أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فلك وعلم الكونياتفيزياءفيزياء نظريةملف خاصميكانيكا الكم

هل يمكن أن نعود بالزمن إلى الوراء؟ النسبية لا تستبعدها. أما الإنتروبية تفعل

الفيزياء التي يُعتقد أنها تفسر سهم الزمن ليست بالبساطة التي قد نتصورها - وفي الثقوب الدودية التي يمكن عبورها، تقدم نظرية آينشتاين للنسبية العامة من حيث المبدأ ممرات إلى الماضي

بقدر ما قد نرغب في ذلك، لا يمكننا العودة بالزمن. هل هذا مجرد واقعنا الحالي، أم أن اتجاه الزمن تحدده قوانين الكون؟
وأحد الأدلة على تفسير هذا «سهم الزمن» of time Arrow هو القانون الثاني للديناميكا الحرارية Second law of thermodynamics. ينص هذا على أن الإنتروبية Entropy – مقياس الاضطراب في نظام ما -إذا أرسلنا القول- تميل دائماً إلى الزيادة. ما لم تبذل شغل Work في نظام لتحافظ على الترتيب، مثل ترتيب غرفة نومك، ستصير الأمور أكثر فوضوية.
وبينما يتفق معظم الفيزيائيين على أن هناك صلة بين الإنتروبيا وسهم الزمن، إلا أنّ الكيفية التي ترتبطان به هي محل خلاف. يعتقد بعض الفيزيائيين أن زيادة الإنتروبيا تعطي الزمن سهمه، في حين يقول البعض أنّ السهم مجرد وهم. ويعتقد البعض الآخر أننا نفتقر إلى الفهم الأساسي للزمن، وربما يؤدي الجمع بين العالمين الكمي والكلاسيكي معاً إلى طريقة جديدة للتفكير فيه. تتخلى بعض النظريات من الإنتروبيا في صورة الزمن تماماً.

يتفق معظم الفيزيائيين على أن هناك صلة بين الإنتروبيا وسهم الزمن، إلا أنّ الكيفية التي ترتبطان به هي محل خلاف

أمّا على المقياس الكبير، فإن الإنتروبية وقوانين الديناميكا الحرارية تسهم إلى حد ما في تفسير سبب سير الأشياء في اتجاه واحد، كان سهم الزمن لغزاً على نطاق صغير لسنوات عديدة. في الواقع، يمكن أن تسير التفاعلات المجهرية إلى الأمام والعكس. بالنسبة إلينا، قد يبدو هذا غريباً. يقول غافين كروكس Gavin Crooks، من جامعة كاليفورنيا University of California في بيركلي: «إن حدسنا حول الزمن يميل إلى أن يكون سيئاً جداً، لأننا نوعاً ما جزء لا يتجزأ منه».
ولكن كروكس أظهر أن الإنتروبية تؤدي دوراً على النطاق الصغير أيضاً. في أي تفاعل كيميائي: تكون فعاليته دائماً محدودة بسبب التمردات المجهرية، حيث يبدأ التفاعل العكسي. طور كروكس سلسلة من النظريات التي تحدد الاختلاف في احتمال سير التفاعلات إلى الأمام أو إلى الخلف، استناداً إلى الاختلاف في الإنتروبية المنتجة (انظر: محركات كميّة)، مما يوضح أن هناك سهماً للزمن على المقياس الجزئي.
هل يمكننا في يوم ما أن نعود بالزمن؟ عدم وجود حشود من السياح آتين إلينا من المستقبل يقترح
عدم إمكان ذلك. ومع هذا، يبدو أن بعض حلول معادلات النسبية العامة General relativity تمد ممراً إلى الماضي.
وفي نظرية آينشتاين، يوصف التسارع Acceleration نحو الأجسام الضخمة الناجم عن مجال الجاذبية بأنه انحناء Curvature في الزمكان Space-Time نفسه. إذا انحنى انحناءً كافياً مع جاذبية كافية يمكن تكوين حلقة Loop. تظهر هذه الانحناءات الزمنية المغلقة Closed time curvature (اختصاراً: الانحناءات CTC) في العديد من الأوصاف النظرية للكون Universe، من الغبار الدائر حلزونيا إلى الأوتار الكونية التي تدور دورانا مغزليا، والتي هي ومضات أحادية البعد في الزمكان يمكن أن تمتد لمسافات فلكية.
ويقول فرانسيسكو لوبو Francisco Lobo، من جامعة لشبونة University of Lisbon بالبرتغال: «يتقدم سهم الزمن إلى الأمام، كما يقيسه الراصد محلياً، ولكن على مستوى عالمي قد يعود إلى حدث ما في الماضي». قد يفتح هذا الباب أمام كل أنواع المشكلات، مثل مفارقة وفاة جدك قبل ولادة والدك. ومن الجيد، إن معظم السيناريوهات التي تؤدي إلى الانحناءات CTC هي مستحيلة الحدوث فعليا.
ويقول لوبو: «من المستبعد جداً أن توجد الانحناءات CTC طبيعياً في كوننا». ومع ذلك، فإنه يترك الباب مفتوحاً أمام احتمال أنه إذا كانت هناك حضارة ما متقدمة جدا فقد يمكنها أن تنشيء، مثلا، ثقباً دودياً يمكن عبوره؛ نفقاً بين نقطتين في المكان والزمن، فمن يدري؟ ربما يمكنها إنشاء انحناءات CTC والسفر بالزمن إلى الوراء مع ذلك.

محركات كميّة

في تسعينات القرن العشرين، أظهر غافين كروكس من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، أنّ الإنتروبية يمكن أن يكون لها تأثيرات في المقياس الصغير جداً. في حين أنها أثارت الكثير من الجدل في البداية، فإن «نظريات التذبذب» Fluctuation theorems هذه هي حاليا أدوات راسخة تقدم رؤى في علم البيولوجيا الجزيئية، على سبيل المثال. وأحد الآثار التي كشفت عنها مؤخراً ميكانيكا الكم Quantum mechanics هو أن التشابك Entanglement، حيث تتشابك حالات جسمين كميين تشابكا جوهريا، يمكن أن يعمل كمورد شبيه بالإنتروبية المنخفضة. يمكن أن يؤدي الانتقال من حالة إنتروبية منخفضة إلى حالة إنتروبية أعلى إلى تشغيل المحرك، كما يحدث عند غلي الماء في محرك بخاري. «يمكنك قيادة محرك بالتشابك»، كما يقول كروكس.

بقلم آنّا ديمينغ

ترجمة مي منصور بورسلي

© 2022, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى