أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
Advertisement
كيمياء

التكنولوجيا الجديدة المذهلة التي يمكنها إعادة تدوير جميع المواد البلاستيكية إلى الأبد

عد «إعادة التدوير المتقدمة» بتحويل النفايات البلاستيكية القذرة والمختلطة إلى بلاستيك جديد تماماً مرات عديدة. إنها خطوة كبيرة نحو إنشاء اقتصاد دائري ومكافحة التغير المناخي

بقلم غرايام لوتون

أقضي وقتاً طويلاً في مطبخي أتفحص قطع البلاستيك، وأحاول معرفة ما إذا كانت قابلة لإعادة التدوير أم لا. وإذا كانت كذلك، فإنها توضع في كيس بجانب الزجاج والعلب والكرتون والورق. وإذا لم يكن الأمر كذلك، أو إذا لم أكن متأكداً، أضعها في كيس بلاستيكي (غير قابل لإعادة التدوير) Non-recyclable وأضعها في الخزانة أسفل الدرج، حتى أودِعُها في حاوية للمواد البلاستيكية غير القابلة لإعادة التدوير في سوبر ماركت قريب. ولكن الطريق إلى مكب النفايات مفروش بالنوايا الحسنة. في بعض الأحيان أشعر بالغضب وينتهي بي الأمر برميها في حاوية القمامة.

لا أعرف ما إذا كان فرزي المهووس يحدث أي فرق بالفعل. آمل بأن يُعاد تدوير المواد القابلة لإعادة التدوير في نهاية المطاف. أما الأشياء الأخرى التي تشكل نحو نصف نفاياتي البلاستيكية، فليس لدي أي فكرة عن مصيرها. أفترض أنه يسمى «غير قابل لإعادة التدوير» لسبب ما.

يحدوني أمل بأنني لن أضطر قريباً إلى إضاعة المزيد من وقتي الثمين في فرز هذا النوع من النفايات. بدأت مجموعة من تقنيات «إعادة التدوير المتقدمة» Advanced recycling بالظهور تدريجياً، وتعد بأخذ البلاستيك المستعمل من أي نوع وتحويله إلى شيء مفيد جداً: البلاستيك. فالهدف هو إنشاء اقتصاد دائري Circular economy لهذه المادة إذ لم تعد هناك حاجة إلى صنع البلاستيك البكر من النفط الخام، فقط نعيد تدوير ما لدينا بالفعل إلى ما لا نهاية. البلاستيك، الذي تم تصويره على أنه آفة العالم الحديث، يمكن أن يكون رائعا مرة أخرى.

هناك الكثير للعمل معه. منذ خمسينات القرن العشرين، أنتجنا أكثر من عشرة بلايين طن من هذه المادة. وقد انتهى الأمر بأكثر من ثمانية بلايين طن منها إلى نفايات. ولا يزال الكثير منها موجوداً في مدافن النفايات وفي البيئة، ويستمر الطوفان. يولد العالم حالياً نحو 350 مليون طن من النفايات البلاستيكية كل عام، وفقاً لسوهاس ديكسيت Suhas Dixit، الرئيس التنفيذي لشركة إعادة تدوير البلاستيك أيه بي كيمي APChemi في مومباي بالهند.

في عام 2017، عمل فريق – بقيادة رولاند جيير Roland Geyer من جامعة كاليفورنيا University of California في سانتا باربرا – على تحليل مصير جميع أنواع البلاستيك المُصنَّع. فلا يزال هذا العمل يعطينا أفضل صورة شاملة لما يحدث لهذه الأشياء، وهي ليست جميلة (انظر: الرسم البياني). أُرسل نحو 55% منها مباشرة إلى مكب النفايات أو التخلص منها، وحُرِق 8% منها وأُعيد تدوير 6% فقط – ومن ذلك، تخلصنا من معظمها بعد ذلك في مكب النفايات.

وغني عن القول إن كل هذا يمثل رعباً للبيئة. يطلق البلاستيك المحروق أو الذي يتحلل في مدافن النفايات كميات هائلة من غازات الدفيئة Greenhouse gases في الغلاف الجوي. ويجد ما بين 10 و15 مليون طن من البلاستيك طريقه إلى المحيطات كل عام، مما يؤدي إلى إنشاء مقالب قمامة غير رسمية مثل رقعة القمامة الكبرى في المحيط الهادي Great Pacific Garbage Patch. ويسهم هذا الإسراف بشكل كبير في الأزمات الكوكبية الثلاث الكبرى في عصرنا: التغير المناخي Climate change، وفقدان التنوع البيولوجي Biodiversity loss، وبطبيعة الحال، النفايات Waste والتلوث Pollution. هناك أيضاً قلق متزايد بشأن تأثير البلاستيك على صحة الإنسان.

نحن مستمرون باستخدام البلاستيك لأنه مفيدٌ جداً. ويرجع ذلك إلى حقيقة أنه يأتي في مجموعة متنوعة من الأشكال الكيميائية التي يمكنها القيام بأي وظيفة تقريباً. ما يوحدها هو أنها جميعاً تبدأ بالمونومرات Monomers: جزيئات صغيرة ذات طرفين متفاعلين Reactive ends. وفي ظل الظروف المناسبة، فإنها تتجمع مثل عربات القطار لتكوين خيوط طويلة ومتكررة تسمى البوليمرات Polymers. ابدأْ بمونومر يسمى الإيثيلين Ethylene، مثلا، وستحصل على البولي إيثيلين Polyethylene. وهو قوي وشفاف ومرن، وهو البلاستيك الأكثر وفرة في العالم، ويستخدم في الغالب لصنع عبوّات المشروبات. فالمواد البلاستيكية الأخرى هي «بوليمرات مشتركة» Copolymers تتكون من نوعين أو أكثر من المونومر. تحتوي المواد البلاستيكية الجاهزة أيضاً على مواد مضافة مثل مواد التشحيم Lubricants ومثبطات اللهب Flame retardants والأصباغ Pigments وعديد من الإضافات الأخرى.

النفايات البلاستيكية
وحتى الآن، فإن الجهود المبذولة لتطهير عملنا بالكاد تخدش السطح. تقول جوديث إنك Judith Enck، رئيسة مجموعة بيوند بلاستيكس Beyond Plastics، وهي مجموعة غير ربحية مقرها في بينينغتون بولاية فيرمونت، تهدف إلى إنهاء التلوث البلاستيكي: «لقد فشلت عملية إعادة تدوير البلاستيك فشلا ذريعا». إن تقنيات إعادة التدوير الموجودة هي بدائية وشاقة. تُفرز النفايات البلاستيكية إلى أنواع مختلفة، وأحياناً يدوياً، ويرسل أفضلها لإعادة التدوير ميكانيكياً. يتضمن ذلك غسل البلاستيك أو تقطيعه أو طحنه أو إذابته أو عصْرِه أو ضغطه إلى كريات يمكن صهرها واستخدامها مرة أخرى.

هذا فعال جداً بالنسبة إلى بعض أنواع البلاستيك. وهو يعمل بشكل جيد مع نفايات البولي إيثيلين تيريفثاليت Polyethylene terephthalate (اختصاراً: المادة PET) التي لم يُعد تدويرها من قبل، مثلا، والتي تشكل نحو 7% من النفايات البلاستيكية. ويعاد تدوير ما يزيد على 90% من هذه المواد، وفقاً لديكسيت. ولكن الكم الهائل من النفايات البلاستيكية غير مناسب لإعادة التدوير الميكانيكي. والبلاستيك المُعالج بهذه الطريقة ليس ب جودة الجديد نفسها. فعلى الرغم من أنه تم غسله، إلا أنه ليس دائماً نظيفاً تماماً ومن ثم لا يمكن استخدامه في تغليف المواد الغذائية. وعلى سبيل المثال، لا يمكن إعادة استخدام المادة PET المعاد تدويرها في عبوّات المشروبات إلا في حالات نادرة جداً. يقول لارس كراوس Lars Krause، من معهد نوفا للابتكار السياسي والإيكولوجي Nova-Institute for Political and Ecological Innovation في هيرث بألمانيا: «قد تكون هذه النفايات المعاد تدويرها ميكانيكياً ملوثة، لذلك لن تحصل أبداً على الموافقة لاستخداها في تغليف الطعام». وهذا يعني أن مادة PET المعاد تدويرها يُعاد تدويرها في الغالب إلى مواد التنجيد والسجاد والعزل.

تؤدي العملية أيضاً إلى تحلل بعض البلاستيك، إذ تنتج كل دورة منتجاً أقل جودة قليلاً حتى يكون غير صالح لأي شيء. ومن ثم فإن إعادة التدوير الميكانيكية تؤدي فقط إلى تأجيل اليوم الذي ينتهي فيه الأمر بالبلاستيك في مكب النفايات أو في محرقة.

في عام 2023 زرت شركة تستخدم هذه الطريقة، ورأيت مدى الفوضى التي تتسم بها الأعمال فيها. يقع مقر الشركة بيور نورث Pure North في هيفيراجيردي Hveragerði في أيسلندا. وفي مصنعها الواقع في منطقة صناعية على أطراف المدينة، تتلقى بالات من الأغشية الزراعية القذرة والأنابيب البلاستيكية البالية، فتُغسل، وتقطّع، وتُذاب، وتحوّل إلى كريات وتباع مجددا. ولكن هوامش الربح محدودة جداً، وأنواع معينة فقط من البلاستيك هي التي تستحق إعادة التدوير بهذه الطريقة. لا تستطيع الشركة التعامل مع الفوضى المتراكمة المتمثلة بالنفايات البلاستيكية «ما بعد الاستهلاك» Post-consumer – عبوات المواد الغذائية المهملة وما شابه – إذ إن فرزها وتنظيفها مكلف جداً. أما
الخليط المعقد من البلاستيك، مثل المستخدم في السجاد والملابس، فهو غير ملائم لإعادة التدوير.

من حيث المبدأ، يمكن لإعادة التدوير المتقدمة أن تحقق نتائج أفضل بكثير، لأنها لا تعمل ميكانيكياً، بل كيميائياً. وفي أفضل حالاتها، يمكنها أخذ حزم من النفايات البلاستيكية المختلطة القذرة وتحويلها إلى مواد كيميائية نقية تُماثل تلك المستخرجة من النفط الخام. ويمكن بعد ذلك إعادة تصنيعها إلى بلاستيك مطابق كيميائياً وفيزيائياً للنسخة الأصلية، أو استخدامها كمواد كيميائية صناعية أخرى. وبمجرد وصولها إلى نهاية حياتها القصيرة، يمكن إعادة تدويرها مرة أخرى. يقول بيل كوبر Bill Cooper من شركة سيكليكس انترناشونال Cyclyx International، وهي شركة تكنولوجيا إعادة تدوير البلاستيك في بورتسموث في نيو هامبشاير: «يمكن أن يعود البلاستيك إلى حالته الأصلية مراراً وتكراراً».

إعادة التدوير المتقدمة
تسمى أكثر تقنيات إعادة التدوير المتقدمة نضجاً بالانحلالالتحلل) الحراري Pyrolysis، وهو عبارة عن تطبيق الحرارة – ما يزيد على 500°س – في غياب الأكسجين لتفكيك المواد البلاستيكية إلى الأجزاء المكونة لها. وينتج هذا عادةً مزيجاً من المنتجات النهائية، بما في ذلك الزيوت والديزل والنافتا والشموع والمونومرات. كما أنها تنتج «الغاز الاصطناعي» Syngas، وهو خليط ذو قيمة عالية من أول أكسيد الكربون والهيدروجين، والذي يمكن استخدامه مرة أخرى في عديد من المواد الكيميائية المفيدة. باختصار، هذا يعيد إنتاج المواد الأولية التي تحتاج إليها الصناعة.

هناك أيضاً عملية التغويز Gasification، والتي تستخدم درجات حرارة أعلى لتحويل نفايات البلاستيك بالكامل إلى غاز اصطناعي. إنها عملية أطول وأكثر استهلاكاً للطاقة من الانحلال الحراري، ولكنها تتمتع بميزة كونها أكثر قابلية للتطوير، كما يقول كراوس. وفقاً لتحليل أجراه معهد نوفا، ينتج مصنع كبير للتحلل الحراري نحو 40 ألف طن سنوياً، في حين يمكن لمواقع التغويز إنتاج خمسة أضعاف ذلك.

تتطلب كلتا العمليتين استخدام الحرارة، الأمر الذي يؤثر في مدي كونها عملية خضراء إلى حد ما، ولكن إنتاج البلاستيك الخام يتطلب ذلك أيضاً. يعتمد مقدار الحرارة المطلوبة بالضبط على الطبيعة الدقيقة للعملية. يغطي المصطلحان الشاملان الانحلال الحراري والتغويز عدداً كبيراً من التقنيات المختلفة.

وقد تطورت كلتا العمليتين بسرعة خلال السنوات القليلة الماضية. في البداية، كانت في الأساس وسيلة لتحويل نفايات البلاستيك إلى ديزل ووقود طائرات وسوائل أخرى ليتم حرقها للحصول على الطاقة. يقول جوشوا باكا Joshua Baca، من مجلس الكيمياء الأمريكي American Chemistry Council (اختصاراً: المجلس ACC)، وهو هيئة تجارية للصناعة الكيميائية في واشنطن العاصمة: «قبل نحو خمس إلى سبع سنوات، كان هناك تركيز شديد على إنتاج الوقود». ويعد هذا تحسنا مقارنة بإلقاء البلاستيك في مكب النفايات، لأنه يحل محل الوقود الذي كان من الضروري تكريره من النفط الخام.

ومع ذلك، فقد تغير الزمن، وأصبح التركيز الآن على الدائرية الحقيقية – وبعبارة أخرى، إعادة التدوير التي لا نهاية لها. يقول باكا: «لقد تطور العالم تطوراً كبيراً جداً، وحالياً، تعمل عملية إعادة التدوير المتقدمة على إنشاء مادة خام من شأنها أن تنتج بلاستيكاً جديداً». وليس البلاستيك فقط: وفقاً لمعهد نوفا، فإن نحو ربع إنتاج منشأة إعادة التدوير المتقدمة عبارة عن «مواد كيميائية ثانوية ذات قيمة»، والتي تُستخدم بدلاً من المواد الكيميائية البكر المستخرجة من النفط الخام.

وفي الوقت الحالي، تعد أوروبا الرائدة عالمياً في إعادة التدوير المتقدمة. حدد تحليل حديث أجراه معهد نوفا أكثر من 100 تقنية متقدمة لإعادة التدوير إما قيد التشغيل أو التطوير داخل 27 دولة في الاتحاد الأوروبي إضافة إلى المملكة المتحدة وسويسرا والنرويج. فقد تجاوز الكثير منها مرحلة التخطيط: فالقارة لديها بالفعل عشرات المصانع التي تبلغ طاقتها الإنتاجية السنوية مجتمعة 270 ألف طن، والتي يتوقع معهد نوفا أن تتضاعف بحلول عام 2026.

أنشأت إحدى الشركات، التي تدعى إنفال Enval، مصنع للتحلل الحراري بالقرب من بيتربورو في المملكة المتحدة. هذا متخصص في التغليف المرن المكون من أغشية بلاستيكية ومعدنية، والتي تستخدم عادة في حاويات لأشياء مثل عصير الفاكهة وعادةً ما يكون من الصعب جداً إعادة تدويرها بسبب تركيبتها المختلطة. وزعمت الشركة أن أحد مصانعها النموذجية يمكنه إعادة تدوير ألفين طن منه في السنة. غير أنه تم الاستحواذ على شركة إنفال مؤخراً، وأُغلِقت المنشأة. يقول المُلاك الجدد إنهم يريدون إنشاء مصنع في المملكة المتحدة قبل نهاية 2024.

وقد دخلت الولايات المتحدة في اللعبة أيضاً. فمنذ عام 2017، استثمرت الشركات هناك أكثر من 7 بلايين دولار في إعادة التدوير المتقدمة، وفقاً لباكا، ويوجد بالفعل على الرفوف أكثر من 50 منتجاً مصنوعاً من البلاستيك المعاد تدويره، بما في ذلك زجاجات شامبو هيربل إيسنس Herbal Essences، وعلب جبنة فيلادلفيا الكريميةPhiladelphia cream cheese، وعبوات آيس كريم ماغنوم Magnum ice cream.

وتلوح في الأفق طريقة واعدة أكثر تسمى التحلل بالإذابة Solvolysis. مرة أخرى، يغطي المصطلح مجموعة من التقنيات، ولكنه يتضمن بشكل أساسي إذابة البلاستيك في السائل واستخلاص المواد الكيميائية المفيدة منه. يتطلب التحلل بالإذابة حرارة أقل من الانحلال الحراري والتغويز، مما يجعله أكثر خضرة، وينتج عدداً أقل من المنتجات الثانوية السامة.

التطبيق على مستوى واسع
إن نمو إعادة التدوير المتقدمة مدفوع إلى حد كبير بأهداف إعادة التدوير الجديدة الطموحة، سواء كانت طوعية أم إلزامية. مثلا، تعهد أعضاء المجلس ACC بأن جميع العبوات البلاستيكية المستخدمة في الولايات المتحدة ستكون قابلة لإعادة التدوير أو إعادة الاستخدام من حيث المبدأ بحلول عام 2030، وأنه سيُعاد استخدام أو إعادة تدوير 100% بالفعل بحلول عام 2040. وهناك أيضا توقعات بأن الأمم المتحدة ستتوصل إلى معاهدة ملزمة قانوناً بشأن التلوث البلاستيكي في وقت لاحق من عام 2024، والتي من شأنها أن تحد بشكل كبير من تصنيع البلاستيك البكر، وتزيد من الضغط لإنشاء اقتصاد بلاستيكي دائري.

إعادة التدوير المتقدمة ليست حلاً سحرياً. فهي لا تزال تستهلك الطاقة، وعلى عكس إعادة التدوير الميكانيكية، قد ينتج عنها نفايات سامة

ومع ذلك، فإن إعادة التدوير المتقدمة ليست حلاً سحرياً. فهي لا تزال تستهلك الطاقة، وعلى عكس إعادة التدوير الميكانيكية، قد ينتج عنها نفايات سامة، وفقاً لكيت بيلي Kate Bailey من شركة إعادة التدوير إيكو سايكل Eco-Cycle في بولدر بولاية كولورادو. تحتاج كل عملية فردية إلى تدقيق شامل لمدى كونها خضراء بالفعل.

أحد المجالات التي لا تزال في بداياتها هو تنقية المنتجات النهائية. يقول كراوس: «الخطوة الأسهل هي إزالة البلمرة». ولكن هذا يترك حساءً من المواد المضافة والحشوات والمواد الكيميائية الأخرى التي يجب فصلها، وقد يكون هذا هو التحدي الأكبر.

صارت مشكلة النفايات السامة مشكلة ساخنة. تقول بيلي: «هذه المشروعات مثيرة للجدل جداً… كن مستعداً للكثير من الرفض العام». في يونغستاون بولاية أوهايو، مثلا، يكافح السكان لوقف مصنع الانحلال الحراري الذي يقولون إنه سيبثّ نفايات سامة.

الحجم هو أيضا مشكلة. وفي أوروبا، حيث تنتشر هذه التكنولوجيا على نطاق واسع، لا تزال هناك فجوة واسعة بين كمية النفايات البلاستيكية وقدرة مصانع إعادة التدوير المتقدمة على التعامل معها. وحتى لو تحققت توقعات معهد نوفا بمضاعفة الإنتاج، فإن ذلك لن يؤدي إلا إلى تدوير سدس تيار النفايات في القارة.

وأخيراً وليس آخِراً، فإن إعادة تدوير البلاستيك يعاني عموما مشكلة صورته في المجتمع. يقول بيلي: «الجمهور منزعج… إنهم لا يثقون بما يحدث في مجال إعادة التدوير، خاصة فيما يتعلق بالبلاستيك، ولم يعودوا يؤمنون بشعار: المواد البلاستيكية كلها قابلة لإعادة التدوير، ما عليك سوى جمعها وسنقوم بفرزها».

وهذه المقاومة مندفعة بكامل طاقتها، مع تكثيف منظمات مثل بيوند بلاستيك Beyond Plastics حملاتها. ووفقاً لإنك، رئيسة المجموعة، فإن إعادة التدوير المتقدمة هي مجرد «تكتيك ضغط وتسويق من قبل صناعة البتروكيماويات» لمواصلة العمل كالمعتاد. ويرى كرواس إن وعود الصناعة غير حقيقية. ويركز هدف القائمين على الحملة على التخلص التدريجي من البلاستيك تماماً، لكن هذا لن يحدث. إذ إنّ الجني قد خرج من القمقم البلاستيكي.

يقول باكا: «لقد أدى البلاستيك دوراً حاسماً في جعل الحياة الحديثة ممكنة». وبفضل إعادة التدوير المتقدمة، صار بإمكاننا الاستمرار بعيش حياة عصرية. ويقول إنه إذا حققت إمكاناتها، فإن 90% مما لا يتم إعادة تدويره حالياً يمكن توجيهه مرة أخرى إلى إنتاج البلاستيك. إنني أتطلع إلى اليوم الذي أستطيع فيه إلقاء كل ما عندي من البلاستيك في سلة إعادة التدوير، مطمئنا بمعرفة أنه سيكون له حياة أخرى ذات معنى.

© 2024, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى