الانقراض: الحقائق – دليل اتينبورو على تدمير الطبيعة
بقلم: آدم فوغان
ترجمة: لجين مهنا
يضحك الشاب ديفيد أتينبورو ويلعب مع غوريلا رضيع اسمه بوبي، في لحظه تلطيفية مرحب بها في الفيلم الوثائقي الجديد الذي تبثه هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي حول فقدان التنوع البيولوجي عالميا.
ويأتي المشهد في نهاية تفحص عسير، استمر لمدة ساعة، للطرق التي قد تدفع بها البشريةُ الانقراضَ الجماعي السادس Sixth mass extinction وكيف تؤثر هذه الخسارة فينا بدورها، بما في ذلك ارتباط ذلك بجائحة كوفيد -19. ونظرًا لأن الحقائق رهيبة جدًا، فغالبًا ما يكون العرض قاتمًا بشكل لا يطاق وبلا هوادة أيضًا.
ولما كان مرتبطا ارتباطا فضفاضا بتقرير رئيسي للأمم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي نُشر العام الماضي، والذي وجد أن بقاء مليون نوع كان في خطر، فإن فيلم الانقراض: الحقائق Extinction: The Facts هو جولة خاطفة لتدميرنا للطبيعة. إذ يحكي فريق من الأكاديميين والخبراء من المنظمات غير الحكومية قصة تدهور الثدييات والنباتات والأسماك التي يقول أتينبورو: “إنه ليس فقط أمر مزعج، بل إنه مأساوي جدا”.
وقد حصر الفيلم الدوافع الكبيرة لهذا الدمار: فقدان الموائل Habitat loss ، وتغير المناخ Climate change و “مصعد الانقراض” Escalator to extinction، مع محاولة الأنواع التكيف مع منازل أعلى وأكثر برودة. كما يغطي الفيلم أيضا المتاجرة غير المشروعة بالحياة البرية، مصحوبة بلقطات مروعة من العاج والبانجولين وغيرها. وكذلك آثار التعرض طويل المدى لملوثات مثل ثنائي الفينيل متعدد الكلور (PCBs) – المحظورة في أغلب الدول منذ عام 1986، ولكنه لا يزال ينتهي بها المطاف في البحار – والمرصودة على حيتان الأوركا Orcas قبالة ساحل أسكتلندا في المملكة المتحدة. حتى الموضوعات الأقل جاذبية من حيث التصوير، مثل الكائنات الحية التي نفقدها من تربتنا، فإن الفيلم يلقي نظرة عليها.
في بعض الأحيان، تشعر بأنه حشر الكثير في ساعة، فبعض الأقسام عبارة عن مزيج غير مرضٍ من اللقطات الصوتية الضحلة ولقطات عامة للصيد الجائر ومحطات الطاقة، على سبيل المثال. فقد كان من الأفضل اقتطاع بعض الأجزاء للسماح للأخرى بأن تعرض عرضا مريحا.
على الرغم من ذلك، فقد اتخذ صانعو الفيلم بعض القرارات الذكية بشأن ما يجب تضمينه في الفيلم. فالمشاهدون الذين يتوقعون فيلمًا وثائقيًا بسيطًا عن الطبيعة سيجابهون حقائق حول الضغوط التي يلقيها تعداد السكان المتجه إلى تسعة بلايين نسمة، والاستهلاك المفرط من قبل البلدان ذات الدخل المرتفع، إضافة إلى تفاصيل سلاسل التوريد Supply chains التي تربط علف الدجاج في الصين بإزالة الغابات عبر أمريكا الجنوبية بأسرها.
ووضع العرض في إطار يجعله ذا أهمية لنا في هذا الوقت، وذلك من خلال الغوص في الروابط بين تدميرنا للطبيعة وظهور الأمراض الوبائية مثل السارس وإنفلونزا الخنازير وبالطبع كوفيد -19. بيتر دازاك Peter Daszak، خبير الأمراض الحيوانية المنشأ ورئيس مجموعة الأبحاث إيكو هيلث ألاينس EcoHealth Alliance، يلقي باللوم ببلاغة على البشر الذين يتعدون على موائل الحيوانات البرية. وفي الوقت نفسه، تشير فيليسيا كيسينج Felicia Keesing من كلية بارد في نيويورك إلى أن تخريبنا للنظم الإيكولوجية Ecosystems يكون لصالح الأنواع الصغيرة، مثل الجرذان والخفافيش ، التي يمكنها نقل الأمراض إلينا.
كما أن تنوع المتحدثين في الفيلم هو ميزة أخرى. ففي حين أن هناك أداء مبهرا من الشخصية الجذابة بوب واتسون Bob Watson، رئيس اللجنة التي أصدرت تقرير التنوع البيولوجي في العام الماضي، فإن هناك أيضًا مساهَمات مرحب بها من أفراد من إفريقيا وأمريكا الجنوبية حيث تُنهب الطبيعة.
ولكن الفيلم الوثائقي يكون في أقوى لحظاته عندما تُكبّر اللقطات وتُبطأ. فيتعمق الفيلم في استغلال حيوان البنغول في آسيا، وهناك مشهد آكلات النمل العملاقة التي تموت على جوانب الطرق في منطقة سيرادو البرازيلية حاملة صغارها، قبل التركيز على الحارس الذي يعتني بآخر اثنين من وحيد القرن الأبيض الشمالي في العالم، ثم يتحول المشهد إلى أتينبورو متحدثا عن انتعاش أعداد الغوريلا الجبلية.
فالدقائق الأخيرة من مشهد انتعاش أعداد الغوريلا الجبلية، التي ارتفعت أعدادها من نحو 250 في سبعينيات القرن العشرين إلى أكثر من 1000 الآن، تأتي كختام أنيق، حتى وإن لم يكن صادقا تماما بالنظر إلى حجم المشكلة الموضحة سابقًا، على كيفية اجتثاث فقدان التنوع البيولوجي. ومع ذلك، فعلى الرغم من عيوبه البسيطة، فإن فيلم الانقراض: الحقائق هو نجاح مُوكِّد منذ بدايته وحتى وصولاً إلى نداء أتنبورو الأخير لاستثارة هممنا جميعًا للقتال من أجل “مستقبل أفضل”.
© 2021, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC