ما أسرار الكون التي تُفصح عنها المجرات الفتية التي رصدها تلسكوب جيمس ويب الفضائي؟
قبل بضعة أشهر، رصد تلسكوب جيمس ويب الفضائي ست مجرات كبيرة جدا وتعود للمراحل المبكرة من عمر الكون، فهل نجح في تقويض أفضل نظرياتنا عن كيفية تطور الكون؟
بقلم ستيوارت كلارك
بدت ضخمة بشكل لا يمكن تفسيره. ففي فبراير 2023، أعلن علماء الفلك أنه من بين المجرات البعيدة جداً التي رصدها تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST)، ظهرت ستٌ أكثر سطوعاً، ومن ثم أكبر وأكثر نضجاً من أي توقع. وقد ضمت إحدى المجرات، التي صُوِّرت كما كانت تبدو تماماً بعد 700 مليون سنة فقط من الانفجار الكبير (الأعظم) Big Bang، أكثر من 100 بليون نجم، وهو تقريباً العدد نفسه الذي جمعته مجرتنا درب التبانة Milky Way على مدار 13 بليون سنة.
مرة أخرى، واجه علماء الكوزمولوجيا (علماء الكون) أرصاداً يستحيل تفسيرها باستخدام أفضل نموذج لدينا عن كيفية تطور الكون ونشأته، إذ لم ينقضِ بعد ما يكفي من الوقت لتجميع هذه الكمية من المادة وتحويلها إلى هذا العدد الكبير من النجوم.آنذاك، قال مايك بويلان-كولتشين Mike Boylan-Kolchin من جامعة تكساس في أوستن University of Texas in Austin إن هذا السيناريو يمثل «تحدياً خطيراً» لفهمنا للكون.
ومع ذلك، وفي حين كان علماء الفلك يدققون البيانات، صار واضحا أن النموذج الكوني الحالي مرن، كما ثبت مرات عديدة من قبل. لكن هل هو كذلك فعلاً؟ لأنه على الرغم من أن بعض التحليلات تشير إلى أن هذه المجرات الست ليست ضخمة كما كان يُعتقد، يقترح آخرون أنها قد تكون أكبر. ويشير هذا إلى أنه واعتماداً على الأرصاد التي تلت ذلك، ربما يتعين علينا إعادة صياغة علم الكوزمولوجيا – وغالباً عن طريق طرح مكونات كونية جديدة في المزيج لشرح هذا التناقض الظاهري.
يقول تشارلز شتاينهاردت Charles Steinhardt عالم الفيزياء الفلكية في مركز دون الكونيCosmic Dawn Centre في الدنمارك: «هذا يعني أنك ترى المجرات قبل أن يتوفر لها الوقت الكافي للتجمع، وإذا كان هذا صحيحاً حقاً، فقد يقودنا إلى أن النموذج الكوزمولوجي القياسي قد انهار».
عندما يتحدث الفيزيائيون عن نموذج كوني، فهم بذلك يشيرون إلى مجموعة من المعادلات التي تصف تطور الكون استجابة للمادة والطاقة التي يحتوي عليها. فلبناء القصة السائدة عن كيفية ظهور الكون الذي نراه حالياً، والمعروف بالنموذج الكوزمولوجي القياسي Standard Model of Cosmology، بدؤوا بنظرية النسبية العامة General Theory of Relativity لآلبرت آينشتاين Albert Einstein، والتي تنظر إلى الجاذبية على أنها نتيجة لتشويه كتلة نسيج الزمكان Space-time.
تخبرنا هذه المعادلات بأنه وعلى الرغم من تمدد الكون بشكل عام، يمكن أن تصير مناطق معينة من الفضاء كثيفة بما يكفي لتجميع المادة من خلال الجاذبية وتشكيل المجرات. وقد أدخل علماء الكوزمولوجيا المعادلات في حواسيب فائقة Supercomputers، إلى جانب قائمة من «المكونات» التي تعكس تركيب الكون، وأجروا عمليات المحاكاة. ومن خلال مقارنة المجرات التي ظهرت مع الأرصاد، تمكنوا على مدار عقود من تحسين النموذج، ليشبه على نحو أفضل ما يبدو عليه الكون في الواقع.
النموذج الكوزمولوجي القياسي
ما توصلنا إليه هو نموذج لكون منحوتٍ من خلال مزيج من الجاذبية والمادة المألوفة ومكونين آخرين غريبين. فهذان المكونان الغريبان هما المادة المعتمة Dark Matter، وهي مطلوبة لتوفير قوة جاذبية تتجاوز تلك التي يمكن للمادة المعروفة أن تحشدها، والطاقة المعتمة Dark Energy التي يُعتقد أنها تحفز التوسع المتسارع للكون.
يبقى كلاهما افتراضياً، فنحن لم نكتشف أو نتعرف على أي منهما بعد. مع ذلك، يعتقد علماء الفلك أن لديهم مؤشرات عن خصائصهما بسبب تأثيراتها. ففي حالة المادة المعتمة، يعتقدون أنها تتكون من جسيمات ضخمة خاملة تفوق كتلتها كتلة المادة الطبيعية بنحو 5: 1. تُعرف هذه المادة بالمادة المعتمة الباردة Cold dark matter أو CDM. أما بالنسبة إلى الطاقة المعتمة، فيُفترض أنها مجال طاقة غير متغير – وهي فكرة تلاعب آينشتاين بها في معادلاته تحت ستار رمز سُمي لامدا lambda. ولذا يُعرف النموذج القياسي لعلم الكوزمولوجيا بـــ لامدا – سي دي إم lambda-CDM.لكي نكون واضحين، النموذج Lambda-CDM ناجح على نحو رائع. فهو يشرح نمو عناقيد المجرات وغيرها من الهياكل الضخمة في الكون. ولكن نظراً للغموض الذي يحيط بالمادة المعتمة والطاقة المعتمة، يواصل الباحثون البحث عن أرصاد جديدة من شأنها أن تساعدهم على تحديد خصائص تلك المكونات لتحسين نموذجهم.
لذلك كانوا متحمسين لرؤية أرصاد تلسكوب جيمس ويب الفضائي للمجرات الصغيرة. ولكن عندما استخدم إيفو لابيه Ivo Labbé من جامعة سوينبورن للتكنولوجيا Swinburne University of Technology في أستراليا وزملاؤه حسابات مجربة ومُختبرة لاستخلاص كتل هذه الأجسام بناءً على لمعانها الإجمالي Overall luminosity، حصلوا على أكثر مما توقعواـ فقد وجدوا أن المجرات قد تضخمت بسرعة كبيرة لدرجة أنها صارت على طرف الاحتمال الرياضياتي في الكون Lambda-CDM.
عندما سمع بويلان-كولتشين بنتائج لابيه، أجرى على الفور ما أسماه «اختبار تحمل» Stress test للنظرية Lambda-CDM. تضمن ذلك النظر في مقدار المادة التي كان من الممكن أن تتراكم في هالة المادة المعتمة في الكون المبكر، وهذه الهالات Halos عبارة عن كتل كبيرة من المادة المعتمة التي يُعتقد أنها تطوق المادة العادية، عادة في شكل غاز، لتكوين مجرات. وفي نهاية المطاف، اكتشف بويلان-كولتشين أنه من الممكن تجميع كتلة مساوية لكتلة درب التبانة فقط.
ولكن، لإعادة إنتاج أرصاد لابيه، كان على المجرة أن تحول بالضرورة كل مادتها الذرية إلى نجوم. وهذا -لوصفها بلطف – إدعاء كبير. يقول بويلان كولتشين: «يجب أن تشكل المجرة نجوماً حتى في المناطق البعيدة والمؤلفة المادة المعتمة هذه، حيث يكون الغاز متناثراً جداً ويبدأ بالهروب».
في حين يتوقع علماء الفلك تشكل الكثير من النجوم في المنطقة المركزية للمجرة، عادة ما تكون الضواحي متناثرة جداً على أن يحدث فيها نشاط كبير. يؤدي هذا إلى انخفاض كبير في كفاءة تحويل المجرة لغازها إلى نجوم، إذ عادةً ما يشتمل تكوين النجوم في مجرة كبيرة على 10 % فقط من هذا الغاز. وفي حالة مجرات تلسكوب جيمس ويب الفضائي، وجد بويلان-كولتشين أن هذه المجرات كان عليها أن تعمل بكفاءة تخليق نجمية بنسبة 100% لتحويل كل الغازات. ويوضح قائلا: «هذا بعيد عن الواقعية، ومستحيل أساساً».
زبدة الكلام هي أن هذه المجرات نفسها تبدو مستحيلة في سياق الكون الذي اعتقدنا أننا نعرفه. لكن ظهورها لن يكون الأرصاد الأولى التي تهدد بخرق النموذج الكوزمولوجي القياسي، فالتناقض بين معدل تمدد الكون المحسوب في الكون القريب نسبياً مقابل ما يراه علماء الكوزمولوجيا في المناطق البعيدة من الفضاء يتأجج منذ سنوات حتى الآن. يُعرف هذا التناقض بــــ توتر هابل Hubble tension، وإذا اتضح أنه حقيقي، فسيتعين على علماء الكوزمولوجيا تعديل النموذج Lambda-CDM وبشكل جذري لاستيعاب نوع من الاندفاع المبكر للطاقة المعتمة.
تبدو هذه المجرات الشاذة كأنها تطبق جاذبية في الاتجاه نفسها، وسيعني الانفجار المبكر للطاقة المعتمة وجوب وجود أكثر مما ظننا وجوده من المادة المعتمة والمادة العادية في الكون. كما أنّ المزيد من المادة المعتمة يعني هالات أكبر، وهي بدورها تعني كفاءة أعلى في تشكيل النجوم.
يقول بويلان- كولتشين حول صمود حسابات الكتل المجرية أمام التدقيق: «إذا كانت هذه النتائج صحيحة حقاً، سيبدو أن هناك خطأ جسيما في النموذج Lambda-CDM التقليدي، لذلك من الأفضل أن نؤكد أو نرفض هذه النتائج بأسرع ما يمكن».
الديناميكا الحرارية لتشكيل النجوم
انكب العديد من علماء الفلك على محاولة القيام بذلك، وقد أشار أحد اتجاهات الأبحاث بالفعل إلى طريقة لتخفيف التناقض. أولاً، لتعرف كيف تقلل التناقض الحاصل، عليك أن تفهم أن الطريقة القياسية لتقدير كتلة مجرة فتية هي بالنظر إلى سطوعها الكلي وحساب عدد النجوم اللازمة لجعلها ساطعة على هذا النحو. وفي حين أن هذا يبدو معقولاً تماماً، إلا أنه يفترض معرفتك المسبقة لكيفية تأثير العوامل المختلفة في عملية التشكل النجمي.
لتحديد هذه العوامل بشكل أفضل، درس شتاينهاردت كيف ينبغي توقع نمو المجرات المبكرة الكبيرة في ضوء الفروق الدقيقة لتشكل النجوم في الكون المبكر، وهي حقبة لم يكن التفاعل بين الجاذبية والديناميكا الحرارية Thermodynamics أو قوانين الحرارة والطاقة كما هو عليه حالياً.
عند ولادة النجوم، تكون درجة حرارة الغاز بين النجمي Interstellar حاسمة في تحديد التوزيع الكتلي للنجوم التي تتشكل في مجموعة معينة، أي عدد النجوم عالية الكتلة التي تحصل عليها مقارنة بالنجوم منخفضة الكتلة، وهو يُوصف بما يسميه علماء الفلك «دالة الكتلة الأولية» Initial Mass Function.
السبب وراء رغبة شتاينهاردت في دراسة مجرات لابيه هو أن دالة الكتلة الأولية التي يطبقها علماء الفلك عالمياً مشتقة من الظروف الحالية في مجرة درب التبانة، مع علمنا أن الغازات المكونة للنجوم كانت ستكون أكثر سخونة في بدايات الكون. كان من شأن ذلك أن يمنع تشكل النجوم ذات الكتلة المنخفضة، ويغير دالة الكتلة الأولية، والنتيجة ستكون تقليل كتلة أي مجرة ككل.
وعندما أدرج مثل هذه العوامل في حساباته، وجد شتاينهاردت بالتأكيد أن كتل المجرات المبكرة انخفضت بشكل ملحوظ. ويقول، موضحاً النتيجة: «لقد حصلنا على كتل منخفضة لبعض مجرات لابيه بمقدار يتراوح بين 10 و 100 ضعفاً، أي لا يزال من الممكن تكوينها من هالات المادة المعتمة التي يمكنك الحصول عليها من النموذج Lambda-CDM».
يشبه هذا كثيراً هروباً آخر نحو علم الكوزمولوجيا كالمعتاد. ولكن نتائج النموذج Lambda-CDM ليست واضحة بعد؛ فقد أجرت كلارا غيمينيز-أرتياغا Clara Giménez-Arteaga، طالبة الدكتوراة في مركز دون الكوني أيضاً، تحليلاً آخر للمجرات المبكرة الأخرى التي رصدها تلسكوب جيمس ويب الفضائي، وهي مجرات مختلفة عن المجرات الست التي درسها لابيه وحصلت على نتيجة مختلفة جداً.
لقد تمكنت من اتباع نهج بديل لتقدير كتلة المجرات الفتية بفضل البصريات غير المسبوقة لتلسكوب جيمس ويب الفضائي، والتي يمكنها تكبير حتى هذه المجموعات النجمية القصية إلى مجموعات من البكسل، بدلاً من وحدات البكسل المفردة التي تحتوي على تفاصيل أقل. هذا يعني أنه يمكنك تقدير عدد النجوم وكتلها في كل بكسل، ثم جمعها لمقارنتها بالقيمة المُستخلصة من نهج السطوع الكلي الذي استخدمه لابيه. تقول غيمينيز-أرتياغا: «بالتفكير في هذا سلفاً، اعتقدت أنني يجب أن أحصل على الإجابة نفسها». لكن ما وجدته كان مفاجئاً: فكل مجرة نظرت إليها كانت أثقل بثلاث إلى عشر مرات مما كان يعتقد سابقاً.
قوة تلسكوب جيمس ويب الفضائي
إن تمثيل كل مجرة كبكسل Pixel واحد غير مُكبر، بدلاً من مجموعة من البكسلات، يخفي حقيقة أن تشكل النجوم ربما لا يحدث بشكل متجانس عبر المجرة. فوفقاً لغيمينيز-أرتياغا إن طريقة العد هذه، التي لا تتضمن أي تكبير، تؤدي إلى تفوق النجوم الأحدث والأكثر توهجاً على النجوم الأقدم والأقل توهجاً، مخفيةً إياها عن الأنظار ومخفضةً كتلتها المقدرة. من خلال التعامل مع كل بكسل على أنه منطقته الخاصة، يمكن لعلماء الفلك رؤية العدد الهائل من النجوم طويلة العمر وذات الكتلة المنخفضة التي تكونت في الجولات السابقة من عمليات تشكل النجوم. وتقول غيمينيز-أرتياغا: «الآلية الفيزيائية التي تجعل هذا يحدث لا تؤدي إلا إلى زيادة الكتلة المُستنتجة في الحل».
لم تطبق غيمينيز-أرتياغا هذه الطريقة بعد على المجرات التي حللها لابيه، ولكن نظراً لأن هذه الطريقة تزيد الكتلة المحسوبة لمجرات مبكرة مماثلة، فمن شبه المؤكد أنها ستفعل الشيء نفسه بالنسبة إلى المجرات الست المعنية، ومن ثم ستكشف التناقض مع النموذج Lambda-CDM.
بلا شك، علماء الكوزمولوجيا بحاجة إلى القياس الحقيقي لهذه المجرات المريبة، فمصير الكون، أو على الأقل فهمنا له، يعتمد على الإجابة. وعلى النقيض من توتر هابل، وهو الحالة التي يبدو أنها ستستمر بالظهور، فهنالك نبأ سار يتمثل بإمكانية الحصول على إجابات نهائية في المستقبل القريب.
تقريبا، تعتمد جميع التحليلات التي أجريت حتى على صور المجرات التي تتطلب من علماء الفلك تقدير عدد من الكميات، مثل العمر والمسافة والكتلة. ولكن لتحديد هذه الأرقام بدقة، فإننا بحاجة إلى أطياف تلك المجرات، والتي تتألف من جميع الأطوال الموجية الصادرة عن الجسم. ولحسن الحظ، هذه هي الخطوة التالية في العملية، وهي بالضبط ما صُنع من أجله تلسكوب جيمس ويب الفضائي.
صُمم تلسكوب جيمس ويب الفضائي، خلافاً لسلفه تلسكوب هابل الفضائي Hubble Space Telescope، لالتقاط الضوء من الكون البعيد فعلاً، ذلك الضوء الذي صار طوله الموجي كبير جدا ودخل منطقة الأشعة تحت الحمراء بفعل توسع الكون. يقول أندرو بانكر Andrew Bunker من جامعة أكسفورد University of Oxford، وهو عضو في فريق أدوات التحليل الطيفي القريب من الأشعة تحت الحمراء في تلسكوب جيمس ويب الفضائي: «يقدم تلسكوب جيمس ويب الفضائي تحليلاً طيفياً عالي الجودة يغطي نطاق الطول الموجي الحاسم».
باستخدام التحليل الطيفي بالأشعة تحت الحمراء، يمكننا تحديد المسافات التي تفصلنا عن المجرات وأعمارها بدقة. وبافتراض صحة المسافات التي تفصلنا عن المجرات والتي حُسبت سابقا، وهو ما يتوقعه معظم علماء الفلك، سيسمح لنا التحليل الطيفي أيضاً باختبار أفكار شتاينهاردت لأنه يسمح بسبر درجة حرارة الوسط بين-النجمي في كل مجرة.
ولإثبات تلك الفكرة، أصدر بانكر وزملاؤه مؤخراً طيفاً لمجرة بعيدة جداً ظهرت كنقطة حمراء باهتة في بيانات تلسكوب هابل السابقة، وقد اختيرت لتدرس بشكل أكثر عمقا لاحقا. فقد تجاوزت النتائج كل ما حلم به بانكر سابقاً. ويشير إلى ذلك قائلا: «لم نعتقد قطُّ أننا سنحصل على مثل هذا الطيف الجميل».
والنتيجة، يبدو أن المجرة التي يبلغ عمرها نحو 700 مليون سنة فقط قد تعرضت لعملية تشكل نجمي عنيفة لكنها امتدت على فترة قصيرة من الزمن، وتلاها تباطؤ سريع قبل 10 إلى 20 مليون سنة من وقت الرصد. ووفقاً لبانكر، من المثير للاهتمام أن الكتلة التي حسبوها كانت أصغر بمئتي مرة من عيّنة لابيه.
يقول بانكر إن هذا ليس تفنيداً مباشراً لفكرة أن تلك المجرات الست يمكن أن تقوض علم الكوزمولوجيا، لأن المجرات التي حللها موجودة في جزء مختلف من السماء، وإنما «من المحتمل أن يكون نموذج Lambda-CDM قد انهار، لكن القضية ستظل معلقة حتى نحصل على التحليل الطيفي».
لذلك، تستمر الإثارة بالتصاعد. وفي الوقت الحالي، لا يُطبَّق النموذج Lambda-CDM. لكنه حتى ولو نجا من هذه الأزمة الحالية، فإنه سيكون على المحك في مرحلة ما، كما يقول شتاينهاردت. ويضيف: «النموذج Lambda-CDM هو نموذج للمحافظة على مكان Placeholder شيء لم يعرف تماما بعد»، ما يعني أنه إلى أن ندرك الطبيعة الحقيقية للمادة المعتمة والطاقة المعتمة، فإننا ببساطة نستخدم التمثيل الأكثر عمومية لكليهما في النموذج. وفي هذا السياق، ربما تكون قدرة هذا النموذج البسيط على تفسير الكون بكامله لفترة طويلة مدهشة.
غيَّر تلسكوب جيمس ويب الفضائي قواعد اللعبة، فنحن نحصل وبشكل روتيني على أطياف عالية الجودة
ومع ذلك، فإن قدرة تلسكوب جيمس ويب الفضائي المتمثلة في النظر إلى أبعد ما في الكون ستعني الاستمرار في العثور على أشياء ستواصل الضغط على النموذج Lambda-CDM. يقول بانكر: «لقد غيَّر تلسكوب جيمس ويب الفضائي قواعد اللعبة بالفعل، فنحن نحصل الآن وبشكل روتيني على أطياف عالية الجودة تساعدنا في استنتاج خصائص المجرات بعد بضع مئات من ملايين السنين فقط على الانفجار الكبير».
© 2023, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.