كيف يمكن أن يساعد «التلاعب» بأيضك على حرق الدهون والوقاية من الأمراض؟
قد يكون «التلاعب» بالأيض للمساعدة على حرق الدهون والكربوهيدرات في جسمك هو المفتاحَ لفقدان الوزن والجري مسافاتٍ أطول وتقليل مخاطر الإصابة بالأمراض مثل داء السكري من النمط الثاني
يرتبط عُطَل عائلتي في فرنسا بأمرٍ واحد هو الخبز. لكن هذا العام، عندما يتناول الجميع فطيرة الكرواسان والخبز الفرنسي، يظل صحني فارغاً. قبل احتساء أول رشفة من القهوة، عليَّ أن أستنشق استنشاقاً طويلاً وبطيئاً من خلال جهاز محمول باليد يشبه السيجارة الإلكترونية الأنيقة، وأحبس أنفاسي 10 ثوانٍ، ثم أزفر من خلاله. على الفور يصدر أحد التطبيقات الموجودة على هاتفي النتيجة على شكل رقم من 1 إلى 5. النتيجة اليوم هي 1، فابتهج. استيقظتُ للمرة الأولى منذ أسابيع، في «وضع حرق الدهون». لقد اتخذت خطواتي الأولى لضبط عملية الاستقلاب (الأيض، التمثيل الغذائي) Metabolism.
في العادة كنت أول من يسخر من أي جهازٍ مرتبط بفقدان الوزن والتوقف عن تناول الطعام. فلستَ في حاجة إلى تطبيق يساعدك على معرفة الطعام الجيد من السيئ. أو هل أنت بالفعل في حاجةٍ إلى ذلك؟
تتزايد الأدلة التي تشير إلى أن النصيحة ذات «المقاس الواحد» بشأن التغذية تخذلنا خذلانا كبيراً، كما أننا كنا مخطئين بشأن أنّ الأيض هو مجرد تفاعلات كيمائية تحدث في الخلايا محولةً الغذاء إلى طاقة. وفي ظل هذه الخلفية، يدخل عديد من التقنيات الجديدة السوقَ، مدعية أنها تكشف عما يضطلع به أيضك في أثناء يومك وتقديم النصائح لتحسينه. عليك إجراء التعديلات الصحيحة، وعندها تتمكن من التحكم في وزنك، وتقي نفسك من الأمراض، ويتحسن مستوى النوم بقدر أفضل، ومزيد غير ذلك. لقد أردت أن أفهم الفارق الذي يمكن أن تحدثه مثل هذه التغيرات، وكيف أنّ تجاهل العلم الحديث يؤدي بي إلى انهيار الأيض.
عادةً ما تكون النصائح الغذائية واضحة: لكي تحافظ على وزنك صحياً، يجب أن تكون السعرات الحرارية التي تكسبها والتي تفقدها متطابقة. إذا تناولت كثيراً من الطعام يمكنك حرقه بالتمرين. ومن المتفق عليه في نطاق واسع أن معدل الأيض ينخفض مع تقدم العمر، وهذا ما يتمثل بالدهون حول الخصر، والتي تظهر عند الناس لدى تقدمهم في العمر. وأخيراً كان يُعتقد أنّ أطعمةً محددة يمكن أن تُحدث الاستجابة نفسها لدى الجميع، فالموز جيدٌ لك كما هو لي أيضاً.
خلال العقد الماضي، دُحضت كل هذه المبادئ. تكمن المشكلة في التعقيد الشديد للأيض، وفي أنّ محاولة قياس ما يفعله الشخص في أي وقت يتطلب عادةً بعض المعدات المعقدة، لذلك لم تشمل الدراسات سوى عدد قليل من الأشخاص. ويعني هذا تعميم النصيحة القياسية على الجميع. لكن ابدأ بالنظر إلى الفرد وستتجلى صورة مختلفة تماماً.
فلنتأملْ مسألة السعرات الحرارية تلك المستخدمة عادة للتعبير عن محتوى الطاقة في الغذاء. عموماً، يُنصح بأن يستهلك الرجل 2500 سعرة حرارية والمرأة 2000 سعرة في اليوم. لكن عالم الأمراض Epidemiologist تيم سبيكتور Tim Spector من كينغز كوليدج لندنKing’s College London يقول إنه «مجرد تخمين».
كيف نحرق السعرات الحرارية؟
ويجدر به أن يعلم [كمختص]. إحدى الطرق القياسية المهمة لمعرفة ما يضطلع به أيض فرد ما هو وضعه في غرفة مغلقة. ومن ثم ضخ الهواء النقي فيها وتحليل كمية الأكسجين وثاني أكسيد الكربون باستمرار. ذلك لأن خلايانا تستخدم الأكسجين في أثناء عملها منتجةً ثاني أكسيد الكربون الذي يُطرح خارجاً في الزفير في نهاية المطاف. أدرك سبيكتور بعدما أمضى 24 ساعة في غرفة الأيض هذه أن كمية السعرات الحرارية التي يحرقها الجسم عند عدم بذل أي جهد لا تقل عن 1600 سعرة حرارية. يعبّر عن ذلك بالقول: «إذا كنتُ أتناول نظاماً بـ 2500 سعرة حرارية، فسيصعب عليَّ أن أوازن الأمور كل يوم».
فهل من المؤكد أن إجراء التمارين سيساعده على التخلص من هذه السعرات الإضافية البالغة 900 سعرة حرارية؟ ليس بهذه السرعة. في الحقيقة، في السنوات القليلة الماضية، أجرى هيرمان بونتزر Herman Pontzer، من جامعة ديوك Duke University في دورهام بولاية شمال كارولينا، مع زملاء له دراساتٍ عن أفراد في تنزانيا يعيشون حياةً نشطة تقوم على الصيد والالتقاط، ووجدوا أنه على الرغم من هذا النشاط، فالناس هناك يحرقون الكمية نفسها من السعرات التي يحرقها شخص يعمل في مكتبه طوال اليوم. يتضح من ذلك أنه لا يمكنك التغلب على نظام غذائي سيئ. كما دحض بونتزر فكرة ظاهرة منتصف العمر (أي الدهون التي تظهر حول الخصر مع التقدم في العمر). يبدو جلياً أنّ الأيض يبقى ثابتاً حتى عمر الستين تقريباً.
عندما نأتي لموضوع الغذاء الذي نتناوله تصبح الأمور أكثر إدهاشاً. أظهر العمل الذي اضطلع به سبيكتور وآخرون أنه إذا تناول شخصان – حتى التوائم المتطابقة – الطعام نفسه، فمن المحتمل أن تختلف استجابات أجسامهم اختلافاً كبيراً. فقد يصاب أحدهما بعد تناول الموز بارتفاعٍ كبيرٍ في نسبة الغلوكوز، يتبعه انخفاض للسكر مصحوباً برغبة شديدة في تناول الطعام، في حين أن الآخر لن يشهد سوى ارتفاع وهبوط طفيفين في مستويات الغلوكوز في الدم وسيشعر بالشبع حتى الغداء.
إلى أين يقودنا كل هذا؟ من الواضح بدءاً أنّ كل شخص لديه أيض مختلف جداً عمَّن سواه، وأنه من الممكن أن تكون الاستجابات متفاوتة من وقت إلى آخر خلال اليوم، وكذلك في المراحل المختلفة من العمر. والأكثر من ذلك، الأفكار التقليدية حول كيفية الحفاظ على الأيض سليماً لن تجدي نفعاً. فلا عجب إذن أن يلجأ الناس إلى التقنيات التي تساعدهم على فهم ما يحصل بنحو أفضل.
الجهاز الذي أستخدمه، من صنع شركة تسمى لومين Lumen. ومثل شركة سبيكتور للتغذية والذي يُدعى زوي Zoe، فإن أول ما يضطلع به لومين هو التخلص من مفهوم عد السعرات الحرارية. يقول سبيكتور إنّ «الأنظمة الغذائية التي تتحكم في السعرات الحرارية الصرفة لا تجدي نفعاً». تركز الشركات الكبرى بدلاً من ذلك على المغذيات الكبيرة Macronutrients، تلك التي تُعتَبر المكونات الرئيسة للنظام الغذائي، وبنحو خاص البروتينات والدهون والكربوهيدرات، حيث إنّ المكونين الآخرين هما النوعان الوحيدان من الوقود (الطاقة) اللذين يمكن للجسم استخدامهما. إنّ البروتين مهم لبناء العضلات لكنه لا يُستخدم كمصدر مباشر للطاقة، إلا في حالاتٍ قصوى تكون فيها الدهون والكربوهيدرات المخزنة قد استُهلكت.
الدهون مقابل الكربوهيدرات
إذا كانت الكربوهيدرات المتوافرة في الدم على شكل الغلوكوز متاحةً، عندها يفضل الجسم حرقها بدلاً من الدهون. يقول سبيكتور إنّ «كل ما في الجسم مصمم لمنع حرق الدهون». يصعب على الجسم استقلاب الدهون – إذ تتطلب مزيداً من التفاعلات الكيميائية، أكثر من تلك اللازمة للكربوهيدرات، لذلك يقدم الجسم طاقةً أقل مقارنةً باستقلاب الدهون التي يستغرق حرقها المدة الزمنية نفسها.
إنّ هذا هو المفهوم الأساسي في نظام لومين الذي ابتكرته الأختان التوأم ميراف وميشال مور Merav and Michal Mor المتخصصتان بالفسيولوجيا وتمارسان رياضات التحمُّل Endurance. يُدرك أي شخص يتنافس في مسابقات رياضات التحمُّل سبب تفضيل الجسم للكربوهيدرات على الدهون. فعند نفاد الكربوهيدرات يشعر الرياضي بفقدان مفاجئ للطاقة Hit the wall، حيث تشعر بثقل في العضلات، وكل ما في جسمك يخبرك أنه عليك الراحة. أرادت الأختان ابتكار طريقة للتلاعب Hack بالأيض لتحسين القدرة على حرق الدهون كي توفرا الطاقة اللازمة لسباقات اللياقة البدنية Ironman races. وسرعان ما أدركتا أنّ الأمر مفيد لأي شخص يرغب في تحسين معدل أيضه.
هذا وتدعي لومين أنها قادرة على رصد ما إذا كان الجسم يحرق الكربوهيدرات أو الدهون وذلك في الوقت الفعلي، وأنها قادرة على تدريب الشخص على التبديل بين الاثنين، وحرق الدهون متى تشاء واستخدام الكربوهيدرات فقط عندما يلزم استخدام تلك الطاقة غير المهمة. يعمل الجهاز من خلال مراقبة كمية الأكسجين وثاني أكسيد الكربون في أنفاسك، مكرراً اختباراً للأيض، لا يزال حتى الآن، متاحاً ضمن بيئة المختبر فقط. وحصل التحقق من دقة هذا الجهاز ومقارنته بنتائج المختبر في دراسة صغيرة عرضت على مراجعة الأقران Peer-reviewed.
هناك أسبابٌ أخرى إلى جانب فقدان الوزن تجعلك مهتماً بمعرفة ما إذا كان جسمك يحرق الدهون أو الكربوهيدرات، وتحسين قدرتك على المبادلة فيما بينهما. إنّ القدرة على التبديل بسهولة بين حرق الدهون وحرق الكربوهيدرات هي مقياس لمرونة الاستقلاب Metabolic flexibility. وأنّه من الواضح أنّ المرونة الأيضية يمكن أن تكون نافعة للصحة. استُخدِم مصطلح «المرونة الأيضية» لأول مرة في ثمانينات القرن العشرين لوصف القدرة غير العادية للدودة الطفيلية التي يمكنها التبديل في استخدام مصدرين للطاقة بحسب البيئة الموجودة فيها. بدأ العلماء بالتساؤل عن مدى أهمية المرونة الأيضية لصحتنا، إذ وجدوا أن الأشخاص النحيلين والأصحاء يجيدون استخدام الغلوكوز في الدم، وأنّ الأشخاص الذين يعانون فرطاً في السمنة، لديهم مقدرة أقل على حرق الكربوهيدرات. لقد كانوا مهتمين بما إذا كانت للناس القدرة على التبديل فيما بين مصادر الوقود (الطاقة) بناءً على حاجتهم إلى دفعة من الطاقة للتمارين الرياضية. وكان الجواب: الناس الذين لديهم مرونة أيضية يعتمدون على الدهون بعد عدة ساعات من عدم تناول الطعام ومن ثم يتحولون للكربوهيدرات بعد تناول الطعام، حيث وجدوا أنه من السهل حرق الكربوهيدرات والتبديل إلى الدهون إن استدعى الأمر. والمهم هنا أنّ القدرة على التبديل بين الأمرين كانت علامةً على المرونة الأيضية الصحية العامة. السؤال الذي أثارته أودري بيرغوينيان Audrey Bergouignan من جامعة كولورادو University of Colorado، دينفر، هو ما إذا كان في مقدورنا مساعدة الناس على تحسين مرونتهم الأيضية، هو النقطة التي سعت لومين إلى المساعدة بخصوصها. تتجلى الفكرة في أنه من خلال المبادلة بين حرق الدهون والكربوهيدرات، يمكننا تدريب الجسم على الاضطلاع بها بفعالية أفضل. هذا الأمر يتوافق مع تجربتي. فقد وجدتُ في أثناء الأسابيع الأولى أنه من المستحيل تجنب الحصول على قراءة لرقم لا يقل عن 4 في مقياس مؤلف من خمسة أرقام، حيث يشير الرقم 1 أو 2 إلى حرق الدهون والرقم 3 إلى حرق الدهون والكربوهيدرات معاً والرقم 4 أو 5 هو إجمالي حرق الكربوهيدرات. إنّ الاستيقاظ في حالة حرق للدهون يعتبر طريقةً من أهم الطرق لاختبار مرونة الأيض، حيث يكون الجسم في الليل قادراً على حرق كامل الكربوهيدرات المخزنة. يجب أن «تكون خزاناً فارغاً» كما تقول كايلا بلومينفيلد Kayla Blumenfeld مديرة العلاقات العامة في شركة لومين. وحينها، عندما تبدأ في تناول الطعام فإنك تغذي جسمك من دون حمولة زائدة من الكربوهيدرات.
المرونة الأيضية
هذا الموضوع مهم لأنه إذا كانت الكربوهيدرات متوافرة في مجرى الدم بنحو ثابت، عندها لن تتاح للجسم الفرصة لحرق الدهون. لحسن الحظ إننا لا نحاول إلغاء الكربوهيدرات من نظامنا الغذائي بنحو كلي، بل في الواقع تعزيز المرونة الأيضية، حيث يعرض لومين قدراً منخفضاً من الكربوهيدرات عند الاستيقاظ بوضع تكون فيه الكربوهيدرات قد احترقت. فعندما تتحسن في حرق الدهون، يُوصى بأن تكون هناك مستويات عالية من الكربوهيدرات في الأيام اللاحقة من أجل الحفاظ على المرونة الأيضية بحالة جاهزية تامة محققةً المبادلة المهمة.
تشير الأبحاث إلى أنّ المرونة الأيضية هي المفتاح للتغلب على المتلازمة الأيضية Metabolic syndrome، التي هي مجموعة من الأعراض مثل ارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول والسمنة، التي تعرضك لخطر أكبر للإصابة بأمراض القلب والسكري من النمط الثاني والسكتة الدماغية.
تشير الدراسات، في الحقيقة، إلى أنّ الذين يعانون المتلازمة الأيضية هم أكثر سوءاً فيما يخص المبادلة بين الدهون والكربوهيدرات، أي إنهم لا يتمتعون بالمرونة الأيضية.
من المؤكد أنّهم لا يتمتعون بالمرونة الأيضية لأنّ لديهم مشكلات صحية. للغوص أكثر في هذا المجال، تتبعت بيرغوينيان وفريقها المسألة إلى أبعد مدى. لقد كانوا مدركين أنّ النشاط البدني المعتاد هو مؤشر على المرونة الأيضية، لذا أخذوا مجموعةً من النساء لا يعانين مشكلات صحية كبيرة ودعوهنّ إلى الراحة في الفراش مدة شهرين، وعلى الرغم من ذلك لم يعانين عدم المرونة الأيضية فحسب بل فقدان التحكم في مستويات الغلوكوز في الدم مما عرّضهنّ للإصابة بمتلازمة الأيض. إضافةً إلى ذلك، فقد أظهر بحث أُجرِيَ على مدى طويل أن المرونة الأيضية هي مؤشر على مقدار الدهون والوزن الواجب اكتسابها كي يتسنى للمرء العيش خمس سنواتٍ لاحقة.
الخلاصة من كل هذا هي أن المرونة الأيضية يجب أن تُؤخذ على محمل الجد. ولحسن الحظ يمكن تحسينه بالتمرين الذي يعد خياراً من بين الخيارات. لعلّ دراسات بيرغوينيان المتعلقة بالراحة في السرير متطرفة، لكن فريقها اكتشف أنّ الأمر نفسه يحدث في الذين يمشون خطواتٍ أقل كل يوم.
من المؤكد أنّ أحد أكبر التنبؤات عما إذا كنت استيقظت حارقاً الدهون هو ما إذا كنت نشطاً بدنياً في اليوم السابق. الأمر الجوهري هو التدريب بانتظام. أظهر بحث نُشر أخيراً أجراه فريق بيرغوينيان أن المكوث فقط ثلاثة أيام من دون نشاط بدني يجعلك غير مرن أيضياً.
يُعَد الصيام المنتظم وسيلةً أخرى لتحسين المرونة الأيضية من خلال منح الجسم الوقت الكافي لحرق كل الغلوكوز الجاري في الدم سواءً الكربوهيدرات أو غيرها ومن ثم التحول لاستخدام الدهون. إنّ الجسم لا يحتاج إلى كميات كبيرة من الطاقة في الليل، لذا تنصحك لومين بالتوقف عن تناول الطعام قبل ساعاتٍ من الإخلاد إلى النوم.
اكتشفت شركة لومين من خلال تجميع البيانات من الآلاف ممن يستخدمون أجهزتها نمطاً مدهشاً يمكنه مساعدة الناس على تحسين المرونة الأيضية الصحية. لقد وجدت على سبيل المثال أنّ 40 % من مستخدميها يصومون مدة طويلة مما يعرض أجسامهم للإجهاد. والاجهاد إضافة إلى قلة النوم يعززان إنتاج الكورتيزول، وهو هرمون يؤثر في عملية الأيض مؤدياً إلى رفع مستوى السكر في الدم.
فضلاً عن مخاطر الإصابة بمرض السكري، فإن مثل هذه الزيادات مضرة لنا لأن الفترات المنتظمة لارتفاع نسبة الغلوكوز في الدم مرتبطة بالخمول، وشيخوخة الجلد، وزيادة خطر الإصابة بالسرطان والخرف، فضلاً عن أنها تُسبب تلف الأوعية الدموية، والذي قد يؤدي إلى أمراض القلب. «إنه يسبب إجهاداً للجسم يتراكم على المدى الطويل» على حد تعبير سبيكتور.
وهناك أجهزة تساعدنا على مراقبة هذه الارتفاعات في الوقت المناسب وتخبرنا عن الأطعمة التي تسبب هذه الارتفاعات (انظر: كيف تتلاعب بوجباتك). كانت مراقبة نسبة الغلوكوز في الدم في السابق مقتصرة على مرضى السكري، وحتى العام 2014 كانت تُجرَى بوخز الجلد والحصول على عينات الدم ومراقبة الغلوكوز من هذه العينة. إنّ أجهزة المراقبة المستمرة هي أجهزة صغيرة يمكن ارتداؤها، وتقرأ باستمرار مستويات الغلوكوز في السائل الكامن بين الخلايا والجلد، والذي يعتبر مؤشراً جيداً لنسبة الغلوكوز في الدم.
يمكن أن تُحدث هذه الأجهزة الشخصية فارقاً كبيراً في مجال الصحة وحتى لأولئك الذين يظنون أنفسهم بصحة جيدة. استخدمت إحدى الدراسات البارزة في العام 2018 أجهزة مراقبة الغلوكوز المستمرة على مجموعة من 57 شخصاً، ووجدت أنه حتى أولئك الذين يُعتَبرون أصحاء يعانون ارتفاعاً حاداً في مستويات الغلوكوز في الدم. لدى البعض، مجرد تناول المقرمشات المصنوعة من الذرة (Cornflakes) مع الحليب يسبب ارتفاعاً في نسب الغلوكوز في الدم مصحوباً بأعراض مرض السكري.
مع البدء في فهم التباين الفردي في عملية الأيض، من المحتمل أن نشهد ظهور عديد من الأجهزة في السوق، والأجهزة التي تؤثر في حياتنا هي التي تصمد في وجه الاختبار، لكن تجربتي مع لومين جعلتني أضطلع على الأقل بتحولات صغيرة في عاداتي والتي يمكنها، من الناحية النظرية، أن تحسِّن صحتي الأيضية تحسيناً كبيراً. أحاول أن أتناول الطعام باكراً في الصباح، وأن أستهلك الكربوهيدرات فقط عندما يلزم الأمر من أجل التمرين. كما نبّهتني مجدداً لأهمية النوم. بالطبع، لن تجعل أي تقنية مواكبة هذه التغييرات أمراً سهلاً، خاصة عندما يتعلق الأمر بمقاومة كرواسون الصباح، فلا يزال ذلك عملاً شاقاً بالنسبة إليَّ.
كيف تتلاعب بوجباتك
لقد كشف ظهور أجهزة مراقبة الغلوكوز المستمرة أنه حتى أولئك الذين يعتبرون أنفسهم بحالة صحية جيدة يمكن أن يتعرضوا لارتفاعات كبيرة في مستويات الغلوكوز في الدم، مما يجعلهم عرضة للإصابة بمرض السكري والشيخوخة المبكرة والخمول (انظر: المقالة الرئيسة). لحسن الحظ هناك طرق بسيطة تمكننا جميعاً من الحفاظ على مستويات السكر في الدم عند مستوى جيد.
تتمثل إحدى هذه الطرق في الترتيب الذي تتناول به طعامك، حيث بيّنت الدراسات أنه يمكن أن يؤثر بقدر كبير في استجابة الغلوكوز Glucose response. لتقليل ارتفاع نسبة الغلوكوز بعد تناول الوجبة، علينا أن نبدأ بالألياف، مثل الخضار، يليها البروتين والانتهاء بالكربوهيدرات والسكريات. تُبطّن الألياف الأمعاء ويبطئ البروتين عملية الهضم. بأخذ هذه الأمور جميعاً نجد أنّ الكربوهيدرات تُهضم بمعدل أبطأ، ممّا يؤدي إلى انخفاضٍ حادٍ في مستويات السكر في الدم. ولذلك، إن كنت من محبي الحلويات، فمن الحكمة أن تحصل على السكر في نهاية الوجبة بدلاً من تناولها بعد ساعات قليلة كوجبةٍ خفيفةٍ على معدةٍ فارغة.
وهناك حيلة أخرى تتمثل في تناول الأطعمة كاملة الألياف التي تحتوي أيضاً على النشاء لإبطاء عملية الهضم. أخيراً، تجنّب الإكثار من الإجهاد، إذ تُظهر الأبحاث أنه يحفز الجسم على إطلاق كثير من الغلوكوز، لمنحك الطاقة لاستجابة العراك أو الهرب Fight or flee – وهذا ليس ضرورياً عندما تجلس لتناول العشاء.
© 2022, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC
بقلم كاثرين دي لانغ