هل سنتمكن من توحيد الفيزياء؟ قد تقدم الساعات في حالة التراكب أدلة
لطالما سعى الفيزيائيون إلى التوحيد بين النسبية العامة وميكانيكا الكم – حالياً يُعتقد أن بعض التجارب التي تسبر الطريقة التي تتعامل بها كل نظرية مع الزمن أن تحقق ذلك أخيراً
لدى الفيزياء مشكلة. في النسبية العامة General relativity، يتشابك الزمن مع المكان. إنه نسبي، حسب السرعة أو الجاذبية. ولكن، في ميكانيكا الكم Quantum mechanics فإن الوقت مطلق. إنها خلفية سلسة يمكننا أن نستخدمها في المعادلات. كيف يمكن أن يكون الزمن هذين الشيئين المتضاربين في وقت واحد؟ تقول إميلي أدلام Emily Adlam، من معهد روتمان للفلسفة Rotman Institute for Philosophy في كندا: «حل مشكلة الزمن هو أمر مهم». إذا أردنا توحيد هاتين النظريتين المتعارضتين في نظرية شاملة، يجب أن نتخلى عن شيء ما في المقابل.
والكثير من الأبحاث تهدف إلى معالجة هذه المشكلة. إذ يتعامل البعض مع أنظمة الكم على أنها نسبية، كما هي الحال في النسبية العامة، في حين ينظر البعض الآخر إلى الزمكان Space-time على أنه مجالاً كمياً، وهو الكيان الأساسي الذي يتكون منه كل شيء في ميكانيكا الكم. وحالياً، هناك طريقة جديدة تكسب اهتماماً. إنها مستوحاة من تجربة قطة شرودنغر الفكرية الشهيرة Schrödinger’s cat، حيث يُحاصر قط منحوس في صندوق يبدو أنه ميت وحي في الوقت نفسه. نعلم أن الجسيمات يمكن أن تكون في حالة تراكب Superposition، ويبدو أنها تشغل العديد من الحالات في الوقت نفسه حتى اللحظة التي نقيسها بها. ماذا لو كان يمكن لتلك الجسيمات أن تعمل مثل الساعة؟
كيارا مارليتو Chiara Marletto وفلاتكو فيدرال Vlatko Vedral، وهما من جامعة أكسفورد University of Oxford بالمملكة المتحدة، يريدان أن يجريا تجربة. وتقول مارليتو: «إنها مثل تجربة قطة شرودنغر، ولكن بدلاً من القطة، لديك ما يشبه الساعة، مع العلم بأن هذا الوصف غير دقيق». خذ كتلتين كبيرتين بما يكفي للتفاعل من خلال الجاذبية من دون وجود قوى أخرى، كالجزيئات أو الماس الصغير. وضعهما في حالة تراكب. ستجد، وفقاً للنسبية العامة، أنّ موقع كل كتلة في التجربة يتوافق مع مساحة زمنية مختلفة.
وإذا كان من الممكن أن تكون الساعة في حالة تراكب من الدقات بمعدلات مختلفة، فهذا يشير إلى أن الزمن في ميكانيكا الكم ليس أساسياً، ولكنه متعلق بساعة معينة. التجربة نظرية، لكن العالمين الفيزيائيين يأملان بأن تكون التجربة العملية ممكنة في غضون خمس إلى عشر سنوات. ونظراً لأن الجاذبية ستكون الشيء الوحيد الذي يربط بين الكتل، كما يقولان، فإن رؤية التشابك يعني أن الجاذبية يجب أن تكون ظاهرة كمية، مما يعطي أدلة حول نظريات الجاذبية الكمية التي يمكن أن تساعد على ربط النسبية وميكانيكا الكم.
وهناك آخرون يأملون بأن وضع ساعة ذرية في تراكب قد يختبر الجاذبية الكمية. وقد أظهر جن يي Jun Ye، من معهد أبحاث جيلا JILA research institute في بولدر بولاية كولورادو مؤخراً أن الساعة الذرية – سحابة يبلغ طولها ملليمتراً من الذرات – تكون دقاتها أسرع في الجزء العلوي، حيث تكون جاذبية الأرض أضعف قليلاً من القاع (انظر: المقابلة). ويأمل يي بجعل الساعة أكثر دقة بنحو 20 ضعفا في السنوات القليلة المقبلة بحيث إذا كانت الساعة تحتوي على ذرات متشابكة، فقد تكسر الجاذبية هذا التشابك. ويقول يي: «لم يختبر أحد تأثيرات النسبية العامة على المقياس الكمي». في المحصلة، ربما تكون ساعة شرودنغر – وليس قطته – هي الطريقة لعمل ذلك.
بقلم ميريام فرانكل
ترجمة مي منصور بورسلي
© 2022, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.