أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
علم الآثار

حمض نووي من قبر إحدى المومياوات يكشف عن الأصول المصرية القديمة للبطيخ

بقلم: مايكل لو بيج

ترجمة: تامر صلاح

هل تنافس الأطفال المصريون القدماء لمعرفة من الذي يبصق البذور إلى أبعد مدى أثناء تناولهم البطيخ؟ يبدو ذلك، فبفضل دراسة تقصَّت الحمض النووي DNA صرنا نعرف على وجه اليقين أن المصريين القدماء أكلوا بطيخاً مُهجَّناً أحمر اللب حلو المذاق.
البطيخ البري Wild watermelons الموجود في أجزاء من إفريقيا ليس مثل الأنواع المحلية Domesticated varieties. فهو صغير الحجم ومستدير وذو لبّ أبيض مع مذاق مر جدًّا بسبب مركبات تسمى القرعياتCucurbitacins . وكان هناك جدل طويل حول زمن تهجينه ومكانه، إذ أشار البعض إلى أن ذلك حدث في جنوب إفريقيا أو غربها ومع ذلك، فالصور الموجودة على جدران ثلاث مقابر مصرية قديمة على الأقل تصور ما يشبه البطيخ بشكل مدهش – بما في ذلك تلك التي تشبه الأصناف الحديثة. وفي القرن التاسع عشر عُثر على أوراق البطيخ موضوعة على مومياء في مقبرة يعود تاريخها إلى نحو 3500 سنة.
وعندما سمعت سوزان رينر Susanne Renner، عالمة النبات من جامعة ميونيخ University of Munich بألمانيا، عن هذه الأوراق، أدركت أن حمضها النووي قد يكشف عمّا كان عليه البطيخ القديم. واكتشفت أيضاً أن بعض الأوراق أرسلت إلى جوزيف هوكر Joseph Hooker، وهو عالم نبات شهير تقلد منصب رئيس الحدائق كيو Kew Gardens في لندن، وهي تقول: «كان شغفي بالأدبيات القديمة هو السبب في ذلك».

أعطى مارك نيسبيت Mark Nesbitt، من الحدائق كيو، فريق رينر عينة صغيرة من ورقة بطيخ واحدة. وتقول رينر إنه واجه صعوبة في فتح علبة العرض التي تحتوي على أوراق البطيخ، إذ لم تُفتح منذ عام 1876 عندما وُضعت الأوراق فيها لأول مرة .
وقد سلسل الحمض النووي القديم زميل رينر، وهو غيوم تشومسكي Guillaume Chomicki، من جامعة أكسفورد University of Oxford. تمكن الفريق من الحصول على سلسلة جزئية فقط من الجينوم ، لكنه تضمن جينين أساسيين يكشفان عن شكل هذا البطيخ. «كنا محظوظين جدّاً»، كما تقول رينر.
وأحد هذه الجينات يتحكم في إنتاج القرعيات المُرَّة، إذ كانت هناك طفرة في البطيخ قبل نحو 3500 عام عَطَّلت هذا الجين؛ مما يعني أنه كان بلبّ حلو تمامًا مثل الأصناف الحديثة.
أمّا الشيفرات الجينية الأخرى؛ فهي لإنزيم يحول الصبغة الحمراء وتسمى اللايكوبين Lycopene – الصبغة نفسها التي تمنح الطماطم لونها الأحمر – إلى مادة أخرى. وقد عُطّل هذا الجين أيضًا من خلال طفرة؛ ما يعني تراكم اللايكوبين وأنّ لبّ الثمرة سيكون أحمر اللون.

ما لا يمكن للفريق تحديده من السلسلة الجزئية هو حجم البطيخ وما إذا كان شكله مستطيلاً أو دائريّاً. لكن إحدى الصور المصرية القديمة تُظهر ما يبدو أنه بطيخ مستطيل، لذلك يبدو أن المزارعين أنتجوا البطيخ مع معظم، إن لم يكن كل، السمات الرئيسية قبل نحو 3500 عام على الأقل.
ويكشف الحمض النووي أيضًا أنّ البطيخ القديم كان يرتبط ارتباطًا وثيقًا ببطيخ حلو ذي لبّ أبيض لا يزال ينمو في منطقة دارفور بالسودان. ويشير هذا إلى أنّ المزارعين زرعوا البطيخ بداية في تلك المنطقة ، ثم انتشر استخدام النبات شمالًا على طول نهر النيل، مع اكتساب مزيد من التحسينات كاللبّ الأحمر خلال ذلك.

bioRxiv

New Scientist

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى