الأكباد المزروعة تؤدي وظائفها بعمر إجمالي يناهز 100 عام!
عُمِّرت الأكبادُ المزروعة من واهبين مسنين نحو 108 سنين، ودامت مدةً أطول من نظيراتها الممنوحة من واهبين شـباب، مما يطرح تسـاؤلات بشأن تفضيل الأكباد الفتيّة في عمليات الزرع
ربما تُعمَّر الأكباد المزروعة من واهبين مسنين زهاء قرن من الزمن في المجموع (أي عمرها في جسدي الواهب والمتلقي)، وقد تُعمَّر أحياناً أكثر من أكباد الواهبين الشبان!
من الشائع تفادي زراعة الأكباد من واهبين مسنين متوفَّين نظراً إلى التزايد المطرد في تليُّف الكبد وتندُّبه بمرور الوقت؛ إذ يحصل ذلك نتيجة عوامل مختلفة مثل استهلاك المشروبات الكحولية، والسمنة والإصابة بحالات العدوى الفيروسية.
غيرَ أنّ الباحثين يقدمون الآن أدلةً علمية على نجاعة عمليات زرع الأكباد من واهبين مسنين.
عكفت كريستين هوانغ Christine Hwang وياشا كاداكيا Christine Hwang وزملاؤهما – من مركز ساوث وسترن الطبي Southwestern Medical Centerand في جامعة تكساس – على تحليل البيانات الشاملة لـ 253,406 عملية زرع أكباد من واهبين متوفَّين في الولايات المتحدة الأمريكية، خلال المدة بين العامين 1990 و2022، فتبين لفريق الباحثين أن 25 كبداً عُمِّرت في أجساد الواهبين والمتلقين نحو 100 عام على أقلّ تقدير، وأنّ 14 كبداً ما زالت سليمة في أجساد المتلقين، وأنّ أطول الأكباد عمراً بلغ 108 سنين.
يعلّق كاداكيا قائلاً: «إنّ العامل المذهل في هذه الدراسة وجود أكباد عُمِّرت 100 عامٍ لدى 25 مريضاً»، وتضيف هوانغ: «لا ندري أيّ أنواع أخرى من الأعضاء المزروعة دامت 100 عام في المجموع».
وأشار الفريق خلال المؤتمر العلمي للكلية الأمريكية للجراحين American College of Surgeons Clinical Congress، الذي عُقد في سان دييغو بولاية كاليفورنيا، إلى أنّ جميع الأكباد المُعمَّرة لـ100 عامٍ قد دامت في أجساد المتلقين عقداً على أقلّ تقدير، وأشار كذلك إلى أنّ نسبةً قدرها 60% من الأكباد غير المعمَّرة 100 عام قد دامت عقداً بعد الزرع.
والأكباد المعمَّرة 100 عام جاءت من أفراد بلغ متوسط أعمارهم عند الوفاة 84 عاماً، في حين أتت الأكباد غير المعمَّرة 100 عامٍ من أفراد بلغ متوسط أعمارهم عند الوفاة 38 عاماً. وتعطي هذه النتائج أدلّة علميّة على أن مساهمة الواهبين المسنين في عمليات الزرع أنجع أحياناً من نظرائهم الشباب.
يقول كاداكيا: «يتفادى النّاس غالباً زراعة الأكباد المعمَّرة، ولكنّ هذه الدراسة تبين أن الأكباد المعمَّرة من واهبين مسنين تؤدي وظائفها أداء سليماً في بعض الحالات».
وعكف فريق الباحثين على تحليل عينات الدم المأخوذة من الواهبين عقب وفاتهم مباشرة، فخلصوا إلى انخفاض مستويات إنزيمات الدّم المسماة الترانسامينيز Transaminases – المتصلة بحالات التهاب الكبد – لدى واهبي الأكباد المعمَّرة (100 عام)، مقارنة بواهبي الأكباد غير المعمَّرة 100 عام.
واتبع الباحثون نمذجة رياضياتية تُسهم في تقرير عمليات الزرع المناسبة، فاكتشفوا مجموعة متنوعة من العوامل – عند الواهبين والمتلقين – التي ساهمت في ديمومة الأكباد المعمَّرة 100 عام مدة أطول من المفترض، ومن ضمنها الإصابة بأمراض أخرى والعرق والجنس والعمر ومؤشر كتلة الجسم Body mass index.
ويشير هذا الأمر إلى إغفال النموذج بعضَ العوامل المجهولة التي تحدد ديمومة الكبد، ومع ذلك، ليس جلياً ما إذا كانت النتائج تنطبق على عمليات الزرع خارج الولايات المتحدة الأمريكية.
يقول كاداكيا: «إنّ دراسة الأكباد المعمَّرة 100 عام تظهر مؤشرات حيوية جديدة عظيمة الأثر على عمر الكبد؛ فمعالجة تلك العلامات في الأكباد قبل زراعتها تُفيدنا في تحسين نتائج العمليات».
وتقول باتريشيا لالور Patricia Lalor، من جامعة برمنغهام في المملكة المتحدة: «المهم هو أنّ هذه الدراسة توضح أنّ أكباد الواهبين السليمة والمعمَّرة تؤدي وظائفها أداء حسناً في أجساد المتلقين، فنحن في حاجة ماسّة إلى أعداد أكبر من أعضاء الواهبين حتى نستوفي الاحتياجات المطردة لعمليات الزرع».
© 2022, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC
بقلم كاريسا وونج