أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
بيولوجيا

شبكة التواصل الاجتماعي النهائية

شبكة التواصل الاجتماعي النهائية(*)

الباحثون الذين يدرسون البكتيريا الصديقة التي تعيش في داخلها،
بدؤوا يعرفون من المسؤول عنها – أهو الميكروبات أم البشر؟

<J. أكيرمان>

 

 باختصار

  عدديا، تتفوق الخلايا البكتيرية في الجسم على الخلايا البشرية وذلك بمعدل 10 إلى 1. إلا أن الباحثين بدؤوا مؤخرا بوصف الأدوار المفيدة التي يمكن أن تؤديها هذه الميكروبات في تقوية الصحة.

بعض من هذه البكتيريا لديه جينات تكودencode  لمركبات نافعة لا يستطيع الجسم بناءها بنفسه. أما البكتيريا الأخرى فتبدو وكأنها تدرب الجسم لكي لا يتفاعل بشكل زائد مع الأخطار الخارجية.

يسمح التقدم في الحوسبة وتحليل التتابعات الجينية للباحثين بأن يكونوا فهرسا مفصلا لجميع الجينات البكتيرية المكونة لما يسمى بالبنية الميكروبية.

ولسوء الحظ، فإن التدمير غير المتعمد للميكروبات النافعة باستخدام المضادات الحيوية، وذلك من بين أشياء أخرى، قد يؤدي إلى زيادة في حالات الإصابة باضطرابات المناعة الذاتية والبدانة.

 

 

في وقت ما، اعتقد علماء البيولوجيا أن أجسام البشر ما هي إلا جزر فسيولوجية منعزلة ذات قدرة تامة على تنظيم أعمالها الداخلية. فقد قامت أجسامنا بصنع جميع الإنزيمات اللازمة لتكسير الغذاء واستخدام ما به من عناصر مغذية في الإمداد بالطاقة وإصلاح الأنسجة والأعضاء. ومن ثم فإن الإشارات الصادرة عن الأنسجة الخاصة بنا، أَمْلَتْ على الجسد حالته من حيث إحساسه بالجوع أو الشبع. واستطاعت الخلايا المتخصصة بجهازنا المناعي أن تعلِّم نفسها كيفية تعرف الميكروبات – المُمْرِضات pathogens  – ومهاجمتها مع تجنبها، في الوقت نفسه، إيذاء الأنسجة الخاصة بنا.

إلا أنه خلال الأعوام العشرة الأخيرة تقريبا، بيّن لنا الباحثون أن جسم الإنسان ليس بجزيرة منعزلة تتميز بالاكتفاء الذاتي كليا. إنه يشبه بدرجة أكبر، نظاما بيئيا(1) معقدا – أو شبكة تواصل اجتماعي(2)  – تحتوي على تريليونات من الخلايا البكتيرية والمتعضيات الميكروية microorganisms الأخرى التي تستوطن الجلد والمناطق التناسلية والفم وبخاصة الأمعاء. وفي الحقيقة، فإن أغلب الخلايا الموجودة في جسم الإنسان ليست بشرية تماما. إذ يتجاوز عدد الخلايا البكتيرية في جسم الإنسان عشرَ مراتٍ عددَ الخلايا البشرية. وأكثر من ذلك، فقد تبيَّن أن هذا المجتمع المختلط من الخلايا الميكروبية والجينات الموجودة بها، والتي يطلق عليها مجتمعة اسم «البنية الميكروبية»(3)، لا يمثل تهديدا لنا، بل إنه قد يساعدنا على نحوٍ فعال، على إنجاز عمليات فسيولوجية أساسية – تمتد من الهضم، إلى النمو، إلى المناعة الذاتية.

وهذا عمل رائع للجسم البشري.

لقد حقــق عــلمـاء البيــولوجيــا تقــدمــا جيــدا في تمييــز صفــات أكثـر الأنــواع الميكروبيــة انتشارا في الجسم. كما بــدؤوا حديثــا بتعرف التأثيرات الخاصة لهذه الكائنات المقيمة في جسم الإنسان. وبقيامهم بذلك، فإنهم يكتسبون رؤية جديدة للكيفية التي تعمل بها أجسامنا، وللأسباب التي تؤدي إلى زيادة حدوث أمراض معاصرة معينة، مثل البدانة(4)  واضطرابات المناعة الذاتية(5).

واحد من كثيرين(**)

عندما يفكر الناس في وجود الميكروبات بالجسم، فإنهم، عادة، يعتقدون أنها مُمْرضات. وبكل تأكيد، فإن الباحثين ركزوا اهتمامهم، وقتا طويلا، على تلك الكائنات الصغيرة المؤذية(6) فقط، وتجاهلوا الأهمية المحتملة للأنواع الحميدة منها. ويرجع السبب في ذلك، كما يرى <K .S. مازمانين> [من معهد كاليفورنيا للتقانة(7)]، إلى رؤيتنا غير الدقيقة للعالم. فهو يقول: «إن إحساسنا الزائد بأهميتنا(8) أخذنا إلى الوراء: حيث كنا نميل إلى الاعتقاد أن لدينا جميع الوظائف التي نحتاج إليها لصحتنا. ولكن بما أن الميكروبات غريبة عنا، وبما أننا نكتسبها خلال معيشتنا، فإن هذا لا يعني أنها، على أي نحو، أقل من أن تكون جزءا أساسيا منا».

من المؤكد أن لدى جميع البشر «بنية ميكروبية» منذ المراحل المبكرة من حياتهم، وذلك على الرغم من أنهم لا يبدؤون بها عند الميلاد، علما بأن كل فرد يكتسب تجمعا من الكائنات الميكروبية المتعايشة(9)  من البيئة المحيطة. فالرحم لا يحتوي طبيعيا على البكتيريا، ولذلك فإن المواليد الحديثي الولادة يبدؤون حياتَهُمْ كائناتٍ أحادية معقمة. ولكن بمرورهم في قناة الولادة، فإنهم يلتقطون بعضا من الميكروبات المتعايشة في الأم، والتي تبدأ بالتضاعف بعد ذلك. كذلك، فإن الرضاعة من الثدي وتناقل المولود بين أيدي الآباء والأجداد، والأشقاء والأصدقاء الفخورين به – وذلك بخلاف الاتصال المعتاد بملاءات السرير، والبطانيات، وحتى الحيوانات الأليفة بالمنزل – تشارك جميعها، وبسرعة، في تكوين فلك متمدد(10) من الميكروبات. وبنهاية فترة الرضاعة تكون أجسامنا داعمة لوجود أحد أكثر النظم البيئية الميكروبية تعقيدا على سطح هذا الكوكب.

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2012/11-12/2012_11_12_05_b.jpg

 

خلال الأعوام الخمسة الأخيرة أو نحوها، أجرى العلماء أبحاثا لمعرفة طبيعة هذا النظام البيئي، وهذه مهمة صعبة إلى حد بعيد. فالخلايا البكتيرية في الأمعاء، على سبيل المثال، تطورت لكي تنمو في بيئة الأمعاء(11)  المزدحمة والخالية من الأكسجين، ولذلك فإن الكثير من الأنواع البكتيرية لا يمكنها المقاومة جيدا لكي تظل حية في المساحات المتسعة في طبق بتري(12). إلا أن الباحثين استطاعوا الالتفاف حول هذه المشكلة بدراستهم التعليمات الجينية (الوراثية)(13) في سلاسل الدنا DNA والرنا RNA، حيث يمكن التعامل مع الدنا والرنا في ظروف البيئة المختبرية المعتادة والمحتوية على الأكسجين، ومن ثم فإن الباحثين يستطيعون أخذ عينات ميكروبية من الجسم، ويستخلصون منها المادة الجينومية(14)، ثم يقومون بتحليل النتائج.

لقد اتضــح أن لكـــل نــوع من البكتيريـا المتعايشة في الجسم توقيعا(15)خــــــاصـــا بــــه. ويتمثــــل ذلـــك بنســــخةٍ خــاصـة لكل جـــــين (يطـــلــق عــــليــــه جـــين الــــرنــــا الــريــبـوسومي 16S)، والذي يكود codes لجـزيء معين مـن الرنـا يوجـد في الريبوسومات(16)، التي تعمل كآلات لتصنيع البروتين في الخلايا. وعن طريق تحديد تتابعات النيوكليوتيدات في هذا الجين، يمكن للعلماء إنتاج فهرس(17)  لوصف البنية الميكروبية بكاملها في الإنسان. وبهذه الطريقة، يستطيع العلماء جمع معلومات عن الأنواع الميكروبية التي قد توجد في أجسامنا، وعن كيفية اختلاف التوليفة الدقيقة من هذه الأنواع من شخص إلى آخر.

والخطوة التالية هي أن يُجرى تحليل الجينات الأخرى في التجمعات الميكروبية لتحديد النشيط منها داخل أجسام البشر، والوظائف التي يقوم بها. ومرة أخرى، فإن إنجاز هذا الإجراء الروتيني هو أمر بالغ الصعوبة بسبب العدد الهائل من الأنواع الميكروبية واختلاط الجينات الخاصة بها بعضها ببعض عند استخلاصها. إن تقدير وجود جين بكتيري معين في حالة نشطة (أي يمكن التعبير عنه) في الجسم هو أمر بسيط نسبيا، ولكن ليس من السهل معرفة النوع البكتيري الذي ينتمي إليه هذا الجين. ولحسن الحظ، فإن تطوير أجهزة حاسوبية عالية الكفاءة، وأجهزة عالية السرعة لتحديد التتابعات النيوكليوتيدية في الجينات(18)  وذلك في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أدى إلى تحويل ما كان يوما ما مهمة مستحيلة في التصنيف والتحليل، إلى مجرد أمر بالغ معقد جدا.

 

[أكثر من بشر]

يا صديقي، هل يمكنك الاستغناء عن جين؟(***)

  أيد مساعدة: إلى حد بعيد، تتجاوز أعداد الجينات الموزعة بين البكتيريا الصديقة، التي تعيش في داخل جسم البشر وعلى بشرتهم، أعداد ما نرثه من آبائنا من جينات. وحاليا، يقوم الباحثون بشكل مفصل باكتشاف أي من هذه الجينات الميكروبية يمكنه أن يكون نافعا لعوائله من البشر وكيف يتم ذلك.

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2012/11-12/2012_11_12_06.jpg
الإنسان:
20 000 إلى 25 000 جين تحتوي البنية الميكروبية في الأمعاء على نحو 3.3 مليون جين.

 

 

وقد قامت مجموعتان بحثيتان مستقلتان من العلماء، إحداهما في الولايات المتحدة الأمريكية والأخرى في أوروبا، بالاستفادة من هذه التقنية الجديدة في تقدير أعداد الجينات البكتيرية في جسم الإنسان. ففي بداية عام 2010 نشرت المجموعة الأوروبية تقريرها الإحصائي(19) للجينات الميكروبية في الجهاز الهضمي للإنسان – حيث قُدرت بنحو 3.3 مليون جين (ناتجة من أكثر من 1000نوع ميكروبي) – وهو ما يمثل 150 ضعفا لعدد الجينات الموجودة في جينوم الإنسان، التي يتراوح عددها ما بين 000 20 و 000 25 جين.

لقد نتج من الدراسة البحثية في طبيعة البنية الميكروبية للإنسان عدة مفاجآت؛ فعلى سبيل المثال، لا يمكن لاثنين من البشر أن يكون لهما التركيبة الميكروبية نفسها – حتى وإن كانا توأمين متماثلين(20). وربما يساعد هذا الاكتشاف على فك اللغز الذي قدمه لنا مشروع الجينوم البشري(21)، والذي بيّن أن هناك تشابها في دنا البشر على مستوى العالم بنسبة 99.9%. ومن الممكن أن ترتبط مصائرنا، وصحتنا، وربما بعض من أفعالنا، بالتباين في جينات بنيتنا الميكروبية أكثر من ارتباطها بجيناتنا. ومع أن البنى الميكروبية تختلف بوضوح، من شخص إلى آخر، وذلك فيما يتعلق بالأعداد النسبية وأنواع الميكروبات التي تحتويها، إلاّ أن أغلب البشر لديهم مجموعة أساسية كاملة من الجينات البكتيرية المفيدة، التي ربما تكون ناتجة من أنواع مختلفة. إلا أن هذه البكتيريا المفيدة يمكنها أن تسبب أمراضا خطيرة، وذلك إذا اختتمت مسيرتها بوجودها في مكان ليس من المفترض أن توجد فيه – وعلى سبيل المثال، في الدم (حيث تسبب البكتيريا مرضا إنتانيا(22))، أو في شبكة الأنسجة الموجودة بين الأعضاء في منطقة البطن (وهو ما يسبب التهاب الصّفاق(23)).

أصدقاء نافعون(****)

منذ عقود، بدأ الشك في أن الميكروبات bugs النافعة ربما تكون ذات فائدة لنا وذلك نتيجة أبحاث علمية في الهضم وإنتاج الڤيتامينات في أمعاء الحيوانات. وبحلول الثمانينات من القرن الماضي، كان الباحثون قد تعلموا أن أنسجة الإنسان تحتاج إلى الڤيتامين B12 لإنجاز العديد من الأشياء، ومنها إنتاج الطاقة للخلية وبناء الدنا وصناعة الأحماض الدهنية. كذلك، فقد توصل الباحثون إلى أن البكتيريا وحدها هي التي يمكنها بناء الإنزيمات اللازمة لإعداد هذا الڤيتامين من نقطة الصفر. وبشكل مشابه، فإن العلماء قد عرفوا منذ أعوام أن بكتيريا الأمعاء يمكنها تكسيرُ مكوناتٍ معينةٍ في الغذاء، ومن دونها تصبح هذه المكونات غير قابلة للهضم، وتمر إلى خارج الجسم من دون أن يجري استخدامها. إلا أنهم قد تعلموا خلال الأعوام القليلة الماضية فقط التفاصيل المثيرة(24) لذلك: يقوم نوعان من البكتيريا المتعايشة، بوجه خاص، بتأدية أدوار كبرى في الهضم وتنظيم الشهية.

ربما يبدو اسم المثال الرئيسي لميكروب نافع كأنه اشتُق من اسم أحد بيوت الطلبة الذين لهم أسماء يونانية. إنه الميكروب (25)(Bt) وهو أحد أبطال تكسير الكربوهيدرات، حيث لديه قدرة على تكسير جزيئات الكربوهيدرات الكبيرة والمعقدة، الموجودة في العديد من الأغذية النباتية المصدر وتحويلها إلى گلوكوز(26) وغيره من سكريات أخرى صغيرة، وبسيطة، ويمكن هضمها  بسهولة. والجينوم البشري يفتقد إلى معظم الجينات اللازمة لبناء الإنزيمات اللازمة لتكسير هذه الكربوهيدرات المعقدة. ولكن الميكروب Bt لديه جينات تكود لأكثر من 260 إنزيما لديها قدرة على هضم المادة النباتية. وبذلك فهو يمد البشر بوسيلة فعالة لاستخلاص المغذيات من ثمرات البرتقال والتفاح والبطاطا وجنين القمح(27) وغيرها من الأغذية.

والتفاصيل الجذابة حول الكيفية التي يستطيع بها الميكروب Bt أن يتفاعل مع العوائل الحاملة له ويدعمها، تأتينا من دراسات عن فئران رُبِّيَتْ في بيئة معقمة تماما (لذا، فهي لا تحمل أي بنية ميكروبية) مع تعريضها فقط لهذا النوع الميكروبي بالتحديد. وفي عام 2005 سجل الباحثون بجامعة واشنطن في سانت لويس أن الميكروب Bt  يمكنه مواصلة المعيشة باستهلاك الكربوهيدرات المعقدة المعروفة بالسكريات العديدة(28)، حيث تقوم هذه البكتيريا بتخمير هذه المركبات، لتنتج أحماضا دهنية قصيرة السلسلة (وهي في الأساس من مخلفات الميكروب) تستطيع الفئران استخدامها كوقود. وبهذه الطريقة، فإن البكتيريا يمكنها استخلاص كالوريات (سعرات حرارية) calories من أنواع غير قابلة للهضم طبيعيا من الكربوهيدرات، مثل الألياف الغذائية في نخالة الشوفان(29). (في الحقيقة، يجب على القوارض الخالية من البكتيريا أن تتناول كالوريات أكثر بنسبة 30% من تلك التي لديها بنية ميكروبية كاملة، وذلك كي تكتسب الوزن نفسه).

لقد أدت دراسة البنية الميكروبية إلى إعادة تقديم أحد أنواع البكتيريا الممرضة يسمى هليكوبكتر پيلوري(30) بوجه أفضل. فمع توجيه أصابع الاتهام إلى هذا الميكروب كعامل مسبب للإصابة بقرحة المعدة(31)  بواسطة الطبيبين الأستراليّيْن <B. مارشال> و <R. ورن> في الثمانينات من القرن الماضي، فإنه يبدو كأحد الأنواع البكتيرية القليلة التي يمكنها أن تنمو في البيئة الحامضية في المعدة. ومع أنه كان من المعروف سابقا، ولفترة طويلة، أن الاستخدام المستمر للأدوية المسماة بالعقاقير اللاسترودية المضادة للالتهابات(32)، أوNSAIDs، هو سبب شائع لحدوث القرحة المعدية، فإن اكتشاف إسهام البكتيريا في حدوث هذه الحالة المرضية، كان نبأ جديرا بالملاحظة. وفي أعقاب هذا الاكتشاف من <مارشال>، فإن معالجة القرحة المعدية بالمضادات الحيوية صارت ممارسة عادية. ونتيجة لذلك، فإن معدل حدوث القرحة المعدية المستحثة بواسطة هليكوبكتر پيلوري قد انخفض بأكثر من 50 في المئة.

 

[خريطة تحديد مواقع الميكروبات في الجسم]

أنواع مختلفة لأسباب مختلفة(*****)

  تتجمع أنواع مختلفة من الميكروبات في كل مكان داخل وعلى جسم الإنسان. ويحافظ وجود هذه الميكروبات على صحة العائل، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن وجودها يجعل الأمر صعبا على الميكروبات المسببة للأمراض بأن تقوم باختراق الجسم. والعديد من الأنواع، مثل الميكروبBf، يمكنها أيضا أن تقوم بأداء وظائف نافعة متخصصة، ويتضمن ذلك المساعدة على تطور الجهاز المناعي وتنظيمه (انظر أسفل يمين الشكل).

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2012/11-12/2012_11_12_08.jpg

  (1) تلتقط الخلايا المناعية المسماة «خلايا متغصنة» dendritic cellsجزيئا molecule يسمى السكر العديد (33)A وذلك من خلايا بكتيريا الباكترويدز فراگليس (34)(Bf)  وتقدمه إلى الخلايا التائية غير  المتخصصة.

  (2) تحفز فتات وقطع المركب PSA الخلايا التائية غير المتخصصة لكي تصبح خلايا تائية منظمة، والتي تقوم بدورها بإنتاج مواد تعمل على إخماد الجهود العدوانية للخلايا التائية الالتهابية.

  دراسة حالة: كيف يمكن لنوع بكتيري واحد أن يساعد

إن الدراسات على الفئران التي تمت تربيتها تحت ظروف معقمة أظهرت أن البكتيريا Bf أساسي للمحافظة على صحة الأمعاء. ففي إحدى التجارب، تم إعطاء الفئران الخالية من البكتيريا سلالة من البكتيريا Bfلديها القدرة على إنتاج مركب كربوهيدراتي معقد يُسمى السكر العديدPSA) A) فلم يحدث للفئران التهاب في الأمعاء (التهاب القولون) colitis، بينما حدث التهاب حاد في أمعاء الفئران التي تم إعطاؤها سلالة من البكتيريا Bf ليس لديها القدرة على إنتاج المركب PSA. وأظهر الباحثون أن وجود المركب PSA أدى إلى تحفيز تطوير خلايا تائية منظمة والتي قامت بدورها بإيقاف عمل الخلايا التائية الالتهابية، مما أعاد إلى الأمعاء صحتها.

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2012/11-12/2012_11_12_09.jpg

 

 

إلا أن الأمــر ليس بهــذه البســاطة، وذلــك عــلى حــد قــول <M. بلاسر>، أستاذ الطب الباطني والميكروبيولوجي في جامعة نيويورك، الذي قام بدراسة هليكوبكتر پيلوري خلال الخمسة والعشرين عاما الأخيرة. ويقول <بلاسر>: «كجميع الباحثين في هذا المضمار، بدأت العمل على هليكوبكتر پيلوري كممرض بسيط. ولكن الأمر استغرق مني بضع سنوات لكي أدرك أنه في الحقيقة ميكروب متعايش.» ففي عام 1998 قام <بلاسر> وزملاؤه بنشر دراسة أظهرت أنه في معظم البشر، يعمل هليكوبكتر پيلوري على إفادة الجسم بالمساعدة على تنظيم مستويات الحوامض المعدية gastric acids، وذلك بما يؤدي إلى إيجاد بيئة مناسبة له وللعائل الذي يحتويه. فإذا قامت المعدة، على سبيل المثال، بإنتاج كمية كبيرة جدا من الحامض تساعد على نمو هذا الميكروب، فإن سلالات منه تكون حاملة للجين المسمى cagA، تعمل على إنتاج بروتينات تعطي إشارة إلى المعدة لكي تخفض من إنتاج الحامض. إلا أن لهذا الجين تأثيرا غير مرغوب فيه لدى الأشخاص الحساسين للميكروب، إذ إنه يتسبب في حدوث القرحة التي أكسبت هليكوبكتر پيلوري سمعة سيئة(36).

 

بعد مرور عقد من الزمن قام <بلاسر> بنشر دراسة أخرى، مُقترِحا وظيفة أخرى لهليكوبكتر پيلوري، إلى جانب دوره في تنظيم حموضة المعدة. لقد عرف العلماء منذ عدة سنوات أن المعدة تقوم بإنتاج هرمونين لهما دور في تنظيم الشهية للطعام وهما: الگريلين(37)، الذي يخبر المخ بأن الجسم بحاجة إلى أن يأكل، والليبتين(38)، الذي يعمل – إلى جانب قيامه بأشياء أخرى – على إعطاء إشارة بامتلاء المعدة، وعدم الحاجة إلى المزيد من الغذاء. يقول <بلاسر>: «عندما تستيقظ في الصباح وأنت جائع، فإن سبب ذلك هو أن مستويات الگريلين مرتفعة. إن الهرمون يخبرك بأن تأكل، ثم ينخفض بعد تناولك وجبة الإفطار» وهذا ما يشير إليه العلماء بانخفاض ما بعد الوجبة(39).

وفي دراسة نُشرت عام 2011، لاحظ <بلاسر> ما يحدث لمستويات الگريلين قبل تناول الوجبات وبعدها، وذلك في أشخاص لديهم هليكوبكتر پيلوري، وآخرين يخلون منه. وقد كانت النتائج واضحة، يقول <بلاسر>: «إذا كان لديك هليكوبكتر پيلوري، فسيحدث لك انخفاض ما بعد الوجبة في مستوى الگريلين. وعندما تتخلص من الهليكوبكتر پيلوري، فلا يحدث لك ذلك. إن هذا يعني – بداهة – أن الهليكوبكتر پيلوري يشارك في تنظيم مستوى الگريلين» – ومن ثم له تأثير في الشهية للطعام. إلا أن الكيفية التي يستخدمها للقيام بذلك مازالت لغزا إلى حد بعيد. لقد أوضحت الدراسة التي أُجريت على 92 من المحاربين القدامى(40)  أن الأشخاص الذين عولجوا بمضادات حيوية للتخلص من الهليكوبكتر پيلوري، اكتسبوا المزيد من الوزن، وذلك مقارنة بأقرانهم غير المصابين بالميكروب – ومن المحتمل أن يكون ذلك بسبب أن مستوى الگريلين قد ظل مرتفعا في الوقت الذي كان يجب أن ينخفض فيه، وهذا مما جعلهم يشعرون بالجوع وقتا أطول، ويتناولون مزيدا من الطعام.

منذ جيلين أو ثلاثة أجيال، حمل 80% من الأمريكيين هذا الميكروب القوي. أما الآن فإن أقل من 6% من الأطفال الأمريكيين لديهم نتيجة إيجابية في اختبار الكشف عن هذا الميكروب. ويقول <بلاسر>: «لدينا جيل كامل من الأطفال الذين يكبرون من دون الهليكوبكتر پيلوري، الذي يقوم بتنظيم مستوى الگريلين الذي تنتجه المعدة». أضف إلى ذلك، أن الأطفال الذين يتعرضون تكرارا إلى جرعات مرتفعة من المضادات الحيوية، معرضون لمواجهة تغيرات أخرى في تركيبتهم الميكروبية. فعند بلوغ الخامسة عشرة من العمر، يكون معظم الأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية قد تعرضوا لدورات متعددة من المعالجة بالمضادات الحيوية، وذلك في مواجهة حالة مرضية واحدة – وهي التهاب الأذن الوسطى(41)  أو إصابة الأذن. ويظن <بلاسر> أن هذه المعالجة الواسعة الانتشار للأطفال الصغار بالمضادات الحيوية قد أدت إلى تغيرات في تركيبات البنية الميكروبية المعوية الخاصة بهم، وأن تلك التغيرات ربما تساعد على تفسير المستويات المرتفعة من إصابة الأطفال بالبدانة. ويعتقد أن البكتيريا المتباينة الداخلة في البنية الميكروبية ربما تؤثر في قيام نوع معين من الخلايا الجذعية بالجسم، وهي خلايا غير متخصصة نسبيا – على أن يصبح متخصصا كخلايا دهنية أو عضلية أو عظمية. وهو يُحَاجُّ في أن تناول المضادات الحيوية في مرحلة مبكرة من الحياة، ومن ثم التخلص من أنواع ميكروبية معينة، قد يتداخل مع الإشارات الطبيعية، مؤديا إلى إنتاج زائد عن اللازم من الخلايا الدهنية.

تُرَى، هل الفقد المتزايد للهليكوبكتر پيلوري وغيره من البكتيريا من البنية الميكروبية للإنسان، إضافة إلى بعض العادات الاجتماعية – مثل الإتاحة السهلة للأغذية ذات الكالوريات العالية، والانخفاض المستمر في العمل اليدوي – هي عوامل كافية لترجيح كفة الميزان لانتشار وباء البدانة على مستوى العالم؟ يقول <بلاسر>: «نحن لا نعلم حتى الآن ما إذا كان ذلك سوف يكون جزءا أساسيا أو غير مهم في قصة البدانة، إلا أنني أراهن على أنه لن يكون أمرا ثانويا في أهميته.»

إن استخدام المضادات الحيوية على نطاق واسع ليس، في رأي <بلاسر>، السبب الوحيد في حدوث خلل غير مسبوق في البنية الميكروبية للإنسان. بل إن التغيرات الكبيرة في بيئة الإنسان خلال القرن الماضي، شاركت في ذلك أيضا. فالزيادة الواضحة في عدد الولادات القيصرية(42) خلال العقود القليلة الماضية، حدَّت بوضوح، من نقل جميع السلالات الميكروبية المهمة من الأم إلى المولود عبر قناة الولادة. (أكثر من 30%  من إجمالي المواليد في الولايات المتحدة يجري توليدهم قيصريا، وفي الصين – بلد الطفل الواحد لكل زوجين – فإن هذه العملية الجراحية مسؤولة عمّا يقرب من ثلثي ولادات النساء المقيمات في المناطق الحضرية). وانتشار الأسر الصغيرة العدد على مستوى العالم، يعني وجود أشقاء أقل، وهم المصدر الرئيسي للمادة الميكروبية لأشقائهم الذين هم أصغر منهم خلال سنوات الطفولة المبكرة. وحتى الماء الذي هو أنظف – والذي أنقذ حياة الملايين – فإنه يسبب خسارة في البنية الميكروبية للإنسان، ذلك أنه يحمل تنوعا أقل من البكتيريا التي يمكن أن نتعرض لها. والنتيجة هي: عدد أكبر وأكبر من الناس يولدون ويكبرون في عالم ميكروبي يزداد فقرا.

توازن دقيق(******)

يتَّضح من الدراسات التي تُجْرَى حاليا على الميكروبين Bt وهليكوبكتر پيلوري أن مجرد طرح الأسئلة الأساسية عمّا تؤديه هذه الأنواع البكتيرية في الجسم يؤدي إلى إجابات معقدة. وإذا تقدمنا خطوة إلى الأمام وتساءلنا عن كيفية استجابة الجسم لوجود جميع هذه الخلايا الغريبة بداخله، فإن هذا سوف يقدم لنا تعقيدا أكبر. على سبيل المثال، يقترح لنا الفهم التقليدي للكيفية التي يستطيع من خلالها الجهاز المناعي التمييز بين خلايا الجسم (الذاتية) والخلايا المختلفة عنها جينيا (غير الذاتية) أن جزيئاتنا الدفاعية في حالة حرب مستمرة ضد هذه الأعداد التي لا تحصى من الميكروبات الدخيلة. ولكن لماذا لا تكون الأمعاء، على سبيل المثال، مسرحا لحدوث معارك أكثر ضراوة بين الخلايا المناعية للإنسان وتريليونات من البكتيريا الموجودة بها هو أحد الألغاز الكبيرة التي لم يتم حلها حتى الآن في علم المناعة(43).

مفاتيح الحل القليلة لهذا اللغز تقدم رؤىً مثيرة للتوازن بين البنية الميكروبية والخلايا المناعية للإنسان والذي استغرق ما يقارب من 000 200 عام لكي يتحدد. وعلى مدى دهور من الزمن، طور الجهاز المناعي العديد من الضوابط والتوازنات التي تمنعه بصفة عامة من أن يصبح شديد العدوانية (مهاجما حتى أنسجة الجسم) أو متراخيا جدا (فيفشل في تعرف الميكروبات الخطيرة). على سبيل المثال، فإن الخلايا التائية تؤدي دورا رئيسيا في تعرف الميكروبات الغازية للجسم ومهاجمتها، وهي بذلك أيضا تطلق العنان لحدوث التورم والاحمرار وارتفاع درجة الحرارة، وذلك ضمن الاستجابة الالتهابية العامة(44) للإصابة بميكروب ما. إلا أنه وبعد مرور وقت قصير على قيام الجسم بتكثيف إنتاجه من الخلايا التائية، فإنه يبدأ أيضا بإنتاج ما يُعرف بالخلايا التائية المُنظِّمة(45)، والتي يبدو أن وظيفتها الأساسية مواجهة نشاط الخلايا التائية الأخرى المستحثة للالتهاب(46).

إن الخلايا التائية المنظمة تنخرط عادة في العمل قبل أن تزيد الخلايا التائية المستحثة للالتهاب من نشاطها إلى مدى بعيد. «المشكلة هي أن العديد من الآليات التي تستخدمها هذه الخلايا التائية المستحثة للالتهاب لمقاومة الإصابة المرضية – كإطلاق مركّبات سامة، على سبيل المثال – تنتهي بتدمير أنسجتنا»، وذلك كما يقول <مازمانين> [من كالتك(47)]. ولحسن الحظ، فإن الخلايا التائية المُنظِّمة تنتج بروتينا يعمل على كبح الخلايا التائية المستحثة للالتهاب. وتكون المحصلة هي الحد من حدوث الالتهاب ومنع الجهاز المناعي من مهاجمة خلايا الجسم وأنسجته. وما دام يوجد توازن جيد بين الخلايا التائية المولعة بالقتال والخلايا التائية المنظمة التي تكون أكثر تسامحا، فإن الجسم يظل في صحة جيدة.

لقد غيرنا تماما من ارتباطنا بالعالم الميكروبي. وهناك ثمن لكي ندفعه من جرّاء نوايانا الطيبة.

 

و طوال سنوات، افترض الباحثون أن هذا النظام من الضوابط والتوازنات قد أُنْتِجَ بالكامل بواسطة الجهاز المناعي. إلا أنه، وفي مثال آخر لمحدودية قدرتنا على التحكم في مصائرنا، فقد بدأ <مازمانين> وآخرون بإثبات أن وجود جهاز مناعي مكتمل وصحي يعتمد على تدخل مستمر من البكتيريا النافعة. يقول <مازمانين>: «إنه أمر ضد المبادئ المعروفة أن نفكر في أن البكتيريا يمكنها أن تجعل جهازنا المناعي يعمل بطريقة أفضل. إلا أن الصورة تتضح جدا الآن: فالقوة الدافعة لامتلاك الجهاز المناعي خصائصه المعروفة هي الميكروبات المتعايشة».

لقد اكتشف <مازمانين> وفريقه البحثي أن متعضيا ميكرويا شائعا اسمه(48)(Bf)، يعيش في نحو 80-70 في المئة من البشر، يساعد على إبقاء الجهاز المناعي في حالة توازن، وذلك بتقويته للذراع المضاد للالتهاب في هذا الجهاز. بدأ هذا البحث بملاحظات حول أن الفئران الخالية من الميكروبات تكون ذات أجهزة مناعية قاصرة، إذْ تكون خلاياها التائية المُنظِّمة ضعيفة في أداء وظيفتها. وعندما قام الباحثون بتقديم الميكروب Bf إلى الفئران، حدثت استعادة للتوازن بين الخلايا التائية المستحثة للالتهاب والخلايا التائية المضادة للالتهاب، وصارت الأجهزة المناعية لهذه القوارض تعمل بشكل طبيعي.

كيف يحدث ذلك؟ في بدايات التسعينات من القرن العشرين، بدأ الباحثون بتمييز صفات العديد من جزيئات السكر التي تمتد من سطح خلية الميكروب Bf– وبواسطتها يستطيع الجهاز المناعي أن يتعرف وجود هذا الميكروب. وفي عام2005 أوضح <مازمانين> وزملاؤه أن أحد هذه الجزيئات، ويُعرف باسم السكر(49)A، يعمل على تحفيز إنضاج الجهاز المناعي. وبعد ذلك، أظهر مختبر <مازمانين> أن السكر العديد A يعمل على إعطاء إشارة للجهاز المناعي لكي  يقوم بصنع المزيد من الخلايا التائية المنظمة، التي تقوم بدورها بإخبار الخلايا التائية المستحثة للالتهاب بأن تترك الميكروب وشأنه. ولذا فإن سلالات الميكروب Bf التي تفتقد إلى السكر العديد A لا يمكنهـا البقـاء حيــة في البطانة المخاطية(50) للأمعاء، حيث يقوم الجهاز المناعي بمهاجمة الميكروب كما لو كان مُمْرِضا.

في عام 2011 قام <مازمانين> وزملاؤه بنشر دراسة في مجلة ساينسScience بينوا فيها تفاصيل المسار الجزيئي المؤدي إلى هذا التأثير كاملا – وكانت تلك أول مرة يُبَيَّنُ مسار جزيئيّ لعلاقة نفع تبادلية(51) بين ميكروب وكائن ثدييّ. يقول <مازمانين>: «يستطيع الميكروب Bf أن يمدنا بتأثير نافع  جدا، لا يقوم الدنا الخاص بنا بإمدادنا به، وذلك لسبب ما. بسلوك سبل عديدة، يختار الميكروب جهازنا المناعي – بل يقتحمه». ولكن، على خلاف الميكروبات الممرضة، فإن هذا الاقتحام(52) لا يثبط أو يخفض من أداء جهازنا المناعي، لكنه يساعده على القيام بوظيفته. وقد يكون لميكروبات أخرى تأثيرات مشابهة في الجهاز المناعي، وذلك كما يذكر <مازمانين> بقوله: «هذا هو المثال الأول فقط. وهناك، بلا شك، أمثلة أخرى سوف تأتي».

ويا للأسف، فالميكروب Bf يختفي حاليا مثل الميكروب هليكوبكتر پيلوري بسبب التغيرات في نظام المعيشة خلال القرن الفائت. يقول <مازمانين>: «ما فعلناه كمجتمع خلال فترة قصيرة، أدى إلى تغير ارتباطنا بالعالم الميكروبي تماما. وبقيامنا بمجهودات لإبعادنا عن العوامل المسببة للإصابة المرضية، فإننا قد نكون غيرنا أيضا من ارتباطنا بالكائنات النافعة. فهنالك ثمن يجب دفعه لقاء نوايانا الطيبة».

في حالة الميكروب Bf، فإن الثمن ربما يكون زيادة ملحوظة في حالات الإصابة باضطرابات المناعة الذاتية(53). فمن دون قيام السكر العديد A بإعطاء إشارة للجهاز المناعي لكي ينتج المزيد من الخلايا التائية المُنظِّمة، فإن الخلايا التائية المولعة بالقتال تبدأ بمهاجمة كل شيء في مرمى البصر – بما في ذلك أنسجة الجسم ذاتها. ويؤكد <مازمانين> أن ما حدث أخيرا من زيادة معدلات الإصابة باضطرابات المناعة الذاتية، مثل مرض كرون(54)، والداء السكري من النوع الأول(55)، والتصلب المتعدد(56) علما بأن هذه تقدر بسبع أو ثماني مرات، مرتبط بانخفاض أعداد الميكروبات النافعة. يقول <مازمانين>: «جميع هذه الأمراض لها مكون جيني وآخر بيئي. وأعتقد أن المكون البيئي له علاقة بالبنية الميكروبية وما يحدث فيها من تغيرات لها تأثير في جهازنا المناعي.» إن التغير في الميكروبات، الذي يحدث مع التغيرات في الطريقة التي نعيش بها – ويتضمن ذلك الانخفاض في أعداد الميكروب Bf وغيره من الميكروبات المضادة للالتهابات – يؤدي إلى نقص في تطور الخلايا التائية المُنظِّمة. وفي البشر الذين لديهم حساسية جينية، فإن هذا التغير قد يؤدي إلى اضطرابات المناعة الذاتية، وغيرها من الأمراض.

وعلى الأقل، فهذه هي الفرضية الآن. فعند هذه المرحلة من البحث، نجد أن العلاقات بين انخفاض الإصابة بالميكروبات في الإنسان وزيادة معدلات الأمراض المناعية هي فقط مجرد ترابطات correlations. وكما هو الحال في قضية البدانة، فإن فصل السبب عن التأثير الناتج قد يكون أمرا صعبا. فإما أن فَقْد الميكروبات الداخلية بالإنسان أدى إلى ارتفاع هائل لمعدلات أمراض المناعة الذاتية والبدانة أو أن المستويات المرتفعة من اضطرابات المناعة الذاتية والبدانة قد أوجدت مناخا غير موات لهذه الميكروبات الأصلية في الإنسان. ولدى <مازمانين> قناعة بأن الفرضية الأولى هي الصحيحة – أي إن التغيرات في البنية الميكروبية تشارك بقدر ملحوظ في المعدلات المتزايدة لحدوث الاضطرابات المناعية. ولكن «يظل علينا، نحن العلماء، عبء إثبات ذلك بأن نأخذ هذه الترابطات ونثبت أن هناك سببا وأثرا ناتجا منه وذلك بفك الألغاز المتعلقة بالآليات الكامنة وراء تلك الترابطات»، وذلك كما يقول <مازمانين> الذي يضيف: «وهذا ما سنقوم به مستقبلا».

 

المؤلفة

  Jennifer Ackerman
<أكيرمان> هي كاتبة علمية حصلت على عدة جوائز وهي مؤلفة كتاب «آه- تشو! الحياة غير المعتادة لإصابتك بالبرد المعتاد» (صدر في عام 2010 عن دار نشر Twelve). وهي تقوم حاليا بإعداد كتاب عن ذكاء الطيور. http://oloommagazine.com/Images/Articles/2012/11-12/2012_11_12_05_a.jpg

  مراجع للاستزادة

 

Who Are We? Indigenous Microbes and the Ecology of Human Diseases. Martin J. Blaster in EMBO Reports, Vol. 7, No. 10, pages 956–960; October 2006.www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC1618379
A Human Gut Microbial Gene Catalogue Established by Metagenomic Sequencing. Junjie Qin et al. in Nature, Vol. 464, pages 59–65; March 4, 2010.
Has the Microbiota Played a Critical Role in the Evolution of the Adaptive Immune System? Yun Kyung Lee and Sarkis K. Mazmanian in Science, Vol. 330, pages 1768–1773; December 24, 2010.
www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3159383

(*)THE ULTIMATE SOCIAL NETWORK

(**)OUT OF MANY, ONE

(***)Buddy, Can You Spare a Gene?

(****)FRIENDS WITH BENEFITS

(*****)Different Species for Different Reasons

(******)A DELICATE BALANCE

 

(1) ecosystem
(2) social network
(3) microbiome

(4) obesity

(5) autoimmune disorders

(6) harmful bugs

(7) California Institute of Technology

(8) narcissism

(9) commensals: مشتقة من العبارة اللاتينية «المشاركون في مائدة» sharing a table.

(10) expanding ark
(11) gut
(12) petri dish: يُستخدم «طبق بتري» في تنمية مزارع الخلايا.

(13) genetic instructions

(14) genomic material
(15) signature
(16) ribosomes

(17) catalogue

(18) gene sequencers

(19) census

(20) identical twins

(21) Human Genome Project

(22) sepsis: الإنتان هو حالة مرضية خطيرة يصاحبها حدوث تفاعلات التهابية معممة في الجسم نتيجة لوجود الميكروبات أو نواتج استقلابها في الدم والأنسجة.

(23) peritonitis: التهاب حادّ يصيب الأغشية المعوية. (التحرير)
(24) the juicy details
(25) Bacteroides thetaiotaomicron

(26) glucose

(27) wheat germ
(28) polysaccharides
(29) oat bran

(30) Helicobacter pylori

(31) peptic ulcers
(32) nonsteroidal anti-inflammatory drugs
(33) polysaccharide A أو السكر (PSA)

(34) Bacteroides fragilis

(35) Urogenital tract

(36) nasty rap

(37) ghrelin

(38) leptin

(39) postprandial: مشتقة من الكلمة اللاتينية prandium بمعنى «وجبة».

(40) veterans
(41) otitis media
(42) deliveries by cesarean section

(43) immunology

(44) generalized inflammatory response
(45) regulatory T Cells
(46) pro-inflammatory T Cells

(47) Caltech: كالتك هو اختصار لمعهد كاليفورنيا للتقانة California Institute of Technology.

(48) Bacteroides fragilis
(49) polysaccharide A
(50) mucosal lining

(51) mutualism

(52) hijack

(53) autoimmune disorders

(54) Crohn,s disease

(55) type1 diabetes

(56) multiple sclerosis

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى