نظرية التطور كيان حي نابض بالحياة ولا يزال في أوجه
ترجمة: عبد الرحمن أياس
نظرية التطور Theory of evolution هي واحدة من أعظم إنجازات العقل البشري. وقد يجادل البعض في أنها الإنجاز الأكبر، على الرغم من أن نظرية الكم Quantum theory أو نظرية النسبية Theory of relativityسيكون لها مؤيدوها أيضاً. أما في العلوم البيولوجية؛ فتبدو نظرية التطور منقطعة النظير. فهي ليست أقل من النظرية الكبرى الموحَّدة Unified theory of life للحياة.
وهي أيضاً نظرية بالمعنى الأصح للكلمة: فهي نظام متشابك ومتسق من الملاحظات التجريبية والفرضيات القابلة للاختبار التي لم تسقط قطُّ عند التدقيق. بل لم يُكتشَف أي شيء يبطل أي جزء منها، على الرغم من الجهود المضنية التي بذلها المنتقدون. فكل الجوانب متوافقة.
ومع ذلك ينبغي لنا أن نقاوم إغراء الاعتقاد أن التطور نظرية مُسلَّم بها. فالأفكار الراديكالية، لكن العصية على المقاومة التي طرحها تشارلز داروين Charles Darwin وألفريد راسل والاس Alfred Russel Wallace عام 1859، لا تزال جوهر النظرية، ومع ذلك ضمت النظرية باستمرار معارفَ جديدةً. وحدث هذا بوضوح جدا قبل قرن من الزمن، عند مزج علم الوراثة الجديد في الانتخاب (الانتقاء) الطبيعي لوضع ما صار يُعرَف بـ “الاصطناع التطوري الحديث” Modern synthesis.
والآن، يمكن القول إننا في خِضَمِّ تحديث آخر. فعلى مدى السنوات الـثلاثين الماضية، دعت الحاجة إلى وضع الاكتشافات في بيولوجيا النمو Developmental biology وعلم التعديل الوراثي اللاجيني (التخلق) Epigenetics وغيرها من المجالات تحت جناح التطور. وهذه هي الحال إلى حد كبير، كما يُظهِر تقريرنا الخاص عن التطور يتطور: إعادة التفكير في نظرية الطبيعة بثلاث عشرة طريقة Evolution is evolving: 13 ways we must rethink the theory of nature. ولن نتمكن من الحكم على ما إذا كان المجال الذي يتبلور هو التطور 3.0 Evolution 3.0، أو مجرد الاصطناع التطوري الحديث 1.1 إلا في القادم من الأيام. وبغض النظر عن أي شيء آخر، فإن موجة النشاط هي دليل على أن التطور ــ ومن ثم البيولوجيا ــ كيان نابض بالحياة يعيش ويتنفس ولا يزال في أَوْجِهِ.
كذلك حقق التطور شيئاً يمكن القول إنه أكثر أهمية: لقد هزم منتقديه من المحاربين الثقافيين. فقبل عقد من الزمن كان التطور عند الخطوط الأمامية للحرب ضد العلم، وكان التطور عرضة لهجوم من نظرية الخلق Creationism وشخصيته البديلة Alter ego المستندة إلى علم زائف، أي التصميم الذكي Intelligent design. وصمتت هذه الأصوات الآن إلى حد كبير، فقد أنهكتها طبول الحرب البعيدة الأناة التي قرعها المنطق.
ومن المحزن أن ذلك لا يزال انتصاراً معزولاً في الحرب الثقافية، الأوسع نطاقاً، المناهضة للعلوم. ولكن ذلك يُظهِر أن الانتصارات ليست مستحيلة. فقد فاز التطور لأنه صحيح. وفي نهاية المطاف ستظهر الحقيقة.
© 2020, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC