أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الطب وصحة

كيف يمكن أن يؤدّي نوع جديد من اللقاحات إلى القضاء على مرض ألزهايمر

لقاحات جديدة واعدة تُصمَّم لتُعطَى إلى المرضى المعرَّضِين لخطر الإصابة بمرض ألزهايمر. وإذا حقّقت أداءً جيدًّا في التجارب الإكلينيكية، فستكون لديها قدرة على تخليص المجتمع من الخَرَفِ يومًا ما

بقلم ديفيد لاوتون 

«لدي أهداف متواضعة حقًا. أريد أن يكون لي أكبر تأثير في المعاناة الإنسانية التي يمر بها أي شخص على الإطلاق». هذا ما يقوله لو ريس Lou Reese، المؤسس المشارك لشركة التكنولوجيا الحيوية فاكسينيتي Vaxxinity. قد يوشك على تحقيقها. إذا سارت الأمور كلّها كما هو مخطط لها، ستعرض الشركة بحلول عام 2030 عقارًا جديدًا سيُحدِث ثورة في نهجنا تجاه أحد أكثر الأمراض إثارة للرعب في العالم، بل قد يؤدّي إلى القضاء عليه.

هذا المرض هو مرض ألزهايمر (تنطق آلزايمر) Alzheimer، الذي يمثّل الشكل الأكثر شيوعًا للخرف Dementia، ويسبّب ألمًا لا يُوصَف للناس وأقاربهم. وهو يُعتبَر – إلى جانب غيره من أشكال الخرف – قنبلة موقوتة جاهزة للانفجار في أدمغة المجموعات البشرية التي يزداد أعداد كبار السن فيها بوتيرة متسارعة.

لكن الآن يبدو أن طريقة تستهدف نزع فتيل هذه المشكلة قد تكون قيد التبلور. تعمل فاكسينيتي التي تتّخذ مقرًا من مدينة كيب كانافيرال الواقعة في ولاية فلوريدا، لإنتاج لقاحات مُصمَّمة لوقف تفاقم مرض ألزهايمر، أو حتى منعه من التطور في المقام الأول. وتنهمك العديد من الشركات الأخرى في الأبحاث نفسها، ويُعَد هذا النهج واعدًا جدًّا. يقول دينيس سيلكو Dennis Selkoe من كلية الطب في جامعة هارفارد Harvard Medical School: «يدخل المجتمع حقبة لم يعد فيها الدمار غير المقيد الذي يتسبّب فيه مرض ألزهايمر أمرًا حتميًّا».

يتعايش نحو 55 مليون شخص مع الخرف ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى نحو 140 مليونًا بحلول عام 2050، وتُعَد العواقب وخيمة على المرضى وأسرهم وأنظمتنا الخاصة بالرعاية الصحية والاجتماعية. عام 2021، قدّرت منظمة الصحة العالمية أن التكلفة العالمية للخرف يمكن أن تصل إلى ما يقرب من 2.8 تريليون دولار بحلول عام 2030.

وهناك أنواع مختلفة من الخرف، لكن مرض ألزهايمر يمثّل منها حصة الأسد، وذلك بنسبة 60 إلى 80% من الحالات. إنه حالة تنكسية عصبية Neurodegenerative تدمّر الدماغ، وتتسبّب في فقدان الناس تدريجيًا لذكرياتهم وشخصياتهم واستقلاليتهم. أبلغت أوغست ديتر Auguste Deter، وهي أول من شُخِّصت إصابتها بالمرض، طبيبها ألويس ألزهايمر Alois Alzheimer، عام 1901: «لقد فقدتُ نفْسي، إذا جاز التعبير».

حتى وقت قريب، لم يكن في الإمكان فعل الكثير لمساعدة الأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر في العثور على أنفسهم مرة أخرى. لقد أظهرت أعداد لا حصر لها من العلاجات التجريبية وعدًا أوليًا لكنها فشلت. وهناك عدد قليل من العقاقير المثبتة في السوق، لكنها لا تبطئ تطور المرض إلا قليلًا، فضلًا عن علاجه.

ما الذي يسبب مرض ألزهايمر؟
لكي نُلحِق بهذه الحالة هزيمة حقًا، نحتاج إلى معرفة أسبابها. تبرز أدلة منذ وصف الطبيب النفسي الألماني الذي أعطى المرض اسمه مرض ألزهايمر للمرة الأولى أثناء علاج ديتر مطلع القرن العشرين. بعد وفاة ديتر عام 1906، شرّح ألزهايمر دماغها، واكتشف أنه كان يزخر برواسب بروتينية لزجة وغير طبيعية انتشرت بين العصبونات (الخلايا العصبية) Neurons وبتشابكات Tangles بروتينية في داخلها. أصبحت الرواسب، أو اللويحات Plaques، ولا تزال – السمة المميزة للمرض. وفي ثمانينات القرن العشرين، اكتشف باحثون مختلفون أن اللويحات تتشكّل من بروتين غير معروف من ذي قبل أسموه بيتا-أميلويد Beta-amyloid. وفي الوقت نفسه، تتكوّن التشابكات داخل الخلايا من شكل معدّل من بروتين معروف يُسمَّى تاو Tau.

هذه الاكتشافات أدت في عام 1992 إلى فرضية سلسلة الأميلويد Amyloid cascade hypothesis. يوجد البيتا-أميلويد عادة كبروتين قابل للذوبان ومفيد في الدماغ، لكن فرضية الأميلويد تفترض أن المرحلة الرئيسية في مرض ألزهايمر تتمثّل في التجمع غير الطبيعي للبروتين في لويحات صلبة. وهذا يؤدّي من ثم إلى تشكيل تشابكات التاو، ما يؤدّي إلى خلل وظيفي Dysfunction وموت العصبونات. والسبب الذي يطلق لهذه السلسلة العنان غير معروف إلى حد كبير. ومع ذلك، سرعان ما صارت هذه الفرضية هي الرائدة لسبب مرض ألزهايمر.

وسرعان ما بدأت شركات المستحضرات الصيدلانية في تجربة عقاقير ذات جزيئات صغيرة مصممة لاستهداف البيتا-أميلويد وتفكيكه. بين عامي 2001 و2021، دخلت عشرات المركّبات في تجارب إكلينيكية (سريرية)، ومع ذلك لم يخرج أي منها بنتيجة: لم تنجح، أو خلّفت آثارًا جانبية سامة، أو عانت من الأمرين معًا. نتيجة لذلك، سقطت فرضية سلسلة الأميلويد، ما دفع الباحثين إلى اقتراح أسباب وآليات أخرى مختلفة.

مثلًا، تشير فرضية العامل المُمرِض Pathogen hypothesis إلى أن السبب الجذري الحقيقي هو دخول بكتيريا إلى الدماغ، مع كون اللويحات ردة فعل مناعية مفرطة للعدوى. نعلم أن بروتينات التاو تسبب الالتهاب العصبي Neuroinflammation – وهو التهاب مناعي يدمر العصبونات – لذلك هناك خطًا فكريٌ آخر، يتلخّص في أن هذا العامل المُمرِض هو ما نحتاج حقًا إلى مكافحته. لا تبطل أي من هاتين الفرضيتين الأخرى. لكن كثيرًا من الخلاف لا يزال
يدور حول كيفية عمل مرض ألزهايمر حقًا. ويصف سيلكو الأخذ والرد بأنه مجموعة من «الخلافات العلمية المزعجة».

يبرز الآن خط جديد من الأبحاث يهدئ تلك الخلافات. وهناك تحول نحو استخدام الجهاز المناعي نفسه لمهاجمة لويحات الأميلويد. وتتمثّل إحدى الطرق لتحقيق ذلك في اللقاحات. اللقاحات الأكثر شيوعًا هي تلك المستخدمة لدرء الأمراض المعدية، والتي تعمل إلى حد كبير عن طريق حث الجهاز المناعي على صنع أجسام مضادة Antibodies ضد العامل المُمرِض الدخيل. ومع ذلك، يمكن أيضًا صنع لقاحات لاستهداف البروتينات المثيرة للمشكلات، مثل البيتا-أميلويد.

ليست هذه الفكرة جديدة. عام 1999، طوّر العلماء في إيلان للمستحضرات الصيدلانية Elan Pharmaceuticals لقاحًا ضد البيتا-أميلويد، وأثبتوا أنه يزيل البروتين في فأر جرت هندسته وراثيًا ليعاني من أعراض تشبه مرض ألزهايمر. كذلك طوروا جسمًا مضادًا أحادي النسيلة Monoclonal antibody، وهو جسم مضاد قابل للحقن مصنوع في أنبوب اختبار، كان له التأثير نفسه. وسرعان ما استُخدِم هذان العلاجان المناعيان في تجارب بشرية. ولم ينجح أي منهما.

لقاح للخرف
ومع ذلك، بقي المفهوم قائمًا، وتحقّق النجاح أخيرًا قبل ثلاث سنوات في شكل جسم مضاد أحادي النسيلة طورته شركة التكنولوجيا الحيوية بيوجين Biogen، التي تتّخذ من مدينة كيمبريدج الواقعة في ولاية ماساتشوستس مقرًا. هو يعمل عن طريق الارتباط بالتجمعات السامة من البيتا-أميلويد، ما يدفع الخلايا المناعية إلى التهامها. وفي يونيو 2021، وافقت إدارة الغذاء والعقار الأمريكية US Food and Drug Administration (اختصارا: الإدارة FDA) على العقار. وصار أدوكانوماب Aducanumab أول عقار لمرض ألزهايمر يحصل على الموافقة منذ عام 2003.

وتخلت بيوجين الآن عن أدوكانوماب لأسباب تقول إنها غير طبية لصالح جسم مضاد أحادي النسيلة مماثل يُسمَّى ليكانيماب Lecanemab، طوّرته بالتعاون مع شركة إيساي Eisai اليابانية. في التجارب الإكلينيكية، أنتج هذا العقار تخفيضات كبيرة في التدهور المعرفي لدى معظم المشاركين – لكن ليس جميعهم. وبالمثل، قلّص تراجع قدرتهم على العيش بشكل مستقل. والعام الماضي، وافقت إدارة الغذاء والعقار على استخدامه في الأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر في مراحله المبكرة. ومُنِح أحادي نسيلة آخر يدمّر الأميلويد، وهو دونانيماب Donanemab الذي تصنعه شركة إيلي ليلي Eli Lilly، موافقة إدارة الغذاء والعقار في يوليو 2024.

وفق عالمة المناعة ماري كوسكو-فيلبوا Marie Kosco-Vilbois من شركة التكنولوجيا الحيوية إيه سي للمناعة AC Immune التي تتّخذ مدينة لوزان الواقعة في سويسرا مقرًا لها، شكّل نجاح هذين العقارين لحظة فاصلة. تقول: «أثبت دونانيماب وليكانيماب أخيرًا أن إزالة اللويحات يرتبط بالإنقاذ من التدهور المعرفي Cognitive decline. هذا مثبت بالتأكيد».

يبدو أن أحاديات النسيلة قد نجحت حيث فشلت العقاقير ذات الجزيئات الصغيرة، هناك العديد من الأسباب المحتملة لذلك. ربما لم ترتبط تلك العقاقير السابقة ببساطة بالأميلويد ارتباطًا فاعلًا. كذلك تُعَد أحاديات النسيلة أكثر تحديدًا؛ إذ تستهدف فقط الأميلويد في اللويحات بدلًا من الشكل الطبيعي القابل للذوبان للبروتين، الذي له وظائف بيولوجية مهمة في الدماغ.

ومع ذلك، فالأجسام المضادة الأحادية النسيلة بعيدة كل البعد عن الكمال. هي تتفكك بسرعة إلى حد ما في الجسم؛ لذلك يجب حقن ليكانيماب عن طريق الوريد لمدة ساعة تقريبًا مرة كل أسبوعين. وهي ليست رخيصة، أيضًا؛ إذ تبلغ تكلفتها 26,500 دولار لكل مريض سنويًا. والأسوأ من ذلك، أن نسبة كبيرة من أولئك الذين يتناولونها يُصابُون بتورم خطير أو نزف في الدماغ، أو كليهما. في تجربة من المرحلة الثالثة الواسعة النطاق لليكانيماب، شُخِّص %12.6 من المرضى بهذه الآثار الجانبية. أما في حالة دونانيماب، فقد كان الرقم %24. وهذه عيوب هائلة، وفق ريس. يقول: «هل سيأخذ الناس علاجًا مكلفًا جدًّا يستغرق حقنه ساعات، وقد يؤدّي أو لا يؤدّي إلى إبطاء تطور المرض، وله فرصة تساوي ثلاثة من أصل 10 للتسبب في تورم دماغي ناجم عن العقار؟ حسنًا!»

وفي خطوة بدت تأكيدًا على هذه النقطة، قررت وكالة العقاقير الأوروبية European Medicines Agency، في يوليو 2024، عدم إعطاء الضوء الأخضر لليكانيماب؛ على أساس أن المكاسب الصغيرة التي يمكن أن يحقّقها لا تفوق مخاطر الآثار الجانبية الخطرة. ومنذ ذلك الحين تستأنف بيوجين القرار.

ومع ذلك، يقول ريس إنه «معجب كبير» بنهج أحاديات النسيلة؛ لأنه يفتح مجالات جديدة في علاج مرض ألزهايمر. أظهرت أحاديات النسيلة أن القضاء على الأميلويد يمكن أن يخفّف من الأعراض، ومن ثمَّ فهو سبب للمرض. وتقول كوسكو-فيلبوا: «إن نظرية الأميلويد-بيتا Amyloid-beta مثبتة بشكل أو بآخر من خلال هذه الأجسام المضادة».

