لماذا يمكن أن يؤدي النظر إلى السرطان كنظام إيكولوجي إلى علاجات أفضل

بقلم جاسمين فوكس-سكيلي

السرطان Cancer هو مرض، أو مجموعة من الأمراض، حيث تتكاثر بعض الخلايا بشكل لا يمكن السيطرة عليه ويمكن أن تنتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم. ولكن هذا الوصف لا يعكس كيف تغير مفهومنا للسرطان، كما يقول كينيث بينتا Kenneth Pienta من جامعة جونز هوبكنز Johns Hopkins University في ماريلاند. «اعتاد الناس على النظر إلى السرطان على أنه نوع من الظرف السيئ: فالسرطان سيتغير بمرور الوقت، ولم نفهم حقاً لماذا أو كيف أو ما الذي كان يقود هذه التغييرات».

ومع ذلك، في السنوات القليلة الماضية، توصل بينتا وآخرون إلى رؤية السرطانات على أنها أقرب إلى الكائنات الحية بحد ذاتها، وأنها تعيش في أنظمة إيكولوجية معقدة جنباً إلى جنب مع الخلايا السرطانية الأخرى والخلايا المناعية للمضيف. تتنافس الخلايا السرطانية للحصول على العناصر الغذائية، ولا يبقى إلا الأصلح. يقول بينتا: «يتطور السرطان استجابة للتغيرات في بيئته… إذا لم يحدث ذلك، فإنه سيموت».

تنقسم الخلايا السرطانية بسرعة، لذلك تحدث طفرات عشوائية في كثير من الأحيان وبسرعة تُختار الطفرات التي تمنحها ميزة

وفي نهاية المطاف، هذا هو السبب الذي يجعل السرطان يقتل كثير من الناس. تنقسم الخلايا السرطانية بسرعة، لذلك تحدث طفرات عشوائية في كثير من الأحيان وبسرعة تُختار الطفرات التي تمنحها ميزة. يقول روبرت غاتنبي Robert Gatenby، المدير المشارك لبرنامج بيولوجيا السرطان وتطوره Cancer Biology and Evolution Program في مركز موفيت للسرطان Moffitt Cancer Center في فلوريدا: «إنها تتطور لتصير أفضل خلية سرطانية يمكن أن تكون، وهذا عادة ما يكون خبراً سيئاً للمريض».

إضافة إلى ذلك، فإن أصعب الخلايا هي الأفضل في الدخول إلى مجرى الدم والانتشار إلى أجزاء أخرى من الجسم، وهي عملية تعرف بالنقيلة Metastasis يقول غاتنبي: «لدينا أدوية جيدة وعلاجات أولية لمعظم أنواع السرطان… ولكن في حالة السرطان النقيلي، لا يعود بالإمكان علاج المريض أبداً تقريباً».

والخبر السار هو أن رؤية السرطان من خلال عدسة تطورية تشير إلى طرق جديدة لعلاجه، كما يقول غاتنبي. ومن بينها فكرة أنه بدلاً من محاولة القضاء على الخلايا السرطانية، يجب علينا إدارة المرض كما لو كان حالة مزمنة مثل داء السكري Diabetes.

علاجات السرطان التكيفية
العلاجات التقليدية مثل العلاج الكيميائي أو العلاج الإشعاعي سوف تترك وراءها دائماً مجموعة صغيرة من الخلايا المُقاوِمة Resistant cells. ومع القضاء على منافسيها، تتكاثر بسرعة – ويصبح علاج السرطان أكثر صعوبة. ومع ذلك، يجرب مختبر غاتنبي طرق لإبقاء بعض الخلايا المستجيبة للعلاج حية بحيث تتنافس مع الخلايا المقاومة.

يقول غاتنبي: «نحن لا نعطي سوى القليل من العلاج ثم نتوقف… سوف يعود الورم، ولكن لأنك لا تطبق أي اختيار Selection يُفضِّل الخلايا المقاومة، فإن الخلايا الحساسة ستهيمن».

ومن الممكن أن تكون الإستراتيجية الأخرى هي استهداف قدرة السرطان على التكيف Adapt. اكتشف فريق بينتا أنه عندما يُعطى العلاج الكيميائي للأشخاص، تتوقف مجموعة فرعية صغيرة من الخلايا السرطانية عن الانقسام وتدخل في حالة سبات Hibernation. يمكن لهذه الخلايا السرطانية متعددة الصيغ الصبغية Polyaneuploid cancer cells أن تختبئ من الأدوية الكيماوية. ويعتقد بينتا أنه من خلال تدميرها، يمكننا تدمير النظام الإيكولوجي للسرطان بكامله.

وقد يكون من الممكن أيضاً إيقاف السرطانات قبل أن تتاح لها فرصة التطور. وقد وجد تشارلز سوانتون Charles Swanton، من معهد فرانسيس كريك Francis Crick Institute في لندن، أنه عندما يعاني الأشخاص التهاباً مزمناً نتيجة التعرض لتلوث الهواء أو دخان التبغ أو الكحول، يمكن للخلايا المناعية أن تؤدي إلى تطور السرطان.

وهذا يفتح طريقاً آخر للعلاج: استهداف الخلايا المناعية التي تسبب نمو السرطان في المقام الأول. يقول سوانتون: «لا يتعرض النظام الإيكولوجي الطبيعي لنوع من عدم الاستقرار الجينومي الذي تتعرض له السرطانات، ومن ثم فإن الأهداف أكثر استقراراً وربما أكثر قابلية للمتابعة».

وفي المحصلة، يعتقد العلماء أن مفهومهم الجديد للسرطان قد يسمح لنا بعلاجه. يقول غاتنبي: «الميزة الكبرى لدينا هي أن الخلايا السرطانية لا يمكنها التكيف إلا مع الحاضر… لا يمكنها أبداً توقع المستقبل. ولكن البشر يستطيعون ذلك».

© 2024, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.