أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
كوزمولوجيا

ربما عثرنا على مادة المجرات المفقودة، ولكن الآن هناك الكثير منها

يبدو أن معظم المجرات تفتقد إلى جزء كبير من المادة التي نتوقع أنها ينبغي أن تحتوي عليها، والآن ربما عثر الباحثون عليها، لكن الاكتشاف يتعارض مع النماذج المقبولة لتشكيل المجرات

بقلم ليا كرين

طويلا، ساد الاعتقاد بأن العديد من المجرات الكبيرة تفتقد قسماً كبيراً من مادتها، لكنه عُثر على هذه المادة الآن. غير أن ذلك يُمثل مشكلة أكبر بالنسبة إلى فهمنا للكون (المرصود) Universe.

على مدار العقدين الأخيرين، بيّنت الأرصاد أن مجرات كدرب التبانة Milky Way تظهر وكأنها تحتوي على أقل بكثير مما نتوقع من المادة الباريونية Baryonic Matter – وهي المادة العادية وليست المادة المعتمة Dark Matter. وقد بُني هذا التوقع على نسبة المادة المعتمة إلى المادة العادية في الكون، ويشير ذلك إلى أنه ليس في الأقراص المجرية Galactic Discs إلا نحو 20% فقط من المادة الباريونية التي ينبغي أن توجد فيها. وفي حين أن الدراسات على مدار السنوات التالية قد وجدت نصف هذه المادة المفقودة في السحب المحيطة بالمجرات، والتي تُسمى الوسط المحيط المجري البارد Cool Circumgalactic Medium، فقد ظل النصف الثاني مراوغا.

والآن، استخدم فابريزيو نيكاسترو Fabrizio Nicastro وزملاؤه من المعهد الوطني للفيزياء الفلكية National Institute for Astrophysics في إيطاليا بيانات ثلاث مجرات من تلسكوب إكس إم إم – نيوتن the XMM-Newton space telescope ومرصد تشاندرا للأشعة السينية Chandra X-ray Observatory للعثور على باقي مادتهم المفقودة، وفي الواقع، قد يكون هناك أكثر بكثير مما هو مطلوب.

لم تكن حتى هذه المراصد الفعالة قادرة على اكتشاف المادة في أي مجرة على حدتها، بل كان على الباحثين «تركيب» Stack أرصاد ثلاث مجرات مع بعضها بعضا حتى يتمكنوا من قياس ضوء ثلاثتها مجتمعة عوض قياس ضوء كل واحدة منها منفردة.

كانت تقديراتنا للمادة تكفي لتفسير المادة المفقودة في المجرات، ويكشف هذا الدليل النقاب عن أغلبية الباريونات في المجرات

وقد وجدوا أدلة على أن غاز الوسط المحيط المجري البارد كان غازاً أسخن، أي كتلة من غاز أسخن تعادل بلايين أضعاف كتلة شمسنا. فكما يقول نيكاسترو: «إن تقديراتنا للمادة تكفي لتفسير المادة المفقودة في المجرات. ويكشف هذا الدليل النقاب عن أغلبية الباريونات في المجرات».

لكن هناك مشكلة وحيدة: لا ينبغي إطلاقا النظر إلى المادة على أنها مادة مفقودة. فقد أظهرت عمليات المحاكاة Simulations للمجرات الفتية أن الرياح القوية والناجمة عن عمليات كثيفة الطاقة – كتشكل النجوم أو السوبرنوفا (المستعرات العظمى) Supernovae – ينبغي أن تقذف حقاً الكثير من المادة الباريونية خارج هذه المجرات إبان فترة فتوتها. ومن ثم، فقد تشكلت هذه المجرات مع كمية المادة المتوقع أن تحتوي عليها، ومن ثم قُذفت ببعضها نحو الخارج.

عنى ذلك أن المادة «المفقودة» يجب أن تكون قد فقدت منذ زمن بعيد – لا أنها تتجول في الوسط المحيط المجري. ويقول فيكرام رافي Vikram Ravi من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا California Institute of Technology: «لقد اعتقدنا أن هذه الباريونات يجب أن تكون مفقودة حقاً، فلا بُد من أنها قُذفت خارج المجرة. ومن هذا المنظور، فإن صمودها هو نتيجة رائعة». فإذا كانت المادة المفقودة موجودة حقاً، علينا أن نعيد تفكيرنا بالكيفية التي تعمل وفقها المجرات على النطاقات الضخمة Huge scale.

لكن علينا تأكيد هذه النتائج قبل القيام بذلك. وتكمن إحدى المشكلات المحتملة في ميل عملية معالجة البيانات وتفسيرها إلى مجانسة Smooth الأمور، لذا قد يغير نموذج أكثر دقة عن كيفية توزع هذه المادة تماماً اعتقادنا حيال الكمية الموجودة. إذ يقول رافي: «حين ننظر إلى هالة مجرتنا درب التبانة، نجد فعلاً كمية كبيرة من البُنى Structure والتكتل Clumpiness. وأعتقد أننا بحاجة إلى المقارنة بعمليات محاكاة مفصلة حقا وبدرب التبانة نفسها لنتمكن من تفسير هذه البيانات بدقة أكبر».

في السنوات القادمة، ستكون مقارنة المجرات الأخرى بدرب التبانة حاسمة، لأننا لا نمتلك بعد القدرة على قياس الوسط المحيط المجري لمجرات خارج مجرتنا بالتفصيل. ويقول نيكاسترو: «لا يزال بالإمكان تقديم تأكيد أو اثنين من خلال الأرصاد المطولة جداً باستخدام الأقمار الاصطناعية للأشعة السينية الحالية كمرصدي إكس إم إم – نيوتن وتشاندرا، ولكن لإجراء دراسات كثيرة عن هذه المكونات (المقصود بها مكونات الوسط المحيط المجري)، فهناك حاجة إلى معدات جديدة». وقد يستغرق تجهيز هذه التلسكوبات الجديدة عقداً أو أكثر لتحلّ فعلاً لغز المادة غير المفقودة المفقودة.

© 2023, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى