أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
علم الإنسان

مشروع القمر لعلم الأحياء: مُهمَّة فك شيفرة الحمض النووي لجميع أشكال الحياة

بوب ميرفي كان على شفا حفرة من الهاوية. وذات مرة وجد أفعى مميتة تتسلل إلى كيس نومه في غابة تقع فبجنوب شرق آسيا. وذات مرة كان في سيارة دفع رباعي عندما انقلبت على درب ترابي في الصحراء الأسترالية. وكاد يهوي تقريبا إلى حتفه عندما انهار جرف من تحته في فيتنام. وفي العام الماضي وجد نفسه في وسط منطقة حرب في أرمينيا. “أنا كقطة ذات تسعة أرواح،” كما يقول.
ويعمل ميرفي كصياد/جامع، فهو عالم أحياء متهم بتصنيف مجموعة غنية من النباتات والحيوانات. فقد دأب منذ عقود على الذهاب إلى أبعد أركان العالم للعثور على الأنواع الجديدة وجمعها. “الأمر ليس مناسبا للجميع،” كمل يقول، “فيمكن أن ينتهي المطاف بالناس بكسر في العظام أو الملاريا أو التورم من لدغات الحشرات، كما أن الأيام طويلة وقاسية. وفي الواقع يمكن أن تتعرض لمخاطر تهدد الحياة.” وفي عام 2001 توفي جو سلوينسكي Joe Slowinski- صديق ميرفي وزميله في جمع العينات بعد أن لدغه ثعبان سام كان قد صاده في ميانمار.
ولكن، على الرغم من المخاطر، فقريبا سيزداد الطلب على الصيادين – الجامعين مع بدء تنفيذ هذه الخطة الجريئة. ومشروع بعثة القمر [نسبة إلى مشروع الهبوط على القمر] البيولوجية المعروف باسم مشروع BioGenome الأرض، والمقرر إطلاقها في يونيو، مهمتها هي معرفة تسلسل جينوم جميع الأنواع المعروفة من النباتات والحيوانات على الأرض، بحيث تخدم ككتب أو صفات للطبيعة برمتها، وأن تحتوي على أدلة صنع أدوية ومواد ووقود ومحاصيل أحيائية متفوقة، كما يمكنها كشف ماضينا التطوري ويساعدنا على أن نكون أوصياء أفضل لكوكبنا. لكن التحدي الأول سيكون جمع عينات من البرية. بعد ذلك تأتي السلسلة نفسها، وهو ما يتطلب كميات هائلة من العمالة البشرية والقوة الحاسوبية. فهل يمكن تحقيق ذلك؟
بدا مشروع الجينوم البشري بعيد المنال عندما اقترح في أواخر الثمانينات. “كثيرون قالوا لنا: “هذا إهدار للمال، إنه أمر مكلف للغاية،” كما يقول ديفيد هوسلر David Haussler من جامعة كاليفورنيا University of California بسانتا كروز. فقد كلف ذلك 2.7 بليون دولار، أو نحو 4.8 بليون دولار بأسعار اليوم، واستغرق ما يزيد على عقد كامل من الزمن، ولكن كنز المعلومات الذي فتحه تجاوز التوقعات. ليس فقط لأنه سمح بولادة ثورة الطب الشخصي Personalised medicine، لكنه أيضا دفع بالتطورات في مجالات متنوعة بما في ذلك الطب الشرعي، علم الآثار والمعلوماتية الحيوية. ناهيك عن أن كل دولار واحد من الأموال العامة المستثمرة قد نتج منه منذ ذلك الحين 141 دولارا أمريكيا من النشاط الاقتصادي. ويقول هوسلر: “لقد دفعت عدة أضعاف تكاليف إنتاجها عدة أضعاف.”

الخطة هي فك شيفرة جينومات 1.5 مليون نوع في 10 سنوات فقط

وهذا النجاح هو الذي ألهم عالم الأحياء هاريس لوين Harris Lewin من جامعة كاليفورنيا University of California بديفيس، للبدء بالتفكير في مشروع الجينوم على مستوى الأرض منذ ثلاث سنوات. “ردة الفعل الأولية للجميع كانت ‘لقد أصبح مجنونا’،” كما أشار لوين ضاحكا . لكن حساباته الأولية التقريبية أشارت إلى أنه كان قابلا للتنفيذ. إذ يقول: “رأيت أنه باستخدام تكنولوجيا اليوم فإن الوقت والتكلفة سيكونان مشابهين لمشروع الجينوم البشري. فالإحصاءات التي اكتسبناها من جينوم واحد فقط كانت لا تصدق، لذلك تخيل ما يمكن كشفه من سلسلة جينوم بقية الحياة؟” في ذلك الوقت، كان لوين عضوا في المشروع Genome 10K، وهو مشروع أُطلق في عام 2009 بهدف سَلْسَلَة جينومات عشرة آلاف من الفقاريات. وسرعان ما برزت مشاريع مماثلة تهدف إلى سَلْسَلَة جينوم عشرة آلاف من الطيور (المشروع B10K)، وجينوم 5000 من الحشرات (المشروع i5K)، وجينوم 10000 من الكلاب (Dog 10K)، وجينوم 7000 من اللا فقاريات البحرية (المشروع GIGA) وجينوم 1000 من النباتات (المشروع 1KP): “بدا الأمر كخطوة قادمة منطقية لإيجاد سَلْسَلَة كل شيء.”
في نوفمبر 2015 أثناء اجتماع لثلاثة وعشرين عالما بيولوجيا في معهد سميثسونيان Smithsonian Institution بواشنطن العاصمة، صرح لوين عن فكرته: أن نُسَلْسَلَ جميع حقيقيات النواة Eukaryote المعروفة على الأرض خلال عشر سنوات. وهذه هي الكائنات الحية التي تحوي نواة في خلاياها، بما في ذلك الحيوانات والنباتات والفطريات التي يوجد منها نحو 1.5 مليون نوع Species. ويقول: “كان هناك العديد من الشخصيات الرصينة، ولكن بحلول نهاية الاجتماع، كان هناك ما يكفي من الاقتناع. وتشكل إطار عمل المشروع Earth BioGenome عبر عدة اجتماعات متتالية، وشُكلت شراكات مع مراكز أبحاث بما في ذلك معهد سميثسونيان، ومعهد ويلكوم سانغر Wellcome Sanger Institute في المملكة المتحدة، والمعهد BGI في الصين، ومؤسسة ساو باولو للأبحاث São Paulo Research Foundation (اختصارا: المؤسسة FAPESP) في البرازيل.
وحتى الآن سُلْسِلَ جينوم 2500 نوع من حقيقيات النواة فقط، لذلك فإن هذا المسعى سيكون ضخما. والهدف للثلاث سنوات الأولى سيكون إنتاج جينوم عالي الجودة لعضو واحد من كل من 9000 عائلة حقيقية النواة. وبعد ثلاث سنوات، سيُجمع مسودة الجينوم لعضو واحد من كل جنس من 150 ألف – أي المجموعة التصنيفية الأدنى من العائلات. والسنوات الأربع الأخيرة ستنصرم في تجميع مسودات للأنواع المتبقية، والتي يمكن صقلها في وقت لاحق.
وهذه الأهداف النبيلة تعني تحديد سَلْسَلَة ثمانية جينات عالية الجودة يوميا خلال المرحلة الأولى، وأكثر من 100 مسودة يوميا في المرحلة الثانية، وأكثر من 1000 كل يوم في الثالثة. ويستغرق إنتاج جينوم عالي الجودة مع التكنولوجيا الحالية ما يقارب من أسبوع للسَلْسَلَة بتكلفة ما بين 1000 و30 ألف دولار، اعتمادا على حجم هذا الجينوم. وتستغرق النسخة الأولية عددا قليلا من الساعات وتكلف نحو 800 دولار. لكن من المرجح أن تنخفض التكاليف والوقت المستغرق في السَلْسَلَة مع تحسن التكنولوجيا، كما يقول لوين. وعلى الرغم من ضخامة المهمة، إلا أن غيوجي تشانغ Guojie Zhang، عالم الأحياء في المؤسسة BGI، يعتقد أنه يمكن القيام بذلك. “مع قوة السَلْسَلَة التي يمكننا استخدامها في الوقت الحالي، سيكون من الممكن بالفعل الانتهاء من السَلْسَلَة لجميع الكائنات حقيقية النواة في غضون عام،” كما يقول.
في الواقع، فإن الصعوبات الرئيسية ستكون في الخدمات اللوجستية، بما في ذلك الحصول على إذن من الحكومات لسَلْسَلَة الأنواع الفطرية Native species، وجمع العينات وإعدادها. وسوف تأتي بعض العينات من مجموعات المتاحف، لكنها فقط مناسبة للمسودات الأولية للجينوم، لأن المتتاليات عالية الجودة تتطلب أنسجة جديدة من عدة أعضاء – ومن ثم الحاجة إلى الصيادين/الجامعين مثل ميرفي- يعمل في جامعة تورنتو University of Toronto بكندا ويجمع عينات للمشروع 10K. والعثور على الأنواع النادرة، خاصة في المناطق النائية مثل أعماق البحار أو الغابات الكثيفة، ستكون صعبة. وتخصص ميرفي هو الضفادع والثعابين. وفي بعض الأحيان يسافر بالطائرة أو القارب للوصول إلى الأماكن النائية، ولكن في الغالب يتجول في البرية مع حمالين محليين أو الفيلة التي تحمل لوازمه. قد يكون استثمار الوقت والجهد ضخما. ويقول: “نتوقع أن الحصول على عينة من إحدى السحالي بلا أرجل التي نرغب فيها للمشروع Genome 10K قد يستغرق ستة أشهر من العمل الميداني للعثور عليها، إذا كنا محظوظين، ” كما يقول.
ويأمل لوين بأن الطلب على العينات للسَلْسَلَة سيقود الابتكار التكنولوجي. حيث يمكن للطائرات من دون طيار (الدرونات) أو مركبات تحت الماء أن تجوب المناطق النائية، وتأخذ عينات من أنواع مختلفة تلقائيا بشرط أن تسبب أقل قدر من الضرر على الكائنات، كما يقول. وكما يمكن توظيف السكان الأصليين للمساعدة على العثور على النباتات النادرة، واستخدام أجهزة حديثة محمولة باليد للحصول على سَلْسَلَات أولية من العينات في الميدان. وهذه الأجهزة التي تكلف أقل من 1000 دولار، هي مُستخدَمة بالفعل في الأدغال والقطب الشمالي.
التحدي الآخر هو كيفية تخزين كميات هائلة من البيانات. ويقدر أن المشروع سوف يولد عدة آلاف من البيتابايت في السنة، أكثر من جميع مقاطع الفيديو التي تُحمَّل على YouTube سنويا. وهذا أيضا يمكن أن يكون محفزا للابتكار، هذه المرة في مجال المعلوماتية الحيوية. وقد يكون أحد الخيارات هو تخزين بيانات الحمض النووي DNA في… الحمض النووي DNA. إذ يمكن استخدام حروف الرمز A وT وC وG مثل 0 و1 في الحوسبة العادية، وقد أظهر الباحثين من جامعة كولومبيا Columbia University مؤخرا أن غراما من الحمض النووي DNA يمكنه ترميز 215 بيتابايت من البيانات الرقمية.
وأخيرا، يريد مؤسسو المشروع التأكد من أنه يفيد جميع المعنيين بشكل عادل. للقيام بذلك، فقد وظّفوا رجل الأعمال خوان كارلوس كاستيا روبيو Juan Carlos Castilla-Rubio -من بيرو- لبناء بنك الأرض للكودات. وهي قاعدة بيانات مفتوحة المصدر Open-access ستُسجل التسلسل الجيني والمظهر والموقع والمعلومات الأصلية المرتبطة لكل نوع. وستُحمَّل البيانات على نظام سلسلة الكتل Blockchain، وهو نوع من البرامج المستخدمة في العملات الرقمية Cryptocurrency، الذي يتتبع مكان وكيفية استخدام المعلومات. ويمكن بعد ذلك تقاسم أي منفعة تجارية بشكل مناسب مع جميع المساهمين، بمن في ذلك الأشخاص المحليين الذين وفّروا الدراية والمعرفة التقليدية.

واستنبط كاستيلا روبيو هذه الفكرة عندما كان يبحث عن طرق لتحويل اقتصاد الأمازون بعيدا عنه الصناعات المدمرة مثل الزراعة وقطع الأشجار والتعدين نحو المزيد من الشركات القائمة على المعرفة Knowledge-based enterprises التي تحافظ على البيئة. فقد انتبه إلى الإمكانات الاقتصادية الضخمة للمعلومات الجينومية المرتبطة بالأمازون، التي تعتبر موطنا لنحو %15 من التنوع البيولوجي للأرض، ولكن أيضا عرضة لمشكلة الاستغلال. ففي الماضي استغلت الشركاتُ الكبيرة المواردَ الطبيعية للمنطقة ومعارف السكان الأصليين دون دفع مستحقاتها، فعلى سبيل المثال، عندما طوِّر دواء ضغط الدم من سم الثعبان المستخدم عادة من قبل سكان الأمازون على أطراف الأسهم. ومن المفترض أن تمنع مقاربة سلسة الكتل blockchain هذا النوع من القرصنة البيولوجية ويضمن أن يلتزم المشروع Earth BioGenome ببروتوكول ناغويا Nagoya Protocol وهو اتفاق دولي توصِّل إليه في عام 2010 للاعتراف بحقوق البلدان على مواردها الجينية ومعارفها التقليدية.
وبالطبع، يجب دفع مقابل لكل هذا، إذ إن التكلفة الإجمالية تقدر بـ 4.7 بليون دولار. وحتى الآن لا يوجد مشروع مخصص للتمويل، على الرغم من أن الدعاية الإعلامية في المنتدى الاقتصادي العالمي World Economic Forum لهذا العام في دافوس بسويسرا قد أثارت الحماس. “حاليا، عبَّرت العديد من البلدان عن اهتمامها أو تقترب من التعهد بالتزامات كبيرة، ونحن نتحدث إلى بعض الأشخاص البارزين،” كما يقول لوين. لكن مشاريع السَلْسَلَة الحالية مثل المشروع Genome 10K لديها تمويلها، وعندما يطلق المشروع رسميا في يونيو، سيبدأ العمل على تأمين التمويل. ويخطط لوين وزملاؤه قادة المشروع، جين روبنسون Gene Robinson من جامعة إلينوي University of Illinois وجون كريس John Kress من معهد سميثسونيان، للبدء بتنسيق أنشطة الخطط المختلفة للتأكد من سَلْسَلَة عدد كافٍ من الجينومات كل عام للوفاء بالأهداف العامة.
وبالنظر إلى كل النفقات والجهد، فما هو العائد الذي يمكن أن نتوقعه؟ إن لوين واثق من أن الطبيعة مفتوحة المصدر لبنك الأرض للرموز Earth Bank of Codes سيقود إلى اكتشافات وابتكارات في جميع أنحاء العالم. وأحد المجالات الذي يعد بإمكانات هائلة هي المستحضرات الصيدلانية. وبالفعل، نحو نصف عقاقير العالم هي منتجات طبيعية أو مشتقات لها، بما في ذلك الأسبرين والبوتوكس، ونحن بالكاد نستثمر سطح هذه الإكتشافات. يمكن لسَلْسَلَة الجينوم أن يلهم تطوير أدوية الجديدة من خلال الكشف عن كيف تطور النباتات والحيوانات دفاعاتها المتقدمة ضد الحيوانات المفترسة والمرض. فقد قام غيليغمي أوليفيرا Guilherme Oliveira من معهد فالي للتكنولوجيا Vale Institute of Technology في البرازيل، على سبيل المثال، بسَلْسَلَة شجرة الجابوراندي من الأمازون، والتي تنتج مركب البيلوكاربين Pilocarpine، وهو دواء يستخدم لعلاج مرض العيون الزرق (الغلوكوما). وبمجرد أن يقوم فريقه بهذا السَلْسَلَة، سيكون بإمكانه اكتشاف طريقة صنع هذه المادة الكيميائية القيمة. وقد يكون من الممكن تكرار هذه العملية صناعيا أو تعديل الدواء لجعله أكثر قوة.
وكما يقول هوسلر إن العائد الرئيسي الآخر سيكون الحفاظ على الحياة، إذ يعتقد أن اكتشاف سَلْسَلَة الأنواع المهددة بالانقراض سيعطينا أدلة حول أيها أكثر للتأثر بتغير المناخ وتحتاج إلى أكبر قدر من الاهتمام. وهذه المعرفة سوف تساعد القائمين على العناية بالأنواع المتبقية أيضا. على سبيل المثال، عندما سلسل الباحثون جينات جينوم طائر الكندور Condor الكاليفورني المهدد بالانقراض، وجدوا جينا متنحيا يسبب تشوهات بنيوية مميتة في الأربعمئة طير المتبقي. ويستخدم المربون الآن هذه المعلومات لمزاوجة الأفراد بشكل انتقائي لتجنب هذا الجين لتحسين صحة مجموعة الطيور.
كما ستسمح لنا عملية إعادة السَلْسَلَة لجميع أشكال الحياة بتعقب التطور ومعرفة مكان وجود كل نوع في شجرة العائلة، كما تقول سوزان براون Susan Brown، وهي عالمة بيولوجيا من جامعة ولاية كانساس Kansas State University. وهذا سوف يجيب عن أسئلة قديمة مثل ما إذا كان تعلّم الأصوات عند الطيور قد تطور مرة واحدة أو عدة مرات. بالفعل، كشفت سَلْسَلَة الحمض النووي DNA عن علاقات غير متوقعة في شجرة عائلتنا. وعلى سبيل المثال، اكتشفنا أن الجينات نفسها تنظم إيقاعات الساعة البيولوجية في النباتات والحيوانات. “وبالطريقة نفسها التي يوضح بها الجدول الدوري كيفية ارتباط العناصر المختلفة، تكشف شجرة الحياة العلاقات بين الأنواع المختلفة،” كما تقول براون.
ويعتقد لوين أن الفوائد المحتملة للمشروع تتجاوز بكثير علم الأحياء. إذ من المرجح أن تجد ثروة المعلومات الجينومية التطبيقاتِ في جميع أنواع المجالات من الطاقة المتجددة والهندسة إلى الزراعة والذكاء الإصطناعي، كمل يقول. قد تكون هناك أيضا فوائد لا يمكننا حتى تصورها. بالطريقة نفسها التي لم نكن نتوقع بها “جميع الابتكارات التي خرجت من مشروع الجينوم البشري ،” نحن لا نعرف ما لا نعرفه، كما يقول.
ومثل هذا الحماس هو ما يحفز لوين لعبور الكرة الأرضية لتعزيز المشروع Earth BioGenome. إنه يدرك جيدا أن هناك تحديات كبيرة أمامه، لكنه متأكد أيضا من أنها ستكون تستحق العناء. فيقول: “في بعض الأحيان، عليك فقط أن تثابر لمثل هذه الأمور. لدينا التكنولوجيا، لدينا الخبرة، والآن نحن بحاجة فقط إلى الإرادة.”
مشاريع عملاقة للكائنات الحية الدقيقة
Megaprojects for microorganisms
إذا كنت تعتقد أن 1.5 مليون حقيقيات النواة تعتبر كثيرا من الجينومات المسَلْسَلَة، فإن عدد بدائيات النوى سيذهب بعقلك. إذ تشير التقديرات إلى أن هناك ما يصل إلى تريليون نوع من هذه الكائنات الدقيقة، والتي تشمل البكتيريا والعتائق Archaea، ونحن لم نُصنِّف إلا بضعة آلاف حتى الآن. وسبب هذا التقدم البطيء هو صعوبة عزل بدائيات النواة. ويمكن لمعظمها البقاء على قيد الحياة فقط في الظروف الدقيقة لبيئاتها الطبيعية، سواء كانت فوارة مائية حرارية أم أمعاء بقرة، لذلك لا يمكن زراعتها ودراستها في المختبر.
التقنية المُغيّرة للعبة هي تقنية الميتاجينوميكس Metagenomics. وتسمح هذه التقنية لنا بسَلْسَلَة جميع الحمض النووي DNA في عينة مأخوذة من أي بيئة مثل مياه البحر، والتربة أو البراز، ثم عزلها لتحديد الأنواع الفردية. وأكبر مشروع للميتاجينوميات هو قيد التنفيذ حاليا في معهد الجينوم المشترك Joint Genome Institute التابع لإدارة الطاقة الأمريكية. وفي هذا العام من المقرر نشر جينوم أكثر من 100 ألف نوع من البكتيريا والعتائق من مجموعة بيئات مختلفة.
وقد تساعدنا المعلومات الواردة في جينومات بدائية النواة على تطوير مضادات حيوية جديدة، لأن الحمض النووي DNA للبكتيريا يحتوي على مخططات للمواد الكيميائية التي تحارب البكتيريا الأخرى. وقد يحتوي أيضا على تعليمات حول كيفية القضاء على التلوث، وإنتاج المواد الكيميائية الصناعية، وتحسين إنتاج الأغذية وأكثر من ذلك بكثير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى