هل يعمل التطور لصالح السرطان؟
هل يعمل التطور لصالح السرطان؟(*)
يفترض بعض العلماء أن الانتقاء الطبيعي(1) يفتقد القدرة على منع الإصابة بالسرطان، بل من المحتمل أنه وفّر الأدوات التي تساعد الأورام على النمو.
<C.زيمّر>
الانتقاء الطبيعي ليس هو الكمال الطبيعي(**).
لقد طورت المخلوقات الحية بعض التكيُّفات التي تتسم بالتعقيد الواضح، إلا أننا مازلنا عرضة للإصابة بالأمراض. ويُعَدُّ السرطان من أكثر هذه الأمراض مأساوية، وربما أكثرها غموضا؛ إذ تتمتع الخلايا السرطانية بالتكيُّف البالغ الإتقان للبُقْيا(2) بطريقتها الخاصة والماكرة، فتستمر بالانقسام بعد توقف غيرها من الخلايا عن الانقسام بوقت طويل، فتخرِّب النُّسُج المحيطة بها لتفسح لنفسها المكان، وتتحايل على الجسم ليزودها بالطاقة اللازمة لكي تنمو بشكل أكبر. ولكن الأورام التي تصيبنا ليست طفيليات غريبة عنا اكتسبت استراتيجيات معقدة لتهاجم أجسامنا، بل إنها تتكون من خلايانا ذاتها التي انقلبت علينا؛ كما أن هذه الأورام ليست بالأمر النادر الحدوث، فاحتمال أن يُشَخَّص نوع من أنماط السرطان لدى امرأة من الولايات المتحدة الأمريكية في فترةٍ ما من حياتها هو 39 في المئة، ويرتفع هذا الاحتمال لدى الرجال ليبلغ 45في المئة.
إن هذه الحقائق تجعل السرطان قاتم الصورة، ولكنه في الوقت نفسه لغز يستهوي إخصائيي البيولوجيا التطورية. فإذا كان بمقدور الانتقاء الطبيعي ما يُمكِّنه من إنتاج تكيُّفات معقَّدة، من العين إلى الجهاز المناعي، فلماذا لم يكن بمقدوره التخلص من السرطان؟ والجواب الذي يطرحه هؤلاء العلماء للمناقشة يكمن في السيرورة التطورية نفسها. فالانتقاء الطبيعي قد فضَّل بعض الدفاعات المضادة للسرطان من دون أن يمكّنه التخلص منه نهائيا. ومن التقادير العجيبة أن الانتقاء الطبيعي قد يوفّر ومن دون قصد بعض الأدوات التي يمكن للخلايا السرطانية أن تستخدمها للنمو.
ولا تزال الدراسات حول تطور السرطان في طفولتها، ولكنها تعجُّ بالكثير من الحجج حول الآليات التي تسهم في حدوث السرطان، إلى جانب الكثير من الاختبارات للنظريات التي تنتظر التطبيق. ويبقى الباحثون من الأطباء متشككين في أن العمل قد يؤثِّر في الطريقة التي يكافحون بها السرطان. ويتفق إخصائيو البيولوجيا التطورية على أنهم ليسوا على أبواب كشف دواءٍ شافٍ للسرطان، ولكنهم يدلون بحججهم بأن فهم تاريخ السرطان قد يكشف أدلة كانت ستبقى خفية لولا ذلك، وتعبِّر <J.كامبيسي> عن ذلك بقولها: «من الواضح أن هذه الأفكار تعشِّش في خلفية عقولنا.»
شارلز داروين , 1881 |
مَطْلَع السرطان(***)
إن السرطان في أبسط صوره مرض عديد الخلايا، وإن أسلافنا الناشئة من خلية واحدة تطورت وتكاثرت بالانقسام إلى خليتين. وبعد ظهور الحيوانات قبل نحو 700 مليون سنة، واصلت الخلايا تكاثرها بالانقسام في أجسام الحيوانات، مستفيدة من الآلية الجزيئية التي ورثتها عن أسلافها، ثم ما لبثت الخلايا التي كانت تواصل الانقسام أن بدأت بالتخصص لتشكِّل النسج المختلفة، ولم يكن لأجسام الحيوانات التي نراها اليوم أن تظهر لولا ظهور جينات جديدة استطاعت أن تتحكم في كيفية انقسام الخلايا، فتمكَّنت على سبيل المثال من إيقاف تكاثر الخلايا فور وصول العضو لحجمه البالغ. وتعد ملايين الأنواع من الحيوانات أدلة واضحة على النجاح الكبير الذي حققه التطور في بناء الأجسام. ولكن الأجسام جلبت معها خطرا عظيما، إذ ما إن تنقسم إحدى الخلايا في جسمٍ ما حتى يتعرض ما بها من الدنا لاحتمال ضئيل بتعرضها لطفرةٍ مُسَرْطِنة(3)، وعن ذلك تقول <كامبيسي>: «في كل مرة تنقسم فيها الخلية تتعرض لخطر تطورها لسرطان.»
نظرة إجمالية/ تطور السرطان(****)
لا يتمتع الانتقاء الطبيعي إلا بقدرة محدودة على اتقاء السرطان. ففي حين أنه قد وفّر بعض الآليات الدفاعية، فإن هذه الآليات تنحو إلى تأخير المرض حتى فترة متقدمة من الحياة، وليس بالأحرى إلى التخلص منه نهائيا.
إضافة إلى ذلك، فقد فضَّلت قوى التطور بشكل واضح بعض الجينات التي تستطيع الإسهام في نشوء المرض أو في عدوانيته وشراسته.
إن فهم التاريخ التطوري للسرطان وكيفية نشأة كل ورم من الأورام على حدة قد يتيح لنا طرقا جديدة يمكننا من خلالها مهاجمة السرطان. |
وقد تسبب طفرات نادرة، على سبيل المثال، فقدان الخلايا لانضباطها، فتبدأ بانقسام لا يخضع للتحكم. وإذا ما حدثت طفرات أخرى، فإن ذلك يمكن أن يسمح للخلايا المضطربة بغزو النسج المحيطة بها وبانتشارها في جميع أرجاء الجسم، بل إنها تسمح للخلايا الورمية بتجنب الجهاز المناعي أو باستقطاب الأوعية الدموية التي تستطيع الإمداد بالأكسجين النقي.
لقد فضَّل الانتقاء الطبيعي بعض آليات الدفاع المضادة للسرطان، إلا أنه لم يستطع التخلص من السرطان نهائيا. |
خلية في الطور النهائي من الانقسام. |
ومن ناحية أخرى ينشئ السرطان في أجسامنا سيرورة تطورية تمكِّن الحيوانات من التكيُّف مع البيئة المحيطة بها. فعلى مستوى الكائنات العضوية يتفعَّل الانتقاء الطبيعي عندما تسبِّب الطفرات الجينية عند بعض هذه الكائنات قدرا من النجاح في التكاثر يزيد على ما عند غيرها، وهكذا «تُنْتَقَى» الطفرة لتبقى ولتصبح أكثر شيوعا في الأجيال القادمة. وفي السرطان، تؤدي الخلايا الدور الذي سبق لها أن أدته في الكائنات العضوية، فالتغيّرات المُسَرطنة في الدنا تسبِّب تكاثر بعض الخلايا أكثر من غيرها من الخلايا السوية؛ بل إن الخلايا المتكيِّفة قد تغلب الخلايا الأقل نجاحا في التكيُّف في الورم نفسه. وتفسر <N.كوماروفا> [من جامعة كاليفورنيا في إيرفين] ذلك بقولها: «إن الأمر يشبه التطور الدارويني إلاّ أنه يحدث في عضو واحد.»
للدفاعات حدود(*****)
مع أن أجسامنا عرضة للإصابة بالسرطان، فإن لديها طرقا كثيرةً لإيقافه، وقد تكون دفاعاتها ناجمة عن الانتقاء الطبيعي، لأن الطفرات التي جعلت أسلافنا أقل عرضة للموت بسبب السرطان قد تكون هي ذاتها التي مكنتهم من التوالد والتكاثر بنجاح. وإذا أمعنا النظر في الملايين العديدة ممن يصابون كل سنة بالسرطان، وجدنا بوضوح أن هذه الدفاعات لم تتخلص من السرطان. ومن خلال دراسة نشوء هذه الدفاعات يحاول إخصائيو البيولوجيا فهم سبب إخفاقها.
وتعد الپروتينات الكابتة للأورام tumor suppressor proteins من أهم الدفاعات الفعَّالة المضادة للسرطان. وتشير الدراسات إلى أن بعض هذه الپروتينات يقي من السرطان بمراقبة كيفية تكاثر الخلايا. فإذا تكاثرت الخلايا بطريقة غير سوية، فإن هذه الپروتينات تدفع بها إلى الموت أو إلى ضرب من التقاعد المبكرsenescence، تبقى الخلية فيه على قيد الحياة من دون أن تستطيع الانقسام؛ كما تؤدي الپروتينات الكابتة للأورام دورا مهما في بقائنا، إلا أن العلماء اكتشفوا مؤخرا أشياء غريبة تتعلق بها، فقد تكون أحوالنا، في بعض جوانبها، أفضل من دونها.
وقد طبق <Y.N.شاربلس> [من جامعة كارولينا الشمالية في شابل هيل] أساليب الهندسة الوراثية على بعض الفئران لدراسة تأثيرات أحد هذه الپروتينات الذي يدعى (p16(4 . فقد أنشأ مع زملائه سلالة من الفئران التي تفتقد إحدى الجينات الوظيفية للپروتين p16، وهي من ثم لا تستطيع إنتاج ذلك الپروتين. وفي الشهر9 /2006 نشر الفريق ثلاث دراسات حول هذه الفئران التي كانت، كما هو متوقع، أكثر عرضة للإصابة بالسرطان الذي أصيبت به قبل أن تتجاوز العام الأول من العمر.
ولكن لفقدان الپروتين p16 فائدة. فعندما تتقدّم الفئران في العمر تواصل خلاياها التصرف كما لو كانت شابة. وفي إحدى التجارب، درس العلماء فئرانا متقدّمة في السن، بعضها لديه الجينة المنتجة للپروتين p16، وبعضها يفتقد هذه الجينة؛ ثم خرَّب العلماء الخلايا المنتجة للأنسولين في پنكرياس هذه الحيوانات، ولاحظوا أن القوارض السوية لم تستطع إنتاج الپروتين وظهر لديها مرض سكري مميت. أما القوارض التي تفتقد الپروتين p16 فلم تظهر عليها سوى أعراض مرض السكري الطفيف وبقيت حية؛ إذ استمرت الخلايا السليفة للخلايا المنتجة للأنسولين عندها بالتضاعف السريع لتعيد تأهيل الپنكرياس بخلايا جديدة. وقد وجد العلماء نتائج مشابهة عندما فحصوا الخلايا في دماء وأدمغة الفئران. وهكذا اتضح أن الپروتين p16 يحمي الفئران من السرطان ولكنه يسرّع شيخوختها.
وتدعم هذه النتائج نظرية <كامبيسي> التي وضعَتْها قبل سنوات قلائل. فالانتقاء الطبيعي يفضِّل الپروتينات المضادة للسرطان، مثل الپروتين p16، ولكن تفضيلا خفيفا. فإذا أصبحت هذه الپروتينات عدوانية جدا، فقد تستطيع تكوين تهديداتها للصحة بتسريع شيخوخة الأجسام. وتعترف <كامبيسي> بأن هذه النظرية: «لا تزال في طور العمل، ولكن البيانات على ما يبدو تتزايد في قوتها تدريجيا.»
تأخير ما لا بد منه(******)
لا يُقصَد بالدفاع ضد السرطان وجوب الاستئصال التام للمرض بتفضيلٍ من الانتقاء الطبيعي. فإذا أمكن تأخير المرض فقط حتى أعمار متقدّمة، فإن ذلك يسمح بأن يكون لدى الناس عدد كبير من الأطفال يزيد في معدله الوسطي عما لدى غيرهم ممن يفتقدون هذه الدفاعات. وقد يكون من الشناعة بالنسبة إلى التطور أن يقرن التقدّم بالعمر مع السرطان، وهذا ما يشير إليه <J.بريفيك> [من جامعة أوسلو] بقوله: «إن الانتقاء الطبيعي لا يفضِّل الجينات لمجرد أنها تجعلنا نعيش حياة أطول وأكثر سعادة، ولكن الجينات تُنْتَقَى لأنها تستطيع نشر ما لديها من معلومات من جيل لآخر.»
«في كل مرة تنقسم فيها إحدى الخلايا، تتعرض لخطر التحول إلى سرطان.»
<J.كامبيسي> |
وقد تفضِّل الپروتيناتُ المضادة للسرطان الشبانَ على المسنِّين، وعندما يدفع الپروتين p16 الخلية نحو نوع من التقاعد المبكر، فإن ذلك لا يعني مجرد توقفها عن التضاعف، ولكنها تبدأ أيضا بإنتاج توازن غريب من الپروتينات، ومن بين تلك الپروتينات عامل نمو بطانة الأوعية(vascular endothelial growth factor(VEGF الذي يقدح زناد نمو مزيد من الأوعية الدموية. إن عامل نمو بطانة الأوعية يعزِّز نمو الأورام بإمدادها بالمزيد من التغذية؛ أما لدى الشبان فقد تكون التأثيرات الرئيسية للپروتين p16 هي كبت الخلايا السرطانية، إلا أن هذا الپروتين قد ينشئ مع مرور الوقت جمهرة من الخلايا في مرحلة الشيخوخة تتزايد تدريجيا وتجعل الناس أكثر عرضة للسرطان في أعمارهم المتقدّمة.
وهناك طريقة أخرى لتأخير السرطان تتمثل بإعداد خطوط متعددة من الدفاعات، فقد أظهرت الدراسات التي أُجرِيَتْ على سرطان القولون أنه لا بد للخلايا القولونية من اكتساب طفرات جينية متعددة قبل أن تتحول إلى خلايا سرطانية. ولكن هذه الخطوط الدفاعية لا تقي الناس من الإصابة بسرطان القولون، بل إن سرطان القولون في الواقع هو ثالث أكثر أشكال السرطان شيوعا. ومع ذلك فإن حاجة بعض الخلايا إلى طفرات متعددة قد تقلل من احتمال نشوء السرطان لدى الشبان. فلاعجب بعد ذلك أن نجد أن العمر الوسطي لمن شُخِّص لديهم سرطان القولون هو سبعون عاما.
ولا تقتصر إصابة السرطان على المسنين؛ ففي الواقع إن معظم ضحايا السرطانات التي تصيب الشبكية وتدعى الأورام الأرومية الشبكيةretinoblastomas هم من الأطفال. ويطرح <L.ناني> [من جامعة كاليفورنيا في ريفرسايد] حججه بأن التطور مسؤول عن الاختلاف بين سرطان القولون والورم الأرومي الشبكي. ويشير <ناني> إلى أن لسرطان القولون فرصا أكبر لاكتساب طفرات خطيرة تزيد على ما للورم الأرومي الشبكي. فالقولون عضو ضخم يتألف من عدد كبير من الخلايا، تواصل تضاعفها طوال حياة الشخص، وتحل خلايا جديدة محل الخلايا الهرمة. والخطورة الكامنة في هذا التحول تضع أولوية تطورية على وسائل الدفاع لمنع خلايا القولون من أن تصبح سرطانية.
أما الشبكية retina، فهي من ناحية أخرى، وكما يصفها <ناني> «أصغر بنية تشريحية يمكن تصورها»؛ كما أن هذه المجموعة الصغيرة من الخلايا تتوقف عن الانقسام عندما يبلغ الطفل عامه الخامس. ومع انقسامات خلوية أقل عددا يكون نصيب الشبكية من فرص التحول السرطاني أقل. ونتيجة لذلك كله فإن الورم الأرومي الشبكي نادر جدا، إذ لا يصيب أكثر من أربعة من كل مليون شخص. ويقدّم <ناني> حجته بأن الانتقاء الطبيعي لا يتمكن من قيادة الدفاعات المضادة للورم الأرومي الشبكي، نظرا إلى ضآلة خطره؛ فالدفاعات المضادة للسرطان في الشبكية ستكون ذات أثر محدود جدا في المعدل الوسطي للنجاح التكاثري لمجموعة سكانية.
قالب راتيني(5) للأوعية الدموية في أحد الأورام. |
إعداد العدة لمواجهة الأورام(*******)
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن الانتقاء الطبيعي قد غيّر الجينات بطريقة جعلت الخلايا السرطانية أشد خطورة. وقد اكتشف إخصائيو البيولوجيا التطورية هذا الاحتمال المثير للإرباك أثناء بحثهم حول التغييرات التي قادتنا لنصبح بشرا متفرِّدين(6). فبعد أن أخذ أسلافنا ينحون منحيً بعيدا عن القردة الأخرى، وذلك قبل ما يقرب من ستة ملايين عام، مرّوا بالانتقاء الطبيعي خلال تكيُّفهم مع الأسلوب الجديد لحياتهم كبشر يصنعون الأدوات ويمشون في سهول السفانا. ويمكن للعلماء أن يفرِّقوا بين الجينات التي لم تتغيّر تغيّرا كبيرا منذ نشوء الأناسيات(7) hominids والجينات التي تعرضت لتغيير كبير نتيجة لضغوط الانتقاء. وكانت النتيجة أن الجينات ذات الدور المهم في السرطان هي من أكثر الجينات التي تعرَّضت لتغيّرات عنيفة.
ويشك العلماء في أن الفوائد التكيُّفية الناجمة عن هذه الجينات تزيد على ما يمكن أن تسبِّبه من مضار، فإحدى هذه الجينات التي يغلب أن تكون سرطانية النشأة، تصنع پروتينات تدعى الإنزيمات المصنِّعة للحموض الدسمة(fatty acid synthase (FAS . وتستخدم الخلايا السوية الپروتين الذي تكوِّده هذه الجينة لصنع بعض الحموض الدسمة الخاصة بها والتي تستخدم في الكثير من الوظائف، مثل بناء الأغشية واختزان الطاقة. أما الخلايا السرطانية فتنتج الإنزيمات المصنعة للحموض الدسمة بسرعة أكبر. ولهذا الپروتين أهمية بالغة تؤدي إلى موت الخلية إذا ما أحصرت فعاليته. وقد وجد كل من <W.G.M.كونيل> [من جامعة مدينة دبلن] و<J.ماك إنيرني> [من الجامعة الوطنية في إيرلندا] أن هذه الجينة تعرَّضت لانتقاء طبيعي قوي لدى البشر. وحول ذلك يقول <ماك إنيرني>: «لقد تغيّرت هذه الجينة فعلا في سلالتنا.»
ولا يستطيع <ماك إنيرني> أن يخبرنا عما تتميز الإنزيمات المُصَنِّعة للحموض الدسمة بفعله لدى البشر؛ ولكنه متأثر بشدة بنظرية سبق للعالم النفسي <D.هوروبين> أن وضعها في تسعينات القرن الماضي، مقدما فيها الحجج على أن الزيادة الواضحة في حجم الدماغ البشري وقوته كانت نتيجة ظهور أنواع جديدة من الحموض الدسمة. فالعصبونات لا غنى لها عن الحموض الدسمة لبناء الأغشية وعمل روابط. ويذهب <ماك إنيرني> للقول بأن: «المقدرة على تصنيع الدسم قد تكون أحد الأشياء التي تسمح بازدياد حجم الدماغ.» ولكن ربما رافقت هذه القدرة الجديدة أداة جديدة يمكن للخلايا السرطانية أن تستعيرها لتعمل لمصلحتها. فعلى سبيل المثال، يمكن للخلايا السرطانية أن تستخدم الإنزيمات المصنعة للحموض الدسمة كمصدر إضافي للطاقة.
إن القدرة على تنبيه نمو أوعية جديدة تخدم الأورام كما تخدم المشيمة. |
وفي الحالة السوية تنتج الجيناتُ المسرطنة السريعة التطور الپروتيناتِ في النسج التي تسهم في التكاثر، مثلا في المشيمية placenta. ويقدّم كل من <B.كريسبي> [من جامعة سيمون فريزر في كولومبيا البريطانية] و<K.سمرز> [من جامعة كارولينا الشرقية] الحجج بأن هذه الجينات جزء من الصراع التطوري بين الأطفال وأمهاتهم.
فالانتقاء الطبيعي يفضِّل الجينات التي تسمح للأطفال بأن يسحبوا من أمهاتهم أكبر قدر ممكن من المغذيات. فالجنين ينتج المشيمة، التي تنمو وتغزو بعدوانية نسج الأم وتستخلص منها المغذيات، وهذه المطالب تضع الجنين في موقع الصراع مع أمه. كما يفضِّل الانتقاء الطبيعي الجينات التي تسمح للأمهات بولادة أطفال أصحاء. فإذا قدّمت الأم تضحيات تتجاوز الحدّ في حملها لأحد الأطفال، فإنها لن تستطيع على الأغلب أن تنجب بعد ذلك أطفالا أصحاء؛ ومن ثمّ تنتج الأمهات مركبات تسمح بإبطاء جريان المغذيات إلى أجنتهن.
وفي كل مرة تبتكر الأمهات فيها استراتيجيات جديدة لكبح أجنتهن، يفضِّل الانتقاء الطبيعي الطفرات التي تسمح للأجنة بالتغلب على تلك الاستراتيجيات. ويقول <كريسبي> عن ذلك: «ثمة صراع مكبوت أو ما يشبه مباراة شد الحبل حول الكمية التي يمكن للجنين أن يأخذها من أمه.»
نشوء الفيروسات المُسَرْطِنة(********)
تقدر الجمعية الأمريكية للسرطان أن 17 في المئة من جميع حالات السرطان، وهو ما يقدر بنحو 1.8 مليون حالة سنويا، تنجم عن فيروسات وعن عوامل مختلفة من مسبِّبات العدوى. ويدرس العلماء نشوء هذه المُمْرِضَات المسبِّبة للسرطان لمعرفة بعض الدلائل التي تفيد في مكافحتها. وأحد هذه الممرضات وهو فيروس الورم الحليمي البشري humanpapillomavirus، مسؤول عن معظم حالات سرطان عنق الرحم التي تُشَخَّص كل عام والتي يزيد عددها على نصف مليون حالة. فالفيروس يستطيع أن يجعل الخلايا المضيفة(8) له تنقسم بعد مرور فترة طويلة على الوقت الذي تتوقف فيه الخلايا السوية عن الانقسام، كما أنه يمنع هذه الخلايا من إصلاح الطفرات التي أصابت الدنا فيها.
وقد قام العلماء بإعادة صياغة التاريخ التطوري لهذا الفيروس بتعرّف التسلسل ومقارنة الجينومات لمئات من الأنماط المختلفة للفيروسات. توجد فيروسات الورم الحليمي البشري، وهي تشكل عائلة كبيرة من الفيروسات، في معظم الثدييات، حيث تسبب لها بشكل نمطي الثآليل والأورام الحميدة الأخرى. وعندما ظهر الإنسان العاقل homosapien للمرة الأولى قبل مئتي ألف عام في إفريقيا كان أسلافنا قد حملوا عددا من سلالات الفيروسات التي يمكنها أن تصيب نوعنا بالعدوى من دون أن تصيب أيا من الحيوانات الأخرى، ومن بين هذه السلالات أنماط تسبب السرطان.
وبعد ما يقرب من مئة ألف عام من انتشار الإنسان العاقل خارج إفريقيا إلى القارات الأخرى، آخذًا الفيروسات معه. وعندما أصبحت الجمهرات السكانية معزولة بعضها عن بعض، انعزلت فيروسات الورم الحليمي عن بعضها أيضا. وعليه، فإن علم النَّسَبgenealogy لفيروسات الورم الحليمي البشري يعكس مثيله لدى البشر. وعلى سبيل المثال، فإن أقدم السلالات الفيروسية هي أكثرها شيوعا بين الإفريقيين؛ أما الأمريكيون الأصليون المنحدرون من آسيويين وفيروساتهم فتشترك أيضا في تلك القرابة.
وقد يكون للتطور المشترك صلات طبية، والسبب يعود إلى أن الفيروسات كما هو واضح قد تكيَّفت مع مضيفها. ففي الشهر 2006/8 نُشر تقرير في مجلة المعهد الوطني للسرطان حول استمرارية وجود مختلف أنماط الفيروسات لدى مختلف المجموعات الإثنية (العرقية). فالمرأة التي تكتسب العدوى بفيروسٍ له تصاحُبٌ موغلٌ بالقِدَم مع المجموعة الإثنية التي تنتمي إليها، ستحتفظ بالفيروس لفترة أطول مما كانت ستحتفظ به فيما لو أصيبت بنمط آخر من الفيروسات.
ويستقصي العلماء أيضا كيف تطورت بعض فيروسات الورم الحليمي البريئة لتسبب السرطان، وستصبح اكتشافاتهم أكثر أهمية مع إدخال اللقاحات في مكافحة الفيروسات. وقد وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على لقاح مضاد لأكثر سلالات فيروسات الورم الحليمي البشري خطورة، والتي تعرف بالسلالة H16 ، إلا أن الدراسات التطورية تشير إلى أن أنماطا من فيروسات الورم الحليمي البشري قد تبادلت في بعض الأحيان الجينات التي تسهم في إطلاق زناد السرطان. وقد تزيد الجائحة العالمية لفيروس العوز المناعي البشري (HIV) من خطر تبادل هذه الجينات، فنظرا إلى كون فيروس العوز المناعي البشري يُضْعِف الجهاز المناعي لدى الشخص المصاب، فإن المزيد من أنماط فيروس الورم الحليمي البشري يصبح قادرا على الغزو والتعايش معا. ويمكن لهذا الامتزاج أن يؤدي إلى سلالة مُسَرطنة يكون اللقاح المنتج هذه الأيام أقل فاعلية ضدها. -.C.Z |
ويقدّم كل من <كريسبي> و<سمرز> الحجج بأن الجينات التي تسمح للخلايا ببناء مشيمة أفضل، تتعرض أكثر من غيرها لأن تختطفها الخلايا السرطانية، فتصبح فعّالة في الوقت الذي كانت ستكون فيه في الحالة السوية صامتة. فالقدرة على تنبيه نشوء أوعية جديدة ونمو غَزْوي وعدواني يخدم الورم كما يخدم المشيمة. وعن ذلك يقول <سمرز>: «إن ذلك أمر قد تتوق إليه سلالات الخلايا السرطانية في الحالة السوية، فهو يهيئ الفرصة للطفرات لتكوين أدوات تستخدمها الخلايا السرطانية للسيطرة على الجسم.»
ومع أن تفعيل هذه الجينات التي تكون عادة هادئة، قد يجعل السرطانات أشد قوة، فقد يواصل الانتقاء الطبيعي تفضيله لهذه الجينات، لأنها تساعد الأجنة على النمو. وحول ذلك يقول <كريسبي> : «قد يُُنْتَقَى أحد ضروب الجينات التي تساعد الجنين على الحصول على كمية إضافية قليلة من أمه. لكن عندما يبلغ الطفل الستين من عمره، قد تزداد احتمالات إصابته بالسرطان بنسبة مئوية قليلة. ويتواصل اختيار هذه الجينات بسبب تأثيراتها الإيجابية المبكرة والقوية.»
وتُعد النطاف من الأنواع الأخرى للخلايا السريعة الانقسام، وفي حين أن المشيمة تتكاثر لفترة شهور قليلة فإن الخلايا الصانعة للنطاف تواصل أداء وظيفتها طوال الحياة. ويقول <A.سيمبسون> [من معهد لودويگ للأبحاث السرطانية في مدينة نيويورك]: «يواصل الذكور من البشر إنتاج كميات هائلة من النطاف في جميع الأوقات وطوال عقود.» والجينات التي تعمل خصوصا على مثل هذه الخلايا هي أيضا من أسرع الجينات تطورا في الجينوم البشري. وهكذا فإن الجينة التي تجعل الخلية النطفية الطليعية تنقسم أسرع من غيرها من الخلايا، ستكون أكثر شيوعا من غيرها في جمهرات النطاف لدى الرجل، وهذا يعني زيادة احتمال ولوجها البيضة المُخصبة ومرورها إلى الأجيال التالية.
ومن سوء الحظ فإن الجينات التي تجعل الخلايا النطفية تتكاثر بسرعة يمكنها أيضا أن تجعل الخلايا السرطانية تتكاثر بسرعة. وفي الحالة السوية تمنع الخلايا غير النطفية هذه الجينات من صناعة الپروتينات. ويشير <سيمبسون> إلى ذلك بقوله: «يجب إسكات هذه الجينات بحزم، لأنها جينات شديدة الخطورة.» ويبدو أن الطفرات في الخلايا السرطانية تستطيع إطلاق العنان للجينات النطفية، وهذا يسمح للخلايا بالتكاثر السريع.
«كيف» مقابل «لماذا»(*********)
يأمل الإخصائيون في البيولوجيا التطورية أن تساعد أبحاثهم على مكافحة السرطان، وتوضيح سبب عدم التخلص من السرطان. فقد تسلط البيولوجيا التطورية الضوء على واحد من أهم التحديات المضنية التي يواجهها إخصائيو الأورام؛ وهو ظهور الأورام المعندة على الأدوية.
فكثيرا ما تفقد الأدوية تأثيرها الفعّال في الخلايا السرطانية، ويسير هذا الفقدان بالتوازي مع مسارات عدة لتطور المقاومة للأدوية المضادة للفيروسات في الإيدز أو العوز المناعي البشري. فالطفرات التي تمكّن الخلايا السرطانية من البُقْيا بعد تعرُّضها لأدوية المعالجة الكيميائية، هي التي تمكَّن الخلايا الورمية من التغلب على الخلايا الأكثر ضعفا. وقد ساعد فهم نشوء فيروس العوز المناعي البشري وتطوره العلماء على وضع استراتيجيات لتفادي المقاومة. ويواصل العلماء حاليا أبحاثهم حول كيف يمكن لفهم تطور الأورام أن يساعد على رسم طرق أفضل لاستخدام المعالجة الكيميائية.
القصة المدهشة لأحد سرطانات الكلاب(**********)
ينتقل أحد سرطانات الكلاب، ويسمى ساركوما ستيكر، بالاتصال الجنسي أو باللعق أو بلمس الورم. وما إن يتوطَّد الورم في المضيف حتى يتمكن من إنتاج أورام تنمو لتصبح بحجم البرتقالة الكبيرة قبل أن تتلاشى تدريجيا. وقد اعتقد الكثير من العلماء من قبل أن المرض شبيه بسرطان عنق الرحم بانتشاره بواسطة الفيروسات، أما الآن فهم يعرفون أن الخلايا السرطانية نفسها تنتقل من كلب لآخر وأنها كانت تنتشر على هذا الشكل منذ قرون.
وقد قام فريق من العلماء من جامعة لندن وجامعة شيكاغو بتحليل جينات خلايا ساركوما ستيكر التي جُمِعَتْ من كلاب من جميع أرجاء العالم، فوجدوا أن التشابه بين الأورام من الناحية الوراثية أو الجينية أكثر تشابها من بينها وبين الكلاب التي نمت فيها. وقد أكدت أبحاث إضافية أن هذه الأورام تنتمي إلى سلالة واحدة من الخلايا السرطانية، وقد جعل ذلك العلماء يكتبون في عام 2006 بمجلة الخلية The Cell: «يمثِّل هذا الورم تطورَ خليةٍ سرطانيةٍ إلى طفيلي نجح في الانتشار ليتوزع في جميع أرجاء العالم.»
ولم يستطع العلماء أن يتعرفوا إلا أمثلة قليلة ممكنة للسرطان الطفيلي، فأورام تاسمانياTasmanian devils على سبيل المثال يمكنها أن تنشر ورما في الوجه من كلب إلى آخر بوساطة العض. فلماذا لم يكن هناك المزيد من السرطانات الطفيلية؟ ويمكن لزراعة الأعضاء أن تقدّم الأدلة. فمن المعروف أن رفض الطُعمrejection هو أحد أهم الأخطار في زرع الأعضاء، حيث يحدث ذلك عندما يهاجم الجهاز المناعي للمريض العضوَ المزروع بعنف. فجميع الفقاريات ترفض ما يُزْرَع فيها من طعوم لنسج أجنبية بنفس القدر من الضراوة، ومن الممكن أن يكون هذا الرفض قد تطور خلال مئات الملايين من السنين كرفض ودفاع لمجابهة السرطانات الطفيلية.
ويبدو أن السرطان ساركوما ستيكر قد سلك طريقا للالتفاف حول هذه الدفاعات الموغلة في القدم وتفاديها، فلا تصنع الخلايا في هذا الورم سوى عدد قليل من الپروتينات السطحية التي تستخدمها الفقاريات لتمييز الذات عن الغير، وهذا يمكِّنها من تجنب الهجوم الكاسح الذي سيشنه عليها الجهاز المناعي للكلب، وتجعل هذا الجهاز يلجأ بدلا من ذلك إلى تدمير الورم تدريجيا وعلى مدى شهور عدة. ويمكن لخلايا سرطانية مفردة أن تبقى حية حتى بعد زوال الورم، فبدلا من أن يقتصر الأمر على كونها خلية سرطانية عادية تموت مع مضيفها، فإنها أصبحت سرطانا يستطيع البُقْيا قرونا عدة. -.C.Z |
والمفاهيم التي يستقصيها إخصائيو البيولوجيا التطورية جديدة نسبيا لدى معظم الإخصائيين في البيولوجيا السرطانية. ويعتقد <سيمبسون> على سبيل المثال أن كشف النشوء السريع للجينات المرتبطة بالنطفة سيساعد على مكافحة الأورام التي تستعيرها. ويضيف: «أعتقد أن من الضروري جدا أن نفهم بدقة لماذا تم الاختيار الصارم لهذه الجينات. فهذا الفهم سيتيح لنا فهما أعمق للسرطان.»
كما وجد <P.فوگيلشتاين> [من معهد هوارد هيوس الطبي] أن من المفيد أن ننظر إلى السرطان بعدسات التطور، ويقول: «إن التفكير بالسرطان بمصطلحات التطور يتماشى بشكل كامل مع وجهات نظر الإخصائيين بالوراثة الجزيئية للسرطان، ويمكن القول إن السرطان أحد التأثيرات الجانبية للتطور.»
ولكن <فوگيلشتاين> لم يقتنع بعد بأهمية الجينات السرطانية السريعة التطور، فيقول: «على المرء أن يتحلى بالحذر. فالسؤال الأول الذي أود أن أسأله هو: هل ينظر العلماء إلى كامل الجينوم بطريقة شمولية وغير متحيزة؟» ويعترف <ماك إنيرني> بأن مثل هذه الدراسات المنهجية لم تُجْرَ بعد، إلا أن النتائج الأولية قد دفعته وغيره من العلماء للبدء بها.
ويتخذ بعض إخصائيي السرطان موقفا حذرا من هذا النهج بأكمله. ويقول <Ch.بنز> [من معهد بوك لأبحاث الشيخوخة] إن المفاهيم المعمقة المستمدة من التطور يجب ألا تقبل ما لم تخضع لاختبار تجريبي بالطريقة التي ينبغي أن تمر بها النظريات الأخرى، ويضيف: «قل عني إنني متشكك.»
في نهاية المطاف، قد تكشف دراسة تطور السرطان سببَ ما ثبت لدينا من صعوبة بالغة في استئصاله. |
أما <كريسبي> فقد اعتاد على هذا التشكك، ويعتقد أن هذا التشكك قد ينشأ عن مختلف أنواع الأسئلة التي يطرحها إخصائيو البيولوجيا السرطانية والبيولوجيا التطورية. ويقول: «يعمل المهتمون بالسرطان على الإجابة عن سؤال «كيف»، فيما يعمل المهتمون بالتطور على الإجابة عن سؤال «لماذا».»
وقد يتمكن إخصائيو البيولوجيا التطورية بطرحهم الأسئلة المختلفة من الإسهام في الحوار الدائر بين الإخصائيين في البيولوجيا السرطانية، فقد تركَّز الحوار لفترة طويلة حول ما إذا كانت الفئران نماذجَ جيدةً للسرطان عند البشر. ويجادل بعض الإخصائيين في البيولوجيا التطورية بأن الفئران ليست نماذج جيدة للسرطان البشري، لما لها من تاريخ تطوري منفصل. ففي حين أن القوارض قد ورثت المجموعة نفسها من الجينات التي ورثناها قبل مئة مليون سنة. فمنذ ذلك الوقت، يتعرض معظم هذه الجينات لتغيّرات متزايدة في كلتا السلالتين: القوارض والبشر. وقد تكون الجينات المرتبطة بالسرطان، مثل جينات پروتينات الإنزيمات المركّبة للحموض الدسمة (FAS)، قد تعرضت لتغيّرات تطورية شديدة لدى البشر خلال ملايين السنين القليلة الماضية، جعلتها مختلفة اختلافا ملحوظا عن نظائرها من الجينات في الفئران.
ورم دماغي كبير (بالأزرق). |
وقد تكون الفئران اختيارا سيئا كنماذج لدراسة السرطان، بسبب الطريقة التي تتكاثر بها. فالعلماء أنتجوا فئران المختبرات مستهدفين إنتاج عدد أكبر من المواليد في معدل أسرع مما تنتجه أبناء عمومتها من الفئران البرية. ومن الممكن أن مثل هذه المنابلة قد غيّرت التبادلات التطورية التي كان على الفئران مواجهتها، حيث إنها كوفئت نتيجة لذلك بالاستثمار في الطاقة لكي تنمو بسرعة ولتنجب الصغار. وفي الوقت نفسه، قد يكون هذا الاختيار التركيبي ينتقي ما يعاكس الدفاع ضد السرطان، وكما يقول <كريسبي>: «لقد غيّرنا تاريخ حياة فئران المختبرات باختيارنا لتوقيت الإنجاب لديها.»
وفي نهاية المطاف، قد تكشف دراسة تطور السرطان سبب ما ثبت لدينا من صعوبة بالغة في استئصاله، وكما يقول <بريفيك>: «لا يوجد حل حقيقي لهذه المشكلة، فالسرطان من العواقب الرئيسية للطريقة التي خُلِقنا وفقها، وما نحن إلا مستعمرات مؤقتة صنعتها جيناتنا لننشرها ولنوصلها إلى الجيل التالي، والحل النهائي للسرطان هو أن نبدأ بإعادة إنتاج أنفسنا بطريقة مختلفة.»
المؤلف
Carl Zimmer
كتب كثيرا عن التطور في الصحيفتين: New York Times و National Geographic وغيرهما، وهو مؤلف لخمسة كتب منها: Parasite Rex و Soul Made Flesh. ويعكف حاليا على إعداد كتاب حول الإشريكية القولونية Escherichia coli وحول معنى الحياة. وقد ربحت مُدَوَّنته(The Loom(www.scienceblog.com/loom إحدى جوائز «ساينتفيك أمريكان» للعلم والتقانة على الوِب. وقد كتب زيمّر عن «البيولوجيا العصبية للذات»،مجلة العلوم، العددان 2/1 (2006)، صفحة 20.
مراجع للاستزادة
Evolutinary Biology od Cancer. Bernard J. Crespi and Kyle Summers in Trends in Ecology and Evalution, vol. 20, pages 545-552; 2005.
Human Papillomavirus type 16 and 18 variants: Race-Related Distribution and Persistence, L, F. Xi, N. B. Kivita, A. Hildesheim,
D.A. Galloway, C.M. Wheeler, J. ho and L.A. Koutsky in journal of the Bational Canse Institute, Vol. 15 pages 1045-1052;August 2, 2006.
Clonal Origin and Evoluation of a transmissible cancer. Claudio Murgia, Jonathan K. Pritchard, Su yeon Kim, Ariberto Fassatio
and Robin A. Weiss in Cell, 126, pages 477-487; August 11, 2006.
Ageing: Balancing Regeneration and Cancer. Christian M. Beausejour and Judith Campisi in Nature, Vol.443, pages 404-405;
Septamber 28, 2006.
Positive Selection in the Evolution of Cancer. Bernard j. Crespi and Kyle Summers in Biological Reviews, Vol.81, pages 407-424;2006.
(*) EVOLVED FOR CANCER?
(**) natural selection is not natural perfection
(***) The Dawn of Cancer
(****) Overview/ Cancer Evolution
(*****) Limits to Defenses
(******) Delaying the Inveitable
(*******) Making Tools for Tumors
(********) Evolution of a Cancer-Causing Virus
(*********)How vs. Why
(**********)The Surprising History of a Dog Cancer
(1)natural selection، أو الانتخاب الطبيعي.
(2) للبقاء على قيد الحياة.
(3) مسببة للسرطان.
(4) أو كما ينبغي: p16-Ink4a.
(5) resin cast
(6) uniquely human
(7)ج: أناسي أو شبيه الإنسان.
(8)host