حقبة جديدة لعلاج الخرف
يشير هذا إلى أن النهج الآخر المجرَّب سابقًا – عندما حاولت إيلان للمنتجات الصيدلانية إنشاء لقاح لمرض ألزهايمر – يمكن أن ينجح في نهاية المطاف. تعمل شركات كثيرة على ذلك، وتخضع الآن أربعة لقاحات تستهدف البيتا-أميلويد لتجارب إكلينيكية. الأكثر تقدّمًا هو يو بي 311- UB-311 من فاكسينيتي، الذي يستعد للمرور بتجربة إكلينيكية من المرحلة الثالثة، ويمكن أن يكون متاحًا للاستخدام بحلول عام 2030. يولّد اللقاح أجسامًا مضادة ضد التجمعات السامة، من دون المسّ بالشكل الطبيعي للبيتا-أميلويد، وهو مصمَّم ليُعطَى إلى أشخاص شُخِّصت إصابتهم بالنسخة الخفيفة من مرض ألزهايمر. وأظهرت تجربة إكلينيكية – من المرحلة الثانية – أُجرِيت في تايوان أن اللقاح آمن ويولّد استجابة مناعية قوية. وهو أبطأ التدهور المعرفي بنحو %50 في المتوسط، وفق مي مي هو Mei Mei Hu، الرئيسة التنفيذية لفاكسينيتي، وهذا يشكّل نحو ضعف فاعلية ليكانيماب.

وهناك أسباب تدعو إلى الاعتقاد بأن اللقاحات ستتفوق على الأجسام المضادة الأحادية النسيلة. أحاديات النسيلة هي «علاجات مناعية سلبية» Passive immunotherapies – فهي لا تشرك الجهاز المناعي، لكنها تغمر مجرى الدم بأجسام مضادة قصيرة العمر. أما اللقاحات، من الناحية الأخرى، فهي علاجات مناعية نشطة تحفز الجهاز المناعي على تكوين أجسام مضادة خاصة به. ويبدو أن هذا النهج يحمل العديد من المزايا. حتى الآن لم تبرز أي علامة على تورم الدماغ أو نزف مع يو بي 311-، وفق هو. لأسباب غير معروفة، يبدو أن الأجسام المضادة التي يحثّ على توليدها أكثر كفاءة مرتين إلى ثلاث مرات في عبور الحاجز الدموي الدماغي blood-brain barrier الواقي. وتُعَد اللقاحات أرخص من أحاديات النسيلة، ويُعَد تناولها أسهل بكثير؛ ذلك أن المرضى سيتلقّون – في البداية – أربع أو خمس حقن في غضون عام، ثم جرعة أو اثنتين معززتين في السنة بعد ذلك.

على الرغم من التفاؤل الواسع النطاق بشأن اللقاحات، هناك دائمًا خطر من أن تنتهي بفشل في التجارب الإكلينيكية في المراحل المتأخرة، من خلال نقص الفاعلية، أو الآثار الجانبية التي لا تُطَاق، أو كليهما. الوقت كفيل بتوفير الإجابة.

ومع ذلك، يتلخّص أحد دوافع الأمل في وجود عدة طرق لفرض قوة اللقاحات في مواجهة مرض ألزهايمر. فهناك أيضًا لقاحات قيد التطوير ضد السبب الآخر للمرض، تشابكات التاو. وفق فرضية الأميلويد، هي السبب المباشر للتنكس العصبي.

ومع ذلك، تُعَد هزيمة التاو أصعب من هزيمة البيتا-أميلويد؛ لأنه موجود داخل الخلايا وليس خارجها، ما يعني أن الأجسام المضادة لا يمكنها الوصول إليه عادة. ربما هذا هو السبب في فشل أحاديات النسيلة التجريبية المضادة للتاو كلها، وفق سيلكو. لكن هناك طريقة لتجنب هذه المشكلة. وفق كوسكو-فيلبوا Kosco-Vilbois، تتسرب تشابكات التاو في نهاية المطاف من العصبونات وتكون مرئية للأجسام المضادة. يجب أن تكون هذه المرحلة الجارية خارج الخلايا، المسؤولة جزئيًا عن التنكس العصبي، قابلة للعلاج. لدى شركة AC Immune لقاح للتاو الواقع خارج الخلايا، إيه سي آي -35.030 ACI-35.030، يخضع الآن لتجربة إكلينيكية من المرحلة الثانية. وحتى إذا لم تعمل لقاحات التاو ببراعة من تلقاء نفسها، قد تكون جزءًا من هجوم متعدد الجوانب يجمع بين اللقاحات التي تستهدف أجزاء مختلفة من كلا البروتينين المارقين. يقول ريس: «يمكننا ملاحقة أهداف متعددة في وقت واحد».

على الرغم من أننا نعلم الآن أن البيتا-أميلويد يؤدّي دورًا مسببًا في مرض ألزهايمر، فإن هناك عواقب فيزيولوجية أخرى للمرض يمكن أن تعالجها العلاجات المناعية. من الواضح، مثلًا، أن اللويحات والتشابكات تسبب التهاب الأعصاب، وتشير الأدلة الناشئة إلى أن التهاب الأعصاب له دور مهم في تطور مرض ألزهايمر.

يركز هوارد وينر Howard Weiner من كلية الطب بجامعة هارفارد Harvard Medical School على ذلك. يختبر هو وفريقه جسمًا مضادًا أحادي النسيلة يُسمَّى فورالوماب Foralumab، صُمِّم لعلاج التصلب المتعدد Multiple sclerosis ومرض كرون Crohn’s disease. هو يحفز المجموعة البروتينية، سي دي 3 CD3، الموجودة على سطح الخلايا المناعية المعروفة باسم الخلايا التائية التنظيمية Regulatory T-cells. يُعطَى العقار عن طريق الأنف، ما يوصله إلى الغدد الليمفاوية في الرقبة. عندما يلتصق الجسم المضاد بالسي دي 3، ينشّط الخلايا التائية، التي تهاجر بعد ذلك إلى الدماغ وتخفف الالتهاب. لقد ثبت أنه يقلل من الأعراض في نموذج فأر Mouse model لمرض ألزهايمر، وسُمِح أخيرًا بالبدء في تجاربه على البشر. وللطريق الأنفي مزايا تتفوق على مزايا حقن أحاديات النسيلة في الوريد. يقول وينر: «تدخل الخلايا التائية بشكل طبيعي إلى الدماغ؛ لذلك لا داعي للقلق بشأن عبور الحاجز الدموي الدماغي».

هذا التقدّم كله على جبهات متعددة يشير إلى أننا يمكن أن ندخل حقبة جديدة لا يعود فيها الأشخاص الذين يُصابُون بمرض ألزهايمر في مراحله المبكرة يتوقعون التراجع الحتمي إلى الهاوية. يقول وينر: «هل أعتقدُ أن تحفيز الجهاز المناعي سينجح في مرض ألزهايمر؟ أعتقدُ أن الإجابة هي بالتأكيد نعم». يمكن أن تمتد المزايا إلى أنواع مختلفة من الخرف أيضًا، يرتبط كثير منها بالبروتينات المارقة التي يمكن أن تكون هدفًا للقاح.

قد تلوح مزية أكبر في الأفق. يمكن لفحص دمٍ اختُرِع قبل بضع سنوات أن يلتقط آثارًا لتشابكات التاو غير الطبيعي قبل 20 سنة من ظهور أي أعراض لمرض ألزهايمر؛ لذلك فالأمل هو أن نتمكن من فحص الأفراد وتلقيح أي شخص يحتاج إلى لقاح، والقضاء على المرض في مهده. يقول سيلكو: «أصبحت الوقاية الصريحة من مرض ألزهايمر هدفًا واقعيًا».

يختبر لقاح شركة AC Immune المضاد للتاو هذا الاحتمال المحيِّر. لم يُشخَّص المتطوعون في التجربة بمرض ألزهايمر، أو حتى المرض الممهد له، الضعف الإدراكي المعتدل Mild cognitive impairment، لكنهم حُدِّدوا من خلال فحص الدم؛ بوصفهم مُعرَّضين لخطر كبير للإصابة بهذه الحالة. يخضع المتطوعون الذين اختيروا بواسطة هذا الفحص لفحص إضافي بالتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني Positron emission tomography (PET scan)؛ للتأكد من أن لديهم تاو غير طبيعي في أدمغتهم، وإذا تأكد ذلك، يُعطَون لقاح التاو.

هل يثير هذا احتمال القضاء على مرض ألزهايمر؟ يقول ريس، مثلًا، إن ذلك محتمل قطعًا. ويتابع قائلا: «أعتبرُ المرض مماثلًا لشلل الأطفال. لم يتأثر أي شخص تقريبًا في جيلنا شخصيًا بالمعاناة المترتبة على شلل الأطفال. هدفي هو أن يكون لأجيال أبنائنا وأحفادنا الغرابة والفهم التاريخي أنفسهما بشأن مرض ألزهايمر والمعاناة التي يجلبها». 

© 2024, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى