خلية النحل الروبوتية تنعش مستعمرة نحل العسل من برد الشتاء القاتل
بالجمع بين نظام روبوتي وخلية نحل Beehive، نجح العلماء في تدفئة مستعمرة نحل العسل وإنعاشها، بعدما كانت تعاني حالة بيات شتوي محفوفة بالمخاطر تسمى غيبوبة البرد Chill-coma. وإضافة إلى تنشيط النحل المتجمد الذي هو على شفا النفوق، تسمح “خلية النحل الروبوتية” Robotic beehive للباحثين أيضًا بمراقبة أنماط درجات الحرارة ورسم خريطة نشاط مستعمرة النحل.
يقدم النظام الجديد، الذي نُشرت تفاصيله في مجلة ساينس روبوتك Science Robotics، وسيلة لمربي النحل وعلماء البيئة لتتبع صحة خلايا النحل بينما تواجه هذه المُلقِّحات Pollinators خطر العدوى من الطفيليات المدمرة، وتعاني تبعات الظروف المناخية المتقلبة والمتطرفة المرتبطة بتغير المناخ.
قال روب ميلز Rob Mills، مؤلف الدراسة وعالم في مجموعة موبوتس MOBOTS من كلية لوزان الاتحادية للفنون التطبيقية École Polytechnique Fédérale de Lausanne: “قد تتضور مستعمرات النحل جوعا في الشتاء على الرغم من أن لديها احتياطيات من العسل في خليتها، وذلك إذا حال البردُ بينها وبين هذا العسل، وروبوت يهيىء مسارًا دافئًا للعسل سيساعدها على الوصول إلى المخزون”.
ما الذي يعتري النحل؟
يعتبر نحل العسل الغربي، أو أبيس ميلفيرا Apis mellifera، نوعًا حيّا Species أساسيًا يدعم عددًا لا يحصى من النظم الإيكولوجية الطبيعية والزراعية، وذلك من خلال تقديم خدمات التلقيح. وهذه الحشرات أيضا لا غنى عنها في صناعة تربية النحل التجارية. ومع ذلك، فإن هذه الحيوانات الأساسية معرضة للخطر بشكل متزايد.
قال ميلز: “هناك العديد من المشكلات التي يمكن أن يواجهها نحل العسل، مثل مُسببات الأمراض Pathogens أو السموم Environmental toxins ، والتي قد تبدأ بالتأثير على نحلة واحدة أو بضع نحلات، وسرعان ما تنتهي بالتأثير في مستعمرة كاملة”.
عدو نحل العسل الأكثر شهرة هو فارّوا ديستركتور Varroa destructor، وهو سوس طفيلي Parasitic mite يحمل أيضًا فيروسات ضارة. ومستعمرات النحل التي تتعرض لهجوم السوس وتعاني الإجهاد تغدو أكثر عرضة لمخاطر أخرى، بما في ذلك برد الشتاء.
نظرًا لأن نحل العسل هي كائنات من ذوات الدم البارد Ectothermic، فإنها تتزاحم مع بعضها للحصول على الدفء في فصل الشتاء. فتتحرك بشكل جماعي ككتلة واحد في أنحاء الخلية للوصول إلى مخزون العسل والتغذي به، إضافة إلى العثور على البقع الأفضل عزلًا عن الأجواء الخارجية الباردة.
“ففي لب الخلية، تكون درجات الحرارة أكثر دفئًا مما هي عليه في الأطراف، مما يخلق مناخًا محليًا مثاليًا لنحل العسل بداخلها”، كما شرح دوناتو رومانو Donato Romano -العالِم من معهد الروبوتات البيولوجية BioRobotics في كلية سكولا سوبيريور سانتا آنا Scuola Superiore Sant’Anna، في مركز علوم الروبوتيات Science Robotics الذي يناقش خلية النحل الروبوتية.
وعادةً، عندما تنخفض درجة حرارة الخلية الداخلية إلى أقل من 50 درجة فهرنهايت (10 سْ)، تدخل مجموعات النحل في حالة تسمى “غيبوبة البرد”، حيث لا يتحرك النحل أو يولد جسمه أي حرارة. في المستعمرات الضعيفة – مثل تلك المنكوبة بالآفات أو الأوبئة – قد تغدو غيبوبة البرد غير قابلة للعلاج بل مُميتة.
تدفئة المستعمرات
لمساعدة النحل على النجاة من غيبوبة البرد ومنع انهيار المستعمرة، طوّر ميلز وزملاؤه نظامًا مصنوعًا من أجهزة استشعار للحرارة وأجهزة تدفئة ولوحة تحكم. فقد صمموا أجهزتهم ليتم دمجها بسهولة في العديد من أنواع الخلايا، بما في ذلك الصناديق التي غالبًا ما يستخدمها مُربُّو النحل التجاريون.
“على عكس الدراسات السابقة التي غيّرت درجة الحرارة المحيطة بالخلية بأكملها للتأثير في سلوك النحل خلال فصل الشتاء، فإن نهجنا يتضمن محفزًا لطيفًا ويعمد إلى تركيز درجة الحرارة في مناطق محددة”، كما يقول مارتن ستيفانيك Martin Stefanec، المؤلف الأول المشارك للدراسة وباحث الدكتوراه من جامعة كارل – فرانزينس Karl-Franzens-Universitat بمعهد غراتس للبيولوجيا Graz’s Institute of Biology.
تتيح إضافة التكنولوجيا إلى خلية نحل نشطة للباحثين تتبع حركة المجموعة حراريًا. وقد يكون هذا الوصول المكتشف حديثًا إلى البيانات التي لم يكن من الممكن الحصول عليها سابقًا حول النشاط الحراري لنحل العسل مفيدًا في تشخيص الخلايا الضعيفة بشكل استباقي.
إذ يقول رافائيل بارماك Rafael Barmak، المؤلف الأول المشارك للدراسة وباحث الدكتوراه من موبوتس MOBOTS بكلية لوزان الاتحادية للفنون التطبيقية: “لا يُظهر هذا ديناميكيات المستعمرات التي لم يتم الإبلاغ عنها من قبل فحسب، بل يؤكد أيضًا على أن الروبوتات أداة قوية لاستكشاف الخصائص البيولوجية”.
إضافة إلى ذلك، باستخدام الجهاز لتدفئة أجزاء مختلفة من الخلية، يمكن للفريق التحكم في المكان الذي ذهبت إليه المستعمرة، وتوجيه أفراد النحل فيما بين أجزاء الخلية للوصول إلى المناطق ذات الموارد الأكثر.
قال ستيفانيك: “تسمح لنا تقنيتنا أيضًا بمساعدة المستعمرة بمهارة في الأوقات الصعبة، مثل توجيهها بعيدًا عن المناطق الخالية من العسل ونحو الاحتياطيات التي كان يتعذر الوصول إليها سابقًا”.
ولما كانت الدراسة قد أُجريت خلال فصل الشتاء، تمكن العلماء من اكتشاف دخول نحو 4 آلاف نحلة في حالة غيبوبة البرد، وتمكنوا من إنعاش المجموعة باستخدام التسخين. فعلى الرغم من نفوق المَلِكة في الفترة بين بداية غيبوبة البرد وتفعيل الجهاز، إلا أن المستعمرة التي ليس لها ملكة ظلت على قيد الحياة لمدة شهرين آخرين من الشتاء بسبب المساعدة الحرارية الإضافية. من الآن فصاعدًا، تأمل المجموعة بدراسة كيف يمكن لخلية النحل الروبوتية أن تساعد المستعمرات في سيناريوهات أخرى.
ويقول بارماك: “لقد بدأنا بالفعل بالبحث في السلوكيات الجماعية التي تحدث خلال فصل الصيف”، مشيرًا إلى أن النحل ينظم درجة حرارة الخلية لدعم صحة حضانة يرقاته. ويضيف قائلا: “هناك جانب آخر مثير للاهتمام نودُّ دراسته، ألا وهو كيف يمكن استخدام القدرات الحرارية لنظامنا الربوتي لاكتشاف وعلاج الطفيلي الشائع الانتشار فارّوا ديستركتور”.
بقلم: أبيغيل آيزنشتاد
ترجمة: Google Translate
تنقيح: فريق تحرير مجلة العلوم
©2023, American Association for the Advancement of Science. All rights reserved