أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
تحليل

الحياة الميكروية تحت المجهر


الحياة الميكروية تحت المجهر(*)
تعثر المجاهر(1) على جمالٍ في أكثر الأماكن غير المتوقعة.

<K. ونگ>

 

في عام 1665 نشر عالم إنكليزي شاب اسمه <R. هوك> كتابا أطلق عليه اسم تصوير الأجسام الميكروية Micrographia صار سريعاً من أكثر الكتب مبيعاً. وقد احتوى هذا الكتاب على توصيفات المؤلف وتوضيحاته المتقنة لتفاصيل لم تكن مرئية في الطبيعة من قبل، مستخدما مجهرا مركبا قام باختراعه. وقد كان من ضمن هذه التفاصيل: الأرجل المترابطة للبرغوث والعيون ذات العدسات المتعددة لذكر الذبابة والأشكال النجمية لندف الثلج وغيرها. وربما كانت أكثر المشاهدات روعة ملاحظاته لشرائح رقيقة من الفلين(2)، مادة نباتية، التي أظهرها مجهره المركب على أنها مركبة من عدد من الحجيرات الشبيهة بخلايا نحل العسل. وأطلق على مثل هذه البنى اسم «خلايا» cells.

وبعد ثلاثمئة وخمسين عاما، تستمر المجاهر لتظهر الجوانب الرائعة في الأشياء المعتادة، ولتعمق فهمنا للعالم الذي نعيش فيه – لنصل أحيانا إلى تأثير جمالي عظيم. وتحتفل مجلة ساينتفيك أمريكان بذلك الاقتران بين العلم والفن وذلك بمجموعة منتقاة من الصور التي عُرضت في المسابقة الدولية للتصوير الرقمي للمشاهد الحيوية(3) التي نظمتها الشركة Olympus في عام2014. فمن عالق(4) بحري صغير يظهر كدرع شبيه بكائن الكراكن(5)  ويعود تاريخه إلى 37.6 مليون عام، إلى التروس المعشقة التي تعمل كأداة مُمَيكنة(6)لتمكن حشرة صغيرة من الواثبات النباتية(7)  من القفز، تؤكد هذه الصور أن الجمال موجود في كل مكان حولنا، وما علينا سوى النظر إليه من خلال العدسة الصحيحة.

 

السرطان أثناء تحركه(**)

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2015/09-10/2015_10_09_28.jpg

 

لا يحدث ما يقرب من 90% من الوفيات المتعلقة بالسرطان كنتيجة للسرطان الأولي بذاته، وإنما بسبب هجرة الخلايا من هذا السرطان إلى أجزاء أخرى بالجسم. وهذه الصورة الخاصة بخلية سرطان عظمي التي قام بأخذها <D. بورنيت> [عالم الخلية من جامعة ڤاندربلت(8)] تبين الآلية التي تستعملها الخلايا للانتشار إلى النسيج المجاور. ويدفع الهيكل الداخلي للخلية (اللون الأرجواني) بها إلى الأمام بمساعدة جزيء يُسمى ميوسين 2 myosin II (اللون الأخضر). ويظهر دنا DNA الخلية باللون الأصفر.

 

خلايا خالدة(***)

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2015/09-10/2015_10_09_29_a.png

 

لقد كانت خلايا عنق الرحم السرطانية الخاصة بالمريضة <H. لاكس> أول خلايا بشرية أمكن استنساخها. واستعمل العلماء هذه الخلايا، التي تعرف عادة بخلايا هِيلا Hela cells، بشكل واسع في البحوث الطبية الحيوية لأنها تتكاثر بسهولة في المُستنبتات، ولذلك فهي أبدية لاتموت، وذلك على خلاف أغلب الخلايا البشرية الأخري التي تميل إلى أن تموت في خلال أيام. فقد قام <T. ديرنك> [من المركز الوطني لأبحاث المجهر والتصوير بجامعة كاليفورنيا في سان دييگو] بوسم هذه الخلايا بصبغة فلورسنتية(9). وفي هذه الصورة يظهر بروتين التيوبيولين(10)، الذي يُشكل بُنى ضرورية لانقسام الخلية، باللون الأحمر الوردي. وأما الدنا؛ فيظهر بلون أزرق.

 

زوائد البرنقيل(****)

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2015/09-10/2015_10_09_29_b.jpg

 

إن القشور البيضاء المزعجة التي تتجمع على جسم قارب مائي تُخفي مخلوقات غاية في التعقيد، كما يظهر في هذه الصورة لأرجل البرنقيل(11). وقد أنتج عالم الأعصاب <I. سيفانوفيكز> [من معهد هيوارد هيوز الطبي] هذه الصورة بإزالة الأنسجة الرخوة للحيوان مع صبغ الهيكل الخارجي المتبقي بصبغات ترتبط بـِ(راتنج)(12) polymer يعرف باسم «تشيتين» chitin. ويسجل الباحث ملاحظته بالقول: «لقد كنت دوما من المفتونين بتنوع ومرونة زوائد القشريات البحرية – إن أرجل البرنقيل التي تقوم بتغذيته بالترشيح هي مجرد مثال واحد لما يمكن أن يتطور من تصميم الأطراف الشائع في أسلاف هذه المخلوقات.»

 

حشرة ستيمپنك(*****)

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2015/09-10/2015_10_09_29_c.jpg

 

إن الأرجل الخلفية للحشرات المسماة الواثبات النباتية plant hoppers، والمعروفة بقدرتها على القفز، تحتوي على تروس معشقة تُنظِّم حركات أرجل هذه الحشرات الصغيرة عندما تقفز. وهذه الآلية، التي وصفها <M. بروز> [من جامعة كامبريدج] مع زملائه في عام 2013، هي أول مثال معروف لنظام ميكانيكي ترسي في الطبيعة. وقد أظهر <سيفانوفيكز> أسنان التروس لحشرة النطّاط النباتي والبالغ قطرها 0.75 ملم باستعمال ذات التقنيات التي طبقَّها في دراسته السابقة للبرنقيل والموصوفة في الشكل الثالث السابق ذكره.

 

خلايا شبكية العين(******)

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2015/09-10/2015_10_09_30_a.jpg

 

إن شبكية العين هي صفيحة من العصبونات(13) التي تصطف في مؤخرة العين وتستقبل الضوء من العالم الخارجي وتترجمه إلى إشارات كهربائية. وفي هذه الصورة، التي قام بإنتاجها عالم الأعصاب <C. سيكمجاك> أثناء إجراء أبحاث ما بعد الدكتوراه في معهد سالك للدراسات البيولوجية(14) بمدينة لاهولا في ولاية كاليفورنيا، تظهر الخلايا العُقدية العصبية الشبكية لحيوان تجارب، والتي ترسل النبضات العصبية إلى الدماغ عند كشفها للضوء، باللون الأصفر. ويشرح <سيكمجاك> ذلك بقوله: «إن الخطوط الرأسية هي حزم من المحاور العصبية التي تحمل المعلومات من هذه العصبونات إلى الدماغ عبر العصب الضوئي بهدف المعالجة لاحقاً.» ويبلغ قطر جسم الخلية نحو عشرة ميكرونات.

 

وعائية نباتية(*******)

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2015/09-10/2015_10_09_30_b.jpg

 

يبين مقطع عرضي لساق نبات مزهر من جنس الحوذان Ranunculus الطراز المعقد للوعائية في هذا النبات. وتظهر جدران الخلية باللون الأحمر، كما تظهر البلاستيدات الخضراء chloroplasts، البُنى الخلوية التي تلتقط الضوء من الشمس، باللون الأبيض. وقد أنتج هذه الصورة الباحث البيولوجي <F. فيديريشي> [من الجامعة الأسقفية الكاثوليكية في تشيلي] وذلك بصبغ الأنسجة النباتية بصبغات فلوروسنتية، مع تعريض العينة لثلاثية من الأطوال الموجية الليزرية ومشاهدتها بعد ذلك عبر مجهر مُتَّحد البؤر confocalmicroscope.

 

كراكن صغير(********)

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2015/09-10/2015_10_09_31_a.png

 

وُجد عالق بحري أحفوري وهو لايزال في مرحلته الكيسية(15) من الحياة، في عينة حفر مخروطية(16) تم أخذها من أسفل قاع بحر گرينلاند بعمق يقدر مئات الأمتار. ويقول الباحث <S. ڤيثا> [من جامعة تكساس] الذي صوّر هذا الكائن: «لقد كنت معجبا بحقيقة أن البنية المجهرية للكيس كانت محفوظة جيدا». وهذا العالق الذي يبلغ عرضه نحو 80 ميكرونا يصدر وهجا ضوئيا أخضر عندما يتعرض لضوء الليزر الأزرق.

 

سلطعون عنكبوتي(*********)

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2015/09-10/2015_10_09_31_b.jpg

 

التقط أحد هواة المجهر <G. درانگ> هذه الصورة المقربة للسلطعون العنكبوتي ميسيومينا فاتيا(17)  بعد أن وضعه على قطعة من ورقة جافة لنبات القيقب(18). ويستطيع هذا الكائن العنكبوتي أثناء حياته أن يغير لونه ليندمج في المكان الذي يستقر عليه (غالبا ما يكون زهرة من نوع ما) – وهي حيلة مُعينة لمفترس متربص.

 

تطور سمك الأنقليس الياباني(**********)

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2015/09-10/2015_10_09_32_a.jpg

 

يُظهر النسيج المصبوغ مراحل نضج سمك الأنقليس الياباني، والذي يكون شفافا بطبيعته عندما يكون صغيرا، بدءا من التفريخ (أقصى اليسار) وخلال الأيام الثمانية الأولى من عمره. وينمو رأس السمكة (أعلى الصورة) بسرعة، مع ظهور العيون والفم في نهاية اليوم الثامن ( الصورة أقصى اليمين) بما يكفي لجعل فرخ هذا السمك قادرا على البدء بالصيد لإطعام نفسه. وفي نهاية هذه المرحلة، فإن كيس الـمُحّ yolk الذي يوفر الغذاء لصغار السمك يكون قد تلاشى. لقد قام بإنتاج هذه الصورة <T. باردال> [من الجامعة النرويجية للعلوم والتقانة في مدينة تروندهايم].

 

لسان الصرصور المنزلي(***********)

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2015/09-10/2015_10_09_32_b.jpg

 

طرف لسان الصرصور المنزلي مفصل بشكل لا يُصدق، وذلك مع وجود الأنابيب المملوءة بالهواء (باللون الفضي) التي تنفخ(19)  اللسان، وأطواقه المصنوعة من مركب تشيتين chitin  التي تُبقي هذه الأنابيب مفتوحة. «فالوظيفة الدقيقة لهذه البنية المُعقدَّة ليست واضحة،» كما يقول المُصوّر <P .D. ميتلاند>، ولكنه ذُهل بالتصميم الهندسي الجميل والدقيق لهذه البنية، وأراد تصويرها كما لو كانت نحتا رائعا.

 

سرطان الجلد(************)

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2015/09-10/2015_10_09_33_a.png

 

في أحد أنواع سرطان الجلد المسمّى سرطان الخلايا الصدفية الجلدية(20)تُنتج الخلايا الكيراتنية(21) – وهي الخلايا الموجودة في الطبقة العلوية من الجلد – بروتينا يُسمى DIAPH1 يمكنه أن يحفز انتشار السرطان إلى العقد اللمفيّة(22) والرئتين. وتُبيِّن هذه الصورة، التي أخذها <G. ميناكشيسيندرام> و <P. سامپاث> [من معهد البيولوجيا الطبية في سنغافوره] نسيج خلايا سرطانية صدفية جلدية به خلايا كيراتنية منتجة لمستويات مرتفعة من البروتين DIAPH1 (اللون الأحمر). أما بروتين الكيراتين keratin الذي يدل على وجود الخلايا الكيراتنية، فيظهر باللون الأخضر. أما نوى الخلايا، فهي باللون الأزرق.

 

دماغ الجرذ(*************)

http://oloommagazine.com/Images/Articles/2015/09-10/2015_10_09_33_b.jpg

 

قامت <E .M. ماي> بتصوير القشرة الدماغية(23) أو المادة الرمادية لجرذ عندما كانت طالبة في المرحلة الجامعية الأولى في معهد رينسلر بوليتكنيك، وذلك كجزء من جهد أكبر لاستكشاف تفاصيل تحت خلوية(24)  للخلايا الدّبقيةthe glial cells التي تدعم وتحمي العصبونات. وتُظهر الصورة العلاقة الوثيقة بين الخلايا الدبقية التي لها شكل النجمة، ولذا فهي تُسمى أيضا خلايا نجميةastrocytes (اللون الأصفر)، والأوعية الدموية (اللون الأحمر).

 

  مراجع للاستزادة

 

For more information about the Olympus BioScapes competition, visit www.OlympusBioScapes.com

(*)LIVING LARGE؛i وهذا تعبير اصطلاحي يُعني «العيش حياة رغيدة».

(**)CANCER ON THE MOVE

(***)IMMORTAL CELLS

(****)BARNACLE APPENDAGES؛i البرنقيل نوع من الكائنات البحرية القشرية ذات الأهداب.

(*****)STEAMPUNK INSECT

(******)RETINAL CELLS

(*******)PLANT VASCULATURE

(********)MINI KRAKEN

(*********)CRAB SPIDER

(**********)JAPANESE EEL DEVELOPMENT

(***********)HOUSE CRICKET TONGUE

(************)SKIN CANCER

(*************)RAT BRAIN

 

 

 

(1) microscopes

(2) cork

(3) BioScapes International Digital Imaging Competition

(4) plankton

(5) Kraken: الكراكن هو وحش خرافي إسكندنافي.

(6) machine-tooled

(7) plant hopper

(8) Vanderbilt

(9) fluorescent dye

(10) the protein tubulin

(11) barnacle’s legs

(12) أو: پوليمر.

(13) neurons؛ أو: نورونات.

(14) Salk Institute for Biological Studies

(15) cyst phase

(16) drill core

(17) Misumena vatia

(18) maple

(19) أو: تُضخّم.

(20) cutaneous squamous cell carcinoma

(21) keratinocytes

(22) أو: الليمفاوية.

(23) cerebral cortex

(24) subcellular

http://oloommagazine.com/Images/none.gif

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى