أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الطب وصحة

هل بإمكان إستروجينات البيئة

هل بإمكان إستروجينات البيئة

أن تسبب سرطان الثدي؟

يطرح أصحاب هذه النظرية المثيرة أسبابهم التي تجعلهم

يشكون في أن المواد الكيماوية المقلِّدة للهرمونات في البيئة

تسهم في كثير من حالات سرطان الثدي المبهمة.

<L.D. داڤِس> ـ  <L.H. برادلو>

ليس لدى الأطباء أدنى فكرة عن أسباب الإصابة بسرطان الثدي عند ثلثي المرضى. إن «جين (مورثة) سرطان الثدي» BRCA1 ـ الذي طال انتظار اكتشافه ـ مسؤول عن نحو 5% من الحالات. إن كل المسببات المعروفة بما فيها التوارث الجيني ومختلف عوامل الخطورة تفسر ثلث الحالات فقط. ولا نستطيع الادعاء بأننا وجدنا الحل لهذه المشكلة ولكن النظرية التي قدمناها عام 1993، نحن وزملاؤنا، يمكن أن توضح جزءا من هذه المشكلة المبهمة.

 

إن عرضنا المبني على أبحاثنا وأبحاث غيرنا يقترح أن موادَّ نسميها زينوإستروجينات (الإستروجينات الغريبة ـ الخارجية) xenoestrogens مسؤولة عن بعض الحالات المبهمة. فالزينوإستروجينات التي تدخل الجسم من البيئة المحيطة بنا، تقلِّد عمل هرمون الإستروجين الذي تفرزه الخلايا أو تغيّر من فعاليته. وبعض أنواع هذه الزينوإستروجينات قد يقلل من تأثيرات الإستروجين، وهذه الأنواع (التي تتحلل بسرعة في الجسم) توجد في الأطعمة النباتية عادة كمنتجات فول الصويا والقُنَّبيط (القرنبيط) الأبيض والقنبيط الأخضر. أما بعضها الآخر ـ وعادة ما يكون اصطناعيا (تركيبيا) ـ فيمكنه تضخيم فعالية الإستروجين ويكون طويل العمر. ومنذ الحرب العالمية الثانية صارت الأنواع المضخِّمة ـ موجودة في مبيدات للآفات pesticidesوأدوية ومحروقات ومواد بلاستيكية (لدائن) ـ شائعة في الحياة العصرية وهي التي تثير الاهتمام.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/SCI1996m-12-N-3_P73111_10.jpg

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/12/SCI96b12N3_H04_005801.jpg

إن رش مبيدات الآفات على المحاصيل الزراعية يُعَدّ مصدرا كبيرا للزينوإستروجينات (الإستروجينات الغريبة) xenoestrogens في البيئة. ويعتقد المؤلفون أن ازدياد التعرض لها يمكن أن يفسر ارتفاع نسبة الإصابة بسرطان الثدي في العقود الأخيرة في عدة دول. ويُظهر المخطط البياني في الجانب الأيمن أن معظم الازدياد في حالات سرطان الثدي في الولايات المتحدة مؤخرا حصل عند النساء فوق سن الخمسين، وهذه المعلومات مأخوذة من برنامج الرصد والوبائيات والنتائج النهائية (SEER) لمعهد السرطان القومي الذي يلغي التأثير المربك الناجم عن التغيرات في توزيع مختلف أعمار السكان مع مرور الزمن.

 

إن احتمال أن تزيد الزينوإستروجينات من حدوث سرطان الثدي يبقى تخمينا، لكن الدليل الذي في صالح هذا التخمين يتزايد مع مرور الزمن. وإذا تأكدت صحة هذا الاقتراح، فإن هذا الاكتشاف سيقودنا إلى طرق جديدة لإيقاف هذا المرض الذي سيصيب 000 182امرأة هذه السنة في الولايات المتحدة وسيسبب وفاة 000 46، مقتطعا 20 سنة من حياة هؤلاء اللواتي يمتن. هناك حاجة ملحة إلى استراتيجية وقائية جديدة؛ إذ لم يحصل تقدم مهم ومُجْدٍ في العلاج خلال العقدين السابقين ولم تتحسن معدلات البقاء على قيد الحياة (البُقْيا) إلا بشكل ضئيل.

 

ليست الزينوإستروجينات المركبات الوحيدة المقلدة للهرمون التي قد تسهم في حدوث سرطان الثدي، فهناك أدلة بأن مواد مخلة بعمل الغدد الصم قد تسهم أيضا في حدوث هذا المرض. وما هو أكثر من ذلك، أنه في الاثني عشر شهرا السابقة تضافرت تحليلات الحكومات الألمانية والبريطانية والهولندية مع دراسات باكرة، لتقترح أن الزينوإستروجينات والمواد المخلة بعمل الغدد الصم يمكن أن تكون أيضا مؤذية للرجال والحياة البرية [انظر ما هو مؤطر في الصفحة 33]. وفي الحقيقة، يبدو أن مثل هذه المركبات قد تسهم في تنامٍ (نمو) غير طبيعي عند الحيوانات، وإلى مدى معين تسهم في اضطرابات تناسلية وُصِفَت بأنها تزداد شيوعا عند الرجال في جميع أنحاء العالم، وبخاصة سرطان الخصية والخُصى المُستوقَفة undescended وتشوهات المجاري البولية ونقص تعداد الحيوانات المنوية.

 

بداية التفكير

ينشأ سرطان الثدي كغيره من السرطانات عندما تتجاوز خلية ضوابط التكاثر الخلوي، فتبدأ في التكاثر والتضاعف العشوائي. ويُعتقد الآن أن هذا التجاوز يحتاج إلى تراكم طفرات في الجينات (المورثات) التي تنظم الانقسام الخلوي وتؤمن نَسْخا مطابقا للدنا DNA. ويمكن للهرمونات ومواد أخرى حول الخلية أن تُحَرِّض هذا التكاثر الخلوي الشاذ.

 

لقد بدأنا مع شركائنا في العمل نهتم بدور الزينوإستروجينات عندما شعرنا بالحيرة عن سبب إصابة الكثير من النساء بسرطان الثدي على الرغم من غياب عوامل الخطورة لديهن. ومن بين عوامل الخطورة المُثْبَتَة: البلوغ الباكر، وتأخر سن اليأس، وانعدام وجود طفل أو انعدام إرضاع طفل. والقاسم المشترك لهذه العوامل وغيرها أنها تسهم في حدوث سرطان الثدي بزيادة مدة التعرض الكلية للإستروجين النشيط حيويا ـ وبخاصة النوع المعروف بالإستراديول estradiol (ينتج الإستراديول بكميات معينة في كل دورة طمثية ويبقى بعضه غير فعال أما الباقي فيكون قادرًا على التأثير الفسيولوجي.) ومن السخرية أن الإستروجين الذي تحتاج إليه النساء للتنامي الجنسي (التناسلي) يمكن أن يؤذيهن بمشاركته في تيسير حدوث سرطان الثدي.

 

وبالمثل فإن إصابة النساء فوق سن الخمسين بسرطان الثدي أكثر احتمالا منه لدى النساء الأصغر سنا ـ ربما بسبب طول فترة تعرضهن للإستراديول النشيط حيويا. ويبدو أن النظام الغذائي (الحمية) الغني بالشحوم الحيوانية أو بالكحول يزيد الخطورة، ربما لأن النسيج الشحمي يمكنه تكوين الإستروجين ولأن الكحول يمكنه أن يزيد من إنتاجه. إضافة إلى التعرض للإستروجين وإلى توارث جين الاستعداد [وغالبا ما يشير إليه إصابة قريباتٍ قبل الإياس (سن اليأس) بسرطان الثدي]. وهناك عامل خطورة رئيسي آخر وهو التعرض السابق لكميات كبيرة من الأشعة السينية في منطقة الصدر.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/SCI1996m-12-N-3_P73111_10_1.jpg

يحتوي الثدي على نُسُج مختلفة. وينشأ الورم غالبا في الخلايا الظهارية (الصورة المكبرة للجزء المقطوع) المبطنة للغدد والأقنية اللبنية.

 

ونعتقد أنه إذا كان الكثير من الإستروجين الطبيعي خطرا، فإن التعرض المديد للزينوإستروجينات يمكن أن يكون مؤذيا أيضا وقد يكون مسؤولا عن جزء من الحالات التي لا يُعْرَف لها سبب واضح. والاحتمال في أن تكون الزينوإستروجينات متهمة، أثار اهتمامنا لسبب آخر. لقد فكرنا أن ذلك يمكن أن يفسر السبب في الارتفاع المستمر منذ سنة 1940 في نسبة الإصابة بسرطان الثدي في أنحاء العالم (تُمثَّل غالبا بعدد الحالات عند كل 000 100 امرأة). إن أعلى هذه النسبة في الدول الصناعية، ولكنها ترتفع بسرعة في بعض الدول النامية. ويُعزى بعض هذا الارتفاع إلى تحسن طرق الكشف منذ الثمانينات، على الأقل عند النساء الأصغر من 65 عاما. فالنساء الأكبر من هذه السن أقل ميولا لإجراء الفحص الروتيني والتصوير الثدييmammograms، على الرغم من أن ذلك يفيدهن. إن التغير في عوامل الخطورة ـ كحدوث البلوغ في سن أكبر (نتيجة لتحسن التغذية) والنقص في عدد الحمول ـ يؤثر في الغرار أيضا. ولكن السبب الرئيسي في الجزء المتبقي من ارتفاع النسبة قد حير العلماء.

 

ويشك بعض البحاثة مثل<H.S. سيف> (من جامعة A&M في تكساس) في  أن للزينوإستروجينات دورًا في سرطان الثدي. فهم يزعمون بأن الناس يتعرضون لكميات ضئيلة من مواد كيماوية فردية، وأن هذه المواد أقل فعالية بكثير من الإستراديول، وأن الزينوإستروجينات النباتية قادرة على إخماد تأثيرات الإستروجين وإزالة نشاط الأنواع الضارة، لكن هذه المزاعم غير مقنعة. فعلى الرغم من أن الزينوإستروجينات الاصطناعية (التركيبية)synthetic يمكن أن تدخل الجسم بكميات ضئيلة، فهي ـ كمجموعة ـ ذات تواجد مؤثر ويمكن أن تبقى في الجسم عدة عقود وتتراكم إلى مستويات عالية. وبالمقابل فالإستروجينات النباتية تتحلل بسرعة، لذا فإن تناولها ضمن النظام الغذائي لدى معظم الناس قد لا يؤدي إلى إلغاء نشاط المركبات الاصطناعية الثابتة.

 

لكي نفهم كيف يمكن أن تؤدي الزينوإستروجينات إلى السرطان، علينا أن ندرك كيف يشارك الإستراديول الطبيعي (أي الداخلي المنشأ) بذاته في هذه العملية. إن الخطوات ليست واضحة تماما، ولكن لا شك أن قدرة الإستراديول على تحريض الخلايا الظهارية (الطلائية) في نسيج الثدي على التكاثر لها علاقة بالأمر. فهذه الخلايا تبطن الغدد والأقنية اللبنية التي يتدفق من خلالها اللبن (الحليب) لإرضاع المولود. ويؤثر الهرمون في هذه الخلايا بارتباطه ببروتين داخل الخلايا يعرف بمُسْتَقْبِل الإستروجين. وتستطيع معقَّداتcomplexes الهرمون مع المستقبلات أن ترتبط بالدنا داخل النواة وتُنشِّط الجينات الموجِّهة للانقسام الخلوي. ويؤدي هذا التنشيط إلى الإسراع في درجة نسخ الدنا، وبذلك يزيد من احتمال حدوث طفرة ـ يمكن أن تكون مسرطنة ـ واستمرارها من دون تصحيح.

 

إن الإستراديول، كما ذكرنا سابقا، هو أحد أشكال الإستروجين المصنع في الجسم. وإن تحول (أي استقلاب) الإستراديول لأنواع أخرى من الإستروجين يمكن أن يزيد من التأثير في حدوث السرطان. وعند نقطة معينة بعد تكوُّن الإستراديول، تبدل الإنزيمات مكان المجموعة OH ـ جذر (شق) الهيدروكسيل ـ في جزء كبير من هذه الجزيئات. وفي بعض الأحيان تنتج هذه الإنزيمات مُسْتَقْلَبًا يعرف بـ -16ألفا-هِدْروكسي إسترون 16-alpha-hydroxyestrone، ولكن في أحيان أخرى يمكن أن تنتج 2-هدروكسي إسترون 2-hydroxyestrone  [انظر الشكل التخطيطي في الصفحة 322]. وهذان المركبان اللذان تختلف فعاليتهما بشكل كبير لا يمكن إنتاجهما في الوقت نفسه وهكذا تختلف النسبة بينهما كلما صنعت الخلايا أحدهما.

 

نحن نشك في أن العمليات التي تحبذ استقلاب الإستراديول إلى النوع -16ألفا تساعد على تكوّن سرطان الثدي (على الرغم من أن وجهة النظر هذه غير مقبولة بشكل عام)، لأن تنشيط -2 هدروكسي إسترون لمُسْتَقْبِل الإستروجين يكون ضعيفا، وقياسا بالكولِسْتيرول «الجيد» يمكن أن نسميه بالإستروجين «الجيد». ولكن النوع -16 ألفا المفترض أن يكون الإستروجين «السيئ»، يزيد بقوة من التفاعل بين المُستقبِل والجينات المنشِّطة للنمو ويزيد تكاثر خلايا الثدي الذي يمكن أن يخرب الدنا. وأكثر من ذلك فإن كلاًّ من الدراسات على الحيوانات والتجارب الحديثة على الإنسان قد وجدت علاقة بين ارتفاع -16 ألفا-هدروكسي إسترون وسرطان الثدي.

 

لقد وُجِد في إحدى الدراسات على الحيوان أن سلالات الفأر التي تصاب عفويا بسرطان الثدي يكون مقدار الإستروجين السيئ في نُسُج (أنسجة) أثدائها أربعة أضعاف مقداره لدى السلالات المقاومة طبيعيا لسرطان الثدي. وفي دراسة أحدث أظهر <P.M. أوزبورن> و<T.N. اتلانج> وغيرهما (في مختبرات سترانغ-كورنيل لأبحاث السرطان في مدينة نيويورك) أن نُسُج الثدي المأخوذة من مصابات بالسرطان تحوي خمسة أضعاف ما لدى النساء السويات من مركب -16 ألفا. وفي الأشهر الأخيرة ذكر كل من<G.J. لير> (من جامعة تكساس في گالفستون) و<L.E. كافاليري> (من مؤسسة إبلي لأبحاث السرطان في أوماها)، أن -4 هدروكسي إسترون يرتفع في بعض حالات سرطان الثدي.

 

إن مدى تشجيع الإستروجين على نشوء سرطان الثدي لا يعتمد فقط على مقدار التعرض ولكن أيضا على التوقيت. وتقترح بحوث عديدة أن التعرض لمقدار عال من الإستروجين في فترة نمو الجنين ما قبل ولادته أو في سن المراهقة أو نحو عقد قبل سن اليأس يهيئ خلايا الثدي لأن تصبح خبيثة. ويبدو أن الإستروجين في هذه الأوقات يبرمج الخلايا لتستجيب  بشدة للمؤثرات في فترة متأخرة من العمر. إن توقيتا من نوع آخر يفسر لماذا تحظى النساء اللواتي وَلَدْنَ أطفالا وهن صغيرات  بحماية من سرطان الثدي. ويعتقد الآن أن الحمل الكامل في سن صغيرة يهيئ نسج الثدي لتنمو بطريقة تساعد الخلايا الظهارية في الثدي على مقاومة إشارات محضِّضات النمو الإستروجينية.

 

كيف تعمل الزينوإستروجينات

يمكن لبعض الزينوإستروجينات أن تنشط حدوث السرطان بتعزيز إنتاج الإستروجين «السيئ». وبعضها الآخر يمكن أن يعمل بارتباطه بمستقبِل الإستروجين وتحريضه على إصدار إشارات للتكاثر من دون الحاجة إلى ذلك. ويمكن لمواد كيماوية بهذه الخصائص أن تشجع على نشوء السرطان بطرق تضافرية أيضا. فعلى سبيل المثال هناك مؤشرات على أن بعض الزينوإستروجينات تساعد الخلايا على توليد أوعية دموية جديدة يحتاج إليها الورم للنمو والانتشار، وبعضها الآخر يبدو أنه يخرب الدنا. كما أن التعرض لهذه الزينو إستروجينات في أوقات حرجة يمكن أيضا أن يقوي تأثيرها المسرطن.

 

كيف يمكن للزينوإستروجينات الدخول إلى الجسم والتأثير في خلايا الثدي؟ إن إحدى أكثر الطرق حدوثا هي على الأغلب الشحوم الحيوانية، لأن الزينوإستروجينات الاصطناعية (التركيبية) تميل إلى التراكم في النُّسُج الشحمية. إن الأطعمة المأخوذة من حيوانات أعلى السلسلة الطعامية foodchain غالبا ما تقدم جرعات أكبر من تلك المأخوذة من حيوانات أسفل السلسلة. وهكذا فاللحوم المأخوذة من الحيوانات التي تأكل الحيوانات الأصغر أو العشب أو الحبوب أو المياه الملوثة غالبا ما تسبب تعرضا أكبر مما يسببه صحن خضراوات ملوثة ببقايا مبيدات الآفات الإستروجينية. إن زيت الذرة وغيره من الزيوت غير المشبعة لها على ما يبدو تأثير إستروجيني ويمكن أن يكون مصدرا للتعرض أيضا. إن الناس الذين يعيشون في مناطق حيث الهواء والماء ملوثان كثيرا بسبب الصناعة أو بسبب رمي النفايات أو حرقها، يأخذون الكيماويات الإستروجينية بمجرد استنشاق الهواء أو شرب الماء الملوثين. يمكن أن يحدث تعرضات مهنية أيضا.

 

بعض الزينو إستروجينات المُثْبَتَة

إن المركبات الكيماوية المدرجة ضمن المؤطر هي بعض أكثر المركبات المعروفة التي أظهر فحصها في المختبر أنها زينوإستروجينات (إستروجينات غريبة، غير طبيعية). ومن بين هذه المركبات الكيماوية المركب DDT وبعض المركبات PCBs التي أثبتت الدراسات على الإنسان الآن تورطها كأحد أسباب سرطان الثدي. إن هذه المواد التي تم منعها في الولايات المتحدة مستمرة في البيئة لسنوات عديدة ومتوافرة في بعض الدول الأخرى. ويمكن أن نجدها في الأغذية المستوردة من الخارج كما يمكن أحيانا أن تتنقل بين الدول كملوثات هوائية.

 

المركبات العضوية المكلورة

 المركب                الاستعمال                         التعليق

الأترازين قاتل أعشاب يستعمل اليوم بشكل واسع
كلوردان قاتل النمل الأبيض كان واسعالاستعمال  قبل منعه عام  1988
DDT مبيد حشرات ولايزال موجودا في جسم كل شخص تقريبا

كان واسعالاستعمال  قبل منعه عام  1972.

الإندوسلفان مبيد حشرات يستعمل الآن بشكل واسع
الكيبون طعم في مصايد النمل والصراصير أوقف عام 1977
ميثوكسي كلور مبيد حشرات من عائلة المركبDDT المقرّبين
بعض المركبات PCBs من مكونات العوازل الكهربائية لم يعد يصنع في الولايات المتحدة. لكنه مازال موجودا في المحولات القديمة

 

المواد البلاستيكية (اللدائنية) 

بيسفينول           احد نواتج البولى كربونيت (متعدد الكربونات)      يتسرب الى السوائل عند تسخينه

نوفيلفينول         مطرى البلاستيك                                         يتسرب الى السوائل فى حرارة الفرفة

مواد صيدلانية

الإستروجينات الاصطناعية (التركيبية)

من مكونات حبوب منع الحمل

والمعالجة الإستروجينية البديلة

أحد الأدوية ـ وهو الدي أثيل ستلبسترول (DES) ـ كان قد أعطي لملايين النساء أثناء الحمل قبل منعه عام 1971
السيميتيدينم معالجة القرحة

 

مكونات المحروقات

هيدروكربونات عطرية                        مكونات بترولية      يمكن استنشاقها بسهولة من البنزين ومن عوادم السيارات

 

 ان  أولى البوادر بأن الكيماويات الاصطناعية يمكن أن تولد تأثيرات إستروجينية ضارة بالكائنات الحية قد بزغت منذ خمسين عاما، عندما ذكر عدد من البحاثة أن الكيماويات الموجودة في البيئة يمكن أن تؤثر في التكاثر بشكل عميق عند كثير من الأنواع كالخراف والمِنْك. وأكدت التجارب بعد ذلك أن المبيد DDT (ثنائي كلورو ـ ثنائي فينيل ـ ثلاثي كلوريد الإيثان) وبعض مبيدات الآفات المكلورة الأخرى ـ من بينها الميثوكسي كلور والكيبون (ويعرف أيضا بالكلور ديكون) ـ يمكن فعلا أن تسبب خللا في عمل الغدد الصم.

 

لقد كان المركب DDT يستعمل بشكل واسع في السابق (والحقيقة أنه كان أحيانا يرش على الناس مباشرة)، ولكنه مُنع في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1972. ومنذ ذلك الحين انخفض مستوى المركب DDT في البيئة. ولكن بما أن هذا المركب الكيماوي يستمر في البيئة أكثر من 500 عاما فإنه مازال متواجدا. ومازال أيضا يُسْتعمل بشكل واسع في عدد من الدول النامية وبخاصة في المناطق التي تشكل فيها الملاريا وباء، وبقاياه يمكن أن توجد في بعض الأطعمة المستوردة. ويستعمل مبيد الحشرات insecticide«ميثوكسي كلور» على الأشجار والخضار، وكان الكيبون من أحد مكونات مصايد النمل والصراصير حتى أوقف عام 1977.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/SCI1996m-12-N-3_P73111_13.jpg

يمكن للإستراديول أن يتحول إلى منتجين يختلف تركيبهما فقط في مكان مجموعة OHواحدة (اللون الأحمر في الشكل). وتقترح الكثير من نتائج البحوث أن المركب الذي يحمل المجموعة OH في الموقع 16 ـ -166ألفا-هدروكسي إسترون ـ يحض على حدوث سرطان الثدي وأن المركب المعروف بـ -2هدروكسي إسترون يقي منه. فمثلا وجد <T.L. كلوگ> (من شركة إميونا كير في بنسلفانيا) أن نُسُج سرطان الثدي عند النساء (الصورة المجهرية) تحوي كمية أكبر بكثير من  16-ألفا-هدروكسي إسترون (الصبغة) مما تحويه نسج الثدي الطبيعية. ويمكن لبعض الزينوإستروجينات أن تسهم في حدوث سرطان الثدي برفعها مستويات 16-ألفا-هدروكسي إسترون في نسج الثدي.

 

لقد أظهرت الدراسات في السنوات الخمس عشرة السابقة عدة مركبات ذات تأثير إستروجيني وتسبب سرطان الثدي عند الحيوانات. وهي تتضمن هدروكربونات عطرية معينة في الوقود وبعضا من المركبات PCBs (الفينيلات الثنائية العديدة الكلورة). إن المركبات PCBs مركبات عضوية طويلة العمر  كانت تستعمل في مرحلة سابقة كعوازل كهربائية. لقد أُوقِف تصنيعها في الولايات المتحدة ولكنها لاتزال موجودة في المحولات القديمة، وقد تم اكتشافها في التربة والماء والحيوانات وأحيانا في نُسُج الإنسان. وأكثر من ذلك فلقد وُجد أيضا أن حقن (زرق) المركب DDT في ذكور الفئران المصابة بسرطان الثدي يسرع نموها. إن نمو هذه الأورام عند الذكور دليل على وجود مادة كيماوية مسرطنة غير عادية، لأن ذكور القوارض تقاوم سرطان الثدي بشكل عام. كما أن حقن ذكور الفئران بالأترازين (وهو مبيد أعشاب شائع يوجد غالبا في المياه الجوفية) يزيد نسبة حدوث أورام الثدي.

 

وقد عرَّضت كثير من التجارب الحيوانات لجرعات أكبر مما تتعرض له عادة في الطبيعة. لكن المعلومات التي جُمِعت بوساطة <M.A. سوتو> و<M.C. سونشاين> (من مركز تفتس الطبي في نيو إنكلاند) تشير إلى أن جرعات صغيرة يمكن أن تكون مؤذية إذا تراكمت مراتُ التعرض. لقد حضَّن الباحثون خلايا سرطان الثدي مع مزيج من مبيدات كلورين عضوية واسعة الاستعمال، كل بمقدار ضئيل. فوجدوا تكاثرا أكثر للخلايا السرطانية مما لو أضيفت هذه المركبات إلى الخلايا، كل مركب على حدة.

 

وفي دراسة أكثر حداثة، دعمت فحوصات لمبيدات آفات مختلفة الاقتراح القائل بأن بعض الزينوإستروجينات يمكن أن تُنشِّط حدوث سرطان الثدي بتحويل التوازن بين النواتج الثانوية للإستراديول لصالح النوع السيئ -16 ألفا. وبالأخص فقد وجدنا مع زملائنا (في مختبرات سترانغ-كورنيل) أن المركبيْن DDT وDDE (من النواتج الثانوية للمركب DDT) والأترازين والكيبون تزيد بشكل كبير من مقدار المستقلب -16 ألفا في خلايا سرطان الثدي المزروعة. وبالمقابل فإن الزينوإستروجينات النباتية تنتج التأثير العكسي. فمركب الإندول-3-كاربينول (الذي يوجد في القنبيط الأخضر والقنبيط الأبيض والملفوف الصغير والملفوف العادي) يحبذ إنتاج المستقلب -2هدروكسي. وتشير دراسة أخرى منفصلة إلى أن منتجات الصويا تسلك الطريق نفسه إلى حد كبير.

 

وفي السنوات الخمس الأخيرة فقط ظهر الدليل المختبري على إمكان أن يكون للبلاستيك أيضا تأثير إستروجيني، على الرغم من إشارات غامضة كانت قد حيرت العلماء قبل ذلك بوقت طويل. ففي أواخر السبعينات وجد كل من <D. فيلدمان> و<V.A.  كريشنان> (من جامعة ستانفورد) ما أثار دهشتهما من أن نوعا من الخميرة يبدو أنه ينتج الإستروجين. ثم أمضيا بعد ذلك أكثر من عقد يحاولان فهم كيف يستطيع هذا الكائن الوحيد الخلية ـ والذي لا حاجة له إلى هذا الهرمون ـ القيام بهذا العمل الفذ. وأخيرا في عام 1990 وجدا الجواب: فالخميرة بعد كل ذلك لم تصنع الإستروجين، بل «الإستروجين» في الحقيقة كان مادة كيماوية تسربت من الدوارق البلاستيكية التي كانت تنمو فيها الخميرة. هذه المادة الكيميائية هي «البيسفينول A»، وهي من نواتج تفكك الپوليكربونيت (متعدد الكربونات) الذي يستعمل بكثرة في العديد من المواد البلاستيكية. ويمكن أن نجد الپوليكربونيت في بطانة معلبات الطعام وعلب العصير. ويتسرب البيسفينول A من البلاستيك عندما يتعرض الپوليكربونيت إلى درجة حرارة مرتفعة.

 

إن قدرة البيسفينول A على القيام بتأثير إستروجيني في الإنسان واضحة من حقيقة أن بعض الرجال الذين يعملون في صناعة البلاستيك قد نمت أثداؤهم بعد الاستنشاق المزمن لهذا المركب الكيماوي مع الغبار. لكن حتى الآن لا نعرف فيما إذا كان هذا المركب يتسرب إلى الطعام في الحرارة الطبيعية وحرارة الطهي، أو ما إذا كان فعالا بعد أكله، أو ما إذا كان يستطيع المشاركة في تحويل خلايا الثدي الطبيعية إلى خلايا سرطانية.

 

رسالة من الحياة البرية؟

لقد وجدت تشوهات تناسلية في الحيوانات التي ولدت في أنظمة بيئية ملوثة بالزينوإستروجينات (الإستروجينات الغريبة) ومركبات أخرى مخلة بعمل الغدد الصم، وبخاصة تلك التي تبقى في البيئة. وتتضمن هذه التشوهات ما يلي:
http://oloommagazine.com/images/Articles/SCI1996m-12-N-3_P73111_16.jpg

 إنتاج الڤيتلّوجين vitellogin (وهو مادة  بروتينية أنثوية) من قبل ذكور السمك التي تعيش قرب مخارج أنظمة المجاري في المدن.

 موت الأجنة والتشوهات وسلوك التعشيش غير الطبيعي لدى الطيور الآكلة للسمك والتي تعيش في مناطق البحيرات الكبرى الملوثة بالمركبات العضوية المكلورة. فعلى سبيل المثال، النسور (الصورة العلوية) وطيور أخرى قد ولدت بمناقير متصالبة. وأيضا وجد أن إناث طيور النورس آكلة أسماك الرنكة تشارك إناثًا أخريات لإنتاج حضنات بيوض فوق عادية (الصورة المتوسطة). إن المشاركة في العش علامة على أن عدد الذكور في تناقص.

http://oloommagazine.com/images/Articles/SCI1996m-12-N-3_P73111_15.jpg

 أعضاء تناسلية ذكرية صغيرة ومستويات غير طبيعية للهرمونات عند تماسيح فقست بيوضها في بحيرة أبوكا بفلوريدا بعد التلوث الكبير بالكلثان kelthane ـ مبيد حشري كان في ذلك الوقت (وحتى آخر الثمانينات) يحتوي على المركب DDT كأحد المكونات «الخاملة».

 خصيات مُسْتَوْقَفة جُزْئيا incompletelydescended testes  عند النمور التي تعيش في  مناطق جنوب وسط فلوريدا، حيث تحتوي التربة أو الماء ـ بشكل مستمر ـ على تركيزات عالية من المعادن الثقيلة ومواد عضوية مكلورة.

تشوهات في أصداف المحار الذي فقس في ماء ملوث بالكيبون (العينتان الوسطى واليمنى في الصورة السفلية).

http://oloommagazine.com/images/Articles/SCI1996m-12-N-3_P73111_14.jpg

تضاعف نسبة حدوث سرطان الخصية والتشوهات التناسلية عند الكلاب (الحربية) التي خدمت في فيتنام قياسا بالكلاب التي خدمت في مكان آخر خلال الفترة الزمنية نفسها.

من الصعب معرفة أسباب تشوهات كهذه بدقة. ومع ذلك فقد أمكن إحداث بعضها لدى حيوانات التجارب بتعريضها المتعمد لملوثات مختارة. إن الدراسات الحقلية والمختبرية المشتركة تشير إلى أن المواد المخلة بعمل الغدد الصم المنتشرة بالبيئة يمكن أن تسهم ليس فقط بحدوث سرطان الثدي عند النساء ولكن أيضا باضطرابات تناسلية عند الرجال وتشوهات أثناء التنامي عند الحيوانات.

 

وفي عام 1992 تم حل لغز آخر ذي علاقة بالبلاستيك بوساطة سوتو وسوننشاين في مركز تفتس الطبي. ففي أحد الأبحاث الذي لا علاقة له بتأثير الإستروجين أو الزينوإستروجينات وجدا أن مزارع خلايا الثدي السرطانية تتكاثر أحيانا بسرعة أكبر مما كان متوقعا. ومزيد من السبر أظهر أن مركبا كيماويا ـ نونيلفينول ـ يُستعمل لجعل البلاستيك مرنا كان هو المتهم. وكما هو شأن البيسفينول، فقد تسرب النونيلفينول من أواني المختبر البلاستيكية وحرض التكاثر مقلدا الإستروجين. إن مواد وثيقة الصلة بهذه المركبات يمكن أن توجد في حاويات الپوليستيرين وفي القثاطر الوريدية intravenous tubingوبعض مساحيق الغسيل والمنظفات المنزلية وتأثيرها في الجسم لم يحدد بعد.

 

نتائج بشرية

إن الدراسات على الإنسان ـ وبخاصة فحص مبيدات الآفات العضوية المكلورة والمركبات PCBs ـ قد أثبتت تورط الزينوإستروجينات في سرطان الثدي تماما كما فعلت التحاليل المختبرية التي أجريت. ولم يجد كثير من الباحثين الأوائل علاقة بين الزينوإستروجينات والسرطان، ولكن دراساتهم اعتمدت على مجموعة صغيرة من الأفراد، وغالبا ما فشلت في المقارنة بين المرضى ذوي الصفات المتشابهة. وتَعتبر الكثيرُ من الاكتشافات الأحدث هذه الاستنتاجات الأولية مبتسرة.

 

وفي واحدة من الدراسات الأحدث كان لدى <S.M. وولف> (من مركز ماونت سيناد الطبي في مدينة نيويورك) وزملائها (في جامعة نيويورك) فرصة لدراسة عينات دم مخزّنة مأخوذة من    000 14 امرأة. لقد قاس الفريق مستويات المركب DDE في مصل 58 امرأة شُخِّصْن في النهاية بأنهن مصابات بسرطان الثدي، وفي مصل 171 امرأة مثيلات لهن في السن وعوامل الخطورة. وقد وجد أن عينات مرضى السرطان تحتوي على مقادير أعلى من المركبDDE. إضافة إلى ذلك فقد كان احتمال إصابة النساء ذوات المستويات الأعلى من المركب DDE بالسرطان أربعة أضعاف احتمال إصابة النساء ذوات المستويات الأدنى منه. وفي دراسة أخرى محكمة المراقبة، فحص فريق من الباحثين الكنديين بقيادة  <E.ديويلي> نُسُجًا من 41 امرأة استؤصلت منهن كتل ورمية من الثدي فَوُجِد أن المصابات بسرطان ثدي حساس للإستروجين لديهن تركيزات أعلى من المركبيْن DDE وPCB.

 

وفي الوقت ذاته قدمت إحدى التجارب الكبيرة على المركبين DDE وPCB ما وصفه باحثوها بنتائج غير جازمة. وفي عام 1994 قارنت <K.N. كريگر> وزملاؤها (في معهد أبحاث مؤسسة قيصر بكاليفورنيا) مستويات هذه المواد الملوِّثة في الدم المخزن المأخوذ من 150 امرأة مصابة بسرطان الثدي مع مستوياتها عند 150 امرأة طبيعية (مراقَبة) controls. وعندما ضموا دراسات أجريت على ثلاث مجموعات عرقية مختلفة هي: الأمريكيات الزنجيات والأمريكيات البيضاوات والأمريكيات الآسيويات، لم يلاحظوا وجود فارق بين مرضى السرطان والنساء الطبيعيات.

 

يُلقي هذا التقرير شكا على نظريتنا إذا نُظر إليه بشكل سطحي. لكن <D.Y. سافيتس> (من جامعة كارولينا الشمالية) يزعم أن ضم النساء الآسيويات إلى غيرهن من الأمريكيات يخفي المشكلة. فعندما استعرض النتائج المنشورة عن كل مجموعة على حدة اكتشف أن كلا من الأمريكيات البيضاوات والأمريكيات الزنجيات المعرَّضات للمستويات الأعلى من المواد الكيماوية أكثر إصابة بسرطان الثدي بنحو 2-3 أضعاف المعرضات للمستويات الدنيا. إن خلط البيانات المتحصلة من هذه المجموعات أزال هذه الفروقات الحادة لأن الآسيويات الحاملات لمستويات عالية من المركبات الكيماوية المكلورة في دمائهن لم تُزد عندهن نسبة الإصابة بالسرطان. إن هذه النتيجة تتماشى مع التقارير بأن إصابة النساء الآسيويات بسرطان الثدي في بلادهن الأم أقل بخمس مرات من النساء الأمريكيات والأوروبيات والأمريكيات الزنجيات.

 

ماذا يمكن أن يفسر هبوط نسبة الإصابة بسرطان الثدي لدى الآسيويات؟ إن النساء الآسيويات حتى اللواتي يسكن أمريكا يتبعن نظاما غذائيا غنيا بمنتجات فول الصويا والملفوف والقنبيط الأخضر وغيرها من الخضراوات. وبناء على إحدى الدراسات، على الأقل، فإن مستوى -2هدروكسي إسترون لديهن أعلى ومستوى -16ألفا-هدروكسي إسترون أقل مما لدى قريناتهن غير الآسيويات. ويميل المرء إلى الاعتقاد بأن النساء الآسيويات محميات جزئيا بعاداتهن الغذائية التي تميل إلى توليد الهدروكسي إسترون الجيد وإنقاص إنتاج النوع السيئ، على الرغم من أن الاختلافات الوراثية وعوامل بيئية أخرى قد تكون مهمة أيضا في هذا الشأن.

 

ما العمل؟

تبرز الأبحاث التي تربط بين الزينوإستروجينات وسرطان الثدي الحاجة الماسة إلى مزيد من الدراسات المختبرية والسريرية. وتم التخطيط لبعض التجارب السريرية الهامة. وبفضل المهارات المنظِّمة للنشيطين فقد أصبح لدى الولايات المتحدة خطة عمل قومية لاكتشاف أسباب سرطان الثدي الممكن تفاديها بما فيها الزينوإستروجينات. فالخطة التي تدعو إلى مسحٍ مكثفٍ للمؤثرات البيئية في سرطان الثدي في لونگ أيلند بولاية نيويورك كانت قد أسست من قبل  <D. شالالا>، وزيرة الإدارة الأمريكية للصحة والخدمات الإنسانية. وهناك مشروع أوروبي يبحث في العلاقة بين النظام الغذائي وسرطان الثدي، مهتم بمدى إمكان الزينوإستروجينات النباتية في المساعدة على الوقاية من هذا المرض.

 

لكن هل يجب أن تكون النهاية مزيدا من الأبحاث؟ وهل على الحكومة والصناعيين الانتظار حتى يتوصل العلماء إلى أدلة أقوى في العلاقة بين الزينوإستروجينات وسرطان الثدي؟ نحن لا نعتقد ذلك. إن تعرض السكان لمخاطر واسعة محتملة ولكنها ليست أكيدة انتظارا لمزيد من البراهين، نوع من المقامرة الخطرة على صحة الإنسان. فلا شك أن التأخر في إعلان أن التدخين مصدرُ خطر كبير على الصحة قد أسهم في ملايين الوفيات التي كان يمكن تفاديها والتي كان سببها سرطان الرئة الناتج من التدخين، وغيره من أمراض الرئة والقلب.

 

وتملي الحكمة أن خطوات عديدة يجب اتخاذها الآن. أولا: تقييم القدرات الإستروجينية للمواد التي تلعب دورا كبيرا في المجتمع كالمحروقات والأدوية والبلاستيك وأي مواد بديلة محتملة. ثانيا: تقييم الآثار المحتملة للمركبات الإستروجينية في الجسم البشري. وهذه الاختبارات يجب أن تركز على نتائج التعرض المديد والتفاعلات بين المواد الكيماوية الواسعة الاستعمال. ثالثا: إيقاف استعمال الزينوإستروجينات غير الضرورية المعروفة.

 

إن السرطان مرض معقد ينتج من تفاعل عوامل كثيرة يمكن أن تختلف من شخص لآخر. نحن ندرك أن الزينوإستروجينات لا يمكن أن تكون مسؤولة عن كل سرطانات الثدي. ولكن على العكس من عوامل الخطورة المعروفة الأخرى (كالبداية الباكرة للبلوغ وسن اليأس المتأخرة)، فهي تمثل أسبابا يمكن تجنبها. إذا كان الإقلال من التعرض للزينوإستروجينات الممكن تجنبها يمكِّننا من تفادي 20 بالمئة فقط من حالات سرطان الثدي في السنة (أكثر 4 مرات مما يسببه توارث الجينات المعيبة)، فيمكن إنقاذ  000 36 امرأة ـ وأولئك الذين يهتمون بهن ـ من هذا المرض الصعب وسيُعفى الشعب من التكاليف المتنامية للعلاج والرعاية. إن تجاهل هذه المقترحات أمر يثير الامتعاض فعلا.  

 

 المؤلفان

Devra L. Davis – H. Leon Bradlow

لقد تعاونا منذ أواخر الثمانينات. ولقد تم حديثا تعيين ديفس باحثة أولى ومديرة برنامج في معهد الموارد العالمية، وهو مركز أبحاث يقع في العاصمة واشنطن. وديفس أيضا عالمة زائرة في مختبر أبحاث <سترانغ-كورنيل> للسرطان في مدينة نيويورك. وكانت سابقا استشارية أولى لمساعد الوزير في وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية. لقد حازت على الدكتوراه في العلوم عام 1972 من جامعة شيكاغو وعلى الماجستير في الصحة العامة عام 1982 من جامعة جونز هوپكنز. أما برادلو الذي حصل على الدكتوراه في الكيمياء عام 1949 من جامعة كنساس، فهو مدير لمختبر الكيمياء الحيوية للغدد الصم في مركز سترانغ-كورنيل وأستاذ الكيمياء الحيوية في الجراحة بجامعة كورنيل. لقد دعم عملَه أبحاثُ ابنته الكبرى النافذة البصيرة التي قامت بها عندما كانت طالبة  قبل وفاتها وهي في الثلاثين من عمرها

 

مراجع للاستزادة 

MEDICAL HYPOTHESIS: XENOESTROGENS As PREVENTABLE CAUSES OF BREAST CANCER. Devra Lee Davis, H. Leon Bradlow, Mary Wolff, Tracey Woodruff, David G. Hoel and Hoda Anton-Culver in Environmental Health Perspectives, Vol. 101, No. 5, pages 372-377; October 1993.  ENVIRONMENTALLY INDUCED ALTERATIONS IN DEVELOPMENT: A FOCUS ON WILDLIFE. Edited by R. Rolland, M. Gffbertson and T. Colborn. Special issue of Environmental Health Perspectives Supplements, Vol. 103, Supplement 4, May 1995.

ENVIRONMENTAL OESTROGENS: CONSEQUENCES FOR HUMAN HEALTH AND WILDLIFE. Assessment Al. MRC Institute for Environment and Health, University of Leicester, 1995.

 REDUCING BREAST CANCER RISK IN WOMEN. Edited by Basil A. Stoll. Kluwer Academic Publishers, 1995.

ESTROGENS IN THE ENVIRONMENT III. Proceedings of the symposium in Environmental Health Perspectives Supplements. Edited by John McLachlan and Kenneth Korach (in press).

 Scientific American, October 1995

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى