قد تتخلص اليابان قريباً من مياه الصرف من فوكوشيما في المحيط الهادي، على الرغم من المعارضة
الحكومة تقول إن هذه العملية لا تشكل أي خطر على الحياة البحرية أو البشرية، لكن بعض العلماء يختلفون في الرأي
طوكيو – تمضي الحكومة اليابانية قدماً في خطتها لسكب 1.3 مليون طن من المياه المشعة من محطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية Fukushima Daiichi Nuclear Power Plant إلى المحيط الهادي. ويمكن أن يبدأ ذلك في وقت مبكر من ربيع أو صيف 2023، وفقاً للبيان الصحفي المنشور حول الاجتماع الوزاري في 13 يناير. ولكن الخطوة أثارت معارضة واسعة – من صناعة صيد الأسماك في اليابان والمستهلكين، والبلدان في جميع أنحاء منطقة آسيا والمحيط الهادي، وبعض علماء البحار.
تقول شركة طوكيو للطاقة الكهربائية Tokyo Electric Power Company (اختصارا: الشركة TEPCO)، التي تمتلك محطة الطاقة، إن مساحة تخزين المياه على الأرض تنفد. وتقول الشركة TEPCO إن مستويات النشاط الإشعاعي في المياه التي يتم تصريفها ستكون منخفضة جداً بحيث لا تشكل خطراً على الحياة البحرية أو البشر، وتحظى خطتها بمباركة الوكالة الدولية للطاقة الذرية International Atomic Energy Agency (اختصاراً: الوكالة IAEA). ففي بيان إعلامي يوم 20 يناير 2023، قال مسؤول السلامة النووية في الوكالة IAEA غوستافو كاروسو Gustavo Caruso، الذي يرأس فرقة عمل الوكالة الخاصة بشأن فوكوشيما، إن هيئة التنظيم النووي اليابانية Japan’s Nuclear Regulation Authority (اختصاراً: الهيئة NRA) لديها إجراءات معمول بها لضمان أن التفريغ يلبي معايير الأمان الدولية.
ولكن النقاد يقولون إن المخاطر لم تُدرس بالتفصيل الكافي. يقول عالم المحيطات كين بوسيلر Ken Buesseler من معهد وودز هول لعلوم المحيطات Woods Hole Oceanographic Institution إن تأكيدات الشركة TEPCO «لا تدعمها كمية ونوعية البيانات… نحن بحاجة إلى مزيد من المعلومات». ويقول روبرت ريتشموند Robert Richmond، عالم الأحياء البحرية من جامعة هاواي University of Hawaii في مانوا، إن السكب سيشكل سابقة مروعة: «هناك إجماع دولي قوي على أن استمرار استخدام المحيط لإلقاء النفايات ليس ببساطة مستداماً».
منذ زلزال توهوكو عام 2011 وأمواج التسونامي التي دمرت محطة فوكوشيما لتوليد الطاقة، استمر طاقم العمل بضخ المياه عبر المفاعلات المحطمة لتبريد الوقود النووي، الذي انصهر جزء كبير منه. تتلوث مياه التبريد بالنويدات الراديوية Radio- nuclides، والتي يزداد عددها في عملية ترشيح مطورة خصيصاً. لكن التريتيوم Tritium، المطابق كيميائياً للهيدروجين العادي في الماء، يفلت من النظام. في الوقت الحالي، تُخزّن المياه في أكثر من 1,000 خزان على أراضي المحطة.
ينتج التريتيوم فقط جسيمات بيتا منخفضة الطاقة Low-energy beta particles يعتقد أنها تشكل مخاطر قليلة على الحياة البحرية والبشر. وتخطط الشركة TEPCO لتخفيف النفايات بكميات هائلة من مياه البحر لتقليل مستويات التريتيوم للوصول إلى تركيز أدنى من المعايير التنظيمية لمياه الشرب قبل إلقائها في المحيط من خلال أنبوب يمتد إلى مسافة كيلومتر واحد في البحر.
يقول ريتشموند إن المستوى الآمن للشرب يبدو مطمئناً، لكنه لا يزال أعلى بآلاف المرات من المستوى الطبيعي في مياه البحر. وسيتم تصريف المياه في نقطة واحدة لعقود من الزمن، لذا فإن التريتيوم، الذي يمكن أن يرتبط بالنسيج الحيواني والنباتي، والنظائر المشعة الأخرى قد يستمر في التراكم في الكائنات البحرية ويشق طريقه في السلسلة الغذائية إلى الأسماك والبشر. يقول ريتشموند: «هذا له آثار حقيقية في حياة المحيطات وفي حياة البشر المرتبطة بمحيطاتنا الآن، وفي المستقبل».
يقول فيرينك دالنوكي فيريس Ferenc Dalnoki-Veress، الخبير بقياسات النشاط الإشعاعي المنخفض التركيز في معهد ميدلبري للدراسات الدولية بـ مونتيري Middlebury Institute of International Studies at Monterey، إن النويدات المشعة الأخرى قد تتسرب أيضاً. «ماذا يوجد في الماء؟ لا نعرف حقاً». وقال إن الشركة TEPCO أخذت عينات من كميات صغيرة من المياه من ربع الخزانات فقط، وأجرت قياساتها على تركيزات التريتيوم وعدد محدود فقط من النويدات المشعة الأخرى. وقد ظهر في العينات وجود نسبة من السترونتيوم 90 Strontium والسيزيوم 137 Cesium، وهي منتجات مشعة تنتج من الانشطار النووي، بتركيزات متفاوتة تفاوتاً كبيراً، مما أثار تساؤلات حول مدى جودة عمل نظام الترشيح. (تستمر الشركة TEPCO في عملية الترشيح التي ستلتقط المزيد من النويدات المشعة).
يشترك جيران اليابان في القلق. قال هنري بونا Henry Puna، الأمين العام لمنتدى جزر المحيط الهادي Pacific Islands Forum، وهو مجموعة من 16 دولة، في ندوة عقدت مؤخراً: «يجب ألا تبدأ عمليات الصب حتى تتحقق جميع الأطراف من خلال الوسائل العلمية من أنها آمنة». كما تعارض الرابطة الوطنية الأمريكية للمختبرات البحرية U.S. National Association of Marine Laboratories الخطط، مشيرة إلى «نقص البيانات العلمية الكافية والدقيقة التي تدعم تأكيد اليابان على السلامة».
إذا تمت إزالة النويدات المشعة الأخرى، يمكن تخزين المياه الملوثة لمدة 40 إلى 60 عاماً
لقد طرح العلماء بدائل. يرى ريتشموند فرصةً للمعالجة الحيوية، عن طريق ضخ مياه الصرف في خزانات مليئة بأنواع المحار التي تستهلك العوالق وتدمج النويدات المشعة في أصدافها. إذا تمت إزالة النويدات المشعة الأخرى، فيمكن ببساطة تخزين المياه الملوثة لمدة 40 إلى 60 عاماً، نظراً لأن عمر النصف للتريتيوم يبلغ نحو 12 عاماً فقط. أو يمكن استخدام الماء في صنع الخرسانة، والتي لا تستطيع جزيئات بيتا التريتيوم الهروب منها.
ولكن الشركة TEPCO تمضي قدما. ستراقب الهيئة NRA العملية بكاملها، وكذلك الوكالة IAEA وطرف ثالث على الأقل بتكليف من الشركة TEPCO. المجموعات المستقلة ستراقب أيضا. جمعت مجموعة بقيادة نورية كاساكوبيرتا Núria Casacuberta Arola، عالمة المحيطات في المعهد الفيدرالي للتكنولوجيا ETH في زيوريخ، عينات قبالة ساحل فوكوشيما في نوفمبر 2022 والتي ستبين مستوى تركيزات التريتيوم والنويدات المشعة الأخرى، والتي يمكن مقارنة أي تغييرات بها. ولكن يجب إجراء المزيد من الدراسات قبل بدء عمليات السكب، كما يقول ريتشموند: «المراقبة لا تمنع حدوث المشكلات، بل تحدد وقت حدوث المشكلات».
بقلم دينيس نورمايل
© 2023, American Association for the Advancement of Science. All rights reserved