أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
أركيولوجياعلم الآثار

أُمُّ الانقراضات الجماعية


أُمُّ الانقراضات الجماعية

قبل 250 مليون سنة، ضربت كارثةٌ الأرضَ وأحدثت أفظع هلاك في

تاريخها. وهذه الكارثة التي أحدثت تغيرا جذريا في تطور الحياة،

أُطْلِق عليها اسم «الانقراض الجماعي في نهاية الدور الپرمي.»

<H .D. إرْوين>

 

يعِج تاريخ الحياة على الأرض بكوارث ذات شدّات مختلفة. والكارثة التي استحوذت معظم الانتباه هي كارثة انقراض extinction الدينوصورات وكائنات (متعضيات) أخرى منذ 655 مليون سنة والتي حدثت بين الدورين (الفترتين) الكريتاسي والثالث وقضت على أكثر من نصف مجموع الأنواع. ولكن هذا التدمير يُعتبر خفيفا مقارنة بأكبر الكوارث جميعا ألا وهي كارثة الانقراض الجماعي التي حدثت منذ 250 مليون سنة في نهاية الدور الپرمي. لذا دعاها علماء المستحاثات(الأحافير) «أُمُّ كوارث الانقراضات الجماعية»، لأنها سبّبت هلاكا مذهلا حقا. فقد اختفى نحو 90% من جميع الأنواع التي كانت تعيش في المحيطات أثناء الملايين الأخيرة من السنين من الدور الپرمي. وعلى اليابسة تلاشى أيضا أكثر من ثلثي عائلات (فصائل) الزواحف والبرمائيات. كما أن الحشرات لم تفلت هي الأخرى من المجزرة، إذ انقرض 30% من رتبها مُحدِّدة بذلك الانقراض الجماعي الوحيد الذي تعرضت له.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/13/SCI97b13N1_H04_006621.jpg

تجمعت الكوارث المميتة لتخريب معظم الحياة على الأرض في نهاية الدور الپرمي منذ 250 مليون سنة. وقد تعرضت بصورة خاصة مجتمعات الأرصفة المرجانية والمياه الضحلة، المؤلفة من المرجانيات وزنابق البحر والمنخربات وكائنات (متعضيات) أخرى، إلى

أفدح الخسائر. أما على اليابسة فقد اختفى أكثر من ثلثي الزواحف والبرمائيات وثلث الحشرات تقريبا. وتدل الزيادة في الأبواغ الفطرية fungal spores على أن النباتات قد عانت أيضا ما عانته الكائنات الأخرى.

 

ولكن من الكوارث يستفيد الانتهازيون. فقبل كارثة نهاية الپرمي سيطرت بصورة رئيسية ولعدة مئات من ملايين السنين، الأشكال الحية المتثبتة (غير المتنقلة) immobile على قيعان البحار الضحلة، إذ إن معظم الحيوانات البحرية كانت قابعة على قاع البحار زاحفة أو مُتثبتة عليه بوساطة ساق، تتغذى بما ترشحه من مياه أو منتظرة فريسة تمر قربها. ولكن بعد الانقراض تمكن عدد من المجموعات الثانوية الناشطة من الانتشار مثل بعض الأسماك المفترسة (أنساب الأسماك الحالية)  والحباريات والقواقع (الحلزونيات) والسرطانات. إضافة إلى ذلك، ظهرت سلالات جديدة تماما من الحيوانات. وقد كان لإعادة التنظيم البيئي تأثير مثير (درامي) جدا لدرجة أنه شكّل حدودا أساسية في تاريخ الحياة، فهو لم يشكل الحدود بين الپرمي والترياسي فحسب وإنما حدد نهاية الحُقْب الپاليوزوي (الحياة القديمة) Paleozoic era  وبداية الحقب الميزوزوي (الحياة المتوسطة) Mesozoic. لذا فإن برك المد الحديثة modern tidal pool تدل على من عاش ومن مات من الكائنات منذ 2500 مليون سنة.

 

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، ظهرت مفاهيم مثيرة وجديدة حول أسباب ونتائج الانقراض الجماعي في نهاية الپرمي وذلك في كل فرع من فروع علوم الأرض. وتتضمن بعض هذه النتائج دراسات مفصّلة عن التغيرات السريعة في كيمياء المحيطات ومعلومات أكمل عن أنماط الانقراض وتحاليل جديدة تشير إلى حدوث اندفاعات بركانية عنيفة عند الحدود بين الپرمي والترياسي [انظر:Large Igneous Provinces, by M. F. Coffin O. Eldholm; Scientific American, October 1993].

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/13/SCI97b13N1_H04_006622.jpg

 كشفت الأدلة الجيوكيميائية والمستحاثات عن البيئة المتردية في أثناء الپرمي المتأخر. ففي ذلك الزمن تأكسدت كمية أكبر من الكربون وبدأ مستوى البحر بالهبوط وحدثت نشاطات بركانية في مناطق تدعى الآن سيبيريا والصين. ومن الممكن أن تنخفض نسبة الأكسجين في بعض طبقات البحار مسببة عوز الأكسجين anoxia. أما الأرصفة المرجانية فلم تعد إلى حالتها الاعتيادية تماما حتى الترياسي الأوسط.

 

توجّه بحثي أثناء العقد الماضي إلى الاهتمام بالأحداث التي نظمت أنماط تطور الحياة. فإلى أي درجة أسهمت الانقراضات الجماعية في تطور مجموعة ما من المجموعات الحيوانية إذا ما قورنت بالاتجاهات التكيفية الطويلة الأمد؟ فعلى سبيل المثال تنتشر قنافذ البحر بشكل شائع في المحيطات الحالية ولكنها كانت غير شائعة نسبيا في أثناء الدور الپرمي. فهناك جنس واحد، وهو الميوسيداريس Miocidaris، الذي عُرف بشكل مؤكد أنه عاش وتخطى الانقراض. فهل بقي الميوسيداريس على قيد الحياة بمحض المصادفة أو لأن تكيفه كان أفضل؟ وهل تُبدي قنافذ البحر الحالية اختلافا لم يكن موجودا عند الانقراض في نهاية الپرمي؟

 

القليل من الصخور الجيدة

للجواب عن هذه الأسلئة نحتاج إلى أن نتعلم الكثير عن أسباب الكارثة وعن الاختلاف بين تلك الأنواع التي بقيت على قيد الحياة وبين تلك التي اختفت. وتشكل الطبقاتُ الصخرية والمستحاثاتُ المصادرَ الأساسية للحصول على هذه المعلومات. ولكن مع الأسف يصعب الحصول على عينات من الپرمي المتأخر (الأعلى) والترياسي المبكر (الأسفل)؛ لأن سجل المستحاثات عند هذه الحدود أُصيب بعلة سوء الحِفظ أو بنقصان الصخور التي تَعَذَّر معها أخذ العينات أو بمشكلات أخرى تتضمن الوصول إلى هذه الصخور. إن الانخفاض الشديد لمستوى سطح البحر في أثناء الپرمي المتأخر قد جعل عدد الأماكن البرية التي ترسبت عليها الصخور البحرية محدودا. كما أن الوصول إلى الأماكن الكثيرة حيث توجد أفضل الصخور المحفوظة (وعلى وجه الخصوص في جنوب الصين) كان صعبا نسبيا على بعض الجيولوجيين.

 

وهكذا ثبتت صعوبة التأكد مما إذا انطفأت الحياة بسرعة أو مما إذا تعرضت الضحايا إلى أي تغيرات إقليمية. إن بعض الكائنات الحية وبخاصة الحساسة للتغيرات البيئية، ماتت بسرعة: وهذا ما بيَّنه <E. فلوگل> (وزملاؤه في جامعة أرلنگن) عندما توصل إلى هذه النتيجة بعد فحصه للشعاب المرجانية في اليونان وجنوب الصين. ومع ذلك هناك دليل آخر يشير إلى حدوث خسارة تدريجية للحياة: فعلى سبيل المثال، عندما درستُ التنوع الجميل والهائل للمستحاثات الحيوانية (الفونا) المحفوظة في صخور الحجر الجيري المتكشفة في غرب تكساس وفي نيومكسيكو وأريزونا المجاورتين، وجدتُ أن الكثير من القواقع بدأت بالانقراض في نهاية الپرمي الأوسط مباشرة قبل الموجة الرئيسية للانقراض.

 

ومما ساعد على فهم هذا الموضوع، تلك الدراسات المركَّزة التي أجريت على الطبقات الحدودية boundary layers المهمة التي عُثر عليها حديثا في كل من إيطاليا والنمسا وجنوب الصين. فقد دلت هذه الدراسات على أن أمد الانقراض كان أقصر مما كان يُظَن من قبل، وهذا ما يُفضي إلى حدوث ظروف بيئية مفاجئة ومُفجعة. ومنذ عدة سنوات فقط اعتقدتُ أن فترة الانقراض يمكن أن تكون قد استمرت من 5 إلى 10 ملايين سنة. ولكن يظهر الآن أن الموجة الأخيرة للانقراض يمكن أن تكون قد استمرت مليون سنة فقط. لقد افترض <H .S. ستانلي> (من جامعة جونز هوپكنز) بأن الانقراض ربما كان مؤلَّفا من حدثين قصيري الأمد: الأول حدث في نهاية الپرمي الأوسط والثاني في نهاية الپرمي المتأخر. وأتعاون حاليا في مشروع لتحديد عمر طبقات الرماد البركاني في جنوب الصين مع كل من <J. يوگن> من معهد نانجينك للجيولوجيا والباليونتولوجيا و <A .S.باورينگ> من معهد ماساتشوستس للتقانة. وسيكون لدينا قريبا تقدير أفضل لأمد فترة الانقراض. ويبدو في جميع الأحوال أن أمد هذا الانقراض قد تم بسرعة مثل تلك التي تم بها كثير من الانقراضات الجماعية الأخرى.

 

ففي هذه الفترة الزمنية القصيرة من الناحية الجيولوجية صادفت المحيطات الپرمية Permian oceans نموذجا معقدا من حالات الحياة والموت. ومن الممكن أن يكون تقدير نسبة اختفاء الكائنات الحية صعبا حسب المراتب التصنيفية من الرتبة order إلى العائلة family إلى الجنس genus والنوع species. ويُعتقد بصورة إجمالية أن 49% من العائلات و72% من الأجناس قد اندثرت. أما نسبة اندثار الأنواع فيصعب تقديرها بسبب صعوبة تحديد هذه الأنواع. لذا توصل الباحثون إلى تقديرات متفاوتة. قام <Y. هونگفو> وزملاؤه (في جامعة الصين لعلوم الأرض) بفحص الطبقات الصخرية المعيِّنة لحدود مرحلة الشانگزينگي Changxingstage في جنوب الصين (تمثل هذه المرحلة مع مرحلة الدجولفي Djulfian آخر تقسيمين ثانويين من تقسيمات الپرمي المتأخر، وسميت كل مرحلة نسبة إلى اسم المكان العالمي الذي تحوي صخوره أوضح سجل مستحاثي).

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/13/SCI97b13N1_H04_006623.jpg

 تشمل الحياة الپرمية المدونة (المسجلة) على شكل مستحاثات: الحزازيات (في اليسار) وعضديات الأرجل (في اليمين) وهما شعبتان متقاربتان جدا من الحيوانات التي كانت تشكل المكونات الرئيسية للحياة البحرية قبل الانقراض. يبلغ طول كل مستحاثة نحو 40 مم.

 

توصل هذا الباحث مع زملائه إلى أن من بين 476 نوعا من الحيوانات اللافقارية الپرمية انقرض 435 نوعا، أي بنسبة 91%. (وتتراوح التقديرات الأخرى المتعلقة بنسبة انقراض الأنواع الإجمالي بين 80 و 95% ويحتمل أن تكون نسبة 80% هي الأقرب إلى الواقع). وعلى سبيل المقارنة فإن الحدث الذي حصل في نهاية الدور الأوردوفيسي Ordovician period منذ 4399 مليون سنة أدى إلى اختفاء 57% من الأجناس البحرية. أما نسبة الاختفاء في الانقراض الذي حصل عند الحد الكريتاسي-الحقب الثالث وأباد الدينوصورات، فقد وصلت إلى 47% من الأجناس التي كانت موجودة.

 

أصاب التخريب الذي حدث في نهاية الپرمي بعض الحيوانات بشكل أشد من الحيوانات الأخرى. فالمجموعات التي كانت تعيش متثبتة على أرضية البحر وتتغذى بالمواد العضوية التي ترشحها من مياه البحر، تعرضت إلى الانقراض الأكبر. وتتضمن هذه الحيواناتُ المرجانياتِ وعضديات الأرجل المتفمصلةbrachiopods (قبيلة من اللافقاريات ذوات المصراعين) وبعض الحزازيات bryozoans(حيوانات تتغذى بترشيح المياه وتعيش في مستعمرات) وبعض شوكيات الجلدechinoderms (زنابق البحر). ويدخل ضمن المجموعات البحرية الأخرى التي هلكت: آخر ثلاثيات الفصوص trilobite القليلة ومنخربات foraminifera المياه الضحلة (نمط من الپلانكتونات الحيوانية) والأمونيتات (الأمونانيات)ammonoids وهي الأنساب البعيدة للجنس نوتيلوس nautilus. أما القواقع وذوات المصراعين والنوتيليتات (النوتيلانيات) nautiloids التي اجتازت محنة الانقراض بشكل مقبول تقريبا فقد تعرض القليل فقط من مجموعاتها إلى الانقراض. والمجموعة البحرية الوحيدة التي لم تتأثر حقا بالشواش المتزايد كانت الكونودونتات conodonts وهي حبليات بدائية استُخدمت أجزاء فمها، التي يسهل  حفظها، لتحديد الزمن (الجيولوجي).

 

ولم تكن الأمور أفضل على اليابسة، إذ لاقت الفقاريات البرية والحشرات على السواء خسارات فادحة. ففي أثناء الپرمي المتأخر اختفى 78% من عائلات الزواحف الفقارية و67% من البرمائيات. ولكن السرعة التي حدثت بها الخسارة لم تُقدّر بعد ومازالت عرضة للنقاش. وتفترض الدراسات السابقة التي أجريت على المستحاثات الرائعة التي وُجِدت في منطقة الكارّو في جنوب إفريقيا أن انحطاط عدد هذه الحيوانات قد تم خلال عدة ملايين من السنين وربما حصل في فترتين وصل خلالهما معدل الانقراض إلى ذروته. ومع ذلك تفترض بعض الأبحاث الحديثة انحطاطا أسرع، تُشابه سرعته سرعة انقراض الحيوانات البحرية.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/13/SCI97b13N1_H04_006624.jpg

تتضمن ضحايا الانقراض حيوانات منطقة الكارّو في جنوب إفريقيا حيث تم استرداد الجنس أودندون Oudendon ذي الطول 36 سم (في اليسار)، وهو زاحف ثديي الشكل. أما الأمونيت (في اليمين) الذي وجد في تكساس فيبلغ قطره نحو 9 سم.

 

ويُظهر انقراض أنواع الحشرات تحولا جذريا في مجموعاتها، فمن مجموع رتبها المعروفة في الپرمي والبالغة 27 رتبة انقرضت ثمان منها بالقرب من الحدود بين الپرمي والترياسي. كما تعرضت أربع رتب أخرى إلى الهلاك ولكنها تعافت فيما بعد، في حين تابعت ثلاث منها حياتها في الترياسي قبل أن تنقرض. وهذا الانقراض هو الحدث المهم والوحيد الذي تمت معرفته في تاريخ الحشرات حتى الآن ويُستخدم شاهدا على قسوة الظروف البيئية في ذلك الوقت.

 

والمجموع النباتي (النبيت، الفلورا) البري في الدور الپرمي خضع أيضا إلى الانقراض، ومع ذلك فمن غير الممكن معرفة مدى تأثره، نظرا لعدم توافر دليل قوي حاليا يدل بصورة خاصة على شدته. ففي العام 1995 عند فحصه لمستحاثات الأوراق في أستراليا، بين <J .G. رتلاك> (من جامعة أوريگون) أن أحداث انقراض النباتات كانت مثيرة أكثر مما كان يُظن وأدت إلى إزاحة سريعة في الأنماط النباتية السائدة في أستراليا (ومن الممكن أن تكون الخسارة في حياة النباتات قد أسهمت أيضا في اختفاء الحشرات التي كانت تتغذى بالمجموع النباتي).

 

ويُظهِر سجل حبوب اللقاح والأبواغ، بدقة أكثر، مدى تأثر النباتات. فطبقات الپرمي المتأخر تكون خالية تقريبا من حبوب لقاح النباتات عاريات البذور (نباتات خشبية مثل الصنوبريات وتنتمي إلى المخروطيات). وتحوي الطبقات التي تليها خلايا فطرية وبعض البقايا العضوية الإضافية. ففي العام 1995، وجد <H. فيتشر> وزملاؤه (من جامعة أوترخت في هولندا) أن هذا الذي يُدعى العنقود الفطري fungal spike بدأ على ما يبدو في الجزء الأخير من الپرمي وبصورة أدق في نهاية مرحلة الشانگزينگي قبل وصوله إلى انتشاره الأعظم عند الحدود بين الپرمي والترياسي.

 

مدرجات الانقراض

تدل المعلومات التي نستقيها من المستحاثات البحرية والبرية، بكل وضوح، على أن الپرمي المتأخر كان يمثل الفترة التي يتم فيها كل شيء تقريبا بشكل خطأ ـ على الأقل فيما إذا رغب أيٌّ من الأنواع أن يبقى على قيد الحياة. فما الذي سبب الخسارة الإجمالية للحياة؟ إن الشيء الوحيد الذي لم يحدث، أو على الأقل ليس لدينا أي دليل عنه، هو حدوث تصادم من خارج نطاق الأرض extraterrestrialوهو الحدث الذي قتل على الأرجح الدينوصورات. لقد ادعت مجموعة من الجيولوجيين في منتصف الثمانينات العثور في طبقة الحد الفاصل بين الپرمي والترياسي في جنوب الصين على آثار قليلة من الإيريديوم الذي يُعد الدليل الحاسم على حدوث تصادم ما. ولكن على الرغم من المحاولات الكثيرة لم يتمكن أحد من إثبات هذه الادعاءات.

 

ومع ذلك فإن عدد «القتلة المشتبه» بأمرهم ليس بالقليل، والبركنة هي أحد الاحتمالات. والدليل الشاهد على ذلك هو المدرجات traps السيبيرية، وهي طبقات متصلبة من اللابات (الحمم البركانية) القديمة. وتتضمن المدرجات (التي تعني باللغة السويدية «درجات السلم» والتي تَصِف أطراف الصبات البركانية الشبيهة بالدرجات) 45 صبة بركانية منفصلة على الأقل، وتتراوح ثخانتها من 400 إلى 3700 متر. فهي تكوِّن نحو 1.5 مليون كيلومتر مكعب على الأقل وربما أكثر لأنها من الممكن أن تمتد نحو الغرب تحت صخور أحدث حتى جبال الأورال. (فعلى سبيل المقارنة كان اندفاع ماونت پيناتوبو سنة 1991 مجرد «نفخة» دفعت رمادا ولكن من دون صهارة (مهل، ماگما). وربما تَظهر المقارنة الأفضل في اندفاع بركان لاكي في آيسلندا، حيث اندفع سنة 1783 مكونا 15 كيلومتر مكعب من اللابات).

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/13/SCI97b13N1_H04_006625.jpg

لقد تغير بناء (تعضية) الحياة البحرية بشكل مثير بعد الانقراض الجماعي. ففي الپرمي الأوسط احتوت البحار على حيوانات (في اليسار) معظمها غير متحرك، مع بعض الأسماك والقليل من ثلاثيات الفصوص. ولكن بدءا من الدور الكريتاسي كان المحيط يشبه بحار العصر الحالي بحيواناته المتحركة (في اليمين) من ذوات المصراعين والبطنقدميات وبحيواناته السابحة من الأسماك والرأسقدميات.

 

ويوضح التحديد الحديث بالقياس الإشعاعي لأعمار جميع اللابات في المدرجات السيبيرية أن هذه اللابات اندفعت ضمن فترة تقل عن مليون سنة وربما 600 ألف سنة فقط، تمتد بالقرب من حدود الپرمي-الترياسي وحتى الجزء السفلي من الترياسي. ووجد <R .P. رِنِّ> (من مركز بركلي للتأريخ الجيولوجيgeochronology) أن هذا التقدير يتلاءم تماما مع الاندفاعات الأخرى الكبيرة التي رسّبت الرماد البركاني في جنوب الصين.

 

هل حصلت بركنة واسعة الانتشار «فَرَّغت» الكرة الأرضية في أثناء الپرمي المتأخر؟ إذ يكون للاندفاعات البركانية نتائج مختلفة قصيرة الأمد تتضمن التبريد، بسبب قذف كل من الغبار والكبريتات في الستراتوسفير (كما حدث في بركان پيناتوبو)، والأمطار الحمضية والحرائق الهائلة وانطلاق عناصر شحيحة سامة وتزايد الأشعة فوق البنفسجية نتيجة استنزاف طبقة الأوزون. وربما يؤدي انبعاث ثنائي أكسيد الكربون على المدى الطويل إلى الاحترار (التسخين)warming.

 

وحسب ما تقتضيه هذه الفرضية فإن هلاك نحو 90% من الأنواع في المحيطات هو أمر صعب للغاية؛ إذ إن البركنة في حد ذاتها، حتى إذا كانت سريعة وواسعة الانتشار كالبركنة التي أنتجت المدرجات السيبيرية، لا تؤدي إلى هلاك هذه النسب العالية. لقد قمت مع زميلي <A .T. ڤوكل> (من جامعة ميتشيگان) بفحص أغطية الرماد البركاني المترسبة بعد الاندفاعات التي حصلت في أثناء المئة مليون سنة المنصرمة. لقد كانت هذه الاندفاعات تشابه من حيث شدتها تلك الاندفاعات التي نجم عنها الرماد البركاني في جنوب الصين عند نهاية الپرمي. ووجدنا أن أي حدث من هذه الأحداث لم يؤثر تأثيرا بالغا في تنوع الحياة الإقليمية أو الإجمالية على اليابسة أو في المحيطات على السواء.

 

إضافة إلى ذلك فإن التلف البيئي الناتج من أي اندفاع يعتمد على عوامل متعددة. فالكثير من التأثيرات البركانية، مثل كمية الكبريتات المقذوفة في الستراتوسفير، يصعب الاستدلال عليها من الاندفاعات التي حدثت منذ 250 مليون سنة. لذا فمن الممكن أن تكون الاندفاعات قد أسهمت في إحداث الانقراض ولكن كجزء من عملية أكثر تعقيدا.

 

الجيوكيمياء والبحر الراكد

ويأتي الدليل الجديد الموثوق على الانقراض الجماعي الذي حدث في نهاية الپرمي من حقل الجيوكيمياء. وربما تكون أكثر التغيرات الجيوكيميائية وضوحا هي تغير النسب في نظائر الكربون الموجودة في الصخور (وعلى الخصوص نسبة الكربون 12 إلى الكربون 13). وتشير هذه الحقيقة ظاهريا إلى أن كمية المواد العضوية التي دُفِنت في الپرمي المتأخر كانت أكبر مما دُفِن منها في الأزمنة السابقة.

 

وعلى الرغم من أن هذا الدفن للكربون يدلنا على شيءٍ ما يتعلق بالتغيرات الجيوكيميائية في أثناء الانقراض الذي حدث في نهاية الپرمي، فإنه ليس من الواضح تماما ما هو هذا الشيء. وربما يتعلق ذلك بالانخفاض المفاجئ والمميت لمستوى سطح البحر. ففي أثناء الپرمي المبكر برزت القارات لتكوّن قارة عملاقة واحدة هي قارة پنجية Pangaea. فقد ازدهرت حول الرفوف القارية الأرصفة المرجانية reefs  ومجتمعات أخرى عاشت في المياه الضحلة. وبعد ذلك هبط مستوى البحر بالقرب من نهاية الپرمي (ولا يَعْرِف أحد بالضبط سبب هذا الهبوط، وإن كان من الممكن حدوثه نتيجة لتغيرات أصابت وشاح الأرض وأدت إلى توسيع أحواض المحيطات.) لقد خرب هبوطُ مستوى البحر المآهلَ habitatsعلى طول الشاطئ. ومع زيادة تعرض الرفوف القارية إلى التكشف في قارة پنجية حدث على الأرجح انجراف أوسع وأكسدة للمواد العضوية. وهذه الأكسدة أنقصت نسبة الأكسجين في الغلاف الجوي وزادت من نسبة ثنائي أكسيد الكربون التي ربما رطبت الكوكب ورفعت حرارته درجتين سيلْزِيَّتَين.

 

وعندما ارتفع مستوى البحر ثانية، ربما بعد عدة مئات من آلاف السنين على الأرجح، حدث تخريب لاحق. فمياه المحيط المرتفعة غمرت المآهل قرب الشاطئية وطغت على اليابسة. ومثل هذا الطغيان قتل من دون شك الكثير من المجتمعات الشاطئية.

 

ويحتمل أن كميات الأكسجين الجوي المتناقصة كانت تؤدي إلى تفاقم الظروف السيئة التي تم اكتسابها من قبل. وربما تكون كمية أقل من الأكسجين قد انحلت في مياه المحيطات مسببة عوز الأكسجين anoxia الذي سبب اختناق بعض أشكال الحياة البحرية. وانعكس الدليل على عوز الأكسجين في المياه على شكل شواذ جيوكيميائية geochemical anomalies. ومع ذلك فقد طرح مؤخرا بعض الباحثين فكرة مثيرة، وإن لم تكن صحيحة، للدلالة على أن نماذج الانقراض من الأنواع المختلفة تُظهر قدرة الكائنات على مقاومة عوز الأكسجين.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/13/SCI97b13N1_H04_006626.jpg

 الجنس ميوسيداريس Miocidaris قنفذ بحر پرمي يبلغ طوله أربعة سنتيمترات وهو الجنس الوحيد من القنفذيات الذي بقي على قيد الحياة بعد الانقراض.

 

ما الذي سبب بالفعل أحداث الانقراض؟ قد لا يكون سببا واحدا وإنما من الممكن أن تكون الاحتمالات المذكورة مجتمعة هي التي أسهمت في الانقراض؛ لأن كل احتمال بمفرده لا يسبب انقراضا له هذه الشمولية. ومن سوء حظ المجموعات الحيوانية الپرمية أنها كانت تتفاعل مع كل الاحتمالات في الوقت نفسه تقريبا.

 

إنني أعتقد أن الانقراض تكوّن من ثلاث مراحل: بدأت المرحلة الأولى بانخفاض مستوى البحر حول معظم قارة پنجية مما أدى إلى تخريب المآهل وإلى عدم استقرار المناخ وإلى اندثار الكثير من الأنواع ذات الانتشار المحدود. ومع استمرار انحسار المحيطات بدأت المرحلة الثانية التي رافقتها اندفاعات بركانية وانطلاق حجوم كبيرة من ثنائي أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، مما زاد من عدم استقرار المناخ وسهولة التردي البيئي. وما حدث في نهاية الپرمي وبداية الترياسي المبكر، من ارتفاع في مستوى البحر وما تبعه من غمر لليابسة بمياه ربما كانت مِعْوزة الأكسجين anoxic فكان يشير إلى بدء المرحلة الثالثة. وهذا ما خرب الكائنات البرية قرب الشاطئية وأسهم في انقراض الكثير من الكائنات الحية التي كانت على قيد الحياة.

 

حياة بعد موت

إن الآثار التي خلَّفها انقراض نهاية الپرمي هي على الأقل، جديرة بالاهتمام كحدث الانقراض نفسه. لقد بدأت الحياة بعد الانقراضات الجماعية الأخرى باستعادة عافيتها في نحو مليون سنة، ومع ذلك استغرق الانقراض في هذه الحالة خمسة ملايين سنة. ويبدو أن هذا التأخير نجم عن حقيقة أن المجتمعات البيولوجية قد تعرضت إلى تخريب شديد للغاية تطلب ملايين من السنين لإعادة تشكلها وازدهارها (وهناك أيضا احتمال بأن المدة اللازمة لاستعادة عافيتها بدت أطول ممّا كانت عليه في الواقع بسبب الحفظ السيئ للمستحاثات).

 

وبصرف النظر عن طول المدة التي استُغرقت لإعادة ترسيخها فإن الحياة على الأرض قد تغيرت بشكل مثير. وكما ذكرتُ سابقا فإن الحيوانات غير المتحركة كعضديات الأرجل والحزازيات وشوكيات الجلد (الجلدشوكيات) قد سيطرت على البحار الپرمية. فقد كانت تقيم على القاع وتُرشِّح المياه للحصول على غذائها أو تنتظر الفرائس التي تسبح بجوارها. أما الحيوانات المتحركة كالأسماك وذوات المصراعين والرأسقدميات (رأسيات الأرجل) وهي الحباريات وأنسباؤها والبطنقدميات (معديات الأرجل) وهي القواقع، فكانت تعيش بجوارها ولكنها كانت تشكل جزءا صغيرا من المجتمع الأحيائي، إضافة إلى قليل من ثلاثيات الفصوص.

 

وبعد مدة قصيرة من الانقراض وفي أثناء ما سُمّي بمرحلة البقاء على قيد الحياة في الترياسي المبكر فإن الأنواع القليلة المتبقية نزعت إلى التكاثر والانتشار. وتتألف حيوانات بداية الترياسي من بعض ذوات المصراعين والأمونيتات وعدد قليل من البطنقدميات. وكان الجنس ليستروصوروسLystrosaurus ـ الذي يشبه الزواحف ويُعد سلفا للثدييات ـ هو الحيوان الفقاري الأكثر شيوعا على البر، حيث عُثر عليه في كل مكان في قارة پنجية.

 

أما الجنس كلارايا Claraia من المحاريات فقد ازدهر في المحيطات. ومع ذلك ففي الترياسي الأوسط ـ أي بعد نحو 255 مليون سنة ـ بدأت قنافذ البحر ومجموعات أخرى كانت حساسة نسبيا إلى بيئاتها، بالظهور ثانية محددةً بذلك بدء عودة الظروف البحرية العادية مرة أخرى. وهذه «الحيوانات التي بُعثت من جديد» Lazarus taxa (كما يسميها <D  .جابلونسكي> من جامعة شيكاغو نظرا لعودتها ثانية من الموت) بدأت بإزاحة المجموع الحيواني الباقي على قيد الحياة.

 

وبالفعل كانت البحار في ذلك الوقت تشابه تقريبا المحيطات الحالية؛ إذ سيطرت الكائنات الأكثر حركة مثل ذوات المصراعين والبطنقدميات والسرطانات. وظهر أيضا تنوع كبير من الرأسقدميات وحيوانات سابحة أخرى مفترسة. وأصبح الحفر هو السائد، ليدل ذلك على مدى الحاجة إلى حماية أفضل ضد الافتراس. ونشأ تسابق لتطوير الأذرع بين المفترس والفريسة مؤديا إلى تغيرات في الهندسة الهيكلية طوال الحُقْب الميزوزوي (الحياة المتوسطة) وقد أنتج ذلك مجموعا حيوانيا تميّز بأجزاء رخوة أكثر مما كان لمخلوقات الحقب الپاليوزوي (الحياة القديمة). إن مثل هذه التغيرات أنتجت نُظما بيئية أكثر تعقيدا: فقد كان الطعام أوفر واختيار أنواعه أكثر.

 

إن التفصيلات الخاصة بالتغيرات التطورية على اليابسة لهذه الفترة الزمنية نفسها، مازالت تقريبية إلى حد ما وذلك بسبب نقص المستحاثات التي يجب أن تُؤخذ عيّناتها بشكل مفصل من كل طبقة. وتقدم هذه الدراسات المقترحة تعزيزا لفهم أحداث الانقراض على اليابسة. إننا نعرف بالفعل أن عدة مجموعات من الزواحف والبرمائيات قد انقرضت ونعرف أيضا أن الحشرات تحورت (تطورت) عن تنوع لمجموعات شبيهة باليعاسيب، ذات أجنحة مثبتة على جسمها كما في وضعية الطيران ولا يمكن ثنيها (طيها) فوق الجسم، إلى أشكال يمكنها أن تثني أجنحتها. وهذه الأشكال الأكثر حداثة التي تُمثِّل 98% من الحشرات الحالية كان لها أيضا مراحل يرقانية ومراحل بالغة منفصلة. ومن الممكن أن تعكس هذه التكيفات القدرة على العيش في مآهل جديدة والصمود ضد التغيرات الموسمية القاسية والتقلبات المناخية الأخرى.

 

هل البقاء للأصلح؟

تطرح التغيّراتُ التي حدثت بين الحشرات السؤالَ العام التالي: هل كان للأنواع، التي اجتازت بنجاح الدور الپرمي، تكيفات نوعية مكنتها من البقاء على قيد الحياة أو كان بقاؤها على قيد الحياة عشوائيا؟ لقد وُجدت مستحاثات الكلارايا في صخور تحتفظ بدليل على وجود ظروف قليلة الأكسجين. ويمكن أن يدل العدد الكبير لأفراد الكلارايا وتوزيعها الواسع على تمكّن هذا النوع من العيش في ظروف قلة الأكسجين. والمثال الآخر هو الجنس ميوسيداريسMiocidaris، القنفذي (قنفذ البحر) الوحيد الذي بقي على قيد الحياة (مع أن ثمة قريبا حميما له يرجح أيضا أنه بقي على قيد الحياة). يوجد لدى الجنس ميوسيداريس صفّان فقط من الصفائح بين الشعاعية interambulacral plates(وهي على وجه التقريب المناطق الموجودة بين «التويجات» petals على هيكل قنفذ البحر). أما القنفذيات الپرمية الأخرى فقد كان لها في أي مكان من صف واحد إلى ثمانية صفوف من الصفائح الكلسية بين الشعاعية. ولأن الميوسيداريس كان الجنس الوحيد الذي بقي على قيد الحياة، فالشكل المسيطر من القنفذيات هو الذي تحور عن تلك الأشكال التي كان لها عدد مختلف جدا من صفوف الصفائح الكلسية إلى الأشكال التي يكون لها صفان فقط. ويرى بعض علماء المستحاثات أن الهيكل القنفذي يكون أقوى إذا ما كان يتألف من صفين فقط من الصفائح. لذا ربما كان تكيفه تكيفا أفضل قد جعله ينجو من الافتراس في عالم ما بعد الپرمي.

 

ومع الأسف فإنه من المستحيل تقريبا القول إن الانقراض الپرمي-الترياسي اختار صفات مميزة معينة. لقد كان باستطاعة جميع القنفذيات الحالية أن تطور صفين من الصفائح حتى ولو لم يحدث على الإطلاق الانقراض في نهاية الپرمي. ومن الممكن أن تتألف أيضا المجموعات الحيوانية الباقية على قيد الحياة من المجموعات التي كانت الأكثر غزارة والأوسع انتشارا قبل الانقراض. لذا كان حظها أوفر في البقاء على قيد الحياة. لقد ثبت أن التمييز بين هذين الاحتمالين عسير جدا.

 

إن الشيء الوحيد الذي يمكن قوله من دون أي شك هو أن الانقراض الجماعي في نهاية الپرمي كان له أعظم الأثر في تاريخ الحياة من أي حدث آخر منذ ظهور الحيوانات المعقدة البنية. ومن دون هذا الحدث (الانقراض) فإن تركيب برك المدّ الحديثة ربما كان سيظهر من دون شك بمظهر مختلف تماما. والأطفال ربما كانوا سيكبرون وهم يتعلمون ما يتعلق بالزنبقيات وعضديات الأرجل عوضا عن نجوم البحر وقنافذ البحر، وربما سيلقون نظرة خاطفة، إلى البرك، على ثلاثي فصوص (تريلوبيت) وهو يمر من أمامهم.

 

 المؤلف

Douglas E. Erwin

باحث وقيّم curator في قسم علم الأحياء القديمة بالمتحف الوطني في معهد السميشونيان على البطنقدميات الپاليوزوية وطفلة البرگيس Burgess Shale. يتركز بحثه على التاريخ التطوري للبطنقدميات الپاليوزوية وعلى النماذج التطورية الكبرى وبصورة خاصة على الانتشار الهائل للحيوانات في أثناء الكمبري وبعد الانقراض الجماعي في نهاية الپرمي. درس صخور الكمبري والپرمي في سيبيريا والصين ونيوفاوندلاند وكل غربي الولايات المتحدة الأمريكية. إضافة إلى أعماله المنفردة ألّف مع < D.بريكز> و <F.كوليار> عن مستحاثات طفلة البرگيس (مطبعة السميثسونيان، 1994) وكتب مع <R. أنستي>: أفكار جديدة حول التنوع في سجل المستحاثات (مطبعة جامعة كولومبيا، 1995).

 

مراجع للاستزادة 

EXTINCTION: BAD GENES OR BAD LUCK? David M. Raup. W W Norton, 1991.

PERMO-TRIASSIC EVENTS IN THE EASTERN TETHYS: STRATIGRAPHY, CLASSIFICATION, AND RELATIONS WITH THE WESTERN TETHYS. Edited by Walter C. Sweet, Yang Zunyi, J. M. Dickins and Yin Hongfu. Cambridge University Press, 1992.

THE GREAT PALEOZOIC CRISIS: LIFE AND DEATH IN THE PERMIAN. Douglas H. Erwin. Columbia University Press, 1993.

THE PERMO-TRIASSIC EXTINCTION. Douglas H. Erwin in Nature, Vol. 367, pages 231-236; January 20, 1994.

Scientific American, July 1996

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى