خطة إنقاذ بيت الشلالات
خطة إنقاذ بيت الشلالات(*)
كان بيت الشلالات، ذو التصميم الرائع والذي يعتبر التحفة
الفنية للمعماري<L.F.رايت>، مهددا بالانهيار ضحية أخطائه
التصميمية؛ لكن المهندسين ابتكروا حاليا طريقة لإنقاذه.
<R.سيلمان>
على جانب ربوة في جنوب غرب پنسلڤانيا وعلى بعد نحو 72 ميلا من مدينة پيتسبرگ، يطل أحد أكثر البيوت شهرة في العالم، إنه «بيت الشلالات» المعروف باسم fallingwater ـ وهو الإبداع المذهل للمعماري<L.F.رايت> والذي اعتبر تحفة أمريكية منذ تشييده عام 1937. لقد زار هذا المبنى أكثر من مليوني سائح وتأملوا بشغف شرفاته الخرسانية المعلقة التي تطل على نهير صافي المياه سريع الجريان. لقد مجّد النقاد المعماريون بيت الشلالات واعتبروه أعظم إنجازات<رايت>. وبالفعل فقد اختاره المعهد الأمريكي للمعماريين (AIA) عام 1991 أحسن عمل أنتجه معماري أمريكي.
وعلى الرغم من ذلك فإن هذا المبنى الذي لا مثيل له يتضمن عيبا خطرا؛ إذ لم يؤمن تصميم رايت دعامات كافية لجزء البيت الذي يطل على النهير، مما تسبب في انحناء شرفاته الشهيرة بمجرد الانتهاء من بنائها، وبالتالي ظهور شروخ كبيرة في الخرسانة. والأكثر من ذلك، أن الهبوط التدريجي واصل الازدياد على مدى العقود الستة اللاحقة. ولقد أقلق هذا الأمر هيئة محميات غرب پنسلڤانيا، مالكة المبنى، فعمدت في عام 1995 إلى التعاقد مع شركتنا الهندسية (شركةRobert Silman Associates في مدينة نيويورك) لفحص مشكلاته الإنشائية. وقد دلت دراساتنا على أن الكمرات (الجسور) beams الحاملة للمبنى كانت مستمرة في الانحناء وأن مصير المبنى النهائي سيكون الانهيار في المياه الجارية أسفله إذا لم يتم اتخاذ إجراء ما حيال ذلك.
وفي خطوة حكيمة قررت الهيئة المالكة عام 1996 تدعيم بيت الشلالات بكمرات (جسور) وأعمدة فولاذية مؤقتة. وفي الوقت نفسه بدأت شركتنا بوضع خطة تهدف إلى إصلاح البيت بصفة دائمة. لقد عملنا من قبل في مبنيين من تصميم رايت، هما بيت داروين مارتن في بافالو بولاية نيويورك، ووينگسپرد في راسين بولاية ويسكونسن؛ ولكن بيت الشلالات كان تحديا فريدا من نوعه. وفي سعيهم إلى تخفيف الإجهادات التي كانت تهدد البيت قام مهندسونا بسبر المبنى بوساطة الرادار والموجات فوق الصوتية ثم أجروا تحليلا إنشائيا معمقا. وقد حاولنا في الوقت نفسه استرجاع تفكير رايت ومساعديه. ولدينا الآن نظرية معقولة تشرح كيف أن تصميم بيت الشلالات جانبه الصواب.
تبدأ قصة بيت الشلالات مع<E.كوفمان، سينيور> الذي امتلك متجرا كبيرا في پيتسبرگ في الثلاثينات من القرن العشرين. وكان ابنه< E .كوفمان،جونير> قد تتلمذ لفترة قصيرة في استوديو رايت بتاليزين Taliesin [وهو أحد ممتلكات رايت في سبرينگ گرين بمقاطعة ويسكونسن]. وقد أقنع كوفمان الابن والده بتكليف رايت ببعض الأعمال في المتجر وكذلك بتصميم بيت للعائلة لقضاء عطل نهاية الأسبوع على موقع كان سابقا مخيما ترفيهيا صيفيا لمستخدمي المتجر.
يخترق الموقعَ الممتلئ بالأشجار نهرٌ صغير يدعى بير رن Bear Run يندفع ساقطا فوق سلسلة من الصخور المتدرجة. وقد اقترحت العائلة بناء البيت قرب نهاية الشلالات المتشكلة بحيث يمكن رؤيتها من الأسفل. ولكن كانت فكرة رايت العبقرية هي بناء البيت فوق الشلالات على طبقة صخرية ضخمة من الحجر الرملي تطل على النهر. وهكذا صمم المبنى عام 1935 وبدأ تشييده عام 1936. وتمت أعمال التصميم في استوديو تاليزين باشتراك مساعدَيْ رايت، كل من<B.موشر> و<E.تافل>، في حين أنجزت الحسابات الإنشائية لبيت الشلالات في الاستوديو نفسه من قبل المهندسَيْن <M.گليكمان> و<W.W.پيترز>.
لقد صمم رايت ومساعدوه البيت بحيث يعمل الجزء الواقع فوق النهير بير رن عمل كابول (ظفر) cantilever، يشبه منصة الغطس، مثبت من إحدى نهايتيه وحر من النهاية الأخرى. وتتكون النهاية المثبتة من أربع سنادات bolsters كبيرة ثلاث منها من الخرسانة المسلحة (خرسانة مع قضبان فولاذية مدفونة فيها) والرابعة من الحجر، وهذه السنادات تبرز من طبقة الحجر الرملي الحاملة وتصل إلى الطابق الأول للمبنى [انظر الأشكال في الصفحتين 40 و 41]، ويحمل كل سناد منها كمرة أفقية من الخرسانة المسلحة تمتد بارزة نحو 4.42 متر خارج السناد، ناتئة فوق النهير باتجاه الجنوب. وترتبط هذه الكمرات ببعضها بواسطة مجموعة من الجائزات(1) joists الخرسانية عرض كل منها 100 مليمتر، بحيث تشكل الكمرات والجائزات الخرسانية شبكة من المستطيلات، وفوق تلك الشبكة أعصاب أبعادها 2 × 4 وتغطية خشبية تحمل الأرضية الحجرية لغرفة المعيشة وشرفات الطابق الأول للبيت.
وتوجد أسفل الجائزات الخرسانية والكمرات الكابولية (الجسور الظفرية)cantilever beams بلاطة slab خرسانية تشكل الطرف السفلي للمبنى. لقد اختار رايت هذا التصميم ليوحي للناظر إلى البيت من الخارج أنه مصبوب من قطعة واحدة دون وصلات، إضافة إلى الوفاء بالغرض الإنشائي. ووفقا للمصطلحات الهندسية، فإن للكابول (الظفر) عزم انحناء (انعطاف) سالبا negative bendingmoment، وهذا يعني أن الحمل على النهاية الحرة من الجسر الأفقي تتم مقاومته بواسطة قوى الشد المتولدة في الطرف العلوي وقوى الانضغاط المتولدة في الطرف السفلي للجسر. (وهذا عكس ما يحصل في الرف الحامل للكتب مثلا حيث يخضع إلى عزم انحناء موجب positive bending moment وبذلك تتم مقاومة وزن الكتب بواسطة قوى الانضغاط المتولدة على الطرف العلوي للرف وقوى الشد المتولدة على السطح السفلي.) وقد أدى قرار رايت وضع بلاطة خرسانية تحت الكمرات الكابولية (الظفرية) إلى تحويلها إلى كمرات على شكل الحرف T مقلوبا، مما أدى إلى زيادة مقاومتها لقوى الانضغاط بحيث يمكنها دعم حمولات أكبر.
لقد اشتمل بيت الشلالات على أكثر من كابول واحد، إذ تستند الشرفات الممتدة على الطرفين الشرقي والغربي من الطابق الأول إلى مجموعة من الجائزات الخرسانية تحت أرضياتها، وكذلك إلى كمرات طرفية في درابزيناتparapets هذه الشرفات. وفي الطابق الثاني للمبنى، فوق غرفة المعيشة مباشرة، تمتد شرفة غرفة النوم الرئيسية جنوبا لمسافة أبعد من شرفة الدور الأول بمسافة إضافية قدرها 1.83 متر، كما ترتفع في النوافذ أربعة قواطع(2) mullions فولاذية رأسية على شكل الحرف T من الطرف الجنوبي لغرفة المعيشة إلى الشرفة التي تعلوها. وقد يبدو للوهلة الأولى أن لهذه القواطع الفولاذية وظيفة جمالية فحسب، ولكن سيتبين فيما بعد أنها تؤدي دورا إنشائيا رئيسيا في بيت الشلالات.
لقد ظهر القلق حول سلامة تصميم <F.رايت> حتى قبل أن يبدأ إنشاء المبنى. وأكدت المؤسسة Metzger-Richardson في پيتسبرگ، وهي الشركة الهندسية التي ورَّدت القضبان الفولاذية للخرسانة المسلحة، عدم كفاية القضبان في الكمرات الكابولية (الجسور الظفرية) تحت غرفة المعيشة. ولجعل الكمرات قوية بالدرجة الكافية لمقاومة عزم الانحناء تحت تأثير الأحمال المطبقة عليها فقد ضاعفت المؤسسة عدد القضبان الفولاذية ذات مقطع 1 بوصة مربعة في كل كمرة من 8 إلى 16 قضيبا. وقد ثارت ثائرة رايت عندما علم بهذا التغيير حيث اعتقد بأن زيادة قضبان التسليح سوف تزيد وزن الكمرات بدرجة كبيرة وبالتالي ستضعف المبنى. وكتب في خطاب غاضب إلى (كوفمان، سينيور): «لقد بذلت الكثير من الجهد والفكر في هذا البيت ـ أكثر مما تتوقع أنت أو أي عميل آخر، وإذا كنت لا أحظى بثقتك فليذهب المشروع كله إلى الجحيم.»
منظر داخلي لغرفة المعيشة في بيت الشلالات يبين الأرضية الحجرية المرتكزة على الكمرات الكابولية للمبنى. النوافذ في الطرف الجنوبي للغرفة مقسمة بواسطة أربعة قواطع رأسية فولاذية تساعد على حمل وزن الطابق الثاني. |
وقد طمأن كوفمان، سينيور، المعماري رايت بالتأكيد على ثقته فيه. إلا أن رايت كان مخطئا فيما يتعلق بالكمرات الكابولية. ولو لم تضف المؤسسةMetzger-Richardson قضبان الفولاذ الإضافية لانهارت الكمرات بالتأكيد. ولكن حتى كميات التسليح الإضافية لم تكن كافية، كما اكتشف البناؤون أثناء تشييد بيت الشلالات. فعندما نزع العمال القالب الخشبي (قالب الصب) formwork من تحت خرسانة الطابق الأول سجلوا هبوطا فوريا بمقدار 44.55 مليمتر. وعلى الرغم من أن حدوث الانحناءات الصغيرة في المنشآت الخرسانية بعد نزع السقالة (المرقاة) scaffolding يعتبر أمرا مألوفا، فإن الانحناء في هذه الحالة كان كبيرا بشكل غير مألوف. وقد اتصل<B.موشر> [وهو مساعد رايت في الموقع] بزميله گليكمان في الاستوديو بتاليزين، وبعد مراجعة سريعة لحساباته صرخ گليكمان: «يا إلهي، لقد نسيت التسليح السالب!»
وكان گليكمان يشير إلى التسليح المطلوب لموازنة عزم الانحناء السالب الذي يسبب انضغاطا في الجزء السفلي لأي كمرة كابولية وشدا في الجزء العلوي. وفي أي كمرة مصنوعة من الخرسانة المسلحة، تقاوم الخرسانة الانضغاط على الكمرة في حين تقاوم القضبان الفولاذية الموجودة في الخرسانة إجهادات الشد. وكانت الكمرات الكابولية في بيت الشلالات قادرة على تحمل إجهادات الانضغاط التي يسببها العزم السالب، ولكن القضبان الفولاذية في الأجزاء العلوية من الكمرات لم تكن كافية لتحمل إجهادات الشد.
وقد أصبحت المشكلة أكثر وضوحا بعد الانتهاء من بناء الطابق الثاني. إذ بعد فترة وجيزة من إزالة القالب الخشبي عن الخرسانة في شرفة غرفة النوم الرئيسية، ظهر شقان في درابزينات الشرفة. وقد أجرت المؤسسة Metzger-Richardson عام 1937 اختبارات تحميل load tests للمبنى، ووجدت أن الإجهادات في الكمرات الكابولية قريبة من حدود الأمان أو زادت عليها قليلا. وقد أوصت المؤسسة بوضع دعامات دائمة مرتكزة على قاع النهير لحمل الطابق الأول، وبذلك يتم الإقلال من طول الكوابيل cantilevers. ولكن رايت دافع بعناد عن تصميمه، ومرة أخرى خيَّر كوفمان، سينيور، بينه وبين Metzger-Richardson. وقد قرر كوفمان، سينيور، المضي قدما في المشروع كما خطط له في الأصل.
وعلى الرغم من ذلك فقد بقي مالك البيت قلقا حول ميل الشرفات، ولهذا كلف مسَّاحا surveyor ليقيس الانحرافات(3) deflections بصفة منتظمة وذلك بقياس مناسيب السطوح العلوية لدرابزينات الشرفات. وقد أجريت هذه القياسات من عام 1941 حتى عام 1955 (العام الذي توفي فيه كوفمان، سينيور). وفي عام 1963 أهدى كوفمان، سينيور، البيت إلى هيئة محميات غرب پنسلڤانيا. وفي الفترة بين عامي 1955 و 1995 (حين كلفت مؤسستنا بالعمل) تم أخذ قياس واحد فقط أو قياسين عشوائيين لانحرافات الشرفات.
مهندسون كمخبرين سريين(**)
في البدء طلبت هيئة المحميات إلى شركتنا تقييم الكفاية الإنشائية لشرفة غرفة النوم الرئيسية، وهو الجزء الذي تعرض تاريخيا لأكثر الشروخ وضوحا. وكانت أعمال الإصلاح في واجهة بيت الشلالات قد بدأت بما في ذلك تشققات الشرفات. وقد رغبت الهيئة في معرفة ما إذا كان من الحكمة الاستمرار في عملية إصلاح هذه التشققات بأسلوب جمالي من دون عمل مراجعة إنشائية أوَّلا، ومن ثم إجراء إصلاحات إن لزم الأمر. وقد أدركنا مباشرة ضرورة توسيع تحرياتنا لتشمل أيضا غرفة المعيشة في الطابق السفلي، لأن كلا من الطابقين كان مرتبطا بالآخر إنشائيا.
وقد كان سؤالنا الأول «هل توقفت الانحرافات أو مازالت متنامية؟» وقد قمنا باستخدام أداة تدعى الميزان المائي water level بأخذ قراءات الارتفاع عند أكثر من 30 موقعا، وحاولنا إيجاد العلاقة بينها وبين القراءات المساحية survey readingsالمأخوذة سابقا. وقد دلت قراءاتنا على أن حافة الشرفة الغربية هبطت بمقدار 146 مليمترا، كما هبطت حافة الشرفة الشرقية بمقدار 184 مليمترا، وكان الهبوط في النهاية الجنوبية لشرفة غرفة النوم الرئيسية نحو 114 مليمترا. وبعد ذلك قمنا بتركيب أجهزة إلكترونية لقياس التحركات الصغيرة جدا للشرفات، والتغيرات في عرض التشققات في درابزينات الشرفات. وقد أكدت النتائج المسجلة على مدى عام ونصف العام، بعد تصحيحها لأخذ تغيرات درجات الحرارة اليومية والموسمية في الاعتبار، أن التشققات مازالت تزداد وأن الشرفات يزداد هبوطها إلى أسفل.
تشققات في درابزينات شرفة الطابق الثاني، ظهرت نتيجة الإجهادات في الخرسانة (في اليسار). وهناك مراقبة إلكترونية مركبة على الدرابزينات لقياس التغيرات في عرض الشروخ على مدى 18 شهرا، حيث أكدت أن الشروخ مستمرة في التوسع (في الأسفل). |
أما الخطوة التالية فكانت فحص حالة المبنى عند اكتمال بنائه لمعرفة مدى توافق الإنشاء مع مخططات رايت الأصلية. وبالتحديد، كان المطلوب التحقق من عدد ومقاس وتوضع قضبان التسليح في الكمرات الكابولية والعناصر الإنشائية الأخرى. وقد قمنا بإعداد برنامج للتقييم غير المتلف للمنشأ مستخدمين أجهزة قياس تعتمد على الرادار النبضي impulse radar والنبضات فوق الصوتية ultrasonic pulses والمكاشيف المغنطيسية العالية الميز high-resolution magnetic detectors لسبر أغوار المكونات الداخلية للكمرات والأرضيات والدرابزينات. وقد وفرت هذه الاختبارات أيضا معلومات عن نوعية خرسانة البيت. وقام بإنجاز هذا العمل الشركة GB Geotechnics ومقرها كمبريدج بإنگلترا. وقد اضطر الفنيون، من أجل فحص الكمرات الكابولية الرئيسية، إلى نزع عدد من الأحجار التي كانت قد استخدمت في تبليط أرضية غرفة المعيشة حتى يستطيعوا الوصول إلى الفراغ الموجود أسفل الغرفة.
وبعد ذلك أجرى مهندسونا تحليلا إنشائيا مستقلا للبيت. وكانت الشركةMetzger-Richardson قد قامت بتحليل مشابه في عامي 1936 و 19377، ولكننا أردنا أن نحدد بأنفسنا كيف تؤدي العناصر الإنشائية عملها. وباستخدام نموذج حاسوبي لبيت الشلالات اختبرنا ثلاث فرضيات، أولاها أن شرفة غرفة النوم الرئيسية يمكنها حمل نفسها بفعل الكابول، والثانية أن غرفة المعيشة ما هي إلا كابول ذاتي الإسناد self-supporting، والثالثة أن غرفة المعيشة تحمل نفسها إضافة إلى شرفة غرفة النوم الرئيسية. وقد حسبنا عزوم الانحناء التي تسببها الحمولة الميتة dead load للمبنى تحت الفرضيات الثلاث السابقة، ثم حسبنا الإجهادات الناتجة في الفولاذ والخرسانة للكمرات الحاملة، كما حسبنا مقدار الانحراف الذي تسببه تلك الأحمال.
ولو أن نتائج نموذج الحاسوب الذي وضعناه أشارت إلى حدوث إجهادات أعلى كثيرا من شدة الخضوع yield strength للفولاذ أو الخرسانة لعلمنا بأن بعض الفرضيات التي وضعناها كانت غير صحيحة، لأن أي إجهاد زائد كان سيسبب انهيار بيت الشلالات فوراً. وقد دلت الاختبارات التي أجريت على خرسانة البيت على أن الإجهادات المطبقة في الموقع تبلغ نحو 34 ميگاپاسكال (5000 پاوند على البوصة المربعة). كما استخرجنا قطعة صغيرة من فولاذ التسليح وأرسلناها إلى مختبر لتحليل المعادن، حيث بينت نتائج التحليل الميكانيكي أن شدة الخضوع أعلى قليلا من 283 ميگاپاسكال (000 41 پاوند على البوصة المربعة).
تصميم<L.F.رايت> لبيت الشلالات دَمَج الكمرات والدرابزينات المصنوعة من الخرسانة المسلحة مع الأرضيات والجدران المصنوعة من الحجر الرملي (الصفحة المقابلة). مقطع في الجزء المعلق من المبنى المطل على النهير بير رن (في الأسفل) يبين الأعمدة الخرسانية البارزة من الأرض التي تحمل الكمرات الكابولية الأفقية (الأحمر). وترتبط الكمرات مع بعضها بواسطة جائزات خرسانية عرضانية (البنفسجي). إن القواطع الرأسية الفولاذية للنوافذ (الزرقاء) المدفونة في درابزين الطابق الأول تساعد على حمل الجائزات الخرسانية العرضانية (الأصفر) لشرفة الطابق الثاني. |
وبعد ذلك قمنا باختبار الفرضية الأولى، وهي أن شرفة غرفة النوم الرئيسية يمكنها حمل نفسها بفعل الكابول. وإذا كان هذا هو الوضع فإن حساباتنا للإجهادات في قضبان التسليح في درابزين الشرفة تعطي 1.195 ميگاپاسكال، وهو ما يزيد على أربعة أضعاف شدة خضوع الفولاذ. لذا فإن فرضيتنا السابقة غير ممكنة. بعد ذلك درسنا فرضية ما إذا كانت غرفة المعيشة عبارة عن كابول حامل لنفسه. وقد بين تحليلنا بأن وزن غرفة المعيشة وحده كفيل بإنتاج إجهادات مقبولة قيمتها العظمى في فولاذ الكمرات الكابولية الرئيسية تساوي 152 ميگاپاسكال، في حين تبلغ 16 ميگاپاسكال في الخرسانة. وقد استنتجنا، مع ذلك، من فشل الفرضية الأولى أن غرفة المعيشة لا ينبغي أن تحمل نفسها فقط ولكن عليها أن تحمل أيضا شرفة غرفة النوم الرئيسية. ولو فرضنا أن غرفة النوم تسند الشرفة، بواسطة قواطع النوافذ الرئيسية التي على شكل الحرف T، في نهايتها الجنوبية فإن الحسابات تعطي إجهادات قدرها 288 ميگاپاسكال في فولاذ الكمرات الكابولية الرئيسية و30 ميگاپاسكال في الخرسانة، وهذه القيم الحرجة تساوي تقريبا شدة الخضوع للمواد المستخدمة في البناء.
وعلاوة على ذلك، فإن الانحرافات التي تحدثها هذه الإجهادات تتطابق تقريبا مع الميول الملحوظة في شرفات بيت الشلالات، وقد أعطت نتائج حساباتنا قيم الانحرافات الأولى فقط، ولم تأخذ في الاعتبار الانكماش والزحف اللذين حدثا في خرسانة الكمرات الكابولية الرئيسية. فالانكماش shrinkageيحدث عندما تتصلب الخرسانة في حين يحدث الزحف creep، وهو انكماش مستمر في الخرسانة، عندما تتعرض إلى أحمال ضغط ثابتة على مدى الزمن. وتعتمد كميات الانكماش والزحف على عوامل كثيرة منها كمية فولاذ التسليح ونوعية الخرسانة. وعندما أضفنا هذين العاملين إلى حساباتنا كانت الانحرافات المحسوبة في الشرفتين الشرقية والغربية قريبة جدا من تلك التي حدثت في الواقع.
والنتيجة المنطقية لهذا هي أن قواطع النوافذ الرأسية التي على شكل الحرف T تحمل فعلا وزن شرفة غرفة النوم الرئيسية. وقد أثبت مهندسونا أن هذه القواطع يمكنها فعلا أن تتحمل الحمولة، وأن الإجهاد الأعظمي الواقع عليها يبلغ 64 ميگاپاسكال، وهو أقل كثيرا من القيمة المسموحة وهي 112 ميگاپاسكال (على فرض أن هذه القواطع تدعمها خرسانة درابزين غرفة المعيشة). والأكثر من ذلك، أن الحمل الإضافي الذي تحمله هذه القواطع رفع مقدار الإجهادات في الكمرات الكابولية الرئيسية إلى مستويات حرجة. وعلى الرغم من أننا لا نستطيع بالتأكيد معرفة سبب هذا الخطأ في التصميم، فإن الواقع الإنشائي يفترض سلسلة من الأحداث الممكنة. واستنادا إلى هذا السيناريو يمكن الافتراض بأنه عندما أدرك المهندسون العاملون مع رايت أن شرفة غرفة النوم الرئيسية لا تستطيع حمل نفسها أعادوا تصميم قواطع النوافذ الرأسية لتحمل جزءا من الحمولة. وعلى الرغم من ذلك فقد فشل المهندسون في إعادة تصميم الكمرات الكابولية الرئيسية لتحمل الأحمال الإضافية.
التدعيم المؤقت المقام عام 1997 يضمن عدم انهيار بيت الشلالات قبل عمل الإصلاحات الدائمة للمبنى. صف من الأعمدة والعارضات الفولاذية تبرز من قاع النهير بير رن تحمل خرسانات الطرف الخرساني السفلي للطابق الأول من المبنى. |
إصلاح بيت الشلالات(***)
وأثارت نتائجنا التي قدمناها عام 1996 قلق مجلس أمناء هيئة المحميات بطبيعة الحال. فقد بينت دراستنا أن ضخامة الإجهادات في الكمرات الكابولية الرئيسية لبيت الشلالات تثير الشكوك حول سلامة البيت. وقرر مجلس الأمناء البدء بإعداد المخططات لإصلاحات دائمة. لقد نصحناهم في البدء بتدعيم نهايات الكمرات الرئيسية أثناء إجراء عمليات الإصلاح. ونظرا لأن البيت في النهاية يجب أن يدعّم فقد اختاروا البدء فورا بعملية التدعيم لتحاشي احتمال انهيار المبنى أو بعض عناصره الإنشائية قبل بدء الإصلاحات.
وهكذا أقام العمال عام 1997 صفا من الأعمدة والعارضات girders الفولاذية ترتفع من قاع نهير بير رن إلى الجانب السفلي للطابق الأول [انظر الشكل في هذه الصفحة]. كما قاموا بتدعيم جزء من النهير نفسه، وهو الطبقة الصخرية البارزة التي تتساقط فوقها شلالات بير رن. فقد تم ربط سلسلة الصخور ببعضها بواسطة قوائم انضغاط أنبوبية pipe struts مشدودة إلى كهف خلف شلالات المياه. وهذا التدعيم المؤقت، الذي يضمن سلامة السياح الذين تتواصل زياراتهم للبيت، سيبقى في مكانه حتى استكمال الإصلاحات الدائمة.
لقد وجدنا، نتيجة تحليل الإجهادات الحالية في المبنى، أن ثلاثا من الكمرات الكابولية الأربع أسفل غرفة المعيشة تحتاج إلى تسليح إضافي، (بينما لا تحتاج الكمرة الرابعة الموجودة في الجهة الشرقية إلى أي تدخل، لأنها مدعمة بواسطة قائم الانضغاط الفولاذي الذي يشكل جزءا من حاجز (درابزين) السلم الواصل إلى النهير في الأسفل.) وثمة طريقة عملية وحيدة لتأمين التسليح الكافي من دون تغيير الشكل الخارجي لبيت الشلالات، وهذه تتضمن الشد اللاحق post-tensioning للكمرات الرئيسية عن طريق وصلها بكبلات فولاذية واستعمال قوى الشد في الكبلات لتخفيض الإجهادات في الكمرات.
وتتطلب عملية الإصلاح إزالة الأرضية الحجرية لغرفة المعيشة مؤقتا. وهذا سيسمح بالوصول إلى الكمرات الكابولية الرئيسية الثلاث من الأعلى. وفي النهاية الجنوبية لكل كمرة (وهي النهاية البارزة فوق النهير) سنربط كتلا خرسانية على جانبي الكمرة [انظر الشكل الأيسر في الصفحة المقابلة] وسندخل في كل كتلة خرسانية أنبوبا أجوف قطره الداخلي 6.35 مليمتر بحيث يجري بطول جانبي الكمرة مائلا نحو الأعلى وممتدا عبر ثقوب محفورة في الجائزات الخرسانية. وسنحفر أيضا ثقوبا في الطرف الخارجي للدرابزين الجنوبي حتى يمكن إدخال كبل عالي المقاومة داخل الأنبوب من أجل الشد اللاحق.
وسوف تُثبَّت الكبلات بإحكام إلى النهاية الشمالية لكل كمرة؛ وفي النهاية الجنوبية ستشد الكبلات من الخارج بإحكام باستخدام رافعة هدروليكية. وسيجري تجهيز الكبلات المشدودة بطريقة تؤدي إلى إحداث عزم انحناء موجب على كل من الكمرات الكابولية، وسوف يتعادل هذا العزم الموجب بصفة رئيسية مع العزم السالب الناجم عن فعل الكابول، وبذلك ستقل قوى الشد في الجزء العلوي من الكمرة في حين تقل قوى الانضغاط على الجزء السفلي. وسنقوم أيضا بإجراء مماثل في كمرات حافة الدرابزين في الشرفتين الشرقية والغربية بهدف تخفيض الإجهادات في هاتين الكمرتين. وفي الطابق الثاني سنعمل على تسليح الجائزات العرضانية الخرسانية المجهَدة الكائنة فوق القواطع الرأسية الفولاذية للنوافذ في الشرفة مباشرة؛ وذلك إما بربط قنوات فولاذية بكل طرف من هذه الجائزات أو بإدماكها بصفائح من ألياف الكربون. وبعد إنجاز الأعمال المطلوبة سنقوم بسد الفتحات الموجودة في الدرابزين وصبغها، وإعادة الأرضية الحجرية إلى مكانها، وإزالة التدعيم المؤقت.
تشمل الإصلاحات المقررة تخفيض الإجهادات في الكمرات الكابولية عن طريق تطبيق تقنية الشد اللاحق، حيث سيتم تثبيت كبلات فولاذية على جانبي كل كمرة وربطها بكتل خرسانية مرتبطة بنهايات الكمرات (في اليسار). وسيتم شد الكبلات من الخارج باستخدام رافعة هدروليكية. وستولِّد قوى الشد في الكبلات عزم انحناء موجبا على الكمرة يتعادل مع عزم الانحناء السالب الناتج من الكابول. وقد تم كشف جزء من إحدى الكمرات الكابولية تحت غرفة المعيشة (في الأسفل) حتى يتمكن المهندسون من فحصه. |
ونتوقع أن ينهض المبنى قليلا فوق التدعيم المؤقت عند تطبيق قوى الشد اللاحق، ولكننا لا نعتزم إعادة الكمرات الكابولية إلى مستواها الأفقي الأصلي. وسنملأ التشققات في أعلى الكمرات قبل تشغيل الرافعة الهدروليكية للحد من مقدار الحركة نحو الأعلى. وعند الانتهاء من الإصلاحات ستبقى الشرفات مائلة ولكنها لن تهبط (ترتخي) sag أكثر من ذلك في المستقبل. وسيدل الانحراف في المبنى على تاريخ المبنى والمشكلات التي تعرض لها في السابق.
وتبدأ أعمال الإصلاحات خلال فصل الشتاء لعامي 2001/2002 كجزء من مشروع أكبر لإعادة تأهيل المبنى يشمل أيضا عمليات العزل ضد الماء في البيت كله تحت إشراف الشركة Wank Adams Slavin Architects في مدينة نيويورك. كما تقوم هيئة المحميات بتحسين تجهيزات توزيع المياه وشبكة الصرف الصحي في البيت.
إن تقوية الكمرات الكابولية في بيت الشلالات سيضمن الاستقرار الإنشائي للبيت لسنوات عديدة قادمة. علاوة على ذلك فإن الخطة تسهم في استقرار البيت من دون الحاجة إلى ركائز دائمة بارزة من قاع نهير بير رن. وبفضل التقنية الحديثة فقد أتيح لنا المحافظة على أهم عنصر معماري في بيت الشلالات، وهو الشرفات الكابولية الممتدة بشموخ فوق المجرى المائي المندفع.
المؤلف
Robert Silman
رئيس الشركة Robert Silman Associates وهي شركة هندسة إنشائية لها مكاتب في نيويورك وواشنطن العاصمة. ومنذ تأسيسها عام 1966 عملت في أكثر من 7300 مشروع بما فيها تجديد 300 مبنى تذكاري مميز. ومن هذه المباني مبنى المحكمة العليا الأمريكية وصالة كارنيگي وقصر جورج واشنطن في ماونت ڤرنون وستة مبان أخرى من تصميم رايت. حصل سيلمان على البكالوريوس في أصول الحكم من جامعة كورنيل وعلى البكالوريوس والماجستير في الهندسة المدنية من جامعة نيويورك.
مراجع للاستزادة
FALLINGWATER: A FRANK LLOYD WRIGHT COUNTRY HOUSE. Edgar Kaufmann, jr. Abbeville Press, 1986.
FRANK LLOYD WRIGHi’S FALLINGWATER: THE HOUSE AND ITS HISTORY. Second edition. Donald Hoffmann. Dover Publications, 1993.
Models of Fallingwater are available at www greatbuildings.com/buildings/Fallingwater.html on the World Wide Web.
Information on visiting Fallingwater is available at www.paconserve.org on the World Wide Web.
Scientific American, September 2000
(*) The Plan to Save Fallingwater
(**)Engineers as Detectives
(***) Fixing Falling water
(1) joist: جائز، وهو عتبة خشبية أو فولاذية ترتكز عليها الأرضية مباشرة.
(2) mullion قاطع: قضيب عمودي يفصل بين أجزاء النافذة.
(3) وتشمل الهبوطات أو التقوسات في عنصر إنشائي.