الهندسة العصبية تعيد ترتيب توصيلات الدماغ باستخدام الضوء لتغيير السلوك
تتطلب الأساليب الحالية لمعالجة الخلايا العصبية بالضوء إجراءات جراحية باضعة، ولكنه يمكن لتقنية جديدة ربط الخلايا العصبية ببعضها من دون الحاجة إلى جراحة
يمكن لطريقة تربط عصبونات (الخلايا العصبية) Neurons الدماغ غير المتصلة ببعضها وتغيير سلوك الكائن الحي، والتي يطلق عليها اسم الهندسة العصبية Neural engineering، أن تساعد يوماً ما على علاج إصابات العمود الفقري.
توجد بالفعل تقنية لمعالجة الخلايا العصبية بالضوء، تُعرف بتقنيات علم البصريات الوراثي Optogenetics، والتي تُستخدم لمجموعة متنوعة من الأغراض، مثل التحكم في حركة الديدان الأسطوانية (نيماتودا) Nematode سينورابديتيس إيليغانس Caenorhabditis elegans. ولكن استخدام هذه الطريقة في الفقاريات، بما في ذلك البشر، يتطلب إجراءات جراحية باضعة Invasive حتى يصل الضوء إلى خلايا دماغية محددة.
أراد مايكل كريغ Michael Krieg من معهد العلوم الضوئية Institute of Photonic Sciences (اختصاراً: المعهد ICFO) في إسبانيا ابتكار بديل غير جراحي، باستخدام الضوء كناقل عصبي Neurotransmitter. في الدماغ النموذجي، الناقلات العصبية عبارة عن مواد كيميائية تُفرز في الفجوة بين خليتين عصبيتين، تُعرف أيضاً بالمشتبك العصبي Synapse، مما يسمح لها بالتواصل.
توصل كريغ وزملاؤه إلى طريقة للقيام بذلك باستخدام جسيمات الضوء، تسمى الفوتونات، في بعض نقاط المشتبكات العصبية في الديدان الأسطوانية.
للقيام بذلك، عدّل الباحثون بعض الخلايا العصبية في الدودة – باستخدام تقنيات الهندسة الوراثية – بحيث لا تنتج أي ناقلة عصبية عند تنشيطها. عدّلوا أيضاً نوعين من البروتين الموجودين على جانبي المشتبك العصبي، ما قبل المشتبك Presynapse وما بعد المشتبك Postsynapse، والتي عادةً ما ترسل ويستقبل الناقلات العصبية.
أنتج ما قبل المشتبك المُعدَّل وراثياً إنزيماً يطلق الفوتونات عند تنشيطه، في حين أنتج ما بعد المشتبك المُعدَّل بروتيناً يستجيب للفوتونات ويحفّز إطلاق الإشارة العصبية من خلية عصبية ثانية.
لإثبات أن طريقتهم نجحت، استفاد الباحثون من جاذبية الدودة الطبيعية لمركب كيميائي يسمى ثنائي الأسيتيل Diacetyl، والذي تنبعث منه رائحة مصدر غذائي، ومن ثم يكون جذاباً عادة للكائنات.
باستخدام تقنية الهندسة العصبية، تمكن الباحثون بدلاً من ذلك من جعل الديدان تندفع بعيداً عن ثنائي الأسيتيل. فقد ربطوا الخلايا العصبية التي تسجل رائحة المركب بالدائرة العصبية التي تؤدي إلى سلوك التجنّب Avoidant behaviour، مما يسمح للخلايا بالتواصل. يقول كريغ إن هذه الدوائر العصبية Circuits ليست متصلة ببعضها البعض في دودة خيطية نموذجية.
يقول: «لا يوجد الكثير من الطرق المتاحة التي يمكنك من خلالها توصيل اثنتين من الخلايا العصبية ليستا على اتصال فيزيائي مباشر… لذا يمكن للفوتونات سد هذه الفجوة».
كذلك، يقول كريغ إن أكبر قيد على هذه الطريقة هو حقيقة أن الإنزيمات الموجودة في ما قبل المشتبك العصبي لا تنتج العديد من الفوتونات، ومن ثم لا تنشط دائماً القنوات الأيونية في ما بعد المشتبك العصبي، مما يجعلها غير موثوق بها. ولكن هذا يجب أن يتحسن مع مزيد من البحث، كما يقول.
هذا، ويأمل الفريق بأن تُستخدم هذه الطريقة يوماً ما لعلاج إصابات العمود الفقري، حيث تعاني الخلايا العصبية للتواصل مع بعضها بعضا باستخدام النواقل العصبية.
يقول كريغ: «على المدى الطويل، يمكن أن يؤدي هذا إلى تصميم شبكات عصبية اصطناعية تعيد توصيل الوصلات المعطلة الموجودة داخل الفقرات التي تحتوى أجزاء الحبل الشوكي المصاب… يمكنك توصيل الخلايا العصبية في النخاع الشوكي وظيفياً باستخدام فوتونات بعيدة جداً عن بعضها البعض – لكن مثل هذا العلاج لا يزال بعيداً جداً».
وتقول ديفيا شاري Divya Chari من جامعة كيلي Keele University في المملكة المتحدة: «أعتقد أن هذه دراسة مثيرة للاهتمام جدا… هذه طريقة جديدة للتحكم في الإشارات بين الخلايا العصبية، لكنني أعتقد أن التطبيقات العلاجية لاتزال بعيدة المنال».
بقلم: جيسون أرون موروجيسو
ترجمة: Google Translate
تنقيح: فريق تحرير مجلة العلوم
المصادر العلمية:
Journal reference:
Nature Methods DOI: 10.1038/s41592-023-01836-9
مصدر المقالة:
© 2023, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC