أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
كوزمولوجيا

نيل توروك | حول كون موازٍ يعود إلى الوراء في الزمن

لتوضيح الكون دون الاستعانة بالتضخم الكوني، اقترح الفيزيائي نيل توروك وجود كون صورة طبق الأصل يعود إلى الوراء في الزمن منذ الانفجار الكبير، ويخبرنا سبب كون هذه الفكرة مقنعة جداً

التضخم الكوني (الكوزمولوجي) Cosmic Inflation هو فكرة أن الكون في لحظاته الأولى خضع لتوسع مفاجئ وشديد. هذا مقبول على نطاق واسع لأنه يفسر سبب كون الزمكان Space-Time مسطحاً تماماً تقريباً ولماذا تبدو المادة في الكوزموس (الكون/النظام الكوني بكامله) Cosmos موزعة بانتظام Smoothly على المقاييس الأكبر. أم هل هي كذلك؟ المشكلة هي أن هناك العديد من النسخ التي تشرح مفهوم التضخم، ومعظمها لن يؤدي إلى الكون المنظور (المرصود) Universe الذي نشاهده، والحاجة إلى مثل هذا «الضبط الدقيق» للنظرية لتطابق الأرصاد تسبب توتراً لدى بعض علماء الفيزياء.

من بينهم نيل توروك Neil Turok، المدير السابق لمعهد بريمتر للفيزياء النظرية Perimeter Institute for Theoretical Physics في واترلو بكندا، والذي يعمل الآن في جامعة إدنبرة University of Edinburgh في المملكة المتحدة. اقترح توروك، جنباً إلى جنب مع لاثام بويل Latham Boyle من معهد بريمتر، بديلاً للتضخم يمكن أن يُفسِّر تطور الكون المبكر دون الحاجة إلى ضبط المعطيات ضبطا دقيقا. ففي عام 2018، ومن خلال النظر بجدية إلى أحد أعمق التناظرات في الطبيعة، توصلا إلى فرضية مذهلة: كون طبق الأصل (الكون المنظور المرآة) Mirror Universe يعود زمنيّاً إلى الوراء منذ الانفجار الكبير (العظيم) Big bang.

من الصعب تقبل فكرة كوزموس ضديد Anti-cosmos غير قابل للرصد. والجسيمات الغريبة التي رصدها تلسكوب أنيتا ANITA في القارة القطبية الجنوبية والتي اعتقد في البداية أنها إثبات محتمل للفكرة، واتضح أنها ليست إلا إنذارا خاطئا، لم يفد الفكرة في شيء. ولكن توروك وبويل طورا فكرتهما. الآن، وبعد سلسلة من الأوراق العلمية المحمومة، يجادلان في أن الكون المرآة يفسِّر كل الأشياء التي يمكن للتضخم أن يفسرها، إضافة إلى العديد من الألغاز الأخرى، بما في ذلك المادة المعتمة Dark Matter والطاقة المعتمة Dark Energy. كما أنهما قدما تنبؤات قابلة للاختبار في محاولة لكسب دعم المشككين.

توماس لوتون: هل يمكنك أولاً أن تشرح كيف صارت فكرة التضخم مبدأ دوغمائيا (جزميا)؟
نيل توروك: التضخم استند إلى لحظة استنباط “Aha! moment” في عام 1980. وكان الناس يبنون نماذج كبيرة موحِّدة لفيزياء الجسيمات، والتي تشمل جميع القوى والجسيمات الأساسية المعروفة، باستثناء الجاذبية. لجعل النماذج فاعلة، كان عليهم إدخال مجالات ذات طاقة كامنة Potential energy. فعندما تقرن هذه الحقول بالجاذبية، فإن طاقتها الكامنة تسلك سلوكا يشبه المتفجرات: فهي تتسبب في تفجر حجم للكون. يمكن أن يحول التضخم المتفجر الكون الصغير المتكتل إلى كون ضخم وسلس ومسطح مثل الكون الذي نراه من حولنا.

الفكرة الثانية التي راودت أفكار الكثير من الناس، هي أن التوسع التضخمي ليس سلساً ومتجانساً تماماً. فالمجال الذي يدفع التضخمَ يتذبذب كميا (كموميا)، بحيث يستمر التضخم ببعض الأماكن لفترة أطول من أماكن أخرى. نتيجة لذلك، يكون الكون المبكر متكتلاً Lumpy بعض الشيء. بعد ذلك بوقت طويل، تنهار Collapse المناطق الأكثر كثافة لتشكل مجرات، في حين تتوسع المناطق الأقل كثافة لتشكل الفراغات بين المجرات.

يبدو أنه يشرح الكثير عن الكون الذي نرصده حالياً. فما المشكلة؟
ما يجعل البعض منا غير مرتاح بشأن التضخم هو أنه مفتعل. يجب أن تفترض أن الطاقة الكامنة التضخمية كانت سائدة في الكون المبكر وقوية بما يكفي لبدء الانفجار، وعليك تعديل الظروف الأولية والطاقة الكامنة للحفاظ على استمرار التضخم لفترة طويلة بما فيه الكفاية. بعد ذلك، عليك ضبط المعايير Parameters في النموذج للحصول على المستوى الصحيح من التكتل.

على سبيل المثال، تختلف درجة حرارة الإشعاع الناتج عن الانفجار الكبير الساخن – والمعروف بإشعاع الخلفية الكونية الميكروي Cosmic Microwave Background – عبر السماء بمقدار أجزاء قليلة فقط من مئة ألف. لا تفسر النماذج التضخمية هذا العدد الصغير: بل تُعدل لتلائمه. ونظراً لوجود عدد قليل جداً من الطرق المستقلة المتاحة لاختبار التضخم، والكثير من الحرية لبناء النماذج التضخمية وتعديلها، يمكن أن يبدو التضخم كأنه قصة «فقط لأنه كذلك» أكثر من كونه تفسيراً مقنعاً.

تختلف النظريات العظيمة للفيزياء عن ذلك تماماً. فمثلاً، تحتوي نظرية جيمس كليرك ماكسويل James Clerk Maxwell عن الكهرومغناطيسية Electromagnetism على عدد قليل جداً من المعايير القابلة للتعديل في معادلاتها، وتقدم مجموعة واسعة من التنبؤات القابلة للاختبار. وبالمثل، فإن نظرية الجاذبية Theory of Gravity لآلبرت آينشتاين Albert Einstein تحتوي أساساً على رقم واحد قابل للتعديل، وتخبرك بمدى قوة اقتران الجاذبية مع المادة. ومع ذلك، فإنها تتنبأ بتنوع كبير في الظواهر، من الثقوب السوداء Black Holes إلى الموجات الجاذبية (الثقالية) Gravitational Waves، والتي جرى التحقق من كل منها بالتجارب.

كيف قادتك هذه الشكوك إلى فكرة الكون صورة المرآة؟
كانت خطوتنا الأولى رصداً هامشيّاً لدرجة غريبة من البساطة. فنحن نعلم أن الكون المبكر كان يهيمن عليه الإشعاع الساخن، فهذا يعني أنه إذا أعدت عقارب الساعة للوراء ابتداءً منه، سيتقلص حجم الكون إلى الصفر بطريقة بسيطة جداً. وباستخدام الرياضيات، يمكنك اتباع خط مستقيم يمر عبر الانفجار الكبير. وهذا يسمح لنا باستقراء نسخة أخرى «طبق الأصل» عن كوننا على الجانب الآخر من الانفجار الكبير.

يرتبط كوننا وصورته المعكوسة بتناظر في الطبيعة يسمى التناظر CPT، أو تناظر تكافؤ الشحنة والزمن العكسي Charge-parity-time reversal. ويعتمد التناظر CPT على المبادئ العميقة لنظرية الكم والنسبية العامة التي أكدتها العديد من التجارب. يعني جزء «الشحنة» أنك تأخذ كل جسيم في كوننا وتستبدله بضديد جسيم Anti-particle، أما جزء «التكافؤ» فيعني أنك تأخذ جسيماً يدور لليمين في كوننا وتستبدله بنسخته التي تدور إلى اليسار. ويعني جانب «انعكاس الوقت» أنك تدير الزمن إلى الوراء في الكون صورة المرآة.

لنكن واضحين، لا يبدو أن كوننا في حد ذاته يراعي التناظر CPT. فالوقت يمضي إلى الأمام فقط، وهناك مادة Matter أكثر من ضديد المادة Antimatter. لكن عند الجمع بين كوننا وصورته المعكوسة في مرآة فإنه لا ينتهك التناظر CPT، وقد كان هذا هو الدافع وراء فكرة الكون صورة المرآة.

كيف ستعرف ما إذا كنت مقيماً على الجانب الآخر، في الكون صورة المرآة؟
لن تستطيع ذلك. من المستحيل أن تحدد بأي قياس مكاني «الجانب» الذي أنت فيه. فنحن لا نفترض وجود عالم ما قبل الانفجار الكبير Pre-big Bang Universe يختلف بطريقة أو بأخرى عن كوننا. بالأحرى، إن أكوان ما قبل الانفجار وما بعده هي صور معكوسة لبعضها البعض.

هل توجد نسخ طبق الأصل من الشمس والأرض وحتى لنا في الكون المرآة؟
كلاسيكياً، الكون صورة المرآة هو صورة طبق الأصل عنا. وتكون الأشياء أكثر دقة من ناحية ميكانيكا الكمّ، لأن عليك أن تأخذ عدم اليقين الكمّي Quantum uncertainty بالحسبان. فعندما تُرصد حالة كمّيّة، هناك العديد من النتائج المحتملة ولكل منها احتمال معين قياسها. في الصورة المرآة للكون، توجد ارتباطات قوية بين ما يمكن رصده على جانبي الانفجار الكبير، لكن النمط الدقيق للاختلافات لن يكون متطابقاً. لذلك، على الأرجح لا يوجد توماس لوتون آخر أو مجلة نيو ساينتست أخرى على الجانب الآخر من الانفجار الكبير. ولا يمكننا التواصل مع الجانب الآخر لأن الوقت الذي يدركه المراقب يتقدم إلى الأمام بعيداً فقط مبتعداً عن الانفجار الكبير ولا يمكننا تغيير ماضينا.

ما الذي يدفعك إلى الاعتقاد أن هذا الكون صورة المرآة يقدم تفسيراً أفضل لكوننا من التضخم؟
لم تأخذ صورة الكون صورة المرآة مكانها الصحيح إلا في العام الماضي. فقد فهمنا كيف يمكن تفسير سلاسة الكون وانبساطه على المقاييس الكبيرة، دون الحاجة إلى التضخم.

استخدمنا أداة رياضياتية تسمى إنتروبية الجاذبية Gravitational Entropy -التي ابتكرها في الأصل ستيفن هوكينغ Stephen Hawking وآخرون – لحساب عدد الطرق التي يمكن بها أن يُصنع الثقب الأسود من الوحدات الكمّيّة Quantum Units للزمكان. يمكنك استخدام فكرة الإنتروبية وهي مقياس للاضطراب لشرح الحالة الأكثر احتمالا لنظام فيزيائي. فعلى سبيل المثال، عندما تحسب عدد الطرق التي يمكن بها ترتيب جزيئات الهواء في الغرفة بعناية، ففي الغالبية العظمى من الحالات، تُوزع الجزيئات على نحوٍ متساوٍ جداً في جميع أنحاء الغرفة. إن احتمال تراكمها في الزاوية ضئيل.

باستخدام طريقة هوكينغ، تمكّنا من حساب عدد التواريخ الكونية الممكنة لكون متناظر صورة مرآة Mirror-symmetric Universe ممتلئ بالإشعاع والمادة والطاقة المعتمة. وتضاف الطاقة المعتمة إلى تفسير التضخم الكوني المتسارع. ووجدنا أن الغالبية العظمى من الأكوان التي نتجت هي سلسة جداً ومسطحة، ووجود كمية صغيرة من الطاقة المعتمة محبذ. إن كوننا هو ما تتوقعه نظرية الكون صورة المرآة، ولم نعد بحاجة إلى التضخم لفهم سلاسة الكون وانبساطه.

بماذا تختلف هذه الصورة من حيث ولادة الكون المبكر وتطوره عن الانفجار الكبير والتضخم؟
وفقاً للتضخم، ينفجر الكون المبكر إلى عدد لا حصر له من الأكوان المختلفة اختلافا كبير، والمعروفة بالأكوان المتعددة التضخمية Inflationary Multiverse. ولا تظهر الأرصاد أي دليل على ذلك. في الواقع، عندما نتحرى الكون على نطاقات أكبر وأكبر، نجد أنه يصبح أكثر فأكثر بساطة.

إن الكون صورة المرآة هو تفسير أكثر اقتصادية ويمكن التنبؤ به ومتجانس. وينمو طرفا الكون بثبات في اتجاهين متعاكسين بعيداً عن الانفجار الكبير، محكومان بقوانين الجاذبية وفيزياء الجسيمات المعروفة. إن البساطة الشديدة للكون واسع النطاق، وهو سلس ومسطح جداً، هي نتيجة مباشرة لبساطة هذه القوانين.

تقول أيضاً إن الكون صورة المرآة يمضي أبعد من ذلك، مفسراً أشياء لا يمكن للتضخم أن يفسرها.
في عام 2018، أدركنا أن فكرتنا يمكن أن تحل لغز المادة المعتمة، وهي المادة الغامضة التي تربط المجرات معاً، وذلك من ناحية الجسيمات التي لم نرها مباشرة ولكن لدينا أدلة قوية عليها فعلاً. تسمى هذه الجسيمات النيوترينوات اليمنى Right-handed Neutrinos، وقد استُند إليها منذ سبعينات القرن العشرين لتفسير الكتل الصغيرة للنيوترينوات اليسرى Left-handed Neutrinos المرصودة. وبينما يفترض كل نموذج آخر للمادة المعتمة جسيماً جديداً تماماً، لم نكن مضطرين إلى ذلك. وقد حلّ علينا ذلك كمفاجأة كبيرة.

ورقتك الأخيرة في سلسلتك حول الكون صورة المرآة صدرت في فبراير 2023، وتسببت في بعض الضجة. هل يمكنك أن تشرح لماذا؟
بعد أن شرحنا المادة المعتمة وانبساط الزمكان وسلاسته، واجهنا لغزاً ضخماً نهائياً. ويتسبب التضخم في اختلافات طفيفة في كثافة الكون المبكر، والمعروفة بتقلبات الفراغ البدائية Primordial Vacuum Fluctuations، التي صارت تغيرات واسعة النطاق في كثافة المادة في الكون. وتؤدي هذه التقلبات إلى عناقيد مجرية Galaxy Cluster وخلاءات Voids، ويمكن رؤيتها مباشرة في إشعاع الخلفية الكونية الميكروي. إذا لم يكن التضخم قد حدث، فمن أين أتت؟

في العام الماضي، كانت لدينا الفكرة القائلة إن الأمر يتعلق بالحقول الافتراضية الغريبة التي لا تحتوي على أي جسيمات، والتي تُسمى الحقول صفرية البعد Dimension Zero Fields، وعندما تضيف هذه الحقول إلى الحقول في النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات Standard Model of Particle Physic، فإنها تخلق تذبذبات في تضخم الكون من الشكل الصحيح لتتناسب مع التذبذبات التي نراها في إشعاع الخلفية الكونية الميكروي. ففي الكون صورة المرآة، تكون تذبذبات الخلفية الكونية الميكروي صورة مباشرة لتقلبات الفراغ البدائية.

وهكذا، لا يجب أن تفجر أي شيء؟
بالضبط. وهذه هي النتيجة الرائعة حقاً. يمكننا التنبؤ بقوة التذبذبات من نظرية الكون صورة المرآة. وقد اتضح أنها تتفق مع القياسات الدقيقة جداً التي أجراها القمر الاصطناعي بلانك Planck satellite وتجارب أخرى، دون الحاجة إلى ضبط دقيق. بينما يجب ضبط نماذج التضخم حتى تتطابق مغ البيانات نفسها.

هناك المزيد. تظهر الجسيمات الافتراضية للوجود وتخرج في الفراغ لأن نظرية الكم Quantum Theory تسمح لها باستعارة الطاقة لفترة زمنية قصيرة. لقد كان الناس قلقين بشأن هذا الأمر لفترة طويلة لأنك إذا جمعت الطاقة في كل هذه الجسيمات الافتراضية، فستحصل على عدد لا نهائي. فهناك العديد من الحيل الرياضياتية لتجاهل اللانهاية، ولكن هذا غالباً ما يخبرنا بوجود خطب ما. ومن الخصائص المدهشة لهذه الحقول ذات البعد الصفري Dimension zero fields أنها يمكن أن تلغي طاقة الفراغ.

بعيداً عن كونه فارغاً، يمكن أن يكون فراغ الفضاء مليئاً بجسيمات افتراضية غامضة. لدينا الآن آلة قوية بما يكفي لتمزيقها ولنرى.

لقد قلت إن بإمكانها أن تحل لغزاً آخر وثيق الصلة أيضاً.
نعم. تحتوي الحقول الكمّيّة Quantum Fields في النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات على تناظرات مهمة نعتقد أنها أساسية لاتساقها الرياضياتي. لكن، عندما ندرس الحقول الكمّيّة في زمكان منحنٍ Curved space-time، مثل ثقب أسود أو كون متضخم، فإن بعض التناظرات تتلف بسبب اللانهائيات، تماماً مثل تلك الموجودة في طاقة الفراغ Vacuum energy. وعندما أضفنا العدد الصحيح من الحقول ذات الأبعاد الصفرية إلى النموذج القياسي، أُلغيت كل هذه اللانهائيات. وتختفي طاقة الفراغ اللانهائية وانتهاكات التناظر. ويتطلب هذا الإلغاء أيضاً وجود ثلاثة أجيال -ثلاثة أجيال فقط- من الجسيمات الأولية، بما في ذلك الإلكترونات Electrons والميونات Muons والتاووات Taus – تماماً كما نرى.

يصعب توضيح كم صارت فكرة الكون صورة المرآة أكثر تنبؤية مما توقعنا من قبل. عليك أن تقرص نفسك! لقد فاجأتنا، لأنها إلى جانب بعض التعديلات الصغيرة على الفيزياء المعروفة، فإننا نعيد كتابة قصة الكوزمولوجيا بكاملها.

إذا كانت تفسر الكثير، فلماذا يعارض العديد من علماء الكوزمولوجيا هذه الفكرة؟
لم نواجه عداءً صريحاً. لقد سررنا بكيفية تلقي النظرية. فمن بين مجتمع الأشخاص الأكثر انفتاحاً على البدائل، يشعر الكثيرون بالفضول الشديد. ومع ذلك، هناك مجموعة كبيرة جداً من العلماء الذين استثمروا ي بناء نماذج تضخم وتكييفها مع البيانات. إنهم يميلون إلى الشك في وجود إطار عمل جديد تماماً. وبطبيعة الحال، فإن المجتمعات التي أمضت عقوداً في العمل على التضخم ستقاوم التغيير.

هل تعطي النظرية تنبؤات متماسكة؟
أنا آخذ المشاهدات الرصدية على محمل الجد، فعلى العلم الجيد أن يثبت نفسه. لقد فضلت النظريات الاقتصادية، والتي هي تنبؤية ويمكن دحضها. وإذا أثبتت نجاحها، ستتنحى النظريات المنافسة عن الطريق. لكننا لم نصل بعد إلى المرحلة التي تكون فيها قصتنا مقنعة ومدعومة بالكامل بالمشاهدات الرصدية.

ما المشاهدات الرصدية التي ستقنع الآخرين؟
رقم واحد: أظهر أن أخف نيوترينو Neutrino عديم الكتلة Massless. إذا كانت المادة المعتمة تتكون من نيوترينوات يمينية مستقرة – كما في الكون صورة المرآة – فلا بد أن هذا صحيح أيضاً. ولحسن الحظ، في غضون ثلاث إلى خمس سنوات، ستجري مسوحات المجرات واسعة النطاق هذا القياس. فإذا وجدت أنه عديم الكتلة، فسنكون حقاً على مسار جيد.

ثانياً: عندما تنظر إلى التذبذبات في الخلفية الكونية الميكروية على المقاييس الأكبر، فإن تلك التي تنبأ بها الكون صورة المرآة تختلف قليلاً عن التي يتنبأ بها التضخم. هناك بالفعل إشارات إلى أن نماذج التضخم لا تتوافق تماماً مع المشاهدات الرصدية. قد تكون نظريتنا أفضل، لكنني لست متأكدا متى ستصبح المشاهدات الرصدية دقيقة بما يكفي للسماح بإجراء مقارنة حاسمة.

ما فرصنا لحل هذه الأسئلة المتعلقة بالانفجار الكبير فعلياً؟
في الكوزمولوجيا، طرحت الطبيعة بعض الألغاز العميقة: الانفجار الكبير وأصل المادة والطاقة والوقت. الطبيعة خفية، لكنها كانت أيضاً سخية جداً علينا. فمن قوانين الفيزياء نفسها التي تعلمناها في باحتنا الخلفية -حول الأرض وفي المجموعة الشمسية- توقعنا وجود الثقوب السوداء وموجات الجاذبية. لا حق لنا في إدعاء أننا نفهم مثل هذه الظواهر البعيدة. إنه نوع من السخف. لكي نفهم الكون، يجب أن نأمل بأن يستمر كرم الطبيعة. أنا أعمل على افتراض أنها ستفعل.

بقلم توماس لوتون

© 2023, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى