أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
كتب

صوِّب!

بيل هيكوك المتوحّش: مُقاتل التخوم المُتغندر ذو الشاربِ الذي لم يكن "بيل" اسمه الحقيقي.

“بيل المتوحش: القصة الحقيقية لأوَّلِ مُقاتلٍ من التُّخوم الأمريكية”

“Wild Bill: The True Story of the American Frontier’s First Gunfighter”

بقلم: توم كلافين Tom Clavin

مطبعة سانت مارتن

320 صفحة

 29.99 دولار أمريكي

ترجمة: آية علي

يساعد امتلاك ميزة تنافسية على تحقيق النجاح في الغرب الأمريكي كرجلٍ مسلّح. وتعتبر سرعة التصويب أمراً ضروريًّا، ولم تكن إزالة المسدس من الحافظة الجلدية القاسية بالسهولة نفسها التي أظهرتها هوليوود. لكن امتلاك قدرة تصويبية جيدة في عصر الذخيرة المعيبة والممتلئة بالدخان، والأسلحة غير الدقيقة ساعدا أكثر على ذلك. كان أفضل رامٍ في بدايات ذلك العصر هو الصَّموت جيمس بتلر هيكوك James Butler Hickok، والذي حصل دون سبب وجيه على لقب بيل المتوحش. فقد تباهى بيل بميزة أخرى هي براعته الاستثنائية في استخدام يديه، بمعنى أنه كان قادرا على إطلاق وابل من 12 طلقة إلى الستة بواسطة سلاح عادي.

يتضح تفوقه كمُطلقٍ للنَّار في “بيل المتوحش”؛ وهي السيرة الذاتية الجديدة لـ«توم كلافين» حول حامل السلاح. لا ينجو هيكوك من جميع مبارزات المشي والتصويب فحسب، بل يصبح مشهوراً أصيلاً في أثناء ذلك. كما أن مظهره الحَسَن يساعد بالتأكيد؛ فهو بطولٍ يزيد على ست أقدام، وعينين زرقاوين وأنفٍ طويل وشاربٍ جذاب. إنّه رشيقٌ كنمر، وينعم بشعر محمر مموج ينسدل حتى كتفيه كنجم روك. كان مظهره العصري يتألف من حذاءين طويلي الرقبة مصنوعين من جلد العجل، وبنطال بطبعة مربعات، وصدريّة مطرّزة، ومعطف الأمير ألبرت Prince Albert الطويل، وقبعة مكسيكية سوداء. لا عجب في أن الجمهوري سانت لويس St. Louis Republican أشار إليه على أنه “شاب عادي من التخوم، مُتغَندرٌ بلباسه الفاخر في جميع الأوقات.”

وهدف كلافين الرئيسي من سرده لهذه القصة هو إمتاعنا وترفيهنا. ولكن هدفاً آخر يوازيه في الأهمية، وهو تقشير الأسطورة والفولكلور للكشف عن الحقيقة التاريخية تحتهما، وهو ما يمثل تحديًّا حقيقيًّا نظرا لكون معظم ما دُوِّن عن الأمر يتكون من تقارير صحفية تهدف إلى الإثارة، وإصدارات بخسة الثمن من روايات خيالية للأحداث. فالأمر أشبه بمحاولة التنقيب عن سيرة رئاسية ضمن صفحات كتابٍ هزليّ. والجانب السلبي من استراتيجية الحقيقة مقابل الخيال هنا، كما في كتاب كلافين الأخير “دودج سيتي” Dodge City– هو أنّه بعد تحرير حاملي السلاح الأشبه ما يكونون بالجاكالوب [Jackalope [1 من أساطيرهم، فإنّهم باستثناء بات ماسترسون Bat Masterson يَظْهَرون في الغالب كشباب كسولين وعديمي الموهبة، بمستوى مُتدنٍ من التعليم وطموحات مهنيّة سيئة، والذين تسير حياتهم الهوبيزية [2]Hobbesian الوضيعة تماماً كما هو متوقّعٌ لها.

وببسالة، يُدبّس كلافين، وهو مُحنّك متمرس في مهنة الكتابة، الحقيقةَ في كل فصل مثل ملصقات الأشخاص المطلوبين، في حين يتلذذ في الوقت نفسه بتذوّق بعضٍ من الأكاذيب الغريبة بخيالاتها طوال الطريق، وهي خدعة أنيقة يستعرض فيها بعضاً من براعته الخاصّة. ولعلّ إدراكه أن التركيز على إطلاق النار في هذا العصر من القتل الجماعي والجدالات بشأن مكافحة انتشار الأسلحة قد يُفشل مهمته جعله يسلك طُرقاً جانبية نحو مناوشات الحرب الأهلية، والمعلومات التاريخية الغامضة بالنسبة إلى معظم الناس، مثل أصول خدمة البوني إكسبريس Pony Express، ومغامرات سلاح فرسان القرن العاشر الذين كان جميع مجنديه من السود، والأيام الأولى للسيرك، وخلفيّات الأشخاص السيئين. وفي واحد من هذه الفواصل المرسومة بالقلم الرصاص، نرى هيكوك بدور الحكم في لعبة بيسبول مبكرة بين فريقي Kansas City Antelopes وAtchison Pomeroys. وكانت هناك حاجة إلى وجود هيكوك الباعث على الاستقرار؛ لأن المسابقة الفائتة انتهت باشتباك بالأيدي، وانتشرت جرّاء ذلك عبارة “لقد لحق العارُ بالبلدة!” في العناوين الرئيسية في أرجاء كانساس سيتي. ويربض هيكوك وراء صفيحة الملعب home plate، ومعه مسدسه “Colt” الأحادي الحركة الذي يحتوي على ست حُجرات للذخيرة، ويرتدي المتنافسون أزياءهم على طراز الخيالة الشهير، مع بروز مؤخراتهم نحو الأمام في حالة تأهّب، وتدلّي أسلحتهم من حافظاتهم. يذهب الفوز لصالح الفريق الأول بنتيجة مذهلة: 48-28.

وبعد ذلك تأتي الوظائف ككشافٍ ونائب المارشال الأمريكي وعمدة معارك كانساس الشهيرة بالأسلحة النارية في هايز سيتي Hays City وأبيلين Abilene، في مسيرة مهنة انتهت إلى حد كبير قبل أن تبدأ. وبعد إصابته بالعمى وهو في سن الـ35، ربّما بسبب مرض الزهري الثانوي، يُجرّب هيكوك استخدام يديه في مجال الترفيه. وكان أول ما فعله في هذا الجانب هو المشاركة في تأسيس وإخراج إنتاج سياحي يدعى «مطاردة الجاموس الجَسور عبر السهول» The Daring Buffalo Chase of the Plains، (والذي سار على نحو خاطئ بسبب إصابة ثور البيسون بالذعر وحدوث تدافع). بعد ذلك، انضم إلى فريق «كشّافة البراري» Scouts of the Prairie لصديقه بافالو بيل كودي Buffalo Bill Cody الذي وصفته صحيفة «نيويورك هيرالد» The New York Herald بأنّه كان «سيئا على نحوٍ مدهش لدرجة أنه كان جيداً تقريباً.» ولأسبابٍ مفهومة يجد هيكوك الذي يؤدي الدور نفسه دورَه مثيراً للسخرية وحواره سخيفاً: “لا تخشَيْ شيئا، أيتها الخادمة الجميلة! فبإذن الرب ستكونين أخيراً في أمان مع بيل المتوحش الذي على استعداد دائم للمخاطرة بحياته والموت إذا لزم الأمر، في سبيل الدفاع عن الأنوثة المُستضعفة التي لا حول لها ولا قوّة!”

وبعدها نعود إلى مدينة شايان وزواجه غير المؤكد من مالكة سيرك هَرِمة تكبره بـ11 عاماً، قبل ركضه في سلسلة بلاك هيلز الجبلية أملاً بأن يكون منقباً أو مقامراً على الرغم من فرصه الضئيلة في ذلك. ويستمتع كلافين وهو يفضح زيف قصة حب مزعومة بين هيكوك وكالاميتي جين Calamity Jane التي ظهرت في مرحلةٍ متأخرة كمتبجِّحةٍ وسكّيرةٍ لا تُطاق. ليست جميع جوانب المشهد هنا مثيرةً للاهتمام، ولا كل الأحداث موثوق بها، حتى إننا قد نعاني ذهنيًّا من التحولات الفاترة والنثر الممل الشبيه بنثر ويكيبيديا، ولكن بشكل عام، يُعتبر الكِتابُ رحلة ممتعة بما فيه الكفاية. لكن لا تتوقّع من حصان الكوارتر [3]Quarter horse هذا أن يقفز برشاقة خيل تينيسي ووكر Tennessee Walker.

تنتهي القصة بالشكل المتوقّع (حتى بيل المتوحش توقّع نهايتها)، وذلك على طاولة قمارٍ في مدينة التعدين ديدوود Deadwood. فقد خسر هيكوك كل شيء تقريباً في ذلك الوقت، وعلّق قائلاً: «لقد تسبّب الأخرق بإفلاسي في اللحظات الأخيرة» قبل لحظات من دخول جاك مكول Jack McCall وقتله إيّاه بطلقةٍ من الخلف ككلبٍ عجوز. وفي نعشه المفتوح تبدو جثة هيكوك وسيمة، وشعره الكستنائي المتموّج لايزال مُنسدلًا. ويصطف السكان المحليون في ديدوود أمام كفنه متلهفين لإلقاءِ نظرةٍ أخيرة.

[1] شخصية خيالية مبنية على أسطورة أرنب من فولكلور أمريكا الشمالية، وهو من نوع الأرانب الذي يميل إلى العدوانية وعلى استعداد تام لاستخدام قرونه في القتال. (المصدر: ويكيبيديا).

[2]  إشارة إلى توماس هوبس Thomas Hobbes، الذي تصف أشهر أفكارهِ منافسةً أنانية غير حضارية ولا تتمتع بأي ضابط. (المصدر: ويكيتشيناري).

[3] خيول كوارتر: سلالة خيول أمريكية متميزة بالركض في المسافات الصغيرة. (المصدر: ويكيبيديا).

http://<link rel=”canonical” href=” https://www.nytimes.com/2019/01/26/books/review/tom-clavin-wild-bill.html “>

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى