هل يمكن أن يصاب الشخص بفيروس كورونا مرتين؟ لا نعلم ذلك بعد

بقلم:      غريام لوتون

ترجمة:   د. عبد الرحمن سوالمة

ليس لدينا من الأدلة ما يكفي لنعلم ما إذا كان الشفاء من كوفيد-19 يحفّز المناعة، كما لا نعلم ما إذا كانت أي مناعة من أي نوع قد تعطي حماية طويلة الأمد ضد فيروس كورونا.

لنفرض أنك أصبت بكوفيد-19 وتعافيت، فهل صارت لديك مناعة ضد الفيروس طوال حياتك، أم أنه بإمكانك الإصابة به مرة أخرى؟ ببساطة، لا نعلم ذلك بعد.

في فبراير ظهرت تقارير عن امرأة في اليابان تفيد بأنها أعلِمَت أنها شفيت بعد أن كانت أصيبت بكوفيد-19، ولكنها فُحِصت ثانية بعدها، لتجد أن نتيجة فحص فيروس سارس-كوف-2 SARS-CoV-2 جاءت إيجابية مجددا. كما وردت تقارير تفيد بأن شخصًا آخر في اليابان شُخِّص بنتيجة إيجابية للإصابة بالفيروس بعد أن أُخبِر أنه شفي منه تمامًا، وهناك تقارير لحالات فردية أخرى ظهرت في الصين تفيد بإصابتها مرة أخرى بالفيروس.

وقد زاد هذا من مخاوف أن الأشخاص ربما لا يطورون مناعة ضد الفيروس. وهذا قد يعني أننا قد نمر بفترات متكررة من العدوى، حتى نصل إلى لقاح فعال.

ولكن العلم لا يزال غير متأكد. يقول إيرا لونجيني Ira Longini من جامعة فلوريدا University of Florida: “هناك بعض الأدلة من حالات فردية على حدوث العدوى مرة ثانية، ولكننا في الحقيقة لا نعلم”. كما يقول جيفري شامان Jeffrey Shaman  من جامعة كولومبيا University of Columbia في نيويورك إن الفحوص المستخدمة ربما كانت غير موثوق بها، وهي مشكلة موجودة معروفة في فحوص الفيروسات التنفسية الأخرى.

غير أن الإشارات الأولية من التجارب الصغيرة على الحيوانات مُبشرة. في تجربة أجراها فريق من الأكاديمية الصينية للعلوم الطبية Chinese Academy of Medical Sciences في بكين، عرّض الفريق أربعة نسانيس من نوع المكاك الريسوسي Rhesus macaque للفيروس. وبعدها بأسبوع، مرضت النسانيس الأربعة جميعها وأبدت أعراضًا مشابهة لكوفيد-19، وكانت مستويات الفيروس فيها عالية. وبعدها بأسبوعين شفيت نسانيس المكاك وأكد العلماء أن لديها أجسامًا مضادة للفيروس في مجرى دمها.

 “قد تصاب بفيروسات كورونا أخرى مرة تلو مرة. لا نعلم ما إذا كان ذلك صحيحًا في هذا الفيروس”

بعد ذلك، حاول الباحثون إعادة إصابة اثنين منها ولكنهم فشلوا، وهو ما يقترح أن الحيوانات كانت منيعة ضد الفيروس (bioRxiv, doi.org/ggn8r8). ويقول ألفريدو غارزينو-ديمو Alfredo Garzino-Demo من كلية طب جامعة ماريلاند University Maryland: “هذه النتيجة مشجعة جدًا؛ فهي تقترح أنه يمكن تحفيز مناعة تحمي ضد الفيروس”.

ولكن هذا لا يعني بالضرورة مناعة طويلة الأمد. فهناك فيروسات كورونا أخرى تسري بين البشر وعلى الرغم من أن الجسم يُطوِّر  مناعة ضدها، إلا أنها مناعة لا تدوم. يقول بيتر أوبنشو Peter Openshaw من إمبيريال كوليدج لندن Imperial College London: “هناك بعض الفيروسات الأخرى من عائلة فيروسات كورونا ، من مثل الفيروسات التي تسبب الزكام، تميل إلى أن تحدث مناعة ضدها، بحيث تكون قصيرة الأمد، لنحو ثلاثة أشهر”.

يقول أوبنشو: “لأن [الفيروس] جديد جدًا، لا نعلم بعد كم تستمر أي حماية تنشأ بفعل الإصابة بالعدوى. نحن بحاجة ملحة إلى المزيد من الأبحاث التي تبحث في الاستجابات المناعية للأشخاص الذين تعافوا من العدوى من أجل أن نكون على يقين”.

ويوافق على وجهة النظر هذه اختصاصيون آخرون في المناعة؛ إذ تقول إيريكا  بيكرتون Erika Bickerton من معهد بيبرايت Pirbright Institute في المملكة المتحدة: “المناعة ضد فيروس سارس-كوف-2 ليست مفهومة جيدًا بعد، ولا نعلم بعدُ مقدار الحماية التي ستوفرها الاستجابة بالأجسام المضادة على المدى البعيد”.

ويقول لونجيني: “في عداوى فيروسات كورونا العادية، لا تحصل على مناعة طويلة الأمد. بل يمكنك أن تصاب بالعدوى مرارًا، وحقيقة، فنحن لا نعلم إذا كانت هذه هي الحال بالنسبة إلى فيروس كورونا المستجد هذا”.

ولكن هناك آخرين من المختصين بالأمراض المعدية أكثر تفاؤلًا. وهنا يقول مارتن هيبرد Martin Hibberd من مدرسة لندن لحفظ الصحة وطب المناطق المدارية London School of Hygiene & Tropical Medicine: “الدلائل تشير بشكل يتزايد إقناعًا إلى أن العدوى بفيروس سارس-كوف-2 تقود إلى استجابة الأجسام المضادة استجابة تتسم بتوفير الحماية. والأرجح أن هذه الحماية تستمر مدى الحياة. ومع أننا نحتاج إلى مزيد من الأدلة من أجل التيقن من ذلك، إلا أن الأشخاص الذين تعافوا من المرض من غير المرجح أن يصابوا بفيروس سارس-كوف-2 مرة أخرى”.

© 2020, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC