فيروس كورونا: هل هناك سلالتان من الفيروس، وهل إحداهما أشد فتكًا؟
بقلم: جيسيكا هامزيلو
ترجمة: د. عبد الرحمن سوالمة
تنتشر سلالتانStrains لفيروس كورونا حول العالم، وذلك بحسب تحليل أجري على 103 حالات. ولكن منظمة الصحة العالمية تصر على أنه “لا دليل على أن الفيروس آخذ بالتغير”. إذَا، كم يبلغ عدد السلالات المنتشرة، ولماذا يعتبر هذا أمرًا مهمًا؟
دائمًا ما تتعرض الفيروسات لطفرات، وخصوصًا فيروسات الحمض النووي الريبوزي RNA viruses كهذا الفيروس، فيروس سارس- كوف-2 (SARS-CoV-2). عندما يصاب شخص بفيروس كورونا، يتضاعف الفيروس داخل جهازه التنفسي. وكل مرة يتضاعف فيها الفيروس، تحدث بضع طفرات جينية Mutations، وذلك وفقا لما يقوله يان جونز Ian Jones من جامعة ريدنغ University of Reading في المملكة المتحدة.
عندما درس شيهولو تانغ Xiaolu Tang وزملاؤه من جامعة بكين الجينوم الفيروسي المأخوذ من 103 حالات، وجدوا طفرات مشتركة في موضعين في الجينوم. حدد الفريق وجود نمطين Types من الفيروس بناء على الفروقات في الجينوم في هاتين المنطقتين. وبناء عليه، فقظ اعتبر الباحثون أن 72 من عينة الدراسة كانوا مصابين بالنمط L-type، و29 شخصًا صنفوا تحت النمط S-type.
ويشير تحليل آخر أجراه الفريق إلى أن النمط L كان مشتقًا من النمط S الذي يعتبر الأقدم من بين النمطين. وبحسب الفريق، فمن المرجح أن السلالة الأولى نشأت في الوقت الذي قفز فيه الفيروس من الحيوانات إلى البشر. أما الثانية؛ فنشأت بعدها بقليل. وكلتا السلالتين متورطة في الجائحة العالمية الحالية. ويقول الفريق إن حقيقة أن النمط L-type كان أكثر انتشارًا تعني أنه النمط “الأكثر شراسة” مقارنة بالنمط S.
تقول رافيندر كاندا Ravinder Kanda من جامعة أكسفورد بروكس Oxford Brookes University في المملكة المتحدة: “يبدو بالفعل أن هناك سلالتين مختلفتين. قد يكون [النوع L] أكثر شراسة في نقل نفسه، ولكننا لا نعرف الرابط بين التغيرات الجينية وشدة المرض”. يقول إيريك فولز Erik Volz من إمبيريال كوليدج لندن Imperial College London: “أظن أنها حقيقة: أن هناك سلالتين، من الطبيعي للفيروس أن يتطور عندما ينتقل إلى مضيف جديد”.
من المهم جدًا معرفة عدد السلالات الموجودة للفيروس؛ فحول العالم، هناك عدة مجموعات تعمل على إنتاج لقاح للفيروس، وأي لقاح سينتج يجب أن يستهدف خصائص فيروسية موجودة في كلتا السلالتين كي يكون فاعلًا.
الفرق بين السلالتين هاتين صغير. وفي الواقع، لا يمكن اعتبارهما “سلالتين” منفصلتين حقًا، وفقا لجونز. كما يقول إن العديد من الفروق الجينية لن تؤثر في تصنيع البروتينات، ومن ثم لن تغير الطريقة التي يعمل بها الفيروس، ولا الأعراض التي يسببها. ولا يمكن اعتبار أحدها أقدر على الإماتة من الآخر.
يقول جونز: “من الناحية العملية، فإن الفيروس لا يزال كما هو منذ البدء. ولا دليل على أنه صار أسوأ”. وقد تبنت منظمة الصحة العالمية وجهة النظر هذه. كل ما تشير إليه دراسة تانغ وزملائه يقتصر على أن هناك بعض التباينات الجينية للفيروس، وهذا لا يعني أنه يتغير، وذلك بحسب ما أُبلِغت مجلة نيوساينتست New Scientist.
ولكننا لا نستطيع الجزم بذلك؛ فالدراسة تمثل 103 حالات فقط. وهناك قاعدة بيانات أكبر موجودة على الإنترنت، والتي جمعت نتائج سَلْسَلة الفيروس من 166 حالة. وكلتاهما لا تمثل سوى قطرة في بحر الحالات التي تبلغ 100 ألف حالة مبلغ عنها رسميًا [وقت كتابة الخبر في 5 مارس 2020].
يقول جونز إنه يمكننا أن نتوقع نشوء مزيد من السلالات. ويتفق علماء الأوبئة Epidemiologists في العادة أنه بمجرد أن يصاب الشخص بعدوى فيروس كورونا، فإنه من غير المحتمل أن يصاب به ثانية، إلا إذا تعرض الفيروس لطفرة تسمح له بأن يتخطى دفاعات جهاز المناعة.
ويقول جونز إن هذا “الضغط الانتخابي” Selection pressure يمكنه أن يقود إلى تفشي سلالة جديدة. وهذا هو ما يحدث في الإنفلونزا الموسمية؛ إذ تظهر سلالات جديدة كل سنة بحيث يمكنها أن تصيب الأشخاص بغض النظر إذا كانوا أصيبوا بالإنفلونزا من قبل أم لا.
ويقول جونز ربما سنرى النمط نفسه في فيروس كورونا المستجد في السنوات القادمة. ويقول أيضا: “أظن أن الأمر لن ينتهي في وقت قريب”.
مرجع الدورية العلمية: National Science Review, DOI: 10.1093/nsr/nwaa036
© 2020, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.