أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
طب

كيف يمكن للموجات فوق الصوتية علاج كل شيء من الشيخوخة وحتى السرطان

الموجات فوق الصوتية هي أكثر التقنيات ألفة لنا من بين التقنيات غير الباضعة المستخدمة خلال الحمل. وهي الآن تدخل مرحلة التجارب الإكلينيكية كأداة جديدة قوية لعلاج جميع أنواع الأمراض

بقلم كايت سوكيل

تخيل أداة طبية يمكنها علاج عدد هائل من أمراضنا، الكبيرة منها والصغيرة. أداةً أظهرت نتائج واعدة في تدمير الأورام السرطانية أو إزالة دهون الجسم المرتبطة بالسمنة. أو أنها أداة قد تكون فعالة ضد أمثال آلام الظهر والغلوكوما (المياه الزرقاء/الزرق)، وأن فوائدها متعددة لدرجة أنها تعتبر أداة لمعالجة الاكتئاب أو القلق. والمثير للدهشة أن هذه التقنية موجودة. والأكثر إثارة للدهشة هو أنها تعمل ببساطة عن طريق توليد موجات صوتية.

صحيح أنها مألوفة لنا بسبب استخدامها في التصوير الطبي، إلا أن الموجات فوق الصوتية برزت في العقود الأخيرة كأداة طبية مرنة جداً. باستخدام الحرارة التي تولدها الموجات فوق الصوتية الشديدة، يمكننا تدمير الأورام أو الأنسجة المريضة الأخرى في عمق الجسم دون إجراء أي شقوق. وأنا إنْ قللت شدتها، يمكننا الحصول على وصول غير مسبوق إلى الدماغ، وهز الخلايا لتغيير سلوكها بطرق يبدو أنها تحسن الصحة النفسية. وعند الدرجة المناسبة، قد تعكس الموجات فوق الصوتية علامات الشيخوخة الجسدية وتقلل من مشكلات التعلم والذاكرة المرتبطة بالشيخوخة.

يقول نير ليبسمان Nir Lipsman في معهد سانيبروك للأبحاث Sunnybrook Research Institute في تورنتو، كندا: «الموجات فوق الصوتية هي بالفعل أداة واسعة الانتشار في الطب. ولكن هناك تركيزاً هائلاً عليها في الوقت الحالي بسبب الطرق المُتعدِّدة التي يمكننا استخدامها لعلاج الأمراض المختلفة».

التطبيقات المحتملة كثيرة متسارعة لدرجة أنها تفوق قدرتنا على فهم سبب فعاليتها. والسؤال الآن هو: هل يمكننا معرفة كيف تؤثر الموجات فوق الصوتية في خلايانا، ليصير بالإمكان أن تصل هذه التقنية إلى إمكاناتها الكاملة؟

التصوير الطبي
تستخدم الموجات فوق الصوتية، وهي الأصوات عالية التردد فوق 20 كيلو هرتزاً، على نطاق واسع للتصوير الطبي. لكننا عرفنا منذ عقود أن لها إمكانات أكثر من ذلك بكثير. في أربعينات وخمسينات القرن العشرين، اكتشف ويليام وفرانسيس فراي William and Francis Fry من جامعة إلينوي University of Illinois أن الموجات فوق الصوتية يمكن أن تعمل أيضاً كأداة جراحية. طور الأخوان جهازاً يركز الموجات فوق الصوتية من عدة اتجاهات على بقعة واحدة داخل الأنسجة. دمرت الحرارة المركزة الخلايا في الموقع الهدف، في حين تركت الأنسجة المحيطة من دون أذى.

بحلول أوائل الستينات، كان الأخوان فراي وزملاؤهما يستخدمون الموجات فوق الصوتية المركزة عالية الكثافة high-intensity focused ultrasound (اختصاراً: الموجات HIFU) لاستهداف وتدمير الأنسجة غير الصحية في أدمغة البشر لعلاج الأعراض المرتبطة بمرض باركنسون ببعض النجاح.

«يمكنك تركيز الموجات فوق الصوتية إلى أطوال مختلفة، وعند القيام بذلك، يمكنك استهداف مناطق أعمق في الدماغ بطرق لا يمكنك استخدامها مع التقنيات الأخرى»، كما يقول وين ليجون Wynn Legon من جامعة فرجينيا للتقنية Virginia Tech.

وتبع ذلك المزيد من التطبيقات في وقت لاحق من القرن العشرين. بدأ بعض الباحثين استكشاف إن كان بإمكان الموجات HIFU تدمير الأورام السرطانية، سواء في الحيوانات أو في البشر. وبدأ آخرون باستخدامه في جراحة العيون. 

لا يقتصر استخدام الموجات HIFU على علاج مختلف أنواع السرطان، بما في ذلك سرطان البروستات، بل إن هناك أدلة على أنها يمكن استخدامها لعلاج آلام الظهر

ولم يكن ذلك إلا غيضاً من فيض. أما حالياً، فإن عدد التطبيقات المحتملة مذهل. ولا يقتصر استخدام الموجات HIFU على علاج مختلف أنواع السرطان، بما في ذلك سرطان البروستات، بل إن هناك أدلة على أنها يمكن استخدامها لعلاج آلام الظهر. وفي الوقت نفسه، تظهر التجارب قبل الإكلينيكية (قبل السريرية) أن هذه التقنية يمكن أن تدمر دهون الجسم الموجودة تحت الجلد، مما يشير إلى إمكانية استخدامها في علاج السمنة. كما يمكن لأي شخص شراء نظام موجات HIFU شخصي مصمم لعلاج التجاعيد (انظر: بشرة أكثر نعومة) مقابل بضع مئات من الجنيهات.

وحقيقة أن الموجات HIFU هي تقنية غير باضعة (غير جراحية) Non-invasive، ويمكن أن تصيب هدفها بدقة تفسّر سبب فائدتها الكبيرة، بحسب ما يقول ليجون. كما يقول: «هذا يعني أنه يمكن استخدامها لمجموعة واسعة من الأغراض المختلفة».

كما أن دقتها تجعلها مفيدة بشكل خاص في الدماغ. عندما بدأ الأخوان فراي وزملاؤهما لأول مرة باستخدام التقنية لعلاج داء باركنسون، كان من الضروري إزالة جزء صغير من الجمجمة لأن العظام تؤثر على القدرة على تركيز الموجات فوق الصوتية. ولكن قبل نحو 30 عاماً، تغلب الباحثون على هذه العقبة؛ حيث طوروا أجهزة أكثر تطوراً يمكنها تعديل الموجات فوق الصوتية للتكيف مع سمك جمجمة الفرد، مما يعني أنه لم يعد من الضروري إزالة أي عظام. سمح هذا التطور للباحثين بتجربة الموجات HIFU كعلاجٍ لعدد أكبر من الحالات. فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام الموجات HIFU في استهداف مناطق صغيرة من الجهاز الطرفي (الحوفي) Limbic system، والذي يؤدي دورا في معالجة العواطف، فيساعد على علاج الاضطراب الوسواسي القهري.

يقول ليبسمان إن قائمة تطبيقات الموجات HIFU قد تكبر أكثر، «شريطة أن تعرف أين توجه الموجات فوق الصوتية للحصول على الآثار التي ترغب فيها».

ولكن هناك جانباً آخر للموجات فوق الصوتية؟ في خمسينات القرن العشرين عندما كان الأخوان فراي يطوران تقنيتهما، توصلا إلى اكتشاف آخر: عندما قللا من شدة الموجات فوق الصوتية، استطاعوا تغيير الطريقة التي تتصرف بها الخلايا دون تدميرها. فعلى سبيل المثال، أظهرت الاختبارات في القطط أن استخدام ما صار معروفاً بالموجات فوق الصوتية المركزة منخفضة الكثافة low-intensity focused ultrasound (اختصاراً: الموجات LIFU) على منطقة في الدماغ لها علاقة بالرؤية، والمسماة النواة الركبية الجانبية lateral geniculate nucleus، قللت بشكل مؤقت من قدرة الحيوانات على الاستجابة للضوء.

علاجٌ للاكتئاب
يقول ليجون: «كان ذلك بحثاً رائداً». لكنه يقول، لسبب ما، فإن فكرة التلاعب بالخلايا باستخدام الموجات LIFU «لم تكن شائعة». ولكن الأمر بقي على حاله حتى عام 2010، عندما أظهر وليام تايلر William Tyler في جامعة ولاية أريزونا Arizona State University وزملاؤه أن الموجات LIFU التي استُخدِمت على القشرة الحركية Motor cortex في الفئران جعل أقدامها أو ذيولها ترتعش. وأشار هذا العمل إلى أن هذا النوع من الموجات فوق الصوتية يمكن أن يحفز العصبونات (الخلايا العصبية) Neurons في منطقة دقيقة من الدماغ دون الحاجة إلى أقطاب كهربائية مزروعة جراحيا. يقول ليجون: «بدأ العلماء يتحمسون لذلك مرة أخرى».

في غضون بضع سنوات، كان تايلر وليجون وزملاؤهم يستكشفون آثار الموجات LIFU في البشر. واستخدمت الموجات LIFU على القشرة الحسية الجسدية Somatosensory cortex، وهي منطقة من الدماغ تتلقى إشارات من الجلد، مما أدى إلى تحسين حساسية الجلد لدى المتطوعين. وعند تركيزها بدلا من ذلك على القشرة الحركية الأساسية، فإنها عززت من وقت رد الفعل ببضعة ميلي ثوان. وبدعم من هذه الاكتشافات، يستكشف الباحثون الآن إن كان بإمكان الموجات LIFU تعديل سلوك خلايا الدماغ لعلاج مجموعة من الأمراض. كما تُجرى العديد من التجارب الإكلينيكية لاستكشاف إن كانت الموجات LIFU علاجاً فعالاً للاكتئاب، أو القلق أو الصرع أو اضطراب ما بعد الصدمة Post-traumatic stress disorder. وفي الوقت نفسه، بدأ ليغون تجربة إكلينيكية في العام الماضي لفهم كيف يمكن أن تساعد الموجات LIFU الناس على تخفيف الألم. ويقول إن النتائج الأولية مشجعة، على الرغم من أن هناك المزيد للقيام به قبل أن تصبح علاجاً قابلاً للتطبيق.

ولكن هناك تطبيقاً آخر للموجات LIFU يمكن القول إنه يثير الضجة الأكبر. لا تقتصر فائدة الموجات فوق الصوتية على التلاعب بالخلايا، بل يمكن استخدامها أيضاً لاختراق الحاجز الدموي الدماغي Blood-brain barrier. يحيط هذا الغشاء شبه النفاذ بنظام الأوعية الدموية المتخصص في الدماغ، حيث يمنع مسببات الأمراض والمواد الأخرى في الدم من العبور إلى الأنسجة العصبية. المشكلة هي أن الحاجز الدموي الدماغي يبقي نحو 98% من الأدوية خارج الدماغ، والتي كانت منذ فترة طويلة عقبة أمام علاج الحالات في هذا الجزء من الجسم، بما في ذلك السرطان وداء آلزهايمر (تنطق آلزايمر).

على مدى السنوات العشرين الماضية، بدأ الباحثون في استغلال حقيقة أن الموجات LIFU يمكنها هز أي شيء تُرَكَّزُ عليه. يقوم العلماء الآن بحقن فقاعات بعرض 0.5 إلى 1 ميكرومتر ممتلئة بالهواء أو غاز آخر في مجرى الدم ثم يستخدمون الموجات LIFU لتحريكها أثناء مرورها عبر الأوعية الدموية في الدماغ. يؤدي القيام بذلك إلى انفجار الفقاعات، وتؤدي موجة الصدمة الناتجة إلى تمزيق الحاجز الدموي الدماغي مؤقتاً، مما يسمح للأدوية أو الجزيئات الأخرى بدخول نسيج الدماغ.

كان ليبسمان عضوا في فريق استخدم هذه التقنية لأول مرة لاختراق الحاجز الدموي الدماغي البشري في عام 2015. منذ ذلك الحين، استُخدمت هذه التقنية في التجارب الإكلينيكية لعلاج أورام الدماغ. يعمل جيفري كورداورJeffrey Kordower في جامعة ولاية أريزونا Arizona State University على استخدام الموجات LIFU والفقاعات الدقيقة لإيصال العلاجات الجينية لداخل الدماغ لعلاج داء باركنسون. لكن، لم يصل فريقه لما يطمحون إلى تحقيقه بعد، لكن كورداور يرى إن نهجهم واعد جدا.

ويقول: «بمجرد أن نصل إلى النقطة التي يمكننا فيها إيصال علاجات جينية محددة عبر الحاجز الدموي الدماغي، يمكن أن يشكل ذلك وسيلة علاج تستخدم للعديد من الأمراض العصبية التنكسية Neurodegenerative diseases».

نظراً لأن هذا الحاجز ذو اتجاهين، فإن اختراقه يوفر أيضاً فرصة لطرد البروتينات الإشكالية وغيرها من المنتجات التي تتراكم في الدماغ. استخدم يورغن غوتز Jürgen Götz من جامعة كوينزلاند University of Queensland في أستراليا وزملاؤه شكلاً من أشكال الموجات LIFU مع فقاعات دقيقة لإزالة رواسب الأميلويد Amyloid المرتبطة بداء آلزهايمر من الفئران المُعدَّلة Altered للحصول على نسخة من داء آلزهايمر.

في هذه الأثناء، يستخدم ليبسمان حالياً تركيبة LIFU – microbubble من أجل «الضخ النشط» لواسمات الحمض النووي من الأورام الأرومية الدبقية Glioblastoma tumors عبر الحاجز الدموي الدماغي إلى مجرى الدم في الجسم. ومن هناك، يسهل على الأطباء أخذ عينات منها لمراقبة استجابة الفرد لعلاج السرطان.

يقول ليبسمان: «نجري حالياً تجربة أولية على البشر، وإذا نجحت، فقد تفتح طريقة جديدة لنا لمراقبة تطور المرض في الدماغ».

ومع ذلك، فإن التطورات الأخيرة مع الموجات LIFU ربما تكون الأكثر إثارة للدهشة. تشير هذه التطورات إلى أنه يمكن أن الموجات LIFU يمكن أن تجدد خلايا الدماغ ويحتمل أن تعكس علامات الشيخوخة في أماكن أخرى من الجسم.

ومع تقدم الثدييات في العمر، تفقد أدمغتها القدرة على معالجة المعلومات الجديدة، مما يخلق يؤدي إلى تدهور قدرات التعلم والذاكرة. تساءل غوتز وفريقه إن كان يمكن للموجات LIFU أن تساعد على عكس هذا الانخفاض. كانت فكرتهم هي استخدامها، إلى جانب الفقاعات الدقيقة، لاختراق الحاجز الدموي الدماغي والسماح لمجموعة من المنتجات المنقولة بالدم، التي لم يتم تحديدها بعد، بالدخول إلى الدماغ. يبدو أن هذه المنتجات تساعد على تحسين أداء الخلايا عبر عدة طرق، من ضمنها إزالة تكدس البروتين من الدماغ.

عكس الشيخوخة
أكدت الدراسات التي أجريت على الفئران فكرتهم، إلى حد ما. الفئران التي اختُرق فيها الحاجز الدموي الدماغي باستخدام هذه التقنية اختبرت بالفعل الفوائد المتوقعة في أداء خلايا الدماغ. لكن غوتز وزملاؤه فوجئوا عندما وجدوا أن مجموعة من الفئران التي تعرضت للموجات LIFU وحدها (والتي بقي الحاجز الدموي الدماغي فيها مغلقاً) كانت نتائجها في الواقع أفضل؛ فقد استعادت هذه الفئران مستويات التأييد طويل الأمد Long-term potentiation، وليس ذلك فحسب، بل إن قدرتها على معرفة معلومات جديدة عن بيئتها تحسنت أيضا. وهذا التعزيز في التعلم لم يظهر على الفئران التي اخترق فيها الحاجز الدموي الدماغي – وأما السبب في ذلك فليس واضحاً.

يقول غوتز: «كان الأمر رائعاً جداً». وقد دفع هذا البحث غوتز وزملاءه إلى التفكير في تجربة هذه التقنية على كبار السن لمعرفة إن كان لها آثار مماثلة على التعلم.

توصل مايكل شيتز Michael Sheetz من الفرع الطبي بجامعة تكساس University of Texas Medical Branch وزملاؤه إلى اكتشافات مثيرة للاهتمام كذلك. في دراسة نشرت على الإنترنت في أواخر العام 2022 قبل مراجعتها من قبل الأقران، وجدوا أن تعريض الخلايا الحيوانية المسنة – أو «الشائخة» – في طبق للموجات فوق الصوتية منخفضة التردد يجدد شبابها، ويشجعها على النمو والانقسام بطريقة مماثلة للخلايا الشابة. ومن اللافت للنظر أن التأثيرات بدت وكأنها تترجم إلى حيوانات بكاملها: فالفئران المسنة التي وضعت في حمام من الماء الدافئ وتعرضت للموجات فوق الصوتية منخفضة التردد بدأت تتصرف مثل الفئران الأصغر سناً. وفي إحدى الحالات، بدأ الفأر ذو الظهر المنحني ومشكلات الحركة في التحرك بشكل طبيعي مرة أخرى بعد العلاج.

يقول شيتز: «سأعترف أنني شككت بأن تكون النتائج جيدة جداً بحيث لا يمكن أن تكون صحيحة، لكن النتائج أوضح من أن يشكك بها». يبدو أن الموجات فوق الصوتية تعكس الشيخوخة في هذه الحيوانات. ما تبقى هو أن نرى إن كان يمكن بالإمكان تحقيق الأمر نفسه في البشر».

يخطط شيتز الآن لتجربة تشمل الأشخاص الذين يعانون هشاشة العظام أو داء السكري، وهما مرضان يمكن ربطهما بالخلايا المسنة. ولكن حتى عندما يبدأ الباحثون في الحلم بالتطبيقات الإكلينيكية، فإنهم لا يزالون في حيرة من أمرهم حول كيفية إنتاج الموجات LIFU – والموجات فوق الصوتية منخفضة التردد بشكل عام – لمثل هذه النتائج الرائعة.

«هل هي آلية ميكانيكية؟ أم فيزيائية؟ أم حرارية؟ ما الذي تفعله بالضبط؟ هذا أمر لا يزال قيد البحث»، كما يقول ليجون.

ويظن أن القوى الميكانيكية لها دور في ذلك. عندما تمر الموجات فوق الصوتية منخفضة الكثافة فوق الخلايا، فإنها تنشئ تغيرات صغيرة في الضغط داخل النسيج. تشير الأبحاث إلى أن هذا يمكن أن يؤثر في بعض القنوات المستقبلة Receptor channels الموجودة على خلايا الدماغ، مما يغير كيفية تصرف الخلايا والتواصل فيما بينها.

يعتقد شيتز أن طريقة عمل هذه التقنية في فئرانه المسنة مختلفة. يعتقد أن تغيرات الضغط من الموجات فوق الصوتية يمكن أن تدفع الخلايا المسنة وتسحبها، مما يعطيها نوعاً من التمارين البدنية. وهذا ينشط بدوره عملية نائمة تسمى الالتهام الذاتي Autophagy والتي تسمح للخلايا بالتخلص من المكونات ضعيفة الأداء والعودة إلى نظام عمل جيد.

كما يقول: «أحد العوامل الرئيسية في الشيخوخة هو أن الالتهام الذاتي محظور. يبدو أن الموجات فوق الصوتية تنشط بطريقة ما مسار الالتهام الذاتي في الخلايا المسنة، مما يسمح للخلايا بتنظيف الحطام والعودة إلى السلوك الطبيعي».

وهناك آليات مقترحة أخرى. اقترحت دراسة أجريت عام 2019 أن الموجات LIFU تؤثر في أنسجة الدماغ عبر خلايا دماغية على شكل نجمة تسمى الخلايا النجمية Astrocytes، والتي لها العديد من الأدوار، من ضمنها توفير الدعم للعصبونات.

في مراجعة نشرت في وقت سابق من هذا العام، اقترح غوتز وزملاؤه أن واحدة من هذه الفرضيات يمكن أن تكون صحيحة، كما يمكن أن تكون أكثر من واحدة منها أو ربما كلها صحيحة. ويقول: «اعتماداً على نوع الموجات فوق الصوتية التي تستخدمها، وأي جزء من الدماغ تستهدفه، وما الأمراض الموجودة، قد ترى تأثيرات مختلفة».

ويقول ليجون إنه حتى عندما نفهم كيف تعمل الموجات فوق الصوتية منخفضة التردد، هناك مشكلات أخرى يجب التغلب عليها قبل أن يتم تقديم التكنولوجيا في المستشفيات. على وجه الخصوص، هناك مسألة معرفة المدة التي تستمر فيها آثار العلاج.

ويقول: «تظهر الكثير من الأبحاث الحالية أن التأثيرات تستمر لمدة ساعة، وربما ساعتين، اعتماداً على المدة التي تُعطى فيها الموجات فوق الصوتية بالنسبة إلى ترجمة العلاج للجانب الإكلينيكي، سنحتاج إلى رؤية تأثير أطول مدى».

وحتى فئران شيتز المجدَّدة، سرعان ما تعود إلى حالتها الضعيفة بمجرد توقفها عن تلقي الموجات فوق الصوتية. ويقول: «هذا ليس شيئاً يمكننا من خلاله إعطاء جلسة علاجية واحدة فقط لحل المشكلة نهائيا».

لكن ليغون لا يزال متفائلا. يقول إنه عندما تنظر إلى طرق أخرى للتأثير في سلوك الخلية، مثل التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة، فقد استغرق الأمر عقوداً لتعديل التكنولوجيا ومساعدتها على الوصول إلى إمكاناتها الكاملة.

بحسب ما يقول ليبسمان فإن التحسين يستغرق وقتاً طويلاً ويرجع ذلك جزئياً إلى وجود العديد من المتغيرات ذات التأثير، وليس أقلها تغيير قوة ومدة العلاج. كما يقول: «تنوع هذه التكنولوجيا هو سيف ذو حدين». لكنه يعتقد أن المكافأة النهائية ستستحق الجهد المبذول لها. ويقول: «هذه تقنية يمكننا من خلالها التحكم بالعلاج بحيث نحل مختلف المشكلات. الموجات فوق الصوتية واعدة بشكل يفوق التصور».

بشرة أكثر نعومة
تحمل الموجات فوق الصوتية المركزة عالية الكثافة (اختصارا: الموجات HIFU) وعداً لعلاج مجموعة متنوعة من الحالات الطبية. ليس هذا فحسب، بل إن الدراسات تشير إلى أن لديها أيضا القدرة على تجديد شباب الجلد من خلال توفير شد الوجه غير الجراحي، والذي تنافس نتائجه النتائج الجراحية. تولد الموجات HIFU الحرارة في النسيج الضام تحت الجلد. استجابة لذلك، ينتج الجسم جزيئات التئام الجروح التي تعيد تشكيل بروتين الكولاجين في هذا النسيج وشدّ الفك المترهل. فهذه الدراسات ليست دراسات مثالية، ومن ثمَّ فهي تحتاج إلى مزيد من التأكيد، ولكن في تجربة واحدة غير عشوائية Non-randomised trial لجهاز من أجهزة الموجات HIFU الذي يستخدمه أطباء الأمراض الجلدية، أبلغ ما يقرب من ثلثي المشاركين عن شدّ ملحوظ في الخد والفك – كما كان هناك مجموعة من المقيّمين المستقلين لاحظوا أيضاً تحسينات في 60% من المجموعة.

حالياً، تتوفر أجهزة الموجات HIFU الأقل قوة للبيع مباشرة للمستهلكين، وتشير دراسة نشرت العام الماضي إلى أنها يمكن أن تقلل من التجاعيد في الفئران – على الرغم من أن عملها في البشر لا يزال أمراً غير واضح.

© 2023, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى