مرحباً بكم…
السيدات والسادة
أصدقاء مجلة «العلوم» الكرام
العلم والعقل يولّدان معرفة يمكن الوثوق بها عن العالم المحيط بنا، لكن… لهما حدودهما. واستكشاف هذه الحدود قد يسلط الضوء على ماهية المعرفة حقاً، وينبغي أن يساعدنا على اكتساب المزيد منها. فالعلم هو تتويج لمحاولات البشرية عبر آلاف السنين لتعقّل العالم والنظر فيه. وبالعلم والعقل كشفنا عن العديد من أسرار الطبيعة، من الآلية الجزيئية داخل الخلايا إلى المخطط الكبير لكيفية بدء الكون وتطوره وصولا إلى ما نراه حالياً.
ونوعنا فريد (على حد علمنا) في قدرته على التوصل إلى معرفة ما لا يعرفه. هذا وحده قد يلقي علينا تبعة استكشاف حدود المعرفة والفهم. إضافة إلى ذلك، تمثل هذه الحدود المناطق النائية لما هو معروف وما هو غير معروف. لا يمكن لاستكشافها – كما نسعى في الملف الخاص لهذا العدد – تسليط الضوء على ماهية المعرفة حقاً فحسب، بل يجب أن يقودنا أيضاً إلى معرفة المزيد.
من المفيد، على سبيل المثال، التمييز بين الأشياء التي لا يمكننا معرفتها أبداً، بسبب القيود الأساسية للعالَم المادي، والأشياء التي لا نعرفها لكن يمكننا اكتشافها في المستقبل. وأحياناً تُنتقد الفرضيات لكونها «غير قابلة للاختبار» – ولعل نظرية الأوتار هي المثال الأكثر شهرة – لكن يمكننا الخوض في مناقشات أكثر ذكاءً حول ما يمكن اعتباره مفيداً إذا تمكنا من التمييز بين ما هو مستحيل ماديا قياسه وما هو مستحيل عملياً باستخدام التكنولوجيا الحالية.
وبعض القيود العميقة على المعرفة تنبع من أدمغتنا الرائعة نفسها. فالرياضيات والمنطق هما من أهم الأدوات التي اخترعناها للنظر عميقا في الأمور، وعلى الرغم من أنهما قد يبدوان محصنين، فإن لهما عيوبهما. ولن يقترح أحد ضرورة بالتخلي عنهما، لكن ربما يتعين علينا تكريس المزيد من الطاقة للنظر فيما إذا كان من الممكن تحسينهما.
إن ما لا نعرفه هو ما يثير اهتمامنا حقاً، وما لا يمكننا معرفته قد يكون أكثر إثارة للاهتمام. لذا في المحصلة، قد يكون السبب الرئيسي لاستكشاف الحدود الخارجية للمعرفة هو ببساطة أنها مبهجة.