لن تكون هذه هي الجائحة الأخيرة. فمن أين ستأتي التالية؟
قد تُشكل أنواع عديدة من الفيروسات تهديداً عالمياً، وليس فقط فيروس كورونا الذي يتسبب في الإصابة بمرض كوفيد-19
بقلم: أليس كلاين
ترجمة: مبادرة IEEE بالعربية
تشير التقديرات إلى وجود ما يصل إلى 800 ألف فيروس في الحيوانات لديها القدرة على إصابة البشر. ولكن تحديدها جميعا هو غاية لا تدرك. ومن بين البرامج الرئيسية التي تسعى إلى الكشف عن فيروسات جديدة، برنامج بريديكت (تنبأ) PREDICT -الذي أطلقته الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية Agency for International Development- الذي أمضى عشر سنوات وأنفق أكثر من 200 مليون دولار في عمليات بحث في 30 دولة، وتمكن من كشف 931 فيروسا جديدا فقط في الحيوانات البرية والماشية والبشر. وبعضها يُعتَبر تهديداً محتملاً للبشر، بما في ذلك سلالات جديدة من الإيبولا وتنويعات من الفيروس التاجي (كورونا) المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الشديدة Severe acute respiratory syndrome coronavirus (اختصاراً: المتلازمة سارس SARS) والفيروس التاجي (كورونا) المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية Middle East respiratory syndrome–related coronavirus (اختصاراً: المتلازمة ميرس MERS). ومع ذلك، فالمشروع لم يَكشف عن الفيروس المُسبب لمرض كوفيد-19 قبل أن ينتقل إلى البشر. وقد تمّ تمديد تمويل برنامج بريديكت حتى سبتمبر لدعم الاستجابة للفاشية Outbreak الحالية، ولكن مهمته الأساسية انتهت في مارس.
مع ذلك، لدينا بعض الأفكار حول أنواع الفيروسات التي يجب أن نبحث عنها. ومن أجل تقرير نشره مركز الأمن الصحي Center for Health Security التابع لجامعة جونز هوبكنز Johns Hopkins في ميريلاند عام 2018، فقد قابل أميش أدالجا Amesh Adalja أكثر من 120 خبيراً عالمياً في الأمراض المُعدية. وقد اتفقوا على أن جائحة عالمية ستكون في الأرجح نتيجة سلالة جديدة من الفيروسات انتقلت من الحيوانات (انظر: We knew how to prevent a pandemic like covid-19, so what went wrong?)، وهذا يعني أن لا حصانة لدينا ضدها. كما تصوروا أن هذا المرض قد ينتشر بين البشر من خلال السعال والعطس، وأنه قد ينتقل بواسطة أشخاص لا تظهر عليهم أعراض المرض Asymptomatic، أو قبل ظهور الأعراض. فهل يبدو ذلك مألوفًا؟
خَلُص الخبراء إلى أنه من غير المرجح أن تتسبب الفيروسات شديدة الفتك مثل الإيبولا في حدوث جائحة؛ لأنها تميل إلى قتل المضيفين قبل أن تتمكن من إصابة العديد من الآخرين، ومن غير المرجح أن تُنشر من قِبَل أشخاص لا تظهر عليهم أعراض المرض، كما يقول أدالجا. كما اعتقدوا أننا لا ينبغي أن نقلق بشأن شيء مثل الطاعون، والذي تسببه البكتيريا يرسينا بيستيس Yersinia pestis، لأننا لدينا مضادات حيوية واسعة الطيف Broad-spectrum وفعّالة عادةً ضد أي سلالة جرثومية جديدة (في حين نفتقر إلى مضادات الفيروسات واسعة الطيف).
كما استنتجوا، أيضاً، أن فيروسات الحمض النووي DNA viruses تشكل خطراً أقل من فيروسات الحمض النووي الريبوزيRNA viruses ، والتي تتضمن فيروس كورونا، لأنها أكثر استقراراً عموماً؛ ومن ثمّ، فإن احتمالات تحولها إلى سلالات فتاكة أقل ترجيحاً. ومع ذلك، فإن فيروس الحمض النووي DNA الذي يُسبب مرض الجَدري يثبت أن هناك استثناءات لهذه القاعدة، فقد بدأت الموجة المُدمِّرة قبل أكثر من 2000 عام بعد أن انتقل إلينا من الحيوانات.
ومن بين 168 عائلة فيروس معروفة، ضيّق الخبراءُ المجالَ إلى خمسة فيروسات يتعين علينا أن نراقبها عن كثب. وإضافة إلى الفيروسات التاجية (كورونا)، فهي تشمل الفيروسات الخمسة التالية:
فيروسات البيكورنا Picornaviruses
أشهر هذه الفيروسات هو الفيروسات الأنفية Rhinoviruses، التي تسبب عادة نزلات البرد؛ والفيروسات المعويةEnteroviruses ، والتي تسبب مجموعة من الأمراض بما في ذلك نزلات البرد وشلل الأطفال وجنون البقر.
ويشير أدالجا إلى أننا قد تجاهلنا هذه الأسرة من الفيروسات تجاهلا شديدا كتهديد وبائي؛ لأنها لا تُسبب عادة إلا أعراضاً طفيفة. ولكن من الممكن أن تتحول إلى أشكال أكثر خطورة. ففي المحصلة، لا تتسبب أغلب حالات الإصابة بفيروس تاجي (كورونا) إلا بنزلات برد، ولكن سلالات جديدة قاتلة كتلك التي تتسبب في الإصابة بسارس، أو ميرس أو كوفيد-19، انتقلت إلينا من الحيوانات.
وفي هذه المرحلة لا نعرف الكثير عن قدرة الفيروسات بيكورنا على الانتقال بين الأنواع، ولكن هناك بعض الأدلة التي قد تشير إلى إمكانية انتقالها إلى البشر من الماشية والغوريلا.
الفيروسات الرئوية Pneumoviruses
تشمل هذه الفيروسات الفيروس التالي لالتهاب الرئة البشري Metapneumovirus الذي يسبب عادة نزلات البرد، ولكنه قد يؤدي أيضاً إلى التهاب القصبات الهوائية Bronchitis والالتهاب الرئويPneumonia . ويعتقد أن الفيروس التالي لالتهاب الرئة البشري قد نشأ في الطيور، ويعتقد العلماء أن المزيد من السلالات القاتلة قد تنتقل إلينا في المستقبل.
الفيروسات المخاطية Paramyxoviruses
الحصبة والنكاف والخانوق Croup كلها ناتجة من الفيروسات المخاطية. ويُعتَقد أن السلالة التي تسبب الحصبة قد انتقلت إلى البشر من الماشية قبل 800 عام على الأقل. وهناك أيضاً أمثلة لفيروسات مخاطية تنتقل إلى البشر من الخفافيش والخيول والخنازير.
الفيروسات المخاطية القويمة (الإنفلونزا) Orthomyxoviruses
وهذه «على رأس القائمة الوبائية للجميع»؛ لأنها تشتمل على فيروس الإنفلونزا، التي تسبب بالفعل العديد من الأوبئة الناجمة عن مرض الإنفلونزا، كما يقول إدي هولمز Eddie Holmes من جامعة سدني University of Sydney -أستراليا. وفيروس الإنفلونزا هو «ببساطة كل ما لا تريد أن يكون الفيروس عليه»، إذ إنه معدٍ قبل أن تظهر الأعراض، ويطفر Mutate بسهولة وينتقل بين الأنواع مثل الطيور والخنازير والبشر.
“خَلُص الخبراء إلى أنه من غير المرجح أن تتسبب الفيروسات القاتلة جدا مثل الإيبولا في حدوث وباء؛ لأنها تميل إلى قتل المضيفين قبل أن تتمكن من إصابة العديد من الآخرين، ومن غير المرجح أن ينتشر هذا الوباء من قِبَل أشخاص لا تظهر عليهم أعراض المرض”.
“إن هذه الأسرة من الفيروسات قد تجاهلناها تجاهلا كبيرا كتهديد وبائي؛ لأنها تُسبب عادة أعراضاً خفيفة”.
© 2020, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC