الفراشات تطورت في أمريكا الشمالية قبل 100 مليون سنة

بقلم جيك بوهلر

وفقاً لتحليل جيني حديث، ظهرت الفراشات لأول مرة على الساحة في أمريكا الشمالية منذ نحو 100 مليون سنة. إذ استُخدمت نتائج التحليل لإنشاء شجرة عائلة مفصلة للفراشات، مما يمنح العلماء رؤى جديدة حول الأصول التطورية للفراشات وكيفية انتشارها في معظم أنحاء العالم.

يقول أكيتو كاوهارا Akito Kawahara من جامعة فلوريدا University of Florida: «من المدهش أن العلاقات بين عوائل الفراشات وتاريخها غير معروفين جيداً».

كانت المشروعات السابقة الأصغر نطاقا قد حاولت تحديد الأسلاف الأقدم لهذه الحشرات، كما يقول كوهارا. وكانت هناك أيضاً فرضيات حول الأصول الجغرافية للفراشات، لكنه لم يحدّد موقع نشوئها من قبل.

جمع كاوهارا وفريق دولي من الباحثين بياناتٍ عن الفراشات من معظم أنحاء العالم، باستخدام عينات في 28 مجموعة متحفية مختلفة. وحلل هو وزملاؤه 391 جيناً من نحو 2,300 نوعِ Species من الفراشات. جاءت الأنواع من 90 دولة مختلفة ومثلت 92 % من معظم أجناس Genera الفراشات المعروفة.

يقول بافيل ماتوس مارافي Pável Matos-Maraví من الأكاديمية التشيكية للعلوم إنه معجب بـ «الكمية غير المسبوقة من البيانات التي تمت معالجتها» في هذه الدراسة.

استخدم الباحثون التحليل الجيني لتحديد تاريخ انفصال مجموعات الفراشات عن بعضها بعضاً، وحددوا الأصل الجغرافي المحتمل للفراشات الأولى. ويقدر الفريق أن الفراشات الأولى تطورت منذ نحو 100 مليون سنة.

يؤكد هذا البحث السابق الذي اقترح أن راشفات الرحيق Nectar-sippers الرقيقة هذه نشأت في فترة زمنية مماثلة. هذا، وقد تطورت الفراشات من أسلاف العثة الليلية Nocturnal moth، بعد ظهور النباتات المزهرة Flowering plants الأولى خلال العصر الطباشيري المبكر Early Cretaceous period، مستغلة المورد الغذائي الجديد، ومستفيدة من العلاقة التطورية المشتركة التي كانت آخذة بالتشكِّل بالفعل بين النباتات المزهرة والنحل، كما يقول كاواهارا.

يبدو أن ظهور الفراشات، لأول مرة، قد حدث في أمريكا الشمالية، وسط خلفية من الديناصورات العاشبة Herbivorous المدرّعة بالعظام Bony-plated وأسلاف الديناصورات المُغطاة بالريش من ذات الأقدام السريعة السابقة لتيرانوصورس ريكس Tyrannosaurus rex. كانت هذه مفاجأة لكاواهارا.

يقول: «اعتقد بعض الناس أنه نظراً للتنوع الكبير من الفراشات في آسيا، فقد كانت هي الأصل».

من أمريكا الشمالية، انتشرت الحشرات، أولاً إلى أمريكا الجنوبية ثم غرباً إلى أستراليا وآسيا والهند، ثم شبه القارة الجزرية. في النهاية، شقت الفراشات طريقها إلى إفريقيا، وأخيراً – منذ نحو 17 مليون سنة – وصلت إلى أوروبا.

جمع فريق البحث أيضاً أكثر من 31 ألف سجل للنباتات التي أكلتها يرقات الفراشات، وعملوا على إعادة بناء تطور هذه النباتات جنباً إلى جنب مع الفراشات. يعتقد الفريق أن يرقات الفراشة الأولى مضغت نباتات من عائلة البقوليات. وحالياً، يتقصر النظام الغذائي لأكثر من ثلثي أنواع الفراشات على النباتات من العائلة Family نفسها، في حين أن نحو الثلث هي من العموميات Generalists أي تتغذى بعائلتين مختلفتين أو أكثر من النباتات. يقول كاواهارا إن المعرفة المكتسبة حديثاً حول الروابط التطورية بين الفراشات والنباتات المضيفة لها قد تكون مورداً مهماً للحفاظ على الفراشات.

يقول: «هناك الكثير من الفراشات التي تختفي بسرعة كبيرة في معظم أنحاء العالم». إن وجود فهم قوي لمدى اعتمادها على نباتات مضيفة معينة يمكن أن يساعد في جهود الحفظ المستقبلية.

تكشف النتائج أيضاً أن شجرة عائلة الفراشة قد تحتاج إلى مراجعة شاملة. إذ يقدر الباحثون أن 27% من معظم قبائل الفراشات Tribes –
مجموعة تصنيفية أصغر من العائلة – قد وضعت خطأ مع أخرى.

يقول كاواهارا إن الفراشات حيوانات مدروسة بشكل كبير، «لكن يا إلهي، لا يزال لدينا الكثير من العمل للقيام به».

© 2023, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC