أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
ملف خاص

كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعدنا على أن نعرف كيف بدأَت الحياة

إنّ الكيفية التي نظّمَتْ بـها الجزيئات الجامدة نفسها لأول مرةٍ لتَصيرَ حيّةً هي أحـد الألغاز العظيمة. يمكن أن تكمن الإجابة في الاستكشاف المنهجي للفضاء الكيميائي

كيف تحوّلت الأرض من كرة صخريةٍ عقيمةٍ إلى عالمٍ أخضرَ خصبٍ ممتلئٍ بالكائنات الحيّة؟ هذا السؤال عن كيفية بدء الحياة هو أحد أصعب الأسئلة جميعها.
ومع ذلك، فإننا نقترب شيئاً فشيئاً من الإجابة عنه. ابتكرَ العديدُ من العلماء أشياء تشبه الكائنات الحيّة. ففي أواخر العام الماضي أعادَ فريقٌ بقيادة جوش بونغارد Josh Bongard من جامعة ڤيرمونت University of Vermont برمجةَ خلايا جلد الضفادع لتصير «زينوبوت» Xenobot. يمكن لهذه المجموعات من الخلايا أن تسبح وتتكاثر، إذ تعملُ مع بعضها بعضا لتُجَمِّعَ الخلايا السَائِبَةَ في نُسَخٍ جديدةٍ من نفسها.
ولكن إذا تفحّصْتَ جوهر هذا السؤال بعنايةٍ، فستجد أن أساسه هو الكيمياءُ. كيف بدأت مجموعةٌ من الجزيئاتِ الجامدةِ الارتباطَ ببعضها بعضا، واستنساخَ نفسها؟ ففي خمسينات القرن العشرين وضع الكيميائيان ستانلي ميلر Stanley Miller وهارولد يوري Harold Urey خليطاً من المواد الكيميائية في وعاءٍ مغلقٍ، فأثبَتا أن الأحماض الأمينية Amino acid، وهي مكونٌ رئيسٌ في الكائنات الحية، يمكن أن تتشكل تلقائياً. كانت تلك خطوةً كبيرةً، لكنها لم تخبرنا عن الكيفيّة التي شكَّلَتْ بها تلك الجزيئاتُ نظاماً ذاتي الاستنساخ Self-replicating system.
هذا هو سبب اهتمام الكيميائيين بمحاولة إعادة توليد اللحظة التي تحوّلَتْ فيها الكيمياء الجامدة إلى أبسط أشكال الحياة الممكنة. يمكن أن يحدث هذا ببلايين الطرق. لذلك يستخدم لي كرونين Lee Cronin من جامعة غلاسكو University of Glasgow في المملكة المتحدة United Kingdom الروبوتاتِ للمساعدة على الاستقصاء. فأنشأ هو وفريقه آلاتٍ تجمع مجموعةً من المواد البسيطة -الأحماض، والمعادن غير العضوية، والجزيئات القائمة على الكربون -لتتفاعل تفاعلاً عشوائياً. تُحَلَّلَ النتيجةُ ثُمّ تُساعِدُ خوارزميةٌ الروبوتَ على اختيارِ كيفية المتابعة. وبهذه الطريقة، يمكن للروبوت البحثُ في مساحاتٍ شاسعةٍ من الفضاء الكيميائي لمعرفة ما إذا قد ظهرَتْ أيّ أنظمةٍ ذاتية الاستنساخ. ويعتقد كرونين أنّ هذه الاستراتيجية المؤتمتَةَ يمكن أن تتغلب على أكبر عقبةٍ تواجه الكيميائيين في هذا المجال: «إزالةُ تحيّز المُجَرِّبِ، ومعرفةُ كيف تَظْهَرُ المبادئ التطورية في الكيمياء البسيطة».
إذا تمكن الكيميائيون من إعادة إنشاء الحياة، فسنكون في وضعٍ أفضل بكثيرٍ لاكتشافها على الكواكب الأخرى. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يكشف عملهم عن نسبٍ مُعيّنةٍ من الجزيئات يمكن أن تشيرَ إلى نظامٍ ذاتي الاستنساخ. طوّر كرونين أيضاً طريقةً لإعطاء درجةٍ للجزيئات تعكس مدى تعقيدها. يحاجّ في أنّه إن تجاوزَ جزيءٌ درجةً معينةً، فلا بد أن يكون قد نشأ عن عمليةً بيولوجيةٍ. يقول: «ستجيب بنعم أو لا عن سؤال: هل هذا الشيء حيٌّ أم لا».

بقلم كاثرين ساندرسون

ترجمة د. محمد الرفاعي

.2022, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC©

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى