أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فضاء

مهمة ناسا تستعد لأخذ عينات من كويكب غني بالكربون

تشير عروق الكربونات السميكة للكويكب "بينو" إلى أن الحياة الماضية عليه كانت عالما مائيا

بقلم:     بول فووسن

ترجمة: مي بورسلي

المركبة الفضائية أوزيريس-ريكس OSIRIS-Rex جاهزة للتنقيب. بعد عدة سنوات من الدراسة المطولة لهدفها الغامض، فإن المركبة الفضائية التابعة لوكالة ناسا NASA، والتي تبلغ تكلفتها 800 مليون دولار، ستمد ذراعها الروبوتية أخيرًا في هذا الأسبوع وتنقض على سطح كويكبAsteroid  قريب من الأرض يُسمى بينو Bennu، وتجرف بعض الغبار والحصى. وقد نجحت هذه المركبة في الهبوط على سطح الكويكب بينو. وإذا نجحت في مهمتها، فقد تأخذ المركبة أوزيريس- ريكس ما يصل إلى كيلوغرام من المواد الغنية بالكربون من فجر النظام الشمسي وتعيدها إلى الأرض في عام 2023.

    ومنذ وصول المركبة أوزيريس-ريكس (وهي اختصار للأصول Origins، التفسير الطيفي Spectral Interpretation، تحديد الموارد Resource Identification، الأمان Security، مستكشف الحطام الصحري Regolith Explorer) في عام 2018، أظهر الكويكب بينو مفاجآت لم تلقَ جميعها ترحيبا. ولم يكن الكويكب الذي يبلغ عرضه 500 متر مُمَهّدا، كما هو متوقع، ولكنه مُرصَّع بأكثر من 200 صخرة كبيرة يمكن أن توثر في مناورة أخذ العينات. وفي كثير من الأحيان يقذف الكويكبُ حصى بحجم العملة المعدنية، ربما مدفوعة بتأثيرات النيازك أو التسخين الشمسي. وقد أجبر خطر الصخور، على وجه الخصوص، الفريقَ على استهداف منطقة يبلغ عرضها 16 مترًا فقط لأخذ العينات، أي عشر مرات أصغر مما كان مخططًا له. ويقول مايك مورو Mike Moreau، نائب مدير مشروع البعثة من مركز غودارد لرحلات الفضاء Goddard Space Flight Center التابع لناسا: ” لم يُسهِّل بينو الأمر علينا”.

   على الرغم من التحديات اللوجستية، فإن الصخرة تحتوي على جائزة: عروق من معادن الكربونات أكثر سمكًا من يديك، حسبما أفاد الفريق في واحدة من ست دراسات نُشرت في 9 أكتوبر 2020 في مجلتي ساينس Science  وساينس أدفانسس Science Advances. وانبثقت المعادن التي تترسب من الماء الساخن، من البيانات التي جمعت أثناء التحليق القريب من الصخور ذات الألوان الفاتحة بالقرب من الموقع المستهدف، والتي تسمى الصخور نايتنغيل (العندليب) Nightingale. ويعتقد الباحثون أن العروق نمت في قنوات من السوائل التي تدور داخل جرم بينو الرئيس، وهو قرص كوكبي صغير يعتقد أنه قد تكوّن خارج مدار كوكب المشتري Jupiter بعد فترة وجيزة من فجر المجموعة الشمسية قبل 4.56 بليون سنة، قبل أن يتحطم في حزام الكويكبات خلال البليون سنة الماضية. وتقول هانا كابلان Hannah Kaplan، الاختصاصية بعلم الكواكب في غودارد، والتي قادت فريق البحث: من المفترض أن الحرارة الناتجة من اضمحلال العناصر المشعة في باطنها هي التي دفعت الحركة، ووجود الكثير من الكربونات “يشير إلى تدفق السوائل على نطاق واسع، ربما على الجرم الأصلي بأكمله”.

    وهذا العالَم المائي القديم يتوافق مع فكرة أن أجرامًا مثل بينو أوصلت الكثير من المياه إلى الأرض عندما كانت تضرت الكوكب قبل بلايين السنين، كما يقول دانتي لوريتا Dante Lauretta، الباحث الرئيس في البعثة والاختصاصي بعلم الكواكب من جامعة أريزونا University of Arizona. وتشير العروق أيضًا إلى أن الأجرام المائية مثل بينو كانت مِرْجَلًا للكيمياء العضوية التي أنتجت الأحماض الأمينية وغيرها من المُركَّبات الحيوية غير العادية الموجودة في النيازك الغنية بالكربون (Science, 14 August, p. 760).

   والمركبة أوزيريس-ريكس لن تأخذ عينات من عروق الكربونات مباشرة: بل صممت الحجرة الموجودة في نهاية ذراعها الآلية لامتصاص حبيبات أصغر من حجم عملة البنس الأمريكية. ولكن هذا لا بأس به، لأن الحصى الصغيرة المتناثرة عبر الصخور نايتنغيل تحتوي أيضًا على علامات على وجود كربونات وجزيئات عضوية أخرى، حسبما أفاد الفريق. وتقول لوريتا: “وهذا يُلمِّح إلى أن حلمي سيتحقق…أريد أن أعيد عينات إلى الأرض لم نرها من قبل”.

    وقد اختار الفريقُ الصخورَ “نايتنغيل” بسبب وفرة الحصى ولأن الموقع يبدو حديثا، ربما لأن اصطدامًا كشفه في العصر الجيولوجي الأخير، ولم يتأثر بقصف الأشعة الكونية إلى حد كبير. وتتضمن المهمة مركبة فضائية بحجم الشاحنة هبطت بأمان في الموقع المحاط بصخور بحجم المباني، وتنتشر فيه صخور صغيرة بجميع الأنحاء، وذلك في منطقة تسمى ماونت دوم (جبل الموت) Mount Doom. وتشير الملاحظات الرصدية إلى أن العديد من هذه الصخور مسامية ورقيقة تقريبًا وقد تنهار إذا لمست. ولكن الفريق لا يريد أن يجازف: باستخدام كاميرات المركبة للتنقل ستتوقف المركبة الفضائية تلقائيًا على ارتفاع خمسة أمتار إذا بدا الموقع خطيرًا.

    ويجب أن تكون محاولة أخذ العينات بأكملها، والتي تستغرق 4.5 ساعات، مستقلة؛ يقع الكويكب بينو حاليًا على بُعْدِ خمسة أضعاف المسافة بين الأرض والمريخ، وتستغرق إشارات الراديو 18 دقيقة للوصول إليه. وبعد أن أوصلت مناوراتُ الدفعِ المركبةَ إلى نقطة الاتصال بالكويكب بينو، يجب أن تدفع انفجاراتُ النيتروجينِ الغبارَ والحصى إلى المجمع الذي هو على شكل كعكة الدونات والموجود في نهاية الذراع الآلية. سوف تمر عدة أيام قبل أن تتمكن ناسا من الحكم على مقدار ما جمعته، بناءً على صور الموقع المستهدف ومن كاميرا ذراع أخذ العينات، والتغييرات في الكيفية التي تدور بها المركبة الفضائية. وبحلول نهاية أكتوبر سيقرر المديرون ما إذا كانوا سيجرون محاولة ثانية في موقع احتياطي في يناير 2021. وفي كلتا الحالتين ستغادر المركبة الفضائية بينو العام المقبل وتعود إلى الأرض. وستصل في سبتمبر 2023 وتُخرج الكبسولة التي تحتوي على العينة، والتي ستهبط بالمظلة في صحراء يوتاه.

رابط الخبر:

https://www.nasa.gov/feature/goddard/2020/osiris-rex-tags-surface-of-asteroid-bennu/

 

©2020, American Association for the Advancement of Science. All rights reserved

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى