Wisconsin يدعى فريدريك جاكسون تيرنرFrederick Jackson Turner، ولم يكن ذا شأن في ذلك الوقت. ففي عام 1893، ألقى بحثاً عن «أهمية التخوم في التاريخ الأمريكي» The Significance of the Frontier in American History على جمهورٍ ناعس. ولم يسأل أحدٌ أي سؤال.
استيقظ العالم بسرعة، كانت فكرة تيرنر هي أن الولايات المتحدة مباركة بحظٍ جغرافيٍّ. وقد يحلّ الغرب الذي يبدو أنّه لا نهائي المشكلات التي تنشأ كلما تكدّس عدد كبير من الأفراد في مساحة صغيرة جدا بالنسبة إلى عددهم. وفي ملخّص غراندين، فإنّ التخوم «من شأنها أن تقلّل العنصرية فتصبح مجرد بقايا باهتة، وترميها وراءها كمخلفات. وهي ستعمل أيضا على تخفيف مشكلات اجتماعية أخرى، كالفقر وعدم المساواة والتطرف، بحيث تُعلِّم الأفراد من أصول مختلفة كيفيّة العيش معًا في سلام».
كانت صورةً جميلة ومتفائلة على نحو أصيل. وأعلن تيرنر أن التخوم كانت «ينبوعاً سحريّاً للشباب، تستحم فيه أمريكا باستمرار، وتجدّد شبابها». ويجعل غراندين هذه الصورة أكثر عمقا وثراء. وعلى الرغم من أن تيرنر صوّر الحدود على أنّها «مكان نمت فيه الفردية من الأرض كالحشائش البرية»، فإنّ ملخص غراندين يسرد القصة بالمعكوس. يقول غراندين إنّ الحقيقة هي أنّ «الدولة سبقت الحدود». فقبل وصول المستوطنين، كانت الدولة قد اشترت الأرض ومسحتها وبنت الطرق عبرها. وقبل كل شيء، أزاح جيش الولايات المتحدة الأمريكيين الأصليين والمكسيكيين من طريق المستوطنين بطريقةٍ وحشيّة ومُميتة.
لكنّ هذا عملٌ دقيق ومحكم، وليس جدلية بشأن «تاريخ الأفراد». يتمتع غراندين بقدرته رفيعة المستوى على الشرح، وبموهبة في الاختصار ببلاغة ودون إخلال. كانت تخوم تيرنر مكاناً مقيَّداً، «أقرب إلى جيمس ستيوارت James Stewart منها إلى جون واين John Wayne». وكانت أمريكا «دولة تأسست على حريةٍ لا نظيرَ لها، واضطهادٍ لا مثيلَ له». وكانت خرافة التخوم مُغريةً لأنها أخذت المشكلات «الموجودة في هذا المكان وهذا الوقت»، وجعلتها مشكلات «ذلك المكان وذلك الوقت».
ويحافظ غراندين على هدوئه، لكنه يزداد غضبًا مع وصول تاريخه إلى الوقت الحاضر. فقد «كانت التخوم، في نهاية المطاف، سراباً»، كما يكتب؛ لأنّها وعدت «بعالمٍ غير محدود»، حيث «يمكن للجميع الاستفادة منه؛ يمكن للجميع النهوض ومشاركة ثروات الأرض». أمّا الجدار من الناحية الأخرى؛ فهو «نصب تذكاري لزوال الوهم ولخيبة الأمل»، وصيحة تصمّ الآذان بأنه «ليس هناك ما يكفي الجميع».
يقف الجدار كمُمثّل لشعارنا الجديد، كما يكتب غراندين، «إنّه رمز لدولةٍ كانت تعتقد أنّها هربت من التاريخ، أو على الأقل تجاوزت التاريخ، لكنّها الآن تجد نفسها مُحاصرة بالتاريخ». لقد أصبحنا، كما يدّعي غراندين، «دولة تُعرّف نفسها على نحوٍ متزايد بما تكره».