أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
العلوم البيئية

أوج البشرية

أوج البشرية(*)

يعتبر عصرنا الحالي، من الناحيتين الديموغرافية والاقتصادية،

فريدًا في تاريخ البشرية. وتبعا لكيفية تدبّرنا للعقود القليلة المقبلة،

يمكن أن نمهد الطريق لتوازنٍ بيئي أو لانهياره.

<G.موسّر>

 

 

يشعرنا القرن الحادي والعشرون بالإحباط. فقد وُعِدنا بسيارات طائرة وبمستعمرات فضائية وبخمس عشرة ساعة عمل في الأسبوع. وكان من المفترض أن تقوم الإنسالات(1) robots بأعمالنا المنزلية، إلا عندما كانت مشغولة بتنظيم تمردٍ ما؛ وأن يتعلم الأطفال عن الأمراض من كتب التاريخ؛ وأن تباع مفاعلات الاندماج النووي في المتاجر Home Depot. وحتى أسوأ التخيلات المستقبلية توقعت  قفزات في النظام التقاني والاجتماعي بحيث تترك عصرنا هباء في هباء.

 

ومع هذا، إذا تجاوزنا تلك الأضواء الوامضة والتجهيزات الرنانة، فإن القرن الجديد يتجسد كواحد من أكثر العصور إذهالا في تاريخ البشرية. وقد بلغت ذروتها حاليا ثلاثة تحولات كبيرة بدأت حركتها مع الثورة الصناعية. فبعد عدة قرون من النمو أسرع من النمو الأسي(2)، بدأ عدد سكان العالم بالاستقرار. وانطلاقا من المناحي الحالية، سيبلغ عدد السكان مرحلة استقراره النهائي في حدود تسعة بلايين نسمة مع منتصف هذا القرن. وفي غضون ذلك، سيتراجع الفقر المدقع سواء كنسبة من عدد السكان وكقيم مطلقة. وإذا ما تابعت كل من الصين والهند خطواتهما الاقتصادية كتلك التي اتبعتها اليابان وكوريا الجنوبية، فإنه مع حلول عام  2050 سيصبح الفرد الصيني العادي بنفس ثراء السويسري العادي في هذه الأيام؛ والفرد الهندي بنفس ثراء الفرد في فلسطين حاليا. ومع نمو البشرية عددا وثراء، سيزداد الضغط بشكل مطّرد على تخوم كوكبنا. فنحن نضخّ الآن ثلاثة أضعاف كمية ثنائي أكسيد الكربون أسرع مما يمكن للمحيطات واليابسة امتصاصه. ويرى خبراء علم المناخ أنه مع حلول منتصف القرن الحالي سيبدأ الاحترار الأرضي global warming  بنهش فعلي  لكوكبنا. وإذا ما سارت الأمور بمعدلاتها الحالية، فإن الغابات ومواطن الأسماك في أرجاء العالم ستتآكل أسرع من ذلك.

 

وهذه التحولات الثلاثة المتزامنة والمتضافرة ـ الديموغرافية والاقتصادية والبيئية ـ هي التي سيتذكرها المؤرخون في المستقبل عندما يستعيدون ذكريات عصرنا الحالي. فهي تُحوّل كل شيء بدءا من النواحي الجيوسياسية وانتهاء بالبُنى الأسرية وتفرض مشكلات من سويات لا تتوافر لدى الجماعات البشرية خبرات كافية بشأنها. وكما يصف <O.E.ويلسون> [عالم الأحياء من جامعة هارکرد]  الأمر بأننا على وشك ولوج «عنق الزجاجة(3)»، وهي فترة من الإجهاد الأعظمي على الموارد الطبيعية والإبداع البشري.

 

هذه المناحي تبدو واضحة للعيان في جميع أوجه الحياة اليومية. فكثير منا مرّ بتجربة التيهان في بلداتنا نظرا لتوسعها بشكل كبير. إلاّ أن هذا التوسع آخذ في التباطؤ مع تقلص عدد أفراد الأسر. وشيئا فشيئا يكبر الأطفال، ليس فقط بلا أخوة ولكن أيضا بلا عمّات أو أعمام أو أبناء عمومة (قد يجد البعض ذلك أمرا  مؤلما إلاّ أن السبيل الآخر للوصول إلى استقرار في عدد السكان هو زيادة معدلات الوفيات). تمتليء رفوف المتاجر Wal-Mart بالسلع الصينية، ويقوم  الهنود بالرد على استفسارات الزبائن، لكن في المقابل، هناك مزيد من الآسيويين ممن يتبضّعون المنتجات الغربية. وبسبب الاحترار الأرضي، تزهر الورود الربيعية قبل أسبوع من موعدها مقارنة بإزهارها قبل 50 عاما؛ وتقدم المطاعم أنواعا مغايرة من  الأسماك عما درجت عليه سابقا، ذلك أن الأنواع التي كانت مألوفة قد استُهلكت عن طريق الصيد الجائر.

 

إن نظرة إلى الحقبة الحالية من خلال سياقها التاريخي تساعد على وضع مشكلات العالم في منظورها الصحيح. فكثير من هذه المشكلات ينجم، بشكل مباشر أو غير مباشر، عن التضخم والنمو. ومع تناقص هذا التضخم تدريجيا، ستتاح الفرصة للبشرية أن تطوي صفحة هذه المشكلات. وصحيح أن الولوج من خلال عنق الزجاجة قد يكون عسيرا، لكن ما إن تتجاوزه يصير الأسوأ شيئا من الماضي.

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2006/5/10.gif http://oloommagazine.com/images/Articles/2006/5/05.gif http://oloommagazine.com/images/Articles/2006/5/09.gif
وغيّروا الكرة الأرضية صاروا أغنى ازداد عدد سكان الأرض
http://oloommagazine.com/images/Articles/2006/5/08.gif http://oloommagazine.com/images/Articles/2006/5/06.gif http://oloommagazine.com/images/Articles/2006/5/07.gif
تحدد ثلاثة مناح تاريخية كبرى وضعنا الحالي. ويوفر فهم هذه المناحي إطارا للتعامل مع مشكلات العالم بدلا من الوقوع في شلل تحت وطأتها.

 

تُحدّد التحولات التي نمر بها مدى التحديات التي نواجهها. بمقدور العلماء، ولو بشكل تقريبي، تقدير عدد السكان الذين سيعيشون على كوكب الأرض؛ ما هي احتياجاتهم ورغباتهم المستقبلية؛ ما هي الموارد المتاحة ومتى سيحدث ذلك. ففي النصف الثاني من هذا القرن يمكن للبشرية أن تدخل في حالة من التوازن المستقر يكون فيها النمو الاقتصادي، الذي ينجم في الوقت الحاضر عن مجموعة مؤتلفة من زيادة في الإنتاجية وزيادة في عدد السكان وزيادة في الموارد، نابعا بشكل كامل من الإنتاجية ـ  وهذا ما يزيل معظم حدّة الصراع بين الاقتصاد والبيئة. وستُخلي التحديات القديمة الطريق أمام التحديات الجديدة. وتبدو هذه السيرورة جليّة الآن في بلدان تقف في طليعة هذه التحولات. فالجدل الدائر في الولايات المتحدة حول الضمان الاجتماعي والقلق المستبد في أوروبا واليابان حول التقاعد (الإحالة إلى المعاش) ما هو إلا صدى لتخطيط اجتماعي للحياة في فترة ما بعد النمو.

 

إن الديموغرافيين، في نظر الجمهور، هم من ذوي السمعة المتقلّبة. ألم تكن، قبل ثلاثين عاما، مسألة الانفجار السكاني مصدرا للقلق؟ لقد كان كتاب<P.أرليش> «القنبلة السكانية»، الأكثر رواجا. وصوّر فيلم Soylent Green، من بطولة <Ch.هِستون>، مستقبلا ينحشر فيه الناس كأكداس الحطب ويأكلون قطعا صغيرة تشبه «عصيدة الفاصولياء». ومع هذا، أصبحت مؤخرا مسألة تناقص عدد السكان مثارا للاهتمام والقلق كما أنبأنا بذلك المحافظون الجدد، مثل <N.أبرشتات> ويتلخص قلقهم من خلال فيلم آخر The Omega Man، للممثل<هِستون>، وفيه تتناقص البشرية إلى أن تنقرض تماما. أيّ من الحالتين ستسود: زيادة في عدد الناس أو نقص كبير فيه؟

 

 

 

ثلاثة تحولات تغير العالم (**)

 

النمو السكاني يتباطأ…

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2006/5/P01.gif

 

.. الرخاء ينتشر…

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2006/5/P02.gif

 

… لكن انبعاثات غاز ثنائي أكسيد الكربون تدعو إلى القلق

 

http://oloommagazine.com/images/Articles/2006/5/P03.gif

 

لم يتغير التوجه السائد لدى الديموغرافيين بالقدر نفسه الذي توحي به هذه التنبؤات المتطرّفة. ففي الدول المتطورة، تقلّص عدد أفراد الأسرة أسرع مما كان متوقعا، لكن التنبؤات المبيّنة في العدد الخاص من مجلة ساينتفيك أمريكان لعام 1974 حول عدد السكان قد صمدت بشكل كبير أمام اختبار الزمن. وفي الواقع، فإن كلا من سيناريوهي هذين الفلمين يحمل عنصرا من الحقيقة. فبالمعايير المطلقة، لاتزال أعداد البشرية تتزايد بشكل هائل. والنجاح السابق في تفادي «كوابيس مالتُس»(4) Malthusian nightmares  لا يشكل ضمانا لأداء مستقبلي. ومع ذلك، فإن تراجع معدلات النمو السكاني يثير المخاوف. فتاريخيا، انتكس معظم المجتمعات المستقرة أو المتراجعة سكانيا.

 

وأنصار أحد هذين السيناريوهين لا يبالون باعتراضات الطرف الآخر، معبرين عن «الثقة» بإمكانية التعامل معها من دون بذل جهد يذكر للتعامل معها بالفعل. فما إن تزيل غشاوة الأيديولوجية، حتى تبدأ بالظهور ملامح مخطط فاعل وشامل (انظر الإطار في الصفحة المقابلة). وهذا بالكاد هو السبيل الوحيد للمضي قدما، لكنه يمكن أن يكون نقطة انطلاق للحوار.

 

 

مخطط فاعل للقرن الحادي والعشرين (***)

 

1. فهم التغيرات (الصفحة8). ومع أن ذلك يبدو جليا، فغالبا ما تهمل الخطوة الأولى. فمن الصعوبة بمكان النظر إلى ما وراء العناوين الرئيسية اليومية لفهم المناحي الجوهرية التي نخوض تجاربها. ويرسم الديموغرافي <E.J.كوهين> صورة عامة لجماعات سكانية واسعة، بطيئة النمو، ميالة إلى حياة المدن وأكثر تقدما في العمر. إن الاستشراف الدقيق بهذا الشأن يشوبه الالتباس، لكن المهم هو الموضوعات العامة التي يطرحها.

2. إنجاز أهداف التطور الألفية (الصفحة 16). راجعت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في الشهر 9/2005، ما أُحرز من تقدم متفاوت للأهداف النوعية في مجالات خفض الفقر واللامساواة. ويعرض الاقتصادي <D.J.ساكس> [رئيس المشروع الألفي في الأمم المتحدة] الجهود المتضافرة للمساعدات. فإضافة إلى تعزيز رفاهية الإنسان، تسعى هذه الجهود إلى تخفيف وطأة المشكلات البيئية المرتبطة بالفقر، مثل تلوث الهواء واجتثاث الغابات.

3. الحفاظ على المواطن الطبيعية (habitats) المؤثرة (الصفحة26). بما أن انقراض الأجناس عملية لاعكوسة، فيجب أن يكون تفاديها على رأس سُلَّم الأولويات. فالمخلوقات الهامشية ليست الضحايا الوحيدة؛ والأجناس النافعة اقتصاديا، مثل أسماك الحفشsturgeon وضروب الحبوب البرية، هي أيضا في مأزق. ويبين الإيكولوجي <L.S.بيمّ> و<C.جنكينز> أن تطويق المحميات الطبيعية مكلف ماليا؛ إلا أن هذه المحميات توفر منافع عدة. وحتى في المفاهيم الاقتصادية الضيقة، تكون البلدان أفضل حالا إذا حافظت على الغابات الغائلة في القدم بدلا من تحويلها إلى مزارع أو مرابٍ للمواشي.

4. الانفطام عن الوقود الأحفوري (الصفحة 34). يختزن الجو المحيط كمية محدودة من ثنائي أكسيد الكربون قبل أن يبدأ الطقس بالاختلال. ويتطلب تقليل الانبعاثات الغازية تغيرا جذريا في طريقة إنتاجنا واستخدامنا للطاقة. لكن <B.A.لوفينز> [أحد أبرز المفكرين المبدعين في هذا الموضوع في الولايات المتحدة الأمريكية] يرى أن هذه المهمة لا ترقى إلى درجة التثبيط أو التكلفة كما يعتقد البعض. وتكمن براعة الحل في تسريع توجهاتنا الحالية للوصول إلى مردود طاقي أعلى.

5. توفير ريّ رخيص للمزارعين الفقراء (الصفحة 44). كيف يمكننا إطعام تلك الأفواه المتزايدة من غير استبدال التربة الزراعية واستنفاد المكامن المائية وإنشاء السدود حتى على آخر نهر لدينا؟ يرى خبير التطوير <P.پولاك> أنه يمكن لتقانة مناسبة متدنية المرتبة، مثل المضخات اليدوية وطريقة الريّ بالتنقيط، أن تزيد المحاصيل الزراعية وتوسّع إمدادات المياه المحدودة وتقود المزارعين إلى سبيل الرفاه.

6. تقوية المنظومات الصحية (الصفحة 52). في البلدان الغنية والنامية بسرعة، مثل الصين والهند، يتزايد أعداد المرضى نتيجة لحالات مرضية مزمنة، مثل أمراض القلب والعلل العقلية، أكثر من حالات العدوى. أما في البلدان الفقيرة فتظل الملاريا والسل وغيرها من العلل تشكل العبء الأكبر. ويرى خبير الأوبئة <R.B.بلوم> أن قمة الأولويات، في الحالتين، هي في الوقاية الأفضل؛ والتي يجب أن تراوح ما بين التحصين باللقاحات واستخدام الكلاّت (الناموسيات) وبين الحملات ضد التدخين.

7. الاستعداد لنمو أبطأ (الصفحة 60). على المؤسسات السياسية والتمويلية أن تعيد تنظيم نفسها مع اقتراب الاقتصاد من قيود ومحددات عالمية. ويدعو الاقتصادي <E.H.دالي> إلى طرق جديدة لتحصيل الضرائب وتحديد نسب الفوائد المصرفية والتحكم في التلوث البيئي واستخلاص الموارد. وفي تعليق مرافق لهذا الموضوع، يوافق الاقتصادي <P.داسگوپتا> على الكثير مما قاله <دالي>، لكنه يرى أن اقتصاديات الدول الغنية الآن أكثر استدامة مما يعتقده الكثيرون.

8. وضع أولويات أكثر عقلانية (الصفحة 68). يجري الآن ترتيب الأولويات بشكل كبير من صاحب الصوت الأعلى أو ذلك الذي يمارس رياضة الگولف مع الأشخاص المناسبين. وكما يصف الأمر <W. ويت گيبّس> [الكاتب في هذه  المجلة] يعمل علماء الاقتصاد والبيئة على إيجاد مقاربات أفضل. ففي ظل تقدير صحيح للتكاليف والاستحقاقات المالية، يمكن للأسواق أن تعمل كحواسيب ضخمة موزعة بحيث ترجح عمليات المبَادلة. إلاّ أن المقاربات هذه يمكن أن تفشل، مثلا، عندما تتركز التكاليف وتنتشر المزايا.

 

ومن الموضوعات المكررة لهذا المخطط هو أن الأعمال التجارية ليست بالضرورة عدوة للطبيعة، أو بالعكس. وتقليديا لم يتم حتى تعريف الاقتصاد والبيئة بمصطلحات مماثلة. فالإحصائيات الاقتصادية الأكثر تداولا، مثل الناتج المحلي الإجمالي (GDP) (5)، لا تقيس مدى استنزاف الموارد؛ بل بشكل أساسي، هي مقاييس للتدفق النقدي cash flow أكثر منها لكشوفات ميزانيات الأصول  والالتزامات. فإزالة غابة بكاملها ترفع الناتج المحلي الإجمالي لكنها تدمّر أصولا كان بإمكانها أن تؤمن دخلا مستمرا.

 

وبشكل أعمّ، إن الأثمان التي ندفعها للسلع والخدمات نادرا ما تتضمن التكاليف البيئية المصاحبة لها؛ وعلى شخص ما أن يدفع هذه التكلفة ـ ذلك الشخص هو في العادة نحن، لكن في زي آخر. وفي أحد التقديرات، فإن دافع الضرائب الأمريكي العادي يدفع 2000 دولار سنويا لدعم الزراعة وقيادة الآليات  والتعدين في المناجم والفعاليات الأخرى ذات التأثيرات البيئية القوية. ولا تقدم السوق المشوّهة للمستهلكين وللمنتجين الكثير من الحوافز لعمليات تنظيف هذه التأثيرات. ويدعم البيئيون هذا التوجه عن غير قصد عندما يركّزون أنظارهم على مفاتن الطبيعة التي لا تقدر بثمن، والتي وإن كانت ذات شأن فإنه يصعب مقارنتها بهموم أكثر إلحاحا. إن «قانون الأجناس المهدّدة بالانقراض»Endangered Species Act قدم أمثلة صارخة لأولئك المؤيدين الذين يتحاورون بترددات مختلفة بعضهم مع  بعض. فجماعات «الخضر» أنحت باللائمة على الحطّابين للانقراض التدريجي لطيور البوم المرقط(6)؛ والحطابون أرجعوا مشكلة البطالة إلى إشباع نزوات علم الطيور. وفي الحقيقة، فإن كلتا الجماعتين كانت ضحية للحراجة غير المستدامة.

 

وفي السنوات الأخيرة، أجمع علماء الاقتصاد والبيئة على إبراز أهمية الطبيعة. وبعيدا عن الحطّ من قدرها، يكشف هذا الإجماع مدى اعتمادنا عليها. ويبيّن «التقويم الألفي لمنظومة التبيؤ» The Millennium Ecosystem Assessment، الذي نُشر في وقت مبكر من عام 2005، تلك الخدمات التي يجب على البشر تأمينها بأنفسهم بتكلفة مرتفعة ـ بدءا من تلقيح غبار الطلع وانتهاء بتنقية المياه ـ هذا إذا لم تقم الطبيعة بذلك. فمن بين 24 صنفا عاما من هذه الخدمات، وجد فريق أجرى هذا التقويم، أن 15 صنفا تُستهلك أسرع مما تتجدد.

 

وعندما تُؤخذ البيئة كمعامل مهم كما ينبغي، يصبح غالبا ما هو جيد للطبيعة جيدا للاقتصاد، وحتى لقطاعات العمل الإفرادية. فصيادو الأسماك، على سبيل المثال، يضاعفون أرباحهم عندما يستغلون مواطن الأسماك بسوية مستدامة؛ أما الذهاب أبعد من ذلك، فإن كلا من المحاصيل السمكية والأرباح ستتراجع عندما يلهث عدد أكبر من الصيادين وراء عدد أقل من الأسماك. ولاشكّ أن الحياة ليست ملائمة على الدوام؛ فعلى المجتمع أحيانا أن يقوم بمقايضات حقيقية؛ ولكنها فقط بداية لسبر خيارات تعود بالنفع على جميع الأطراف.

وإذا ما وضع صانعو القرار الأطر الناظمة بشكل صحيح، فعندها سيتم تأمين مستقبل البشرية عن طريق آلاف القرارات الوضعية: كم عدد الأطفال الذين يجب على الناس إنجابهم، أين ترعى قطعان ماشيتهم وكيف يقومون بالعزل الحراري لبيوتهم. ففي الشؤون الدنيوية(7) يتم عادة إحراز أعمق التقدمات. فما يجعل مجتمعا  ما غنيا، ليس الحواسيب والأقراص الرقمية المتعددة الاستعمالDVD والتي تجدها هذه  الأيام حتى في قرى متواضعة، وإنما أنابيب الصرف الصحي والأسرّة الطرية والإحساس  بالأمان المادي والاقتصادي. وبالمساعدة على تحقيق هذه المزايا العصرية للجميع، سيكون العلم والتقانة قد أنجزا شيئا أكثر إثارة من بناء مستعمرات فضائية.

 

المؤلف

George Mussar

  عضو هيئة الكتّاب والمحررين في مجلة ساينتفيك أمريكان.

 

(*) THE CLIMAX OF HUMANITY

(**) Three World-Changing Transition

(***) Action Plan For The 21st century

 

(1) ج: إنسالة robot وهذه نحت من إنسان-آلي.

(2) exponential growth

(3) the bottleneck

(4) نسبة إلى نظرية مالتُس التي تقول بأن ازدياد عدد السكان يتجاوز ازدياد الموارد الغذائية وأنه يجب لذلك تحديد عدد السكان.

(5) gross domestic product

(6) spotted owls

(7) mundane

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى