أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
ذكاء اصطناعي

هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة تشرع في تجربة لمسح العين لتشخيص 150 ألف مريض باستخدام الذكاء الاصطناعي

ستُتاح لشركات الذكاء الاصطناعي إمكانية الوصول إلى مسوحات العين لمعرفة ما إذا كان بإمكانها تشخيص اعتلال شبكية العين، ولكن جميع البيانات ستبقى على الخوادم المملوكة هيئة الخدمات الصحية الوطنية

هيئة الخدمات الصحية الوطنية National Health Service (اختصارا: الهيئة NHS) في المملكة المتحدة ستجرى عمليات مسح العيون لـ 150 ألف من المرضى لاختبار أدوات الذكاء الاصطناعي Artificial intelligence (اختصارا: الذكاء الاصطناعي AI) التجارية التي قد تُطرح بُغية الكشف عن العلامات التحذيرية لفقدان البصر المرتبط بداء السكري. ولكن الباحثين يهدفون إلى تجنب تكرار فضائح تقاسم البيانات السابقة للهيئة NHS بضمان أن تكون السجلات مجهولة الهوية، وأن اختبارات الذكاء الاصطناعي تُجرى فقط على خوادم مملوكة مؤتمنة تابعة للهيئة NHS. ويمتثل مليوني شخص مصابٍ بداء السكري في المملكة المتحدة لمسح سنوي للتحقق من علامات اعتلال الشبكية Retinopathy وهو السبب الرئيس للعمى لسُكان المملكة المتحدة ممن هم في سن العمل. ويشتمل كل فحص على صورة واحدة أو أكثر من الصور المأخوذة من كل عين اعتماداً على علامات المرض المحتملة، هذه الصور -البالغ عددها 10 ملايين صورة أو نحو ذلك في السنة يفحصها يدوياً أطباءُ العيون واختصاصيو البصر وغيرهم من الفنيين المدربين.

 وفي عام 2020 أجرت أليسيا رودنيكا Alicja Rudnicka،  من مستشفيات سانت جورج الجامعية، وزملاؤها تجربة فحصت فيها أجهزةُ الذكاء الاصطناعي ثلاثين ألف مريض في لندن وغلوتشستر. ونتيجة لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي؛ فقد انخفض عدد الفحوص اليدوية اللازمة بنسبة 50%، ولم تكن تنتج منها أي نتيجة سلبية كاذبة False negatives. وفي الوقت الحالي يعمل فريق رودنيكا على دراسة أكبر، والتي وصفتها بأنها “مُغير اللعبة الحقيقي”. إذ ستُدعى عدة شركات إلى استخدام بيانات الدراسة الاستقصائية للهيئة NHS لتقييم أدواتها، بهدف البدء بتطبيقها مستقبلا في جميع أرجاء المملكة المتحدة.

وتقول رودنيكا: “إن الفكرة وراء الفحص هي الوقاية من فقدان البصر، وقد أثبتت أنها فعالةٌ جداً، ولكن العقبةَ هي هذا الكمُّ الهائلُ من العمل”. وخفض عبء العمل إلى النصف لهو إنجاز هائل”.

وقد جمعت دراسةُ الفريق السابقة البياناتِ مُعظمها من الأفراد من ذوي البشرة البيضاء. لذلك تهدف التجربة القادمة إلى جمع المزيد من البيانات من أفراد من أعراق أخرى لضمان عدم تأثر الأنظمة المطورة بأي تحيز عنصري. ونظراً لأن الجزء الخلفي من شبكية العين لديه الصبغة نفسها، كما في سائر الجلد من مختلف الأعراق، فمن المتوقع أن تظهر المسحات بشكل مختلف جداً، وأدوات الذكاء الاصطناعي التي تدربت على الصور من الأفراد ذوي البشرة البيضاء في الغالب يُحْتَمَلُ أن تؤدي أداءً سيئاً مع عند تقييم المسحات ذوي الدرجات اللونية الأخرى للبشرة من الأعراق الأخرى.

كما سيُدرج في خطة التجربة نحو 150 ألف شخص يخضعون للفحص ضمن إطار الصندوق الاستئماني للهيئة NHS  ومستشفيات سانت جورج الجامعية ومستشفيات جامعة يونيفيرستي كوليدج لندن University College London Hospitals ومستشفيات مورفيلد للعيون Moorfields Eye Hospital. وقالت رودنيكا لمجلة نيوساينتست  New Scientist؛ إنهُ بالإمكان النظر في عدم المشاركة إذا طلب المرضى ذلك، ولكن لم يكن من الواضح ما إذا كان سيجري إخبارهم روتينيا عن التجارب أثناء عمليات الفحص.

وقد أثارت تجارب للذكاء الاصطناعي التي أجرتها الدائرة NHS الكثيرَ من الجدل. ففي عام 2016 أعلنت شركة ديب مايند  DeepMind البريطانية العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي والتي تمتلكها شركة غوغل الأم ألفابيت Alphabet أنها تعمل مع الهيئة NHS للتنبؤ بإصابات الكلى الحادة أو تشخيصها. غير أن تحقيقاً أجرته مجلة نيوساينتست  كشف أن اتفاقاً لتقاسم البيانات مع مؤسسة رويال فري لندن Royal Free London التابعة للدائرة NHS يسمح لموقع الشركة ديب مايند بإمكانية الولوج إلى بيانات شاملة تضم 1.6 مليون شخص، بما في ذلك معلومات حساسة مثل ما إذا شُخّصوا بفيروس نقص المناعة البشرية HIV، أو ممن خضعن لعمليات الإجهاض من قبل. وتبين لاحقاً أن هذا الاتفاق شكّل انتهاكاً لقوانين حماية البيانات.

 وستحجب التجربةُ الجديدة هويةَ البيانات بإزالة المعلومات الشخصية، وتخزين مجموعة البيانات الناتجة من ذلك على خوادم Servers داخل الهيئة NHS. وكما ستكون الشركات قادرة على تركيب كودها Code على هذه الخوادم واختبارها باستخدام هذه البيانات، ولكن تؤكد رودنيكا أنها  لن تكون قادرة على نسخ أي جزء من مجموعة البيانات. فالذكاء الاصطناعي سيقيِّم فقط الصور بحثا عن إشارات التحذير، ولن يكون بمقدوره التعلم من مجموعة البيانات. ولم تُحدد القائمة النهائية للشركات المشاركة، ولكن قد يكون هناك ما يصل إلى ست شركات.

 ويأمل سام سميث Sam Smith، والذي يُدير مجموعة خصوصية البيانات الصحية ميد كونفيدينشال MedConfidential في المملكة المتحدة، بأن يرى تأكيدات حول المستفيدين من نتائج التجربة، وإبلاغ المرضى في حال استخدام  بياناتهم. ويقول: “هل سيُنشر كل ما يجدونه للنهوض بالمعرفة بدلاً من أن يعود بالنفع على المصالح الخاصة؟ أم هل ستقدم بيانات المرضى إلى شركات الذكاء الاصطناعي دون أي اختيار ومن دون إخبار المرضى بذلك؟”

بقلم: ماثيو سباركس

ترجمة: شوان حميد

© 2021, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى