أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
بيولوجيا

كيف يتعرف الجهازُ المناعي الجسمَ الذي يُعيله؟

كيف يتعرف الجهازُ المناعي الجسمَ الذي يُعيله؟

لقد طور الجهاز المناعي البشري عددا من العمليات البارعة التي تتيح له

 مقاومة الغزاة الغرباء، علاوة على عدم مهاجمة الجسم الذي يُعيله.

<Ph.مارّاك> ـ <W.J.كاپلر>

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/11/SCI95b11N10_H03_004308.jpg

تتنامى الخلايا التائية في التوتة، ولكن إذا ما تفاعلت واحدة منها ـ قبل أن تنضج ـ مع بروتين ينتجه العائل (الثوي)، فإنها ستموت. وتؤدي هذه العملية إلى إزالة عدد كبير من الخلايا التائية التي تمتلك إمكانية مهاجمة الجسم.

 

تمتلك الكائنات الحية آليات متباينة للتمييز بين ذاتها وبين كل شيء آخر. فعلى سبيل المثال، إن عددا كبيرا من النباتات تمتلك غُلُفًا خارجية صُلْبَة (قاسية) لا تحميها ضد الغزاة فحسب إنما تعيّن حدود النبات الخارجية. وتمتلك الخمائر yeasts جينات من النمط التزاوجي mating-type تُكَوِّد(1) (ترمز) بروتينات  تمنع التزاوج بين الخلايا المتماثلة. وتوجد لدى الاسفنجيات مجموعة من الجينات يمكن استخدام نتاجها في كشف المستعمرات الغريبة ومن ثم طردها.

 

لقد طور جسم الإنسان واحدة من أكثر الآليات تفصيلا للتمييز بين الغزاة وبين الذات. إن على خلايا الجهاز المناعي ـ أي اللِّمفاويات والبلعمياتmacrophages والخلايا الأخرى ـ أن تتعلم تحمُّل كل نسيج وكل خلية وكل بروتين يوجد في الجسم، وعليها أن تكون قادرة على تمييز الهيموغلوبين الموجود في الدم عن الأنسولين الذي يفرزه البنكرياس (المعثكلة) عن الخِلْط الزجاجي الذي تحويه العين عن كل شيء آخر. وعلى هذه الخلايا أيضا أن تتدبر أمر مقاومة الأنواع المختلفة التي لا حصر لها من الكائنات الحية الغازية، علاوة على عدم مهاجمة الجسم نفسه.

 

ومازال المناعيون مشغولين بمسألة الكيفية التي يتعلم بها الجسم تحمل ذاته، ولكنهم لم يكتشفوا إلا في العقد الماضي تقريبا تفاصيل ما يمنع أهم اللمفاويات ـ ونعني بذلك الخلايا التائية والخلايا البائية ـ من مهاجمة عوائلها (أثويائها). إن كثرة من اللمفاويات غير الناضجة تمتلك إمكانية الاستجابة لنتاج الذات، وبذلك تشكل تهديدا للذات. إن الجسم يحاول أن يخلِّص نفسه من هذه الخلايا كلها بلجوئه إلى عدد من الآليات الحاذقة. فإذا ما تفاعلت خلية مناعية ما مع نتاج الذات في الوقت الذي تكون فيه آخذة بالتنامي في التوتة (الغدة التيموسية / الصعترية) أو في نقي (نخاع) العظم فإنها تُقتل عادة أو يُبطل فعلها. وتلقى اللمفاوية الناضجة المصير نفسه عادة إذا ما استجابت لنتاج الذات ولم تتلقَّ رسالة كيميائية ثانية. إن لهذه الاستراتيجيات الأساسية التي يستخدمها الجسم للتخلص من الخلايا ذاتية التفاعل (متفاعلة الذات)self-reacting cells  اختلافات كثيرة، ذلك أنه توجد أنماط متباينة وعديدة من اللمفاويات، وكثرة من الأنواع المختلفة لنتاج الذات.

 

ولكن على الرغم من هذه الإجراءات الوقائية من قِِبَل الجهاز المناعي فإن بعض اللمفاويات ذاتية التفاعل لا يُبطَل فعلها أو لا تُقتل، فيمكنها أن تسبب واحدة من علل كثيرة تعرف بأمراض المناعة الذاتية. ويدرك علماء المناعة جيدا أنهم إذا ما فهموا آليات التحمل كلها فربما أمكنهم منع وقوع أمراض المناعة الذاتية. وعلاوة على ذلك، فإنه يمكن لأمثال هذا التبصر النافذ أن يساعد الجراحين في بحثهم المستديم عن مواد يمكنها أن تمنع الجهاز المناعي أن ينبذ النسج المغترسة كالكِلْيَة والقلب والرئة.

 

وتمتلك الفقاريات العليا طرائق كثيرة للكشف عن الغزاة وقتلها. وتكون بعض هذه الطرائق لانوعية (غير مُميِّزة) نسبيا. وترتكز على واقع أن مجموعات من الكائنات الحية الخامجة (المعدية) تصطنع موادّ كيميائية لا تنتجها الفقاريات العليا بكميات كبيرة. فعلى سبيل المثال، بإمكان الثدييات أن تكتشف وجود البكتيريا (الجراثيم) الغازية، ذلك أن البكتيريا تنتج پپتيدات تبدأ بحمض أميني غير عادي هو فورميل الميثيونين، في حين أن الثدييات تنتج كميات ضئيلة فقط من هذه الپپتيدات.وفعلا، إن وجود تراكيز عالية من الپپتيدات التي يستهلها فورميل الميثيونين في الثدييات يجتذب خلايا الدم البيض المسماة بالعَدِلات (النتروفيلات) والتي تقوم عندئذ بالتهام البكتيريا التي تنتج هذه الپپتيدات. وبالمثل، يمكن للثدييات أن تكتشف بعض الڤيروسات (الحُمات)، ذلك أن الڤيروسات تصطنع كميات من الرنا RNA ذي الطاقين (الشريطتين) strands، أكبر كثيرا مما تنتجه الثدييات. ووجود كميات كبيرة من الرنا مزدوج الطاق يستفزّ خلايا الثدييات لتنتج بروتينات تعرف بالإنترفِرونات التي تحفز بدورها سلسلة من التفاعلات التي تساعد العائل على مقاومة المزيد من الخمج الڤيروسي.

 

وعلى الرغم من أن هذه الاستجابات اللانوعية للمواد الكيميائية التي تصطنعها البكتيريا والڤيروسات هي جزء حاسم بصورة مطلقة من وظيفة الجهاز المناعي، فإن الفقاريات تتطلب أيضا آليات نوعية (متخصصة) لتتعرف الغزاة تحديدا. فعلى الجهاز المناعي أن يكون قادرا على تعرف نتاجات غريبة تكون كيميائياتها مختلفة اختلافا طفيفا جدا عن جزيئات الجسم ذاته.

 

لقد طور الجهاز المناعي ثلاث طرائق شديدة التعقيد يتعرف بها المواد الكيميائية الغريبة، أو ما يُسمى المستضدات (الأنتيجِنات). إن أساس هذه الآليات الثلاث هو الأنواع الثلاثة مما يعرف بالمستقبِلات البروتينية التي توجد على سطح اللمفاويات. وتتطلب الطريقة الأولى وجود الخلايا البائية التي تمتلك مستقبلات تعرف بالگلوبُلينات المناعية، في حين تتطلب الطريقة الثانية وجود الخلايا التائية التي تمتلك مستقبلات تسمى ألفا-بيتا. وتستخدم الطريقة الثالثة الخلايا التائية التي تمتلك البروتين غاما-دلتا.

 

ويلتصق عدد كبير من المستقبلات بسطح كل لمفاوية من اللمفاويات، وفي ظروف معينة فإنها ترتبط بالمستضدات. ويتألف المستقبِل الواحد من سلسلتين متباينتين متعددتي الپپتيدات. فالگلوبُلين المناعي يتكون مما يعرف بالسلسلتين الخفيفة والثقيلة، أما البروتين ألفا-بيتا فيتألف من السلسلة ألفا والسلسلة بيتا، في حين أن البروتين غاما-دلتا يتكون (كما يمكن لك أن تخمن مسبقا) من السلسلة غاما والسلسلة دلتا. ومن الممكن أن تتباين كل سلسلة في تتابع مكوناتها من خلية لأخرى. فعلى سبيل المثال، إن السلسلتين ألفا و بيتا لخلية تائية معينة تختلفان يقينا عن مثيلتيهما في أي خلية تائية أخرى. وبناء على ذلك، فإن مستقبلات خلية تائية معينة يُحتمل أن ترتبط بمجموعة من المواد تختلف عن مجموعة المواد التي ترتبط بأي خلية تائية أخرى. ويمتلك الإنسان نحو مليون مليون خلية تائية، وبالتالي لديه عدد كبير متباين من جزيئات ألفا-بيتا المتاحة لتعرف المواد الغريبة.

 

وبالفعل، فإذا ما اعتبرنا العدد الهائل من مستقبلات ألفا-بيتا للخلايا التائية، وكذلك العدد الكبير من أنواع جزيئات الگلوبُلين المناعي للخلايا البائية، وأيضا كثرة أعداد المستقبلات غاما-دلتا للخلايا التائية، فإن عدم تعرّف أي من هذه اللمفاويات لأي من جزيئات نتاج عائلها يُعتبر معجزة ليست بالقليلة. لقد أثارت هذه الظاهرة الجديرة بالملاحظة فضول الباحثين لعقود من الزمن، فوُضِع الكثير من النظريات لتفسير كيف أن الجهاز المناعي للإنسان يتعلم تحمل خلايا الجسم؟.

 

وكانت إحدى الأفكار المبكرة هي أن الحيوانات، ببساطة، لا تستطيع أن تصطنع مستقبلات لمفاوية ذاتية التفاعل. وعلى وجه الخصوص، إنه ليس من المحتمل أن يمتلك الإنسانُ الجينات الضرورية لتكوين مستقبلات ألفا-بيتا يمكنها أن تتفاعل مع البروتينات الآدمية. لقد أدرك علماء المناعة منذ سنوات عديدة أن هذا التفسير غير صحيح. ونحن نعلم في الوقت الحاضر أنه نظرا لأن تراكيب المستقبلات وبِناها تتعين إلى حد ما بطريقة عشوائية، فمن المحتمل أن ترتبط بعض المستقبلات بالمواد الكيميائية لعائلها.

 

وتدخل العشوائية من سبيلين على الأقل: أحدهما هو أن مستقبلات اللمفاويات تُصطنع بانضمامات عشوائية لقطع متخصصة من الجينات. فعلى سبيل المثال، تُصطنع السلسلتان ألفا وبيتا للخلية التائية من مزج عشوائي لقطع تعرف بالقطعة V-ألفا و J-ألفا وV -بيتا و D-بيتا وJ -بيتا. والسبيل الآخر هو إيلاج قطع قصيرة عشوائية من الدنا DNA في الجينات المتراتبة الخاصة بالمستقبل ألفا-بيتا. وهكذا، فإن الكائن الحي لا يمتلك ضبطا مطلقا لتسلسل الحموض الأمينية المكونة للمستقبل.

 

إن الضبط يجب أن يمارس بطريقة أخرى، وفي مرحلة ما مختلفة. لقد كان <D.R.أُوِن> (في معهد كاليفورنيا للتقانة) أحد الباحثين الأوائل الذين اختبروا هذه الفرضية. فقد كان يدرس عام 1945 وراثة أنماط الدم عند الأبقار فوجد أن الأبقار التوائم التي تقاسمت مشيمةً واحدة كانت تمتلك، غالبا، نمطا دمويا واحدا. وقد لوحظ هذا الترابط حتى في إحدى الحالات حيث أتت التوائم من آباء مختلفة. واستنتج أُوِن أن الترابط بين أنماط الدم كان نتيجة تبادل اللمفاويات وخلايا الدم الأخرى وهي داخل الرحم. وعلاوة على ذلك، فقد اقترح الباحث أن هذا التبادل المبكر قد حال بين الأبقار وبين رفض إحداها دماء الأخرى. وفيما بعد أوضح السير <B.P.مداوار> و<E.R .بيلينگام> و <L.برنت> (في المعهد الوطني للبحوث الطبية بلندن) أنه إذا ما تم نقل الخلايا الدموية من فأر بالغ إلى فأر وليد لا يمت إليه بقرابة، فإنه يمكن للفأر الوليد أن يتقبل ـ في مراحل حياته التالية ـ طُعْما يؤخذ من الفأر البالغ، ومن ثم فإن إدخال الخلايا الدموية عند الولادة يمكن أن يؤثر في مقدرة الفرد على تقبل ليس الدم فحسب وإنما الجلد أيضا.

 

الأمر الأكثر أهمية هو أن هذه الدراسة وبحوث أُوِن قد أوصلت إلى الاستنتاج العام نفسه، ألا وهو أن الجهاز المناعي لا يولد ومعه التعليمات كلها التي يحتاج إليها لتعرّفه نتاجات عائله، ولكنه يتعلم ما هو ذاتٌ وهو آخذ بالتنامي.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/11/SCI95b11N10_H03_004309.jpg

تُقتل الخلايا التائية غير الناضجة عندما ترتبط مستقبلاتها بالپپتيدات، كما بينت التجارب التي استخدمت فيها فئران مهندسة وراثيا. وقد هُيّئت الفئران بحيث تؤوي خلايا تائية تستطيع مستقبلاتها أن تتعرف پپتيدًا يتم إنتاجه في الفئران الذكور فقط. وفي حين تتنامى الخلايا التائية في الفئران الإناث تناميا سويا، تنعدم الخلايا التائية في الفئران الذكور، وذلك ـ على ما يبدو ـ لأن الخلايا التائية الناشئة قد ارتبطت بالپپتيد وماتت.

 

وكانت إحدى الأفكار المبكرة التي طرحت لتفسير كيف يتعلم الجهاز المناعي تحمل الذات قد عرضت من قبل <J.ليدربرگ> الذي يعمل حاليا في جامعة روكفلر. ففي عام 1959 اقترح هذا الباحث أن اللمفاويات غير الناضجة لا يمكنها أن تتفاعل مع المستضد بالطريقة نفسها التي تتفاعل بها اللمفاويات الناضجة. فعادة إذا ما ارتبط شيء ما بالگلوبُُلين المناعي لخلية بائية ناضجة، فإن اللمفاوية تتحول إلى خلية مفرزة للضد antibody. وإذا ما ارتبط جزيء ما بمستقبلات الخلية التائية الناضجة، فإن هذه الخلية تصبح إما خلية مفرزة للسيتوكين أو خلية قاتلة. وافترض ليدربرگ أنه إذا ما ارتبط مستضد ما بمستقبِلٍ لخلية غير ناضجة، فإن الخلية يمكن أن تموت عوضا عن أن تصبح خلية فاعلة.

 

وتقدم فرضية ليدربرگ، التي تعرف حاليا بنظرية الحذف (الخَبْن) النسيليclonal deletion theory، آلية لإزالة اللمفاويات التي تفاعلت مع نتاجات الذات. وتعمل هذه الآلية على النحو التالي: يكون إنتاج التائيات والبائيات إنتاجا مستمرا طوال حياة الفرد، هذا على الرغم من أن إنتاج الخلايا التائية يتباطأ بعد اليَفَع. ولكن بغض النظر عن المرحلة التي تُنتَج فيها الخلايا البائية و التائية فإنها تتنامى دائما وهي محاطة ببحر من المواد التي ينتجها العائل. فوفقا لهذه النظرية تُدمَّر الخلايا غير الناضجة التي تتعرف مستقبلاتُها نتاجاتِ الذات. ونتيجة لذلك، فإن اللمفاويات غير ذاتية التفاعل فقط هي التي تتنامى حتى مرحلة النضج. وبلا ريب، فإن اللمفاويات غير الناضجة ستموت أيضا إذا ما ارتبطت بمستضد غريب، ولكن الاستجابة المناعية ستنجز من قِبَل تلك اللمفاويات التي نضجت قبل وقوع الخمج.

 

وفي زمن لاحق على اقتراح نظرية الحذف النسيلي أتى الباحثون بتفسيرين آخرين معقولين حول لماذا يكون الجهاز المناعي متحمِّلا لعائله؟ وكان أحد الاقتراحين أنه يمكن إخماد اللمفاوية المتنامية إخمادا دائما عوضا عن موتها وذلك عندما ترتبط مستقبلاتها (يصف علماء المناعة اللمفاويةَ الخامدةَ بأنها لمفاوية «مُعَطَّلَة» anergic. وينص الافتراض الآخر على أنه يمكن الاحتفاظ بالخلايا التائية والبائية ذاتية التفاعل مقيدةً (موقوفة) بوساطة خلايا خاصة تعرف بالخلايا الكابتة.

 

وظل الباحثون يجاهدون سنوات عديدة لتمحيص هذه الفرضيات الثلاث، لأنه من الواضح أن اللِّمْفاوِيّات تتعرف النُّسُج الغريبة بإجادة عالية. فعلى سبيل المثال، يرفض جسم الإنسان ـ وبسرعة كبيرة ـ طُعما جلديا أتى من شخص لا يمتّ إليه بقرابة، في حين يتقبل الفرد نسيجا جلديا اغتُرس من إحدى مناطق الجسم إلى منطقة أخرى منه. وبالمماثلة، تعجز اللمفاويات في طبق الزرع culture dish عن أن تُنَشَّط (تفعل) activate من قِبَل خلايا أخرى أُخذت من عائلها نفسه، في حين أنها تتفاعل بعنف مع لمفاويات أو خلايا أخرى أتت من فرد آخر. ومازالت القضية المعلقة باقية: هل يعجز الجهاز المناعي عن أن يستجيب لنتاجات الذات لأن اللمفاويات المحتمل تفاعلها هي ببساطة غير موجودة، أو لأنها معطلة، أو لأنها مكبوتة من قبل خلايا أخرى؟

 

من أجل إيجاد حل لهذه المسألة حاول الباحثون استنباط طرائق لتعيين هوية اللمفاويات التي تعرفت مستضدا معينا لكنها لم تستجب بالضرورة عن طريق الانقسام. وتبين أن تطوير هذه التقانات مهمة رهيبة، فإذا لم يسبق للخلايا التائية والبائية لحيوان ما أن تعرضت لمستضد نوعي، فإن جزءا ضئيلا فقط من اللمفاويات يجب أن يكون لديه القدرة على التفاعل مع المستضد. إن «تواتر» frequency الخلايا ذاتية التفاعل (كما يقول علماء المناعة عادة) هو من واحد إلى مليون تقريبا. وبالفعل، فإن التواتر على درجة من الضآلة بحيث يصبح من المستحيل تمييز اللمفاويات القليلة التي يحتمل أن تتعرف نتاجات الذات عن اللمفاويات الكثيرة التي لا تتعرفها.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/11/SCI95b11N10_H03_004310.jpg

يساعد موت الخلايا التائية الفتية (الناشئة) التي ترتبط ببروتينات الذات، على منع الجهاز المناعي من مهاجمة الجسم. وتتعرض الخلايا التائية لمعظم نتاجات الذات في أثناء تناميها في التوتة. إن بعض بروتينات الذات ُتنتَج في التوتة، في حين أن أخرى تُحمل إليها من أعضاء الجسم ـ الكلية مثلا ـ بوساطة الخلايا الرحالة. وتموت الخلايا التائية الفتية التي ترتبط مستقبلاتها بنتاجات الذات. وبما أن بعض نتاجات الذات لا تصل إلى التوتة أبدا فإن بعض الخلايا ذاتية التفاعل (متفاعلة الذات) تصل مرحلة النضج.

 

ولكن على الرغم من ذلك، فإن الباحثين طوروا وسيلتين تجريبيتين لتطويق هذه المعضلة، تتطلب إحداهما نمطا خاصا من المستضد عرف بالمستضد الفائقsuper antigen، في حين أن الوسيلة الأخرى تعتمد على حيوانات تم تغييرها وراثيا، ومنها ما يدعى بالفئران المحورة جينيا transgenic. ويستحق كل من تقانة المستضد الفائق والتجارب التي تستخدم فيها الفئران المحورة جينيا، وصفا فيه بعض التفصيل.

 

ويتوقف ارتباط مستضد فائق، أو مستضد، بلمفاوية أساسا على تركيب المستقبل وبنيته. فالمستقبل ألفا-بيتا هو، على سبيل المثال، تجمع عشوائي بعض الشيء للقطعتين (الجزءين) segments -V ألفا وV-بيتا. ويكون المستقبِل مصمما أساسا ليتعرف الپپتيدات الغريبة، أي المستضد الناجم عن تحطيم (حلّ) بروتينات الكائنات الغازية. بيد أن المستقبل يرتبط فقط بالپپتيدات الغريبة التي ارتبطت في الوقت ذاته بأحد بروتينات معقد التوافق النسيجي الكبير major histocompatibility complex MHC، وهي جزيئات متخصصة توجد على سطوح الخلايا العادية. وبقدر ما يمكن للباحثين أن ينبئونا، فإن جميع القطع المتغيرة (المتحولة) للمستقبِل ألفا-بيتا تلعب دورا ما كي تربط معًا بروتين المعقد MHC وأسيره الپپتيد الغريب. ومن أجل أن تتعرف مستضدا معينا، فإن على الخلية التائية أن تمتلك مستقبلا متوافقا تماما مع القطعتين المتغيرتين.

 

وللمستضدات الفائقة قصة مختلفة. فهي ترتبط، مثل مثيلاتها الاعتيادية، بنمط خاص من جزيئات المعقد MHC، ولكنها ترتبط بعدئذ بقطعة معينة من V-بيتا من المستقبل ألفا-بيتا، وذلك بغض النظر تقريبا عن بنية سائر المستقبل. وبما أن عدد أنماط أجزاء V-بيتا هو عدد ضئيل مقارنا بعدد المستقبلات ألفا-بيتا المختلفة، فإن عددا كبيرا من الخلايا التائية يكون أقدر على تعرف مستضد فائق خاص منها على تعيين هوية مستضد عادي معين. إن مجموع القطعV -بيتا المختلفة في الفأر، على سبيل المثال، يصل إلى 200 قطعة. وهكذا، فمن الممكن أن نجد أن V-بيتا من نوع خاص في واحدة تقريبا من بين كل 20 خلية تائية تمتلك مستقبلات ألفا-بيتا.

 

والأمر الأكثر أهمية، هو أنه بسبب استجابة عدد هائل من الخلايا التائية لمستضد فائق نوعي، يمكن للباحثين أن يراقبوا التفاعل. وبغية الوصول إلى ذلك، فإنهم يحصلون أولا على ضد يستطيع الارتباط بالهدف V-بيتا الخاص بمستضد فائق، ويوسم الضد عندئذ بجزيء يتألق fluoresce تحت الضوء فوق البنفسجي. وهكذا، فإن الضد المتألق سيرتبط بالخلايا التائية التي تستجيب للمستضد الفائق، ويستطيع الباحثون عندئذ تعيين هُوية الخلايا باستخدامهم إما المجهر وإما فارز (مصنِّف) خلايا مفعَّل تألقيا fluorescent-activated cell sorter.

 

ولاختبار هذه التقانة، استخدم الباحثون في بداية الأمر مستضدا فائقا ينتجه ڤيروس ورم الثدي mammary tumor virus MTV) لدى الفأر. وتُخْمَج الفئران بالڤيروس عبر لبن أمهاتها. ويجتاح الڤيروس لمفاويات الفأر باصطناعها (تركيبها) مستضدا فائقا وبتنشيطها اللمفاوية. إن ڤيروس ورم الثدي لدى الفأر، شأنه في ذلك شأن الڤيروس الذي يسبب الإيدز (AIDS)، هو ڤيروس مغاير (قهقري) retrovirus. وتحتوي هذه الڤيروسات على جينات تتألف من الرنا، ولكنها تتكاثر عن طريق اصطناعها نسخا من الدنا بدءا من الرنا الخاص بها. وتُغرَز نسخ الدنا هذه في دنا الخلايا المخموجة، وينتج الدنا الڤيروسي عندئذ رنا وبروتينات الڤيروس، وتتجمع هذه المواد لتشكل ڤيروسات خامجة (معدية) جديدة.

 

ويندر أن تقوم الڤيروسات المغايرة بخمج الخلايا التي تنتج النطاف (الحيامن) sperm والبيوض. فإذا ما حدث ذلك، أمكن للڤيروس أن يصبح جزءا من دنا الأنسال، ويكف عندئذ عن أن يغدو كائنا مُخمِجا. وفي الحقيقة، فإن الفئران كلها تقريبا تشتمل على نوع ڤيروسي واحد أو أكثر من ڤيروسات ورم الثدي، متكاملا(2) (مُدْمجا) integrant في الدنا الخاص بها. وتنتج هذه المتكاملات (المُدْمَجات) الڤيروسية عندئذ بروتينات هي (بكل قصد العائل وهدفه) من نتاجات (منتجات) الذات. وتُصطنع البروتينات الڤيروسية اصطناعا مستمرا مدى حياة الحيوان، تماما مثل بروتينات الذات الأصيلة.

 

لقد استخدمنا مع زملائنا (في المركز NJC لعلم المناعة وطب التنفس بِدِنْڤر) المستضدات الفائقة التي تنتجها هذه المتكاملات الڤيروسية لنختبر كيف يستجيب الجهاز المناعي لنتاجات الذات، لأن البروتينات التي تركّبها المتكاملات تعد، فيما يتعلق بالفأر نفسه، نتاجات ذاتية. فبدأنا عام 1988، وبدأ كذلك عدد من الفرق البحثية الأخرى، بتفحص تأثيرات مستضد فائق ينتجه النمط MTV-7، وهو ذرية (سلالة) strain من ڤيروس ورم الثدي اندمجت طبيعيا في دنا بعض الفئران. ويتفاعل هذا المستضد الفائق مع قطع معينة من V-بيتا لمستقبلات الخلايا التائية للفأر. وتحديدا فإن المستضد الفائق يرتبط بالقطع التي تعرف بالرموز: V-بيتا 6، V-بيتا 7، V-بيتا 8.1 وV-بيتا 9.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/11/SCI95b11N10_H03_004311.jpg

يرتبط المستضد الفائق بقسم واحد فقط من مستقبل الخلية التائية، في هذه الحالة تعرف المنطقة بالقطعة V-بيتا. وعلى المستضد الفائق، قبل أن يلتصق بالمستقبل، أن يرتبط ببروتين معقد التوافق النسيجي الكبير (الرئيسي) الموجود على سطح الخلية.

 

لقد ركزنا اهتمامنا، متعاونين مع <U.ستيرز> (الذي كان يعمل حينذاك في معهد بازل لعلم المناعة)، على تأثيرات المستضد الفائق MTV-7 في القطعة V-بيتا 8.1 ، فوجدنا في الفأر الذي يكون دنا خلاياه خاليا من MTV-7، أن نسبة تصل إلى 8 بالمئة من الخلايا التائية لديها القطعة V-بيتا 8.1 كجزء من مستقبلاتها. وفي مقابل ذلك، فإن الفئران التي يتضمن دنا خلاياها الجينMTV-7 لا تُؤوي أيا من الخلايا التائية الناضجة التي تمتلك V-بيتا 8.1 . وفي الوقت نفسه نشر فريق بحث سويسري ضمّ <R.H.ماكدونالد> (من معهد لودکيگ لبحوث السرطان في لوزان) و<M.R.زينكرناجل> و<H.هنگارتنر> (من جامعة زوريخ) أن الخلايا التائية التي تحمل القطعة V-بيتا 6 هي مفقودة أيضا في الفئران التي يتضمن دنا خلاياها MTV-7. كما توصل مؤخرا <E.پالمر> وزملاؤه (في المركز NJC) إلى نتائج مماثلة بشأن القطعة V-بيتا 9، كما اكتشفنا الشيء نفسه بشأن الجزء V-بيتا 7.

 

لقد أظهرت هذه التجارب كلها أن وجود المستضد الفائق الذي ينتجه النمطMTV-7 المتكامل، يؤدي على نحو ما إلى اختفاء الخلايا التائية التي تستطيع التفاعل مع المستضد الفائق. وهكذا، فإن الخلايا التائية التي تستطيع، في هذه الحالة، أن تتعرف نتاجات الذات لم تُخمدَ ولم تُكبَت من قِبَل خلايا أخرى. إن الخلايا التائية ببساطة غير موجودة كليا، ولا بد أنها ماتت في مرحلة ما من مراحل تناميها.

 

وتبدأ الخلايا التائية تناميها كخلايا طليعية precursor cells. وتنشأ هذه الخلايا الطليعية في أثناء المرحلة الجنينية من تنامي الحيوان في الكيس المحي أو في الكبد، في حين أن الحيوانات الفتية ـ وكذلك البالغة ـ تنتج الخلايا الطليعية هذه في نقي عظمها. وتهاجر تلك الخلايا إلى التوتة، حيث تبدأ هناك تعزيز الجينات التي تحوي التعليمات اللازمة لبناء السلاسل ألفا والسلاسل بيتا والبروتينات الأخرى ذات الصلة بِبِنية المُسْتَقْبِل. وإثْر ذلك مباشرة، وبعد أن تبدأ المستقبلات ألفا-بيتا بالظهور على سطوح الخلايا بكميات قليلة، تتحول الخلايا الطليعية إلى خلايا توتية غير ناضجة. وتمر هذه الخلايا عندئذ في مرحلة غامضة من مراحل تناميها توصف بأنها مرحلة الانتقاء الإيجابيpositive selection. وفي هذه المرحلة تضيف الخلايا التوتية غير الناضجة إلى سطوحها أعدادا متزايدة من المستقبلات ألفا-بيتا.

 

على أي حال، وكما اكتشفنا من قبل، فإن الخلية التوتية غير الناضجة تموت في التوتة إذا ما تعرفت المستضد الفائق الذي ينتجه الجين المتكامل MTV-7. ويوضح عدد كبير من التجارب التي أجريت مؤخرا على حيوانات مختلفة أن المستضدات الفائقة تسبب موت الخلايا التوتية غير الناضجة في مرحلة تقع تقريبًا في منتصف طريق تناميها.

 

وعلى الرغم من أن هذه النتائج قدمت دعما قويا لنظرية الحذف النسيلي، فإن علماء المناعة ظلوا مجبرين على التفكير في احتمال أن المستضدات الفائقة (التي تمتلك عددا كبيرا من الخصائص المتميزة) لا تؤثر في الخلايا التائية بالطريقة نفسها التي تؤثر بوساطتها المستضدات السوية (العادية). وبناء على ذلك، فقد قام كل من <H. ڤون> و<M.شتاينمتز> ومساعدوهما (في جامعة بازل وفي مؤسسة هوفمان-لاروش) بتناول معضلة تحمّل الذات بطريقة مغايرة كليا. لقد استخدم هؤلاء الباحثون الفئران المحورة جينيا التي تُنتَج بحقن الدنا في البيضة المخصبة للفأر، وغالبا ما ينجبل (يندمج) هذا الدنا في دنا الجنين المتنامي وينتقل إلى نتاجاته (ذراريه) progeny.

 

واستطاع ڤون بيهمر ومساعدوه باستخدامهم هذه التقانة أن يُوجِدوا فئرانا كانت معظم خلاياها التائية تمتلك المستقبِل ألفا-بيتا نفسه. ولكي نفهم كيف استطاعوا إنجاز ذلك، علينا أن ندرك أنه في أثناء تنامي الخلية التائية لدى الفأر السوي فإنها تعزز في واقع الأمر الدنا الذي ينتج مستقبلا خاصا من نوع ألفا-بيتا. فقطع الدنا التي تُكَوِّد المستقبل محتواة في دنا خلايا الفأر كلها، ولكن تتم في الخلايا التائية المتنامية فقط إعادة تراتب(3) هذه القطع في جينات لها وظيفة. وقام ڤون بيهمر بعَزْل (استفراد) الدنا الذي يكوّد لجين نوعي لأحد مستقبلات ألفا-بيتا، سبق وأن أعاد فعلا تراتب قطعه؛ وعندئذ قام بحقن بيوض الفأر بالدنا المتراتب فعلا. ومع تنامي الفئران فإن هذا الدنا المتراتب أخذ الصدارةَ من الجينات غير المتراتبة للمستقبلات. وبناء على ذلك، حملت معظم الخلايا التائية للفئران المحوَّرة جينيا المستقبلَ الذي أنشئ من قبل الجينات المحقونة.

 

واختار ڤون بيهمر أن يصنع ذلك المستقبل الذي يرتبط بمستضد يوجد فقط في ذكور الفئران، شريطة أن يكون هذا المستضد مترافقا مع بروتين المعقد MHCمن النمط Db. وكما كان متوقعا، وجد هذا الباحث ومساعدوه فَرْقا لا يمكن تجاهله بين إناث الفئران التي تنتج Db وذكورها. ففي الإناث كانت كثرة من الخلايا التائية تحمل على سطوحها المستقبل الذي تم إدخاله، أما في الفئران الذكور فقد كانت الخلايا التي تحمل المستقبل غائبة كليا تقريبا، فهي على ما يبدو قد أبيدت في مرحلة مبكرة من مراحل تناميها في التوتة.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/11/SCI95b11N10_H03_004312.jpg

للجهاز المناعي آلية للسلامة تمنع خلية تائية ناضجة من أن تشن هجمة مناعية ضد عائلها. فقبل أن تتمكن الخلية التائية من المهاجمة لا بد لها من أن تتلقى إشارتين: إحداهما هي ارتباط المستضد بمستقبل الخلية التائية، والأخرى ـ على سبيل المثال وبصورتها النموذجية ـ هي إفراز البروتين B7، والارتباط به (القسم الأيسر). أما إذا تعرضت خلية تائية لأحد بروتينات الذات التي تعرض عليها من قبل خلية غير منشطة، فإن الخلية التائية تموت أو تَبطل فاعليتها (القسم الأيمن).

 

وتوضح هذه المعطيات أن ليدربرگ كان محقا عندما اقترح نظرية الحذف (الخبن) النسيلي. فاللمفاويات غير الناضجة تمر بمرحلة يؤدي فيها ارتباط مستقبلاتها إلى موتها. فالخلايا ذاتية التفاعل تُقتل قبل أن تتهيأ لها فرصة التكاثر وتدمير عائلها (ثويها). إن الجهاز المناعي يستخدم فعلا الحذف النسيلي ليرسِّخ تحمل الذات.

 

ولسوء الحظ، فإن نظرية الحذف النسيلي لا تلتفت إلى مشكلةِ كيف أن الجهاز المناعي يتعلم تحمل نتاجات الذات التي لا تصنعها التوتة أو تلك التي تنتجها بكميات غاية في الضآلة. ولا ينطبق هذا الأمر على البروتينات التي تُحتَجز بكميات قليلة كتلك التي تُنتج في الدماغ والعين فحسب، بل ينطبق أيضا على البروتينات التي تُنتَج فقط في نسج متخصصة معينة.

 

وفي واقع الأمر، إن عددا كبيرا من مستضدات الذات النادرة تُنقل فعلا إلى التوتة. فالوحيدات (المونوسيتات) والخلايا البائية تستطيع أن تلتقط بروتينا من مكان ما من الجسم وتحمله إلى مكان آخر، لا سيما إلى التوتة. ويفسِّر هذا النوع من الأحداث تفسيرا مُرْضيا تماما كيف يتعلم الجهاز المناعي تحمّل كثرة من نتاجات الذات التي لم تتولد في التوتة.

 

ومع ذلك، لا ينطبق هذا المخطط على الحالات كافة. فعلى سبيل المثال، إنه لا يوضح كيف تتعلم الخلايا التائية تحمل الپپتيدات التي ترتبط ببروتينات الصف الأول من المعقَّد MHC. وهذا الصف من البروتينات يرتبط فقط بالپپتيدات التي ُتشتق من البروتينات التي يتم تركيبها داخل الخلية نفسها. وعلى ذلك فإن الوحيدات والخلايا البائية غير قادرة على نقل پپتيدات الخلايا الأخرى إلى التوتة. فالخلايا التائية غير الناضجة في التوتة لا تتعرض إلى بعض البروتينات السيتوپلازمية (الهيولية). وبالتالي، فليس لها من سبيل لتتعلم تحمل هذه البروتينات. لهذا، لا بد من وجود آلية فعالة أخرى لتقتل الخلايا التائية الناضجة أو لتبطل فعلها أو لتكبتها.

 

لقد فتش الباحثون عن آلية تستطيع بوساطتها الخلايا التائية الناضجة أن تتعلم كيف تتحمل. إن عددا من التجارب المختلفة قد أوضح الآن أنه عندما تصادف الخلايا التائية الناضجة نتاجات الذات فإنها إما أن تموت أو أن تصبح خامدة (غير فاعلة).

 

إن <J.ميلّر> وزملاءه (في معهد والتر وإليزا هول للبحوث الطبية في أستراليا) أجروا تجربة من هذا النوع. فقد عمل هؤلاء الباحثون على أحد جينات بروتين الصف الأول من المعقد MHC ويعرف بالجين Kb، وأدخلوا هذا الجين في فأر بحيث يكون تحت سيطرة جين الأنسولين. وبناء على ذلك، فإن الفأر اصطنع البروتين Kb وذلك فقط في خلاياه التي تُنتج الأنسولين في الحالة السوية، أي في الخلايا بيتا الموجودة في البنكرياس. وبما أن هذه الخلايا مثبتة (غير متحركة) فإن البروتين Kb لا يمكن أن يبلغ توتة هذه الحيوانات. ولم يكن من المفاجئ أن تستطيع الخلايا التوتية لهذه الفئران أن ترتبط بالبروتينKb، بيد أن الخلايا التائية الناضجة لم تكن قادرة على الاستجابة ما لم تتم مجابهة هذه الخلايا بالبروتين Kb في ظروف خاصة جدا. لقد أوضحت هذه النتائج أن الخلايا التائية الناضجة التي تتعرف مستضدات الذات يمكنها أحيانا أن تبقى حية في الحيوان ولكنها تصبح معطّلة. إضافة إلى ذلك، وفي تجربة أخرى برهنت <S. وِبّ> ومساعدوها (في معهد سكريپس للبحوث في لاهولا، كاليفورنيا) أن الخلايا التائية الناضجة ـ في شروط خاصة ـ تموت إذا ما تعرضت لمستضدات الذات.

 

ولا يعرف علماء المناعة على نحو دقيق ما الذي يسبب موت الخلايا التائية الناضجة عوضا عن إخمادها. ولعل الخلايا الخامدة هي مجرد حالة وسيطة في طريقها لملاقاة حتفها. ومهما يكن من أمر، فإن النتيجة المهمة هي أن هذه الخلايا غير قادرة على الاستجابة. وبالفعل، فقد جمع الباحثون في الوقت الحاضر عددا كبيرا من الأمثلة لمستضدات تسبب إما موت الخلايا التائية أو إخمادها، لدرجة أنهم صاروا شديدي الحيرة من أمر لماذا ومتى تحرض مستضدات الكائنات الحية الغازية الخلايا التائية لتصبح ناشطة. وعلى ما يبدو، فإن الخلايا التائية ذات المستقبلات ألفا-بيتا قد صُممت بحيث إنها ـ عادة ـ لا تُنَشّط عندما يرتبط مستقبلها. لهذا السبب، فإن السؤال يجب أن يكون كيف تقرر الخلية التائية الناضجة أن تنقسم أو تصبح خامدة أو تموت، عندما تستجيب مستقبلاتها لشيء ما.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/11/SCI95b11N10_H03_004313.jpg

تَخمُد الخلايا البائية الفتية (الناشئة) عندما ترتبط بشيء ما، كما أوضحت التجارب التي استخدمت فيها الفئران المحورة جينيا. لقد هندست مجموعة من الفئران لتنتج بروتينا يوجد في الدجاج هو ليسوزيم بيض الدجاج (HEL). كما تم تصميم فئران أخرى لتنتج خلايا بائية ذات مستقبلات ترتبط بالبروتين HEL. تم عندئذ تهجين (مزاوجة) مجموعتي الفئران لتنتج أفرادا تصنع البروتين HELوتحوي، في الوقت نفسه، خلايا بائية حساسة لذلك البروتين. لقد تبين أنه لم يكن بالإمكان تنشيط الخلايا البائية الموجودة في تلك الحيوانات بالكواشف التي تستخدم عادة لتنشيطها.

 

لقد تم إيجاد حل جزئي للمعضلة بإجراء تجربة تقليدية قام بها قبل ثلاثين عاما تقريبا <W.D. دريسر>، الذي كان يعمل حينذاك في مختبرات مجلس البحوث الطبية (MRC) بإنكلترا. وكان الباحثون في ذلك الوقت مدركين تماما أن الجهاز المناعي يستجيب بعنف لبروتين غريب على شكل مستحضرات تكدسية (تجمعية)، أو لبروتين مُزج مع مساعد adjuvant مثل البكتيريا الميتة في زيت معدني. ومع ذلك، فقد وجد دريسر أن الجهاز المناعي يعجز عن أن يستجيب لبروتينات غريبة ذؤوبة. وفي الحقيقة، إذا تعرض الجهاز المناعي لبروتين غريب ذؤوب فإنه يغدو إثر ذلك عاجزا عن التفاعل مع أي مستحضر من مستحضرات ذلك البروتين. وفي عام 1971، اكتشف كل من <M.J.شيلر> و <O.W. ويگل> (في مستشفى سكريپس) و <R.تايلور> (في مختبرات المجلس MRC) أن الجهاز المناعي يتعلم تحمل البروتينات الغريبة الذؤوبة، جزئيا على الأقل، بإزالة الخلايا التائية التي تستطيع أن تستجيب لمثل تلك البروتينات.

 

ومن الواضح أن الخلايا التائية تستطيع تعرف شكل المستضد، أما كيف تفعل ذلك فلم يتضح إلا مؤخرا. فالمستقبلات ألفا-بيتا لا تمتلك وسيلة مباشرة للكشف عن شكل البروتين الغريب الذي تم إدخاله إلى الجسم. وطالما أن الپپتيد مرتبط ببروتين المعقد MHC، فإنه سيستطيع الارتباط بالمستقبل ألفا-بيتا بغض النظر عما إذا كان الپپتيد قد أتى من بروتين في حالة ذوبان أو كان مختلطا بمساعد. فإضافة إلى المستقبل ألفا-بيتا، لا بد من وجود شيء ما يعطي الخلية التائية معلومات عن شكل المستضد.

 

وفي عام 1970 اقترح <A.P.برتشر> و<M .كون> (من معهد سولك للدراسات البيولوجية) حلا للمعضلة بصورة بدائية. وبعد انقضاء خمس سنوات أعاد <J.K.لافيرتي> و< J.A .كانينگهام> (من كلية جون كيرتن للبحوث الطبية  بأستراليا) صياغة الفكرة بشكلها المقبول حاليا. ويمكن القول ـ بمصطلحات مناعية ـ إن الخلية التائية تحتاج إلى إشارتين اثنتين كي تنشط بوساطة المستضد. تنشأ إحداهما نتيجة ارتباط المستضد بالمستقبل ألفا-بيتا، أما الأخرى فتأتي من شيء آخر.

 

لقد شغلت مهمةُ تعيين هوية هذه الإشارة الثانية علماءَ المناعة طوال العقد الماضي. وأتى أحد مفاتيح الحل من بحوث <H.R.شوارتز> ومعاونيه (في المعاهد الوطنية للصحة) [انظر: «تعطل الخلايا التائية» مجلة العلوم، العدد10/ 11(1994)، ص 30]. ففي عام 1987 برهن فريق شوارتز على أن المستضدات المرتبطة ببروتينات المعقد MHC لا تستثير انقسام الخلايا التائية المزروعة إذا ما سبق إعداد الخلايا التي تحمل بروتينات المعقد MHC هذه بطريقة معينة. إن الخلايا التائية لم تعجز عن الاستجابة فحسب، إنما كانت غير قادرة أيضا على الانقسام عدة أيام بعد تعرضها للمستضد عند مجابهتها بمستضدات مرتبطة ببروتينات المعقد MHC على خلايا حية غير مُعَدَّة مسبقا. إن الخلايا المعدة مسبقا والتي تحمل بروتينات المعقد MHC  أخمدت الخلايا التائية بطريقة أو  بأخرى.

 

وأوضحت البحوث التالية أن آلية الإخماد تشتمل على CD28، وهو بروتين يوجد على سطح الخلايا التائية. فعندما يرتبط CD28 ببروتين يُرمز له بِ B7 أوBB1 ـ يقيم على سطح الخلايا البائية والبلعميات ـ فإنها تبعث بالإشارة الثانية إلى الخلية التائية، وترتبط الخلية التائية في الحالة السوية بالمستضد وبروتين المعقد MHC وبروتين B7 في وقت واحد، وينتج من ذلك أن تتسلم الخلية التائية إشارتين: إحداهما عبر مستقبلها، والأخرى عبر CD28. فإذا ما جوبهت الخلية التائية بمستضد على خلية لا تحمل البروتين B7 بصورته الفعالة، فإنها ستتلقى إشارة المستقبل فقط من دون أن تتسلم إشارة CD28، وبهذه الطريقة تخمد الخلية التائية. لقد أضاف هذا الكشف دعما قويا للنظرية القائلة بأن الخلايا التائية تتطلب إشارتين لتستجيب إلى المستضد. (بيد أنه من الجدير بالتأكيد أن الثنائي CD28-B7 هو واحد فقط من عدد كبير من الإشارات الثانوية  المحتملة.)

 

بالطبع، فإن الطريقة التي يتم بها إحصار (اعتراض) الإشارة CD28-B7 في المختبر ليست هي نفسها التي تحدث في الجهاز المناعي. ومازال الباحثون عاكفين على اكتشاف أي الخلايا تستطيع أن تعرض المستضدات مقترنة بجزيء المعقد MHC في حين تعجز عن توصيل الإشارة CD28-B7. والإجابة كما اقترحها الباحثون أمثال <C.D.پاركر> (من جامعة ماسّاشوستس في وُسْتَر) و<C.P.ماتزينگر> [في المعهد الوطني للأرجية (الحساسية) والأمراض الخامجة] إنها الخلايا البائية. فمعظم الخلايا البائية للحيوانات إذا ما حملت البروتينB7، فإنها تحمل كمية ضئيلة منه. وعندما تُنشِّط الخلايا البائية نفسها فإنها تقوم عندئذ فقط بزيادة إنتاجها للبروتين B7  إلى مستوى قابل للقياس. بناء على ذلك، فإذا ما صادفت الخلايا التائية المستضدَ على سطح الخلية البائية فقد تُخمَد لأنها تستقبل إشارة واحدة من غير إشارة ثانية. إن هذه الطريقة تبدو في الوقت الحاضر جديرة بالتصديق، بيدأ أنه لم يتم بعد إثباتها والاحتمال الأقوى هو أن خلايا متخصصة معينة فقط ـ كالبلعميات والخلايا التغصنيةdendritic، وربما الخلايا البائية المنشَّطة ـ تستطيع توصيل الإشارتين الأولى والثانية كلتيهما إلى الخلايا التائية، وبذلك تنشّطها.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/11/SCI95b11N10_H03_004314.jpg

قدمت التوائم الخمسة من الأبقار أول الأدلة على أن الجهاز المناعي يتعلم تحمل نتاجات الذات. فقد تقاسمت الأجنة البقرية الخمسة مشيمة واحدة عندما كانت في رحم أمها وتبادلت الدماء، ونتيجة لذلك تقبلت العجول دماء بعضها بعضا.

 

ويمتلك الجسم وسائل كثيرة للتعامل مع الخلايا التائية ذاتية التفاعل والتي تمتلك المستقبل ألفا-بيتا. فإذا ما كانت الخلية التائية لاتزال آخذة في التنامي في التوتة وارتبط مستقبلها بنتاج الذات، فإنها تموت. وفي المقابل، فإن الخلية التائية الناضجة التي يرتبط مستقبلها بنتاج الذات إما أن تُخَمَّد أو تُقتل إذا لم تتلقَّ الرسالة الثانية، كالإشارة CD28-B7. ومازال الباحثون أقل يقينا بشأن الكيفية التي تستجيب بها الخلايا البائية والخلايا التائية ذات المستقبل غاما-دلتا لنتاجات الذات.

 

وعلى ما يبدو، فإن الجهاز المناعي يتعامل مع الخلايا البائية ذاتية التفاعل وبروتيناتها الگلوبُلينية المناعية مثلما يعتني تقريبا بالخلايا التائية ذات المستقبلات ألفا-بيتا. ففي عام 1976، وعلى سبيل المثال، بيّن <R.N.كلينمان> وزملاؤه (في جامعة پنسلفانيا) و<E.ڤيتيتا> ومساعدوها (في المركز الطبي بجامعة تكساس)، كل على انفراد، أن إعداد الخلايا البائية غير الناضجة في مزارع النُّسُج لكي تتحمل المستضد أيسر كثيرا من إعداد الخلايا البائية الناضجة. وبين فيما بعد <V.J.G .نوسال> ومعاونوه (في معهد هول) أن هذه  الظاهرة ربما تتناول تعطل الخلايا البائية، وكذلك موتها.

 

وباستخدام فئران محورة جينيا استطاع الباحثون مؤخرا تأييد هذه الظاهرة بالبرهان في الحيوانات التي هي أفضل من أطباق الزرع. وإعدادا لهذه التجارب قام الباحثون بحقن البيوض المخصَّبة للفأر بجينات ناضجة لگلوبُلين مناعي معيّن بعد إعادة تراتبها تماما، وبهذه الطريقة أدخل الباحثون الجينات في دنا الفأر. وفي أثناء نضج الخلايا البائية في الفئران المتنامية، فإن الجينات التي تم إدخالها أجبرت الخلايا البائية تقريبا على أن تعرض الگلوبلين المناعي المحدد على سطوحها.

 

وكان من بين أوائل الباحثين الذين جربوا هذه التقانة <C.C.گودناو> وزملاؤه (في جامعة سيدني)؛ إذ أوجد هؤلاء الباحثون مجموعتين من الحيوانات المحورة جينيا، واحتوت إحدى هاتين المجموعتين جينات الگلوبُلين المناعي الذي يرتبط بالبروتين الغريب: ليْسوزيم بيض الدجاج hen egg lysozyme HEL ، أما المجموعة الثانية فاحتوت على جين يأمر الخلايا لإنتاج ليسوزيم بيض الدجاج. وعندما سُمح لأفراد من المجموعة الأولى بالتزاوج مع فئران من المجموعة الثانية، فإنها أنتجت نسلا (ذرية) offspring يحوي دنا خلاياها كلا نوعي الجينات. وهكذا، فإن هذه الأنسال ملكت المقدرة على اصطناع كل من ليسوزيم بيض الدجاج، والگلوبُلين المناعي الذي يرتبط بليسوزيم بيض الدجاج. ووجد هؤلاء الباحثون أن الخلايا البائية لتلك الأنسال كانت مُخَمّدَة، مؤكدين بذلك النتائج التي تم التوصل إليها في أطباق زرع النُّسُج.

 

وأجرى <D.نيمازي> (الذي كان يعمل حينذاك في معهد بازل لعلم المناعة) و <K.بوركي> (في ساندوز فارما) تجربة مماثلة. فقد أنتج هذان الباحثان فئران محورة جينيا تحوي جين جزيء الگلوبُلين المناعي الذي يرتبط ببروتين Db  من بروتينات المعقد MHC. وبطبيعة الحال، فإن بعض الفئران المحورة جينيا أنتجت البروتين Db في نقي عظمها، وفي هذه الحالة فإن الخلايا البائية في تلك  الفئران ماتت كلها .

 

لكن لماذا تُخمّد الخلايا البائية غير الناضجة، وتُقتل في أحيان أخرى عند تماسها مع مستضد الذات؟ لقد وجد الباحثون أن شكل المستضد يحدد مصير هذه الخلايا. فالاحتمال الأكبر للمستضدات الذؤوبة، مثل ليسوزيم بيض الدجاج، أن تسبب إخماد الخلايا البائية التكدسية (التجمعية) غير الناضجة التي ترتبط بتلك المستضدات. وخلافا لذلك، فالاحتمال الأكبر هو أن المستضدات التكدسية المرتبطة بالخلايا، كالمستضد Db، تقتل الخلايا البائية غير الناضجة.

 

وعموما، إن آليات التحمل في الخلايا البائية تماثل كثيرا الآليات الخاصة بتحمل الخلايا التائية ذات المستقبلات ألفا-بيتا. فالخلايا البائية غير الناضجة تموت أو تُخمَد عندما ترتبط مستقبلاتها بشيء ما. ويبقى على الباحثين أن يحددوا فيما إذا كان من الممكن فرض التحمل على الخلايا البائية الناضجة تماما كما يفرض على الخلايا التائية الناضجة.

 

وعلى النقيض من الخلايا البائية، فإن الخلايا التائية ذات المستقبل غاما-دلتا تُعد لغزا من الألغاز. ففي الإنسان والفأر يوجد من هذه الخلايا بقدر ما يوجد من الخلايا البائية أو التائية ذات المستقبل ألفا-بيتا. كما أنه من الواضح أن الخلايا التائية غاما-دلتا ذات أهمية كبيرة. كذلك فإن لدى العلماء تصورا ناقصا عن كيفية إسهام هذه الخلايا في الجهاز المناعي. وعلى ما يبدو، فإن الخلايا التائية غاما-دلتا تستجيب لنتاجات العائل عندما تُسحج النسج مثلا، أو عندما تتعرض لدرجة حرارة عالية أو لمعادن خطرة، أو عندما تُهاجم من قبل كائنات غازية. كما يبدو أن مستقبلات هذه الخلايا قد صُمِّمت بصورة خاصة لترتبط بمكونات معينة من الذات، فإذا ما كان هذا هو واقع الحال، فإن الباحثين سيُجابَهون بمعضلة كيف تبقى هذه الخلايا ذاتية التفاعل تحت سيطرة الجسم، فهم حاليا ليس لديهم أي تصور في هذا الشأن.

 

إن الجهاز المناعي الصحيح لا يُهاجِم عائله، ولكن ما يؤسف له أن الجهاز المناعي يرتكب أخطاء؛ إذ يمكن أن تظهر أحيانا خلايا تائية وبائية تستطيع أن تستجيب لمستضدات الذات فتؤذي هذه الخلايا الجسم الذي يؤويها مما يؤدي إلى نشوء أمراض مثل التهاب المفاصل الرَّثْياني والتصلب المتعدد والذَّأَب lupus. ويعالج الأطباء في الوقت الحاضر هذه الأمراض بشن معركة شاملة ضد الخلايا المناعية التي تسبب هذه الأمراض. فتستخدم العقاقير مضادة الالتهاب شديدة الفاعلية، وكذلك المواد الكيميائية التي تقتل الخلايا التائية والبائية المنشطة (المفعلة) أو تبطئها لتبقي استجابة المناعة الذاتية مكبوحة. وللأسف فإن هذه الطرائق ليست دائما فعالة إضافة إلى أن لها أحيانا تأثيرات جانبية غير مرغوب فيها. ويأمل علماء المناعة في أنهم إذا ما استمروا في دراسة كيف يتعلم الجهاز المناعي تحمل الجسم الذي يعيله، أن يعثروا مستقبلا على طرائق تُحَسِّن من أسلوب علاج أمراض المناعة الذاتية.

 

 المؤلفان

Philippa Marrak – John W. Kappler

توصلا إلى تقانات جديدة لدراسة التحمل في الخلايا المناعية. يعمل كلاهما منذ عام 1986 باحثيْن في المركز NJC لعلم المناعة وطب التنفس بدنڤر وهو جزء من مختبرات البحوث في معهد هوارد هيوز الطبي. لقد مضى الآن على زواج كاپلر من ماراك 19 عاما.

 

مراجع للاستزادة 

ACTIVELY ACQUIRED TOLERANCE OF FOREIGN Cells R. E. Billingham, L. Brent and P. B. Medawar in Nature, Vol. 172, No. 4379, pages 603-606; October 3, 1953.

T CELL TOLERANCE BY CLONAL ELIMINATION IN THE THYMUS. J. W. Kappler, N. Roehm and P. Marrack in Cell, Vol. 49, No. 2, pages 273-280; April 24, 1987.

A CELL CULTURE MODEL FOR T LYMPHOCYTE CLONAL ANERGY. R. H. Schwartz in Science, Vol. 248, pages 1349-1356; June 15, 1990.

THE NEED FOR CENTRAL AND PERIPHERAL TOLERANCE IN THE B CELL REPERTOIRE. C. C. Goodnow, S. Adelstein and A. Basten in Science, Vol. 248, pages 1373-1379; June 15, 1990.

ABLATION OF “TOLERANCE” AND INDUCTION OF DIABETES BY VIRUS INFECTION IN VIRAL ANTIGEN TRANSGENIC MICE P. S. Ohashi et al. in Celt, Vol. 645, No. 2, pages 305-317; April 19, 1991.

(1) يكوّد encode ـ يرمّز symbolize ـ يشفّر (يكتب بالشيفرة) cipher. (التحرير)

(2) المقصود هنا أن دنا الڤيروس قد توضّع ضمن تسلسل من دنا النطفة أو البيضة، بحيث صار جزءًا سويا ضمن هذا التسلسل. (التحرير)

(3) أي أن الجينات ترتب نفسها لتعطي تسلسلا للدنا المكود للسلسلة كابا في الفأر. (التحرير)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